أنا قبل بس ما أتكلم وأقول مشكلتي.. أحب أقول إن موقع "بص وطل" ده من أجمل المواقع اللي زرتها. المشكلة باختصار إني في يوم كنت خارج مع خطيبتي، وكنا راكبين المترو، في ساعات بنلاقي المترو زحمة فباركّبها في عربة السيدات؛ خوفاً عليها مش أكتر، بس أنا عندي إحساس إنها بتترجم الموضوع ده لخوف من الناس أو عدم قدرة إني بادافع عنها، هي مش بتبيّن ليّ كده بس أنا موسوس شوية..
المشكلة الثانية إني لما كنت خارج معها كان فيه شوية عيال كده قعدوا يرمّوا كلام، زي "سيب النعجة يا خروف" وكلام كده، هما كانوا بيرمّوا وخلاص، وهي راحت ضحكت أنا من ساعتها، وأنا لما آجي أخرج معها بكون مش خايف، بس مش واثق من نفسي وأنا معها.
أنا على فكرة بحبها جدا جدا، وهي كمان بس أنا خايف نرتبط أكتر من كده ومابقاش قادر أحميها أو أدافع عنها وعني، بجد الموضوع ده ممكن أي حد يتفّه منه أو يقول ده مش مهم، بس الموضوع ده عمل لي شرخ جامد أوي في شخصيتي إني مابقيتش واثق من نفسي وأنا معها.. أرجوكم تردوا عليّ في أسرع وقت. وشكرا.
elking.aoy19
صديق "بص وطل".. نشكرك على رأيك في الموقع وثقتك فينا، ونسعد باستقبال المزيد من رسائلك. مشكلتك مع خطيبتك أساسها مشكلة داخل نفسك، هي مشكلة إحساسك بنفسك وطريقة نظرتك لشخصيتك ولقوتك وثباتك، أنت بحاجة للاقتناع بما تفعله أولا لكي تأتي الثقة في أفعالك وتصرفاك، فتظهر تلك الثقة في تصرفاتك فلا تعود تخشى من شيء.
من الواضح أنك شخصية حساسة تحيا بوساوس عديدة، وتترقب كل رد وفعل للآخرين، لذلك فإن أقل تصرف وأقل كلمة تؤثر فيك وتجعلك تشعر بالقلة رغماً عنك؛ وذلك لأنك تضع في اعتبارك أن آراء الآخرين مهمة جدا عن رأيك أنت.
والمشكلة أن ذلك تطور حتى أصبح رأي الآخرين داخل نفسك يجعلك تبني رأيك أنت، وهذا سيجعلك دوما قلقاً من تصرفات الآخرين ووجهات نظرهم، ولن تشعر بالاستقرار أبدا؛ لأنك ستتأرجح ما بين الشعور السلبي والإيجابي؛ لأن الناس مختلفون، ولن يجتمعوا على رأي واحد أو يستقروا على رأي واحد طوال الوقت.
شخصيتك الحساسة يمكنك أن تحولها لصالحك وتستفيد من ايجابياتها بأن تجعلك تحلل الآخرين وتبني تصورات اجتماعية عن الحياة ومواقفها بشكل عميق، فتجعلك ترى ما لا يراه الآخرون السطحيون الذين لهم مميزات أخرى مختلفة عنك، لذا عليك أن تعرف أنك شخص له قدره وله نظرته وقيمته في الحياة مثل الآخرين تماما، وتصرفاتك ينبغي أن تأتي من تفكيرك أنت الذي يعرف ما هو التصرف اللائق في كل موقف بناء على معرفتك لما يرضي الله -سبحانه وتعالى- لا ما يرضي الناس ولا ما يرضي خطيبتك..
وهذا التفكير المستقل المرتبط بأعلى قيمة في حياتك وهي التفكير الرباني، هو ما سيعطيك أكبر قوة تجعلك تتصرف بناء على اقتناعك وليس على رضا الآخرين، واقتناعك بمعتقداتك وأفكارك الصحيحة هو قوّتك، وهذه القوة الثابتة الواثقة سوف يكون لها تأثير على الآخرين، وليس أن يكون للآخرين تأثير عليها.
كما أن القوة ليست في إبراز العضلات أو إجهار الصوت والعنف، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة؛ إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، لكن في الحكمة والعقل التي تجعل الإنسان يعرف ما هو الأنسب في كل وقت ومع كل شخصية، فقد يكون التصرف المندفع مع السفهاء منتهى الضعف من الشخصية وليس رجولة؛ لأنه لم يدرس عواقب الأمر وخسر الاحترام؛ لأنه تدنّى بمستواه لمن لا يجدي معه أي تصرف؛ لأنه في أغلب الأوقات يريد الاستفزاز ليرى ردّة الفعل التي يتسلى بها.
يقول باولو كويللو في أحد كتبه: "ليس الخوف دليل جبن.. بل هو ما يسمح لنا بالتصرف ببسالة وكرامة في ظروف معينة. من يختبر الخوف ويمضي على الرغم منه قدما من دون أن يرتعب فهو خير دليل على الشجاعة. لكن ذاك الذي يواجه حالات صعبة من دون أخذ الخطر في الحسبان فهو خير دليل على عدم المسئولية وحسب".
أما بالنسبة لموقف عربة السيدات، كان لك حق فيه تماما لأنك تريد حماية خطيبتك في العربة المخصصة لها بحيث لا يتعرّض لها أحد بنظرة أو حتى يتخبط بها بقصد أو دون قصد، وهذا تصرّف رجولي سليم، وأي فتاة تمتلك الفطرة السليمة ستشعر بذلك إلا إذا أحبّت زحمة الرجال ورغبت فيها!!
صديقنا.. اجلس مع نفسك وحاول أن تتعمق داخلك وتعرف ما يزيد خوفك من أي موقف، وفكّر في أسوأ ما يمكن أن يحدث، وأفضل ما يمكن أن يحدث، واعلم أن كل ما أنت فيه هو تضخيم للآخرين على حساب نفسك ليس إلا، ومع التدريب والاحتكاك سوف تهدأ الأمور بداخلك، وما دمت على الحق والصواب فتقدّم بموقف بعد أن تدرسه؛ لأنك لن تشعر بالقلة كما تتوهّم، وإنما ستشعر بالأفضلية التي جاءت بكونك تسير في طريق الله ورضاه..
وثقتك عندما تأتي من شيء مستقر، وهو اطمئنانك بالله، سوف تنعكس عليك بالقوة وستنقل هذا الإحساس إلى من حولك وسيشعرون بذلك الشعور يخرج منك؛ لأن نظرتك إلى نفسك تحدد طريقة تعامل الناس معك، فالثقة والقوة تظهر على كل لمحة من الإنسان حتى في قوة نظراته طالما يثبت على الحق، أما القوة المزيفة التي تعتمد على معايير خاطئة فلا يمكن أن تستمر لأنه سيأتي موقف ما يريها أن هناك من هو أقوى منها، أما القوي بالله لا يمكن أن يأتي من هو أقوى منه وهذه هي الحقيقة المؤكدة.
أما إن وجدت أن هذه الوساوس تطورت لديك بشكل ملحوظ وأصبحت غير قادر على التحكم فيها بدون سبب واضح أو حقيقي، فلا بأس من التحاور مع طبيب نفسي يتمكن من معرفة الأسباب التي أدت إلى تطور الأمر ويعالجها طبيا.. مع أطيب تمنياتي بالسعادة الدائمة.