حظيت جولة الرئيس محمد مرسي الخارجية التي شملت كلا من الصين وإيران باهتمام بالغ من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية والمحللين الاستراتيجيين في تل أبيب، خاصة الكلمة التي ألقاها خلال مؤتمر دول عدم الانحياز ولقاؤه بالرئيس الإيراني أحمدي نجاد على هامش القمة. حيث أكد الكاتب الإسرائيلي آلي أفيدار في مقاله المنشور في صحيفة معاريف أن سياسات الرئيس المصري التي انتهجها خلال مدة حكمه التي لم تتجاوز الثمانية أشهر -خاصة الخارجية منها- تظهر أنه مدرك جيد لموازين المصالح السياسية الدولية، وأن لديه الدافع لكي يصبح أحد أكبر الزعماء الذين عرفتهم منطقة الشرق الأوسط على مر العصور، ويزعم أفيدار أن الرئيس مرسي تعمد أن تكون زيارته الخارجية الأولى إلى الصين، فعلى الرغم من أن الهدف المعلن لهذه الزيارة هو هدف اقتصادي لدعم الاقتصاد المصري بمشروعات تجارية وتعاون مشترك مع بكين، فإن لهذه الزيارة هدف غير معلن -بحسب أفيدار- حيث هدف الرئيس المصري من خلالها إلى توجيه رسالة إلى واشنطن مفادها أن مصر (الدولة العظمى في الشرق الأوسط) لم يعد في إمكان أي طرف دولي وضعها داخل جيبه. في المقابل ذكر تسيفي برئيل المحلل السياسي الإسرائيلي وخبير الشئون العربية بصحيفة هآرتس أن الرئيس المصري رغم أن زيارته لإيران كانت أول زيارة يقوم بها رئيس مصري لطهران منذ 33 عاماً فإن هذا لم يثنه عن شن هجوم على النظام الديكتاتوري السوري أكبر حلفاء الدولة الفارسية. حيث استعرض برئيل مقتطفات من خطاب الرئيس مرسي أمام قمة عدم الانحياز، ورأى أن الرئيس المصري تخلى عن المجاملات الدبلوماسية وقام بتوجيه رسالتين أساسيتين من خلال كلمته المهمة تلك: الرسالة الأولى: وجهها الرئيس مرسي لنظام بشار الأسد حليف طهران عندما ذكر أن الثورة في سوريا هي ثورة ضد النظام السوري القمعي، وأن الشعبين السوري والفلسطيني يطالبان بالحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، وأن مصر مستعدة للعمل مع جميع الأطراف من أجل وقف سفك الدماء. الرسالة الثانية: وجهها الرئيس مرسي لإيران نفسها، عندما ذكر أن "الثورة المصرية كانت حجر الزاوية للربيع العربي، وذلك بعد أيام معدودة من الثورة التونسية وأعقبها في كل من اليمن وليبيا والآن في سوريا ضد النظام القمعي"؛ حيث يرى المحلل الإسرائيلي أن الرئيس مرسي قصد بكلمته هذه دحض مزاعم النظام الإيراني بأن الربيع العربي هو استمرار للثورة الإسلامية الإيرانية. لذا يقول تسيفي برئيل إن كل من توقع –سواء في إيران أو في إسرائيل- أن زيارة الرئيس مرسي لطهران ستؤدي إلى إحداث تقارب بين مصر وإيران، عليه الانتظار حتى تحين مناسبة أخرى؛ لأن خطاب مرسي أثبت أن الرئيس المصري يعمل على انتهاج سياسة إقليمية وخارجية متوازنة، ولا يرغب في الانحياز إلى طرف على حساب طرف آخر، خاصة وأنه سيتوجه إلى واشنطن بعد حوالي ثلاثة أسابيع من الآن. في الوقت نفسه ذكر الكاتب الإسرائيلي بصحيفة هآرتس آفي يسخروف أن التليفزيون الإيراني الذي كان ينقل فعاليات قمة عدم الانحياز على الهواء مباشراً قام بتحريف كلمة الرئيس محمد مرسي، حيث أكد الكاتب الإسرائيلي أن مترجم التليفزيون الإيراني الذي كان يترجم كلمة الرئيس مرسي للغة الفارسية أضاف من تلقاء نفسه كلمة البحرين إلى الدول التي ذكر الرئيس مرسي أن الربيع العربي وصل إليها، وذلك على الرغم من أنه لم يشر إلى البحرين بأي حال من الأحوال في خطابه، كما حذف المترجم من خطاب مرسي أسماء الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم؛ لأن المذهب الشيعي لا يعترف بهؤلاء الصحابة. وعلى إثر ذلك قامت المواقع الإلكترونية المعارضة الإيرانية بنشر نص خطاب الرئيس محمد مرسي لكشف تحريف التليفزيون الرسمي الإيراني الذي لم يراعِ المهنية والأمانة، وأخضع خطاب الرئيس المصري للرقابة بل وحرّف وحذف به أيضا. من جهة أخرى أفردت جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية مساحة لخبر اللقاء الذي جمع الرئيس المصري محمد مرسي ونظيره الإيراني أحمدي نجاد على هامش القمة، حيث أعربت عن وجود حالة من القلق في إسرائيل من هذا اللقاء؛ خشية أن يكون بداية لعودة العلاقات الطبيعية بين مصر وإسرائيل بعد قطيعة استمرت ما يقرب من 33 عاماً، خاصة بعد الاستقبال الحار الذي استقبل به الرئيس مرسي في طهران.