وجّه فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة -مفتي الجمهورية- كلمة إلى الشعب المصري والأمة الإسلامية؛ بمناسبة حلول الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، حثّهم فيها على اغتنام هذه الأيام المباركة؛ لما فيها من عظيم الأجر والفضل. وقال مفتي الجمهورية: إن العشر الأوائل من ذي الحجة هي أيام مباركات لها خصائص كثيرة: منها أنّ الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم، فقال عزّ وجلّ: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1-2]، ولا شكّ أنّ قسَم الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها، وأنّه سبحانه وتعالى سمّاها في كتابه "أيّامًا معلومات"، وشَرَعَ فيها ذكرهُ على الخصوص، فقال سبحانه: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]. ومنها أنّ الأعمال الصّالحة في هذه الأيّام أحبّ إلى الله تعالى منها في غيرها؛ فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيّام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد" [رواه أحمد]، وهذا معناه أننا الآن في نفحة ربانية، وفي نقطة انطلاق يجب علينا أن ننتهزها، وأن نعمل العمل الصالح ظاهرًا وباطنًا؛ لعبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس في هذه الأيام العشر. وأكد فضيلته أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قد حرَص على صيام هذه الأيام؛ لأنها من أفضل أيام السنة، لما رواه الترمذي أنه قال: "صيام يوم من تلك العشر يعدِل صيام سنة، وقيام ليله يعدل قيام ليلة القدر". وعن يوم عرفة فإنه يسن صومه لغير الحاجِّ، ويقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفة يكفّر السنة الماضية والسنة المقبلة". لذا علينا أن نسارع بالتوبة في هذه الأيام، وأن نكثر من العمل الصالح: من صلاة وذكر وصيام ودعاء وقراءة قرآن وصدقة، وكذلك كثرة النوافل وقيام الليل. ودعا مفتي الجمهورية المسلمين جميعًا إلى اغتنام تلك الأيام في تغيير العادات والسلوكيات السيئة، والتحلي بجميل الأخلاق والصفات، قائلاً: أدخلوا السعادة على قلوب من تعرفونهم ومن لا تعرفونهم تجدوا السعادة في قلوبكم؛ فنحن أحوج أن يحب بعضنا بعضًا في هذه الأيام، وفي كل الأيام. هيا بنا نغيّر سلوكنا -ظاهرًا وباطنًا- بالرحمة والحب فيما بيننا.. هيا بنا نمسك على أنفسنا ألسنتنا.. هيا بنا نصمت حتى تتنزّل على قلوبنا الحكمة، فنحن لو بدأنا في هذه التجربة -في الأيام العشر- لوجدنا أنفسنا سعداء، وأسعدنا من بجوارنا. كما طالب فضيلة مفتي الجمهورية بالإكثار من الدعاء للبلاد والعباد في هذه الأيام، وأن نلجأ إلى الله تعالى بأن يُخرجنا من الضيق إلى السعة، ومن دائرة سخطه إلى دائرة رضاه، وأن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى بعد تلاطم الأفكار، وبعد هذه الفتن التي نعوذ به منها، فإنه يستجيب دعاء من التجأ إليه.