محمد حسين في الأيام القليلة الماضية عندما تتصفّح فيسبوك أو تدخل على أي موقع إخباري تجد خبرا يتحدّث عن المناظرة المرتقبة بين حمدين صباحي والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل. وبالطبع ستجد تعليقات تشكك في أن حمدين سوف يقبل بهذه المناظرة من أنصار أبو إسماعيل، وتجد العكس من أنصار صباحي.. وكلا الفريقين يؤكّدان أن قائدهما هو الفائز، وأن الآخر خاسر لا محالة. ثم تنطلق إلى مستوى أعلى؛ فتجد أقوالا منسوبة إلى المتحدثين باسم كلا الطرفين يؤكّدان أن الطرف الآخر يتهرّب من المناظرة، وتارة أخرى تجد أن المتحدث لأحد الأطراف يناشد الطرف الآخر بإرسال منسق ليتفقا على الإطار العام والشكل المرجوّ من المناظرة. من الطبيعي أن يحدث هذا في أي مناظرة، وغالبا وبالأخص في بلادنا التي لم تعتَد المناظرات؛ ففكرة المناظرة تكون بين اثنين يتنافسان على منصب مثل رئيس الدولة، ولنا تجربه واحدة في مصر وهي مناظرة أبو الفتوح وموسي، والتي باءت بالفشل لكلا الطرفين بشهادتهما نفسيهما، ففكرة المناظرات حتى الآن لم يستوعبها المواطن المصري البسيط من الأساس حتى تكون المناظرة بين صباحي وأبو إسماعيل لها ثمارها بشرح الفكر الذي يتبنّاه كل منهما لعامة الشعب. ولكن يأتي هنا السؤال الأهم: لماذا أصلا تتم مناظرة بين صباحي وأبو إسماعيل؟ هل حقا هما يتنافسان الآن على شيء ما أو منصب يهمّ الشعب؟ فالبلد لها رئيس جمهورية منتخب الآن يحكم البلاد وفترته الانتخابية تنتهي بعد 4 سنوات من الآن، ومن الواضح أن أغلب آراء اللجنة التأسيسية للدستور مع استمرار الرئيس لفترة السنوات الأربعة، وبعدها تتم انتخابات رئاسية جديدة. إذن ما جدوى هذه المناظرة؟!! فحازم أبو إسماعيل يؤسّس لحزبه (حزب الأمة) الذي يتبنّى المنهج الإسلامي الخالص، وحمدين صباحي يؤسّس لحزبه أو لتياره (التيار الشعبي) الذي يتبنّى الفكر الناصري الاشتراكي المدني الخالص؛ إذن فنحن في هذه المناظرة أمام فكر إسلامي متشدّد وفكر اشتراكي متحرر.. فأين الوفاق هنا؟! وأين الأساس الذي تبنى عليه المناظرة؟ فعلى سبيل المثال وليس الحصر؛ ستجد أن أبو إسماعيل متمسّك بتطبيق الشريعة الإسلامية؛ لأن فكره قائم على هذه الفكرة، وستجد صباحي لا يريد تطبيق الشريعة الإسلامية بالشكل الذي يراه أبو إسماعيل مثلا، ويرى أن تطبيق مبادئ الشريعة هو الحل الأفضل. فمؤيّدو الطرفين يعلمون جيدا كيف يفكّر هذا وكيف يرى ذاك، إذن ما الجديد الذي سنراه بين فكر أقصى اليمين وفكر أقصى اليسار؟! سنجد في نهاية المناظرة أتباع ومحبي أبو إسماعيل يرون أن أبو إسماعيل أبدع (وضرب صباحي القاضية)، والعكس سنجد أتباع ومحبي صباحي سوف يتبنّون نفس الفكرة؛ ولكن في الاتجاه المضاد (أن أبو إسماعيل أخذ القاضية من صباحي)، وسنجد أنصار البرادعي وأنصار أبو الفتوح والإخوان المسلمين يؤكّدون أن الاثنين أفشل من بعض! إذن ما الجدوى من كل هذا اللغط في وقت الوطن حقا يحتاج إلى لَمّ الشمل أكثر من التفريق والتشرذم والتفكك، نحتاج أن نجد الليبرالي والاشتراكي والإسلامي (سلفي أو إخواني) يدا واحدة لدفع الوطن إلى الأمام، بدلا من تزايد الخلاف والتشتت بين جميع فصائل الوطن الواحد. حقا في النهاية.. أريد أن يخرج لي عاقل يقول لي: ماذا سيعود على الوطن من مثل هذه المناظرة غير المزيد من المهاترات والتشرذم؟ فربما أكون شخصا مخبولا لا يرى البُعد الحقيقي لمثل هذا النوع من المناظرات.