أكرم القصاص هل نحتاج لقوانين جديدة؟ وهل تكفي الزيارات المفاجئة التي يقوم بها رئيس الوزراء أو بعض الوزراء لإنهاء ما يعانيه البلد والمشكلات المزمنة؟ أسئلة تحتاج إلى مناقشة إذا كانت هناك جدية في السعي للخروج من دائرة مفرغة.. ونبدأ بالقول إن الزيارات والحملات تثبت الرغبة لدى الحكومة في العمل؛ لكنها لا تكفي وتحتاج إلى إجراءات حاسمة، وتطبيق عاجل للقانون بلا استثناءات. وبمناسبة القانون هل نحتاج لتشديد العقوبات على البلطجة، وقطع الطرقات والسرقة بالإكراه؟ وهل يمكن اختراع قوانين لنظافة الشوارع وحلّ أزمات الكهرباء والمياه والقمامة؟ البعض يعتقد أن القوانين هي التي تحلّ الأزمات، والواقع أن القوانين لم تحلّ أبدا أزمة، ولا واجهت مشكلة، ولو فتشنا في التشريعات الموجودة؛ سنكتشف أن هناك قوانين لكل شيء، بل أحيانا أكثر من قانون؛ لكنها لا تعمل أو لا يتم تفعيلها.. كانت تطبقا باستثناءات أو حسب الهوى، وجرت العادة أن الأغلبية من المواطنين تلتزم بالقانون، وأن أقلية من المجرمين والخارجين على القانون لا يعترفون أصلا بالقانون، أو يسعون لتعطيله، وعندما ترى الأغلبية الملتزمة أن القانون غير محترم، تبدأ في التخلي عن احترام القانون، والمشكلة التي تعانيها الآن هي أنه لا يوجد أي احترام للقانون. فالبلطجي الذي يفرض إتاوات على الناس، أو يمارس الإرهاب والترويع، أو يفترش الشارع ببضاعة فاسدة، وقاطع الطريق الذي يقتل ويسرق، والسائق الذي يسير عكس الاتجاه، وكل من بنى ويبني منزلا على الأرض الزراعية، أو على أراضى الدولة... كل هؤلاء يعرفون بوجود القانون لكنهم لا يحترمونه، ولا يعترفون بالسلطة ولا بالحكومة بل هم يحتقرون الشعب والبلد؛ ولهذا فالمخدرات والأسلحة تباع علنا، والقمامة وهدد المنازل يلقى في عرض الطريق وليس على جانبه؛ إمعانا في احتقار القانون.. وهناك شوارع في القاهرة أغلقها البلطجية والباعة بالقوة ولم يجدوا من يتصدى لهم، والزبالة في الشوارع دليل على أن هناك مَن يحتقرون الدولة والقانون، سواء من شركات النظافة، أو الزبالين، وبعض المواطنين. والمواجهة لا تحتاج لاختراع تشريعات ولا قوانين جديدة، تحتاج لتطبيق القوانين الموجودة بحسم وبلا استثناءات.. ساعتها فقط سوف يكون للزيارات المفاجئة التي يقوم بها رئيس الوزراء معنى، ويكون للاجتماعات والتعليمات قيمة.. وسوف تكون مصحوبة بتطبيق للقانون، وليس فقط للاستهلاك العام.. فعلى سبيل المثال: زار رئيس الوزراء ووزير الداخلية أقسام ومراكز في الجيزةوالقاهرة، وظهرت الشرطة في الشوارع الرئيسية؛ لكنها لم تصل للشوارع الجانبية التي تزدحم بالبلطجية، وتجار المخدرات، والسلاح، ولا تطرقت أعمال الأحياء للإشغالات والاحتلال الذي يمارسه أصحاب المحال للأرصفة، والباعة لِمَا تبقى منها، وإغلاق الشوارع والأرصفة بجنازير لإقامة انتظار للسيارات. وما لم يتم إزالة المخالفات السابقة، والبناء المخالف، والسيارات المخالفة؛ لن تستقر الأحوال، لأن عدم معاقبة المخالفين يزيد من أعداد مَن يخالفون، ونبقى في الدائرة المفرغة. لا نحتاج لقوانين جديدة.. وإنما لقانون يمنع من احتقار القانون. نُشِرَ بجريدة اليوم السابع