السلام عليكم.. أنا ابن خالي عنده 16 سنة في أولى ثانوي ومش بيذاكر وماعندوش دافعية أو رغبة في التعليم، وأنا عن نفسي كنت شايفة إنه من الأحسن مايدخلش ثانوي عام ويدخل دبلوم عشان مستواه مش حلو، بس هو صمم وأبوه وأمه وافقوه. وطبعا هو ماكانش عايز يدخل الثانوي عشان عنده هدف وعايز يحققه ولا حاجة، ولكن مجرد تقليد أعمى لأصحابه، بدليل إن أبوه الأول كان بيقول له لازم تخش ثانوي وهو اللي ماكانش راضي، ولما لقى أصحابه داخلين قال أدخل زيهم.
وبدليل تاني إنه لما لقى بعض أصحابه حولوا صنايع كان عايز يحول معاهم، وبدليل تالت إني باشتغل أمينة مكتبة في نفس المدرسة الثانوي اللي هو فيها وكل ما أسأل عن مستواه يقولوا لي مستواه وحش قوي وبيغيب كتير، وفيه مدرس قال إنه ما دفعلوش ولا مليم، رغم إن أمه بتقول إنه واخد منها فلوس عشان يدي للمدرس ده، واتضح لنا بعد كده أنه مادالوش حاجة.
المشكلة مش في إهماله للمذاكرة بس، ولكن المشكلة إنه مش بيعمل حاجة مفيدة في حياته، يعني لا مذاكرة ولا صلاة، وكمان ماشي مع شلة مش كويسة ومش بيحاول يعمل أي حاجة بإخلاص، يعني أبوه حاول يبعته كذا شغلانة في فترة الأجازة الصيفية بس ماكانش بيعمر في أي شغلة وكان بيزهق بسرعة ويتحجج بأي حجة عشان يسيب الشغل.
حتى الكورة اللي مابيحبش حاجة قدها، لما خالي قدم له في نادي عشان يتدرب لعل وعسى يطلع عنده موهبة فيها، برضه زهق من المرواح للنادي يوميا عشان التدريب.
واللي زاد وغطى حكاية السرقة دي كمان اللي طلع لنا فيها، أي فلوس يشوفها قدامه ياخدها رغم إنه عارف إن ظروف أبوه المادية صعبة وإحنا وأبوه وأمه مش مخليينه عايز حاجة.. ده غير الشلة البايظة اللي ماشي معاها ومبوظاه وبيقلدهم في حاجات خايبة زي اللبس وحلقة الشعر، ولو فيهم أي خصلة مفيدة مش بيستفيد منهم.
وعشان تبقوا في الصورة خالي عنده 63 سنة وقاعد في البيت بقاله أكتر من عشر سنين من غير شغل، هو كان بيشتغل في مكان ما في القطاع الخاص ولظروف ما تم استبعاده من العمل، بس هو اتظلم في الموضوع ده.
وكمان عايزة أعرفكم حاجة.. أبوه قصّر في تربيته تقصير كبير بإنه عمره ما حمّله مسئولية، ومش بيرفض له طلب، ومازرعش فيه منذ الصغر أي حاجة إلا الكورة وحب الكورة، وحتى دي ماستفادش منها في حاجة.
آخر نقطة عايزة أقولكم عليها هي إنه مدمن كدب، يعني تصدقيني لو قلت لك معظم كلامه كدب ومستعد يحلف بالمصحف كدب، وطبعا ده سببه إنه بيعمل حاجات غلط كتير فبيكدب عشان يداريها.
يعني ممكن يفوّت درس من دروسه ويروح البلاي ستيشن مع صحابه أو في أي حتة تانية مع صحابه، وده بنكتشفه بالصدفة، يعني أنا مثلا باتجسس عليه من خلال النت، حيث إني عملت حساب باسم ولد وطبعا هو ماقاليش أسراره في الدردشة بس لما باشوفه فاتح باعرف إنه في البلاي ستيشن.
يا ريت حضرتك تقولي لنا نعمل معاه إيه عشان نحفزه للتعليم ونصلح حاله ويبطل يمشي مع الشلة دي ويبطل كدب وسرقة، ويلتفت لمستقبله ويركز في أنه يتعلم أي حاجة تفيده، شكرا وآسفة على التطويل.
lonaahla
آه يا ابنتي.. ما تلاحظينه بعينيك هو جد خطير، فأشكرك على اهتمامك وأشكرك على شعورك بأن ما يحدث له يحتاج إلى حل حقيقي، وسأوضح لكِ ماذا قال العلم فيما يقوم به قريبك.. هناك ما يُعرف علميا ب"اضطرابات الشخصية" وهي اضطرابات تحدث في الشخصية نتيجة ظروف نفسية أو اجتماعية جعلت هذا الاضطراب يتغلغل في الشخصية، حيث يحدث تكيف سيئ للسلوك المرفوض في الشخصية، فهو ليس مرضا عقليا وليس مرضا نفسيا.
ويبدأ ظهور الاضطراب غالبا في أواخر الطفولة وبدايات المراهقة، وكلما كبر الشخص كبر معه الاضطراب وزاد ظهور أعراضه للعيان، واضطراب الشخصية له أنواع كثيرة وله كذلك درجات ومستويات: فهناك من أصيب بالاضطراب تماما، وهناك من يحمل سمات الاضطراب فقط، وهناك من اتسع معه الاضطراب ليصيب الجهاز النفسي في مواطن عديدة نفسية شديدة الوطأة للدرجة التي قد تحول الشخص خصوصا في هذا النوع من الاضطراب الذي يعرف باضطراب الشخصية السيكوباتية أو عربيا يُعرف باضطراب الشخصية المستهينة بالمجتمع، فقد يتحول إلى مجرم حقيقي وخطير على المجتمع.
ولم أقصد أبدا أن تنزعجي أو أن تخافي ولكنني فقط أشرح لك، والأمانة تقتضي مني كذلك أن أقول إن اضطراب الشخصية من أصعب ما يمر على المتخصص النفسي في التشخيص، حتى بالتواصل المباشر بين المريض والمتخصص يحتاج المتخصص أكثر من جلسة ليتأكد من تشخيص الاضطراب ويؤكد وجوده عند الشخص.
ولكن ما وجدناه في أرض الواقع من "اضطراب الشخصية السيكوباتية أو المستهينة بالمجتمع" أن الشخص السيكوباتي نجده شخصا ماهرا جدا في ارتداء الأقنعة ونجده كذابا كبيرا ونجده عبدا لملذاته، حيث تتنوع الملذات، فقد تكون جنسية أو مالية أو إدمان أو سيطرة ومكانة... إلخ.
ولا عجب أننا وجدنا أن معظم القادة في العالم كانوا نرجسيين -اضطراب آخر- أو سيكوباتيين، حيث يتميز السيكوباتي كذلك بأنه شخص جذاب يستطيع أن يعجب من حوله ويسبب لهم مشاعر متناقضة، فهم يعرفون أنه يكذب ويسرق ويوقع بين الناس... إلخ، ولكن ما يتصرف به في أوقات أخرى ببعض الحميمية أو الجاذبية تجعلهم في حيرة من أمرهم تجاهه.
ولذا من أكبر ما يتسم به السيكوباتي أنه لا يعتد بأي عرف أو تقليد أو عيب أو حلال أو حرام، فهو مستهين بالمجتمع والأعراف والشرع؛ فلا مشكلة أن يسرق، فلا حلال وحرام في رأسه ولا يهتم بالقانون، فهو يخترقه من أجل أن يحصل على ما يريد.. وهكذا، وسأسرد لك ما حدده التصنيف العالمي للأمراض العقلية والنفسية لمنظمة الصحة العالمية الطبعة العاشرة:
- تتميز بانتهاك واستهتار بممتلكات الآخرين وحقوقهم، ويبدأ من سن 15 سنة. - عدم توافق المعايير الاجتماعية يظهر من خلال سلوك متكرر يعرضه لطائلة القانون. - سلوك خداعي أو كذب متكرر أو سلوك يضر بالآخرين بهدف متعته الشخصية أو مصالحه الشخصية. - أسلوب مندفع وفشل في الالتزام بخطة مستقبلية. - عدوانية وسهولة الاستثارة تظهر من خلال الاشتراك المتكرر في المشاجرات. - استهتار بحياته وأمنه، وكذلك ما يخص أمن الآخرين. - عدم قدرته على تحمل المسئولية يظهر من خلال عدم القدرة على الالتزام بعمل ثابت وعدم الوفاء بالالتزامات المادية. - عدم الإحساس بتأنيب الضمير الذي يظهر من خلال الفتور أو التبرير لسلوكه المؤذي للآخرين.
كل ما ذكرته لك مما رأيناه في الواقع وما حددته المنظمات العلمية العالمية يؤكد أن لديه هذا الاضطراب، وحتى أوضح أكثر كيفية التعامل مع هذا الاضطراب عليّ أن أعترف أن علاج الاضطرابات الشخصية ليس علاجا سهلا، وترجع صعوبته بداية إلى عدم اعتراف الشخص نفسه بوجود هذا الاضطراب؛ فلقد اتفقنا أن الاضطراب يتكيف مع الشخصية منذ سن العاشرة مثلا، فالشخص يدرك عن نفسه أنه هو هكذا رغم أنه ليس هكذا ولكنه تكيف تكيفا سيئا مع السلوك المرفوض منذ صغره، بل إن مَن حوله يتصورون أنه هكذا.. وخلاص.
لذا فالحل الأمثل: هو أن يتواصل مع متخصص نفسي يقدم له العلاج بشكل متكامل حيث يتعامل معه بثلاثة مسارات متوازية؛ المسار الأول يكون علاجا معرفيا يتناقش فيه مع معارفه ومعلوماته وأفكاره الخاطئة أو المشوشة أو غير السوية، وكذلك العلاج النفسي والسلوكي حيث يتم تبصيره بحقيقة مشكلته وآثارها عليه بمرور الوقت، وكذلك العلاج الدوائي الذي لا يعالج الاضطراب نفسه ولكنه يعالج ما يصاحب هذا الاضطراب من توتر أو اكتئاب أو غيره، وقد يكتشف المتخصص أمورا أخرى كأن يكون لديه اضطراب في التصرف، وهو ما يؤكد وجود الاضطراب أو أي أمر آخر.
ولكن لا أعلم مدى إمكانية ذلك وإن كان هو الطريق الأمثل والأفضل ليتم التعامل معه بعلم وحرفية وتخصص، ولكن قد أقدم بعض الاقتراحات حتى يحدث ذلك وهي كالتالي:
1- هو في الحقيقة يحتاج إلى من يسمعه ويفهمه ويحبه، والمفروض أن يكون الأب هو من يقوم بهذا الدور لأنها مسئوليته الأولى، فالابن كلما كبر احتاج إلى دعم رجل تحديدا هو الأب، ولكن على أي حال ما تحدثت عنه يوضح أن الأب بعيد عن تلك القصة منذ سنوات، لذلك من المهم إيجاد بديل ذكوري، قد يكون عما، خالا، صديقا عائلة، رجلا يتسم بقدرته على الاحتواء والتوجيه الناضج من المعارف.
2- الحذر كل الحذر من الخوف من فضح تصرفاته مثل السرقة؛ فهو يفهم أنه لن يتم فضحه كلما قمتم بالمدارة حتى لا يعرف الناس عنكم شيئا، وهذه الخطوة مهمة له أولا حتى يتأكد أن الغطاء سينكشف عنه وأنه ليس هذا المحظوظ الذي سينحرف ولن يلقى عقابا واضحا ثابتا مستمرا، وهذه الخطوة مهم أن تتم بوضوح ودون تهور ودون استهتار أيضا؛ فالحزم مطلوب بجانب تقديم العطف والفهم والحب؛ لأن عدم توازي الأمرين سيجعله أسوأ وأسوأ.
3- مهم أن يحدث تغيير في الصحبة المحيطة به، وهذه الخطوة لن تتم بالأمر أو النصح المباشر، ولكن ستأتي نتيجة القيام بالخطوة الأولى حيث سيبدأ أثر العلاقة الطيبة المتزنة بينه وبين هذا الشخص ليبدأ في التغيير.
أشكرك مرة أخرى على اهتمامك.. وأسأل الله أن يعينك على تبني فكرة علاجه وتوصيلها إليه أو إلى أهله بشكل لبق حتى وإن بدأ ذاتيا كما اقترحت.