بما إني باثق جدا في "بص وطل"، ومن المتابعين له باستمرار. عندي مشكلة تانية أعمل إيه بقى؟ أنا قررت أول ما تبقى عندي مشكلة هاقول لكم عليها، أصلي عاوز اللي ينصحني مايعرفنيش، علشان بحب النصيحة المجردة، يعني لا تبقى عاذرني ولا تبقى متهمني؛ الوسطية حلوة. ندخل في الموضوع.. أنا مش باعرف ربنا إلا لما أتزنق، مشكلتي إني مش بافتكر ربنا إلا في الشدة بس، يعني كالعادة الامتحانات مثلا أو التعب أو مشكلة جامدة مش عارف أحلها. عارف إن ربنا هو ربنا في كل وقت، والمفروض علشان هو يبقى معايا في شدتي أنا أفتكره في الرخاء، بس أنا مش كده، وطبعا لأنه هو ربنا مش بينساني ومش بيعاملني بمعاملتي معاه، أنا بقى نفسي أعامل ربنا علشان هو ربنا، مش علشان مصلحتي. أينعم أنا ماليش غيره، بس بيتهيألي لو ربنا بيفرح بعبادتي له في الشديد قيراط أكيد هيفرح بعبادتي له في الرخاء أكتر بكتير، نفسي أبطّل أعمل الذنوب على طول، مش في الامتحانات، يعني نفسي أروح المسجد كتير، مش علشان الامتحانات بس، نفسي أسمع قرآن كتير في كل وقت مش في الامتحانات بس. نفسي أعلّق قلبي بيه على طول، مش في الامتحانات بس، نفسي في يوم أقف وأدي محاضرة عن ربنا زي مصطفى حسني أو مصطفى عاطف أو الشيخ محمد حسان مثلا، وأحكي إزاي أنا كنت وحش وربنا هداني. نفسي لما أسجد يبقى كل سجدة أشكر فيها ربنا على اللي معايا، مش كل همي أطلب وبس، نفسي لما أقف يوم القيامة مع ربنا في مناقشة الحساب مش عاوزه بس يغفر لي ذنوبي، أنا نفسي مايقولهاش ليّ؛ حاسس إني هابقى مكسوف قوي من ربنا ساعتها لما يقول لي إنت عملت كده يوم كذا، وأنا شفتك ومارضيتش أفضحك أو أعذبك بيها، مش هستحمل؛ أنا نفسي ربنا مايفتكرش ذنوبي يعنى ولا كأني عملتها. بس إزاي وأنا مش بعبده إلا علشان مصلحتي وبس؟! بالله عليكم زي ما وثقت فيكم قولوا لي الإجابة الصحيحة، وربنا يجازيكم ثوابي، وثواب كل واحد ممكن أفيده لو ربنا شاء وهداني وبقيت داعية.
feeling
صديقنا العزيز.. ومن منا وصل بعد إلى درجة اليقين الكامل والعبودية الحقيقية لله إلا القليل؟ القليل فقط هو من استطاع أن يحب الله لأنه المستحق للحب، وعبده لأنه المستحق للعبادة، معظمنا يعبد الله خوفا أو طمعا، معظمنا حين يواجه مشكلة ما فإنه يتذكر الله ويلحّ في الدعاء أنه سيتوب ولن يعود إلى الذنوب مرة أخرى، ويقسم أن توبته اليوم توبة حقيقية ليس فيها خوف أو طمع، ويرجو من الله الستر والغفران وستكون آخر مرة، وبمجرد أن ينتهي التهديد أو ينكشف الهم فإنه تدريجيا يعود إلى سابق عهده، ويتراجع عما وعد ربه به من توبة نصوح. هذه هي الحقيقة، إننا في عصر مادي نقيس كل شيء بمقاييس المادة، ولا نعترف بمقاييس الروح، الله موجود وعظيم وليس أعظم منه شيء، وهو قوي قادر جبار متكبر، الأرض جميعا قبضته والسماوات مطويات بيمينه، وقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه، كل هذه من معاني الرهبة والتعظيم والإجلال لله. ولكننا مع الأسف نستخف بكل هذا ونجعل الله أهون الناظرين إلينا، ولا نخافه حين يكون وحده من يرانا، ونقترف السوء أمامه ولا نبالي، وكل هذا عظيم، ولكننا لا ندرك هذا، لأننا مع الأسف نفكّر بعقلية الطين، الإنسان المجبول على الظلم والجدال وقصر النظر، تفكير الطين يجعل الإنسان كالحيوان، يفكر فقط فيما تحت قدميه، ويرغب فقط في تحقيق ملذاته وشهواته وإرضاء رغباته وملء بطنه. لكن الله والإسلام والقرآن وسّع معنى الإنسان، وقدّم له وصفات يرتقي بها من حالة البهيمية والحيوانية إلى ملائكية الروح وسمو المشاعر، يتمثل ذلك في نقاط يصعب حصرها، لكني سأفيدك ببعضها: الحب: أن تحب ربك وتتقرب منه شعوريا وتشعر كم يحبك، وهذا للحقيقة وجدته فيك، وجدتك شابا قلما نجده هذه الأيام، يحب الله ويتمنى لو يظل الحب طيلة الوقت، تتحدث بحب ومشاعر فياضة عن إنك مالكش غيره، تندم لأنك تنساه أحيانا، هذا شعور قوي يدفعك بالتدريج للوصول إلى الله قلبا وقالبا، شعورا وسلوكا بإذن الله. المراقبة: لديك فكرة رائعة لتشعر بحب الله، وهي أن تشعر بأنه معك طول الوقت، وهذه حقيقة، فالله حاضر في كل وقت، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، الله معك يراك ويسمعك، يسمعك حين تطيعه ويراك حين تعصيه، وهو معكم أينما كنتم، فإذا استشعرت وجود الله معك طول الوقت ستسعى إلى أن تتصرف وأنت مدرك لوجوده طول الوقت، مستشعرا قربه منك، هذا سيساعدك على الارتباط به والتواصل معه، وعدم نسيانه في الوقت الذي تمارس فيه مهام حياتك وأعمالك ودراساتك، والله معك يسمعك ويراك، بصفة الحبيب القريب الرقيب. الصحبة الصالحة: الإنسان وحده ضعيف وقليل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يد الله مع الجماعة"، "الشيطان من الواحد أقرب ومن الاثنين أبعد"، و"إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" أي التي تسير وحدها بعيدا عن الركب، فلا تكن وحدك، ابحث عن صحبة صالحة تزكي روحك وتذكرك بالله، عملا بما جاء في الأثر: "صاحب من إذا رأيته ذكّرك بالله".. وقتها سيكتمل ما أنت حزين لنقصانه من نسيانك لله في أوقات، وستكمل أنت أيضا إنسانا آخر قد ينسى لبعض الوقت، فيصير الله حاضرا في قلب صحبة صالحة تحب الله وتتقدم بحبه وقربه. السلوك تابع الشعور، وتأكد أن حبك لله سيستتبع سلوكا في نفس الاتجاه، فلا تقلق، فمن وجد الله وجد كل شيء، ومن فقد الله فقد كل شيء. وأنت من قلة منّ الله عليها بحبه، فسِر يا صديقي والله معك، يقود خطواتك ويشملك بحبه ورعايته، رزقك الله حبه وحب من يحبه.