يقول المحلل السياسي الإسرائيلي بوعاز بيسموت في مقاله المنشور في صحيفة يسرائيل هايوم العبرية أن المرء لا يحتاج إلى أن يكون نبياً مرسلاً حتى يتوقع الأحداث التي تحدث بين مصر وإسرائيل عقب ثورة "التحرير"، حتى في ظل وجود أشخاص في إسرائيل حلموا بتبلور حلم الديمقراطية والشرق الأوسط الجديد. ويشير إلى أن العجيب في الأمر هو رؤية التوقعات المتشائمة –بالنسبة لتل أبيب- تتحقق بسرعة كبيرة، فيقول إنه بسرعة سيطرة الإخوان المسلمين على البرلمان، وبسرعة سيطروا أيضا على لجنة إعداد الدستور وبسرعة دفعوا بمرشح للرئاسة، وبسرعة تحوّلت السفارة الإسرائيلية ودبلوماسييها إلى هدف لإظهار العدوانية من قبل الجماهير، وبسرعة أقام الإخوان المسلمون تحالفاً مع الجيش، وبسرعة انهار هذا التحالف تماماً... وليس هذا فقط، بل يقول المحلل الإسرائيلي إنه بسرعة أيضا أصبح خط نقل الغاز الرابط بين مصر وإسرائيل هدفاً للعمليات التخريبية، وبسرعة أصبحت الحدود المصرية-الإسرائيلية هدفا للعمليات الإرهابية، وبسرعة أعلن المصريون عن إلغاء اتفاقية ضخ الغاز لإسرائيل، وهو ما يمثل تفجيراً آخر لخط الغاز، ولكنه لم يحدث هذه المرة نتيجة عمل إرهابي بل نتيجة قرار سياسي.
ويضيف المحلل الإسرائيلي أن هناك من يزعم أن الموضوع لا يعدو كونه مجرد خلاف تجاري، ولكنه يرى أن هذه نظرة متفائلة، والأيام أثبتت له أن وجهات النظر المتفائلة لم تتحقق بعد ثورة يناير، في المقابل فإن وجهات النظر المتشائمة تتحقق بسرعة.
ويرى أن الجارة الجنوبية لإسرائيل من شأنها أن تصبح عدواً شديداً أسرع مما هو متوقع، ويتهم بيسموت بلاده بأنها أخطأت في تقديراتها بشأن مصر.
ويضيف المحلل الإسرائيلي أنه منذ سقوط مبارك أصبحت شبه جزيرة سيناء Land No Man's حيث تم تفجير خط الغاز أكثر من 14 مرة على يد البدو والإرهابيين، ولكن بعد إصلاح الخط وبدء إعادة ضخ الغاز لإسرائيل سارعت الحكومة المصرية بتفجير الخط تماماً من خلال قرار سياسي.
ويشير إلى أنه في مصر مبارك كانت هناك انتقادات واسعة لاتفاقية الغاز مع إسرائيل، بزعم أنها تصبّ في صالح الاقتصاد الإسرائيلي، ولكن لا شك أن الأجواء الجديدة السائدة في مصر تجاه إسرائيل سهّلت من اتخاذ الخطوة المصرية بالأمس، والتي سيكون لها تداعيات بعيدة المدى –وفق زعمه- وهو ما لم يكن ممكناً في عهد مبارك.
ويزعم المحلل الإسرائيلي أن اتفاقية الغاز بين مصر وإسرائيل أصبحت أحد القضايا المركزية التي تستغل في الهجوم على النظام السابق، فالقاهرة تجري تحقيقات شاملة في هذا الموضوع، وتوجه اتهامات لنجلي مبارك وكبار المسئولين في النظام السابق بتلقي رشاوى ضخمة مقابل هذه الصفقة.. والشعب الذي يعاني الجوع يقرأ يومياً في الصحف كيف أن إسرائيل مسئولة عن فقدان الشعب المصري لملايين الدولارات، وهذا الأمر ببساطة يؤدي إلى توحيد الشعب حول كراهية النظام السابق ورويداً رويداً زرع كراهية إسرائيل بداخله، والآن يطالب البرلمان المصري أيضا بإقالة المفتي؛ على خلفية زيارته الأخيرة للقدس.
في النهاية يقول بوعاز بيسموت إن كل شيء أصبح يحدث بسرعة كبيرة، وكل هذه التطورات جعلت الإسرائيليين يشتاقون سريعاً لمبارك.
ويقول إن مصر بالفعل لن تورد الغاز لإسرائيل بعد ذلك، لكنها ستواصل توريد مواد قابلة للاشتعال إلى تل أبيب.