"هو وهي".. خرج أحدهما من ضلع الآخر، فهم في الأصل شريكان في طريق مالهوش آخر، ولكنهما رغم كل ما سلف لا يكفان عن التناحر.. ناقر ونقير.. ثنائي بحق مفزع وخطير. "هو وهي".. طرفا المعادلة الثنائية، معادلة لا حل لها، وإجابتها دائما غير منطقية، وشعارهما دائما: "نعم للخناق ولا للاتفاق"!!
عشان كده قررنا نطرح حلول لمشاكلهم المستعصية، حتى تصبح الحياة مية مية، كل أسبوع مشكلة وحلها بكل وضوح، من غير ما "هي" كرامتها تتهان، ولا "هو" يحس إنه مجروح.
**********************************
هو: الحقوني.. أهلي عايزين يدمروني ويضيعوا مستقبلي، مش عارف هم ليه معتبرين إني لسه عيّل ومش هاقدر أحكم ولا أختار، أنا مش عايز غير بس موافقتهم ورضاهم.. ومش عايزهم يساعدوني في أي حاجة، ومش عارف أقنعهم إزاي بالبنت اللي بحبها، فكرت أهددهم بالانتحار لو ماوافقوش على جوازي منها، وبصراحة عايزكم تقولوا لي على دواء يعمل تهييج للمعدة بس من غير ما يموتني بجد.. أنا بس عايزهم يعرفوا إن أنا متمسك بيها فعلا ومش هاقدر أعيش من غيرها.. أرجوكم أنا هاموت بجد من غيرها، ولازم أضغط عليهم علشان يوافقوا؛ لأن ده هو الحل الوحيد.
هي: أنا باحبه.. وهوّ كمان، ولما كلمتهم في البيت كان الرد الوحيد إنك لسه صغيرة، وركزي في مذاكرتك أحسن.. وبعدين هو كمان لسه صغير، ومش عارف لسه مستقبله، ولا هايعمل إيه في حياته.. ومنعوني أكلّمه تاني، ويراقبوا كل تصرفاتي، حتى أنفاسي بيحسبوها ورايا.. يعني الحق عليّ إني قلتلهم بدل ما أقابله من وراهم ومايعرفوش حاجة، أنا فعلا غلطانة إني فاتحتهم في الموضوع، وكان مفروض أسمع كلامه وأستنى شوية.. بس أنا كنت فاكراهم هيفهموني، ويقدّروا مشاعري.. لكن صدموني وحرموني منه.. وأنا مش عارفة دلوقتي أعمل إيه.
أمي بحبها وحبيبتي مش ممكن أستغنى عنها استقلال فعلي ولاّ على الورق بس؟ الرسايل دي وزيها كتير أوي من شباب وبنات بيشتكوا مرّ الشكوى من رفض أهلهم المطلق لارتباطهم باللي اختاروه، لأسباب بيشوفوها تعسفية وقهرية، ولمجرد التحكم فيهم من غير ما يراعوا مشاعرهم، ولا رغبتهم في الارتباط باللي يشوفوه هم مناسب ليهم انطلاقا من مبدأ: إن دي حياتهم وهم اللي لازم يقرروا هيعيشوها إزاي.
وبصراحة من الأول فعلا كل واحد من حقه يحدد مصيره بالطريقة اللي يشوفها مناسبة له، واللي يحس إنها هتحقق له السعادة، طالما هيقدر تماما إنه يتحمل مسئولية قراره ده، وأي تبعات له سواء سلبية أو إيجابية.. وهيكون قادر تماما على استكمال المسيرة من غير ما يضر نفسه أو غيره، سواء عائلته الكبيرة أو أسرته الصغيرة اللي هو سعى لتكوينها رغم أنف الجميع.
لكن هل فعلا ده اللي بيحصل؟ وهل الولد أو البنت بمجرد ارتباطهم باللي اختاروه بيقدروا فعلا إنهم يكوّنوا أسرة مستقلة بكل معنى الكلمة؟ يعني مش مجرد استقلال مادي، وإنهم بس يصرفوا على نفسهم، لكن -وده الأهم- إنهم يستقلوا معنويا كمان ويتحملوا مسئولية الارتباط، وتكوين الأسرة تحمُّل كامل، ولّا بيرجعوا يحتاجوا للأهل والعائلة الكبيرة في التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة؟
قول "لأ" بصوت عالي خالد: مش قادر أحس بيها، مش هي دي اللي في بالي، حرام أظلمها وأظلم نفسي الأب: هتتجوزها يعني هتتجوزها.. يا إما لا إنت ابني ولا أعرفك ولا تطلب مني حاجة بعد كده، بعدين إنت تطول؟! دي بنت أدب وأخلاق وجمال ومال.. يعني عمرك ما تحلم بضفرها.. جاي تقول: مش حاسس بيها.. يا سلام! المهم إنك مش بتكرهها، والحب الحقيقي بييجي بعد الجواز.. بلاش كلام الروايات والأفلام اللي مبوظة عقولكم دي. ............ . سارة: يا نااااس حرااااام عليكم، مش بحبه.. مش طايقاه.. كل أما أشوفه أحس بعفاريت الدنيا كلها بتتنطط قدامي، إزاي هاتجوزه بس وأنا أصلا مش طايقة حتى أبص له؟! الأم: مافيش حاجة اسمها مش طايقاه، هو كان قتل لك قتيل ولاّ تكوني شايفة لك شوفَة تانية، وعايزة تتجوّزي واد بلبانة وسلسلة، ماعندناش بنات تقول لأ. ..................... وحكاية سارة، وخالد يمكن ناس كتير مننا تستغرب منها، وتقول إنها مابقتش بتحصل دلوقتي، لكن الصدمة إنها بتحصل ومنتشرة جدا، ومش مع البنات بس زي ما كان بيحصل في أوائل القرن العشرين.. لأ ده مع الأولاد كمان، وبيكون التهديد الجاهز بغضب الآباء عليهم، وده طبعا شيء بيهز أي حد، وبيأثّر فيه حتى لو ماكانش محتاج الأهل ماديا لكن الحرص على رضاهم بيكون مهم برضه.
وطبعا مبدأ الإجبار أو القهر مرفوض نهائي سواء كانت وجهة نظر الأهل صح ولا غلط، وسواء كان اختيارهم كويس ولا مش كويس، وساعتها كلمة لأ لازم تتقال وبصوت عالي لا يقبل جدال أو مناقشة، ودون خوف من غضبهم؛ لأن ساعتها هيكونوا فعلا غلطانين بشدة، على الأقل في طريقة عرض الفكرة، وعدم محاولة إقناع أبنائهم بالراحة وبالعقل، فحتى لو كانت وجهة نظرهم سليمة واختيارهم صح، لازم يكون الابن والابنة راضيين تماما عن شريك أو شريكة حياتهم اللي هيقضوا معاهم باقي العمر.
والخلاصة إن للأهل دور أساسي في حياة أبنائهم بيكونوا متمسكين به جدا لأسباب كتير، معظمها بيكون من خوفهم ورغبتهم في حماية أبنائهم، لكن ممكن طريقتهم في التعبير عن الخوف ده تكون غلط، وساعتها مش المفروض يكون الحل في الصدام أو في خسارتهم، لكن معظم الحلول هتيجي بالنقاش الهادي، ومحاولة توسيط أطراف موثوق فيهم وفي عقلهم، وكمان محاولة تفهم وجهة نظر الأهل، وعدم العناد معاهم لمجرد العناد؛ لأنهم مهما كانوا مش ممكن هيكونوا بيكرهونا أو قاصدين يتسببوا في أي أذى لينا.
اقرأ أيضا هو وهي: مصاريفها مدوخاني.. وغيرته مجنناني