مشكلتي تحسب بحساب عمري.. أنا جامعية ومتعلمة تعليم عالي، ودخلت كلية من كليات القمة؛ برغم المشكلات اللي كنت فيها، أنا مشكلتي وحكايتي من ساعة ما جيت الدنيا، ومع الأسف مشكلاتي كل سببها إني جيت لقيت أمي وأبويا هما دول، هما سبحان الله متعلمين بس مع الأسف على طول في مشكلات مستمرة من ساعة ما جيت الدنيا وهما في شجار دائم مابينتهيش، وعرفت أنهم انفصلوا فعلا قبل ما أنا آجي الدنيا بعد ولادة أختي الكبيرة. إحنا حاليا ثلاث بنات.. والمشكلة إن والدي بخيل في موضوع الصرف، واللي باحسه إن كمان أمي مش بتحبه، هم الاتنين تقريبا بيكرهوا بعض، كمان ماحدش بيستحمل للتاني كلمة، ولما تطلب حاجة من حد يقول لك روح للتاني، وأمي علشان تجيب لي حاجة باحس بعدها إنها بتذلني بيها؛ كل شوية تقول لي: "أنا جيبت لك كذا"؛ زي ما يكون بتمن عليّ بيها، مش إن ده حقي، لدرجة إني باكره إني أطلب حاجة منهم، وبادور على شغل بس مع الأسف على الرغم من إني متخرجة من كلية قمة وجيبت تقدير؛ بس مش لاقية شغل بشهادتي، زيا إما أقبل بالذل في أي مكان، أو أقعد في البيت.. لقيت نفسي مضغوطة نفسيا جوه البيت وبره البيت.
مشكلتي إن المشكلات بينهم بسبب الفلوس وصلت للمحاكم؛ ده غير إن والدي بيروح يشتكي للناس من أمي بقينا مفضوحين وسط الناس ومشكلاتهم على كل لسان، وإحنا بنات وعلى وش جواز، وبقيت باكره البيت، ونفسي أتجوز وأخلص.. المشكلة إني باقول مين هيبص لي، ماحدش هايشوف إني متخرجة من إيه، الناس ممكن ترفضني لما تعرف إن أبويا وأمي شاكيين بعضهم في المحاكم.
أنا باحس أحيانا إن الدنيا ضيقة بيّ، جوه البيت مشكلات ونكد وفضايح، وبره البيت.. ولا لاقية شغل يناسبني ولا إنسان يحتويني، ومايدورش على مشكلات أمي وأبويا.. قولوا لي أعمل إيه؟
Bobo.eng
عزيزتي.. أسوأ ما قد يفعله الأهل بالأبناء هو أن يجعلوهم يعيشون في جو من الكراهية، فلا يعلمونهم الحب والود والتفاهم، فالأهل عليهم -حتى إن لم يحبان بعضهم- أن يتعاملا كما أمر الله تعالى بالمودة والرحمة، فيشيعا جوا مشحونا بالقيم والأخلاقيات التي يورثونها لأبنائهم، ويعلمونهم كيف يمكن أن تكون الخصومة. وهناك من الأهل من يتحمل صعوبات لا يمكن تحملها من أجل أبنائهم، فنجد أما تتحمل زوجها، وقد يكون سيئ الخلق، وربما يضربها بل وربما يخونها؛ ولكنها تكتم كل ذلك داخلها حفاظا على صحة أبنائها النفسية، وعلى شكلهم العام أمام المجتمع؛ كي لا تفضح أسرتها، كما نجد زوجا يتحمل مشكلات زوجته وتسلطها وعيوبها من أجل أولاده أيضا. هذه هي الفطرة التي فطر الله عليها الوالدين بأن يرفعون مصلحة أبنائهم فوق مصلحتهم الشخصية.. يحبون أبناءهم أكثر مما يحبون أنفسهم. بكل أسف يا عزيزتي.. والديكِ كما يبدو ليسا من هذه النوعية، فهم يرفعون من رغبتهما في التعارك، وكل منهما يحاول أن ينتصر لنفسه على حساب المصلحة العامة للأسرة والأبناء. لا أخبرك بكل ذلك لأجعلك تكرهين والديكِ فهم في النهاية أهلك، وسيحاسبك الله على تعاملك معهم كما سيحاسبهم على تعاملهم معكِ؛ ولكني أخبرك بكل ذلك كي لا تشعري أنك مضطهدة وحقك مهضوم حتى في كلمة تعزية تقال لكِ. ولأسألك سؤالا آخر: إذا كان أهلك يقصرون في حقك.. فهل يجب أن تقصري أنتِ الأخرى في حق نفسك؟؟ عزيزتي.. كل ما قلته حق؛ ولكن لا بد أن هناك جانبا مضيئا في المقابل، جانب ربما لم يتعدَ بصيص نور ضعيف؛ ولكن هذا الجانب استطاع أن يجعلك تتفوقين في دراستك، وتدخلين كلية من كليات القمة؛ بل وتنجحين بها وتتفوقي. إذن فرغم عيوب والديك كلها؛ فلم يفعلا مثل بعض الأهل الذين يتجردا من أي عاطفة، فيبخلا عليكِ بمصاريف التعليم، أو حرماكِ من الاجتهاد والمذاكرة لتساعدي في أعمال المنزل أو حتى لتهبطي للعمل، وهناك المئات بل الآلاف الذين يعانون ذلك في أسرهم، فيجمعون بين جفاء الأهل وظلام المستقبل. لذا يا عزيزتي.. فإن حياتك ليست بالظلام القاتم الذي تريدين أن تخيليه، فلما لا تنظرين إلا للجانب المظلم من الحياة؟؟! لماذا لا تنظرين إلى كونك فتاة ذكية مجتهدة استطاعت رغم الظروف أن تنجح وتتفوق؟ لما لا تنظرين أن لك أختين يجب أن تتكاتفن سويا لتصنعن أسرتكم المصغرة، فأنتم لم تعودن صغارا وعليكن أن تجدن بعضكن بين الظلام فتكون كل أخت بمثابة أب وأم وأسرة لأختها؟ عليكن أن تضعن همومكن سويا لتستطيعن إفادة بعضكن والتعويض عن جفاء الوالدين؟؟ لماذا لا تنظرين لكون في يدكِ شهادة مرموقة، فلا تيأسي في كونك لا تجدي عملا الآن، فكل الأمور تحلّ بالصبر. عزيزتي.. يجب عليكِ أولا أن تزيحي من رأسك النظرة التشاؤمية، نعم أنتِ في مشكلة ومشكلة عويصة لا أحد ينكر ذلك؟ ولكن هل تريدين لحياتك أن تنتهي بأن تجلسي في ركن مظلم تندبين حظك العاثر دون أن تتحركي؟؟ أم تريدي نفض هذا التشاؤم عنكِ والقيام بأمور إيجابية؟ أول هذه الأمور الإيجابية؛ أن تنفضي عنك التفكير في خلافات أسرتك؛ حتى إن وصلت للمحاكم، قولي لذاتك لقد تحملتها حتى كبرت وتخرجت؛ لذا لم تعدّ هذه المشكلات قادرة على إيذائي بعد أن ملكت زمام نفسي، اتركيهم لمشكلاتهم وعيشي في عالمك أنتِ. الأمر الآخر.. أن تحاولي أن تصلحي بين والديكِ، فأنت لم تعودي تلك الطفلة الصغيرة التي تسمع ما تراه دون أن تفهمه؛ بل عليكِ أن تتكلمي معهم من منطلق الابنة المحبة وبهدوء، وتحاولين أن تقربي بينهم، فربما جعلك الله سببا لحل خلافات دامت سنين؛ فإن استطعت ربحتِ وإن لا.. ستشعرين أمام ذاتك أنكِ قد قمتي بما عليكِ. أيضا اشغلي ذاتك يا عزيزتي بأمور تملأ وقت فراغك بدلا من التركيز في خلافات والديكِ، فلا تتوقفي في البحث عن عمل مناسب لكِ، والحياة لم تخلُ من الوظائف، عليكِ فقط بالصبر والمثابرة. اعملي عزيزتي في أي عمل شريف، ليس من المهم أن يكون بشهادتك، حتى يأتيك عمل بشهادتك، وحتى تتحرري اقتصاديا، فمن كان اقتصاده بيده لن يذل لأحد، أو ينتظر منه شيء، حتى لو عملت بمرتب ضئيل، عيشي في مستواه حتى يكبر وتكبر أحلامك معه؛ لذا عليكِ بعدم اليأس وستجدين الوظيفة المناسبة لكِ بإذن الله.
ولكن خلال هذا الوقت لا تتوقفي، فيمكنك أن تتعلمين لغة أو تدرسين بعض المقررات في مجال الكومبيوتر، وإن لم تكن هناك إمكانية وقدرة على أخذ مثل هذه الدورات في مراكز متخصصة، فلا بأس فالنت مليء بالمواقع التي تعلم اللغة والتي تُدرس الكومبيوتر، يمكنك شغل وقتك بتعليم نفسك هذه المهارات، وهذا بالتأكيد سيزيد من فرص حصولك على عمل. الأمر الأخير.. هو أن تزيحي من عقلك تماما فكرة أن تتزوجي سريعا أي شخص، ولا تفكري في موضوع الزواج الآن مطلقا؛ ما دام تجدين ذاتك غير مستقرة عاطفيا وماديا، حتى تقفي على قدميك ويصبح لك كيان، وحتى لا تتزوجي رجل يدخلك في نفس الدوامة. إما إن كنت تعملي ومعك أموالكِ التي تصرفين منها على نفسك؛ فلن تكوني تحت إمرة أحد، والزواج سوف يأتي إن شاء الله في وقته، سواء أن دخل أهلك المحاكم أو لم يدخلا، فهو رزق من عند الله، وكم من فتيات يعيشن حياة مستقرة ولا يتزوجن، وكم من فتيات يعانين أشدّ المعاناة ويجدن من يتفهم ظروفهم ويتزوجهم، واحمدي الله أنك تخطيت المرحلة الصعبة، وسوف تستقر حياتك إن شاء الله وتصبح على ما يرام.