تنوعت الآراء اليوم ما بين الحديث عن الجمعيات والمؤسسات الدينية وبين المصلحة والمفسدة في العلاقات والتحالفات الداخلية والخارجية، وما تناوله الكُتاب حول تمثيل المرأة في البرلمان وتمويل المؤسسات.. حيث تصدّر مقال سلامة أحمد سلامة إذ إنه يرى في استهداف المنظمات الحقوقية المدنية، المصرية والدولية بالمداهمة أنها اتسمت بالمباغتة وعدم التوازن والتفرقة في المعاملة.. فقد جرى التركيز على المنظمات الحقوقية المدنية، ولم تتعرض الحملة للجمعيات والمنظمات الدينية التي تتلقى أموالا وتبرعات من الخارج، سواء من دول عربية أو غير عربية، ولأغراض شتى يصعب حصرها.
ويؤكد سلامة أنه من الضروري أن توضع المنظمات الدينية والجمعيات الخيرية أيضا في نطاق التحقيقات الجارية، خصوصا وأن كثيرا من الجمعيات الدينية تمارس أنشطة غير دعوية أو دينية صرفة، وفي كثير من الحالات لم تعد هذه الجمعيات مجرد جمعيات خيرية، بل دخلت الأبعاد السياسية والطائفية إلى أنشطتها، ولعلنا نلاحظ كيف تحوّلت ممارسات بعض الحركات السلفية إلى أهداف سياسية. ويرى سلامة أنه لا بد وأن يتسع نطاق التحقيقات القضائية، ليشمل التفتيش على الجمعيات الدينية ذات البعد السياسي، مثل الإخوان المسلمين، والجمعيات التي تتلقى الهبات والتبرعات من الخارج. ويرجّح سلامة أن المداهمات تأتي في إطار استراتيجية سياسية وأمنية تحدد طبيعة العلاقات بين أمريكا ومصر، والإبقاء على طرق التواصل والتفاهم مفتوحة، ولا يستطيع أحد أن ينكر ما تقوم به هذه المنظمات من جهود في مشروعات تنموية وسياسية مختلفة.. ولكن المطلوب أن تعمل في الضوء وفي ظل القوانين السائدة. ومن المنظمات إلى التحالفات حيث يستعرض فهمي هويدي في مقاله اليوم "فتاوى مفخخة" أن عددا من مشايخ السلفية يرون التحالف مع الليبراليين لا يجوز قطعا، ومن ثم لا يجوز لحزب النور التحالف إلا مع الأحزاب التي تنصر الحق وتطبق شرع الله، كما ينهون عن تهنئة الأقباط في الأعياد؛ لأنه لا يجوز شهودها ولا المعاونة على إقامتها؛ لأنها مرتبطة بعقيدة فاسدة، وإذا وجهنا لهم السؤال حول اتفاقية كامب ديفيد يأتي الرد بأن حزب النور ملتزم بها؛ لأن تغيير الواقع المخالف للشرع مرتبط بالقدرة والعجز وبالموازنة بين المصلحة والمفسدة. ويتعجب هويدي مما قاله الشيخ ياسر برهامي بحق الأقباط والدعوة إلى عدم تهنئتهم في عيدهم؛ ليس فقط لأن نبي المسلمين كانت له زوجة قبطية، وأنه دعا المؤمنين لأن يفشوا السلام بينهم، ولكن أيضا لأن الإسلام الذي أباح للمسلم أن يتزوج من كتابية، بحيث يصبح أخوال أبنائه وأجدادهم من المسيحيين، لا يمكن أن ينكر عليهم أن يهنئوهم في أعيادهم. واستشهد هويدي بما قاله الشيخ محمد الغزالي والذي أباح للمسلم أن يعيش مع الكتابية تحت سقف واحد لا يمكن أن يضيق بأن يعيش الجميع في وطن واحد، كما تعجّب من موقف نفس الشيخ من اتفاقية السلام مع إسرائيل وموافقته عليها، مبررا ذلك بضرورات القدر والعجز والموازنة بين المصلحة والمفسدة، ثم لا يستخدم معيار المصلحة في التحالف مع الليبراليين أو تهنئة الأقباط في أعيادهم، رغم أن التوافق مع هؤلاء وهؤلاء أولى وألزم.
ويرى هويدي في ختام مقاله أنه تنتابه الدهشة ويتملّكه العجب، ويدفعه ذلك لقول: "إذا كان أبناء الإسلام يقدمونه بهذه الصورة، فإن تشويهه لا يحتاج إلى أعداء". وعن الجمعيات والتمويل السياسي يتحدث الدكتور عمرو الشوبكي في المصري اليوم في مقاله المعنون ب"التمويل السياسي"، ويصفه الشوبكي بأنه أخطر قضية يمكن أن تواجه مصر في الفترة القادمة في ظل حالة الترهل والفوضى السائدة حاليا، وتعني أن يدخل الساحة الحزبية والسياسية تمويل أجنبي بعيدا عن رقابة أجهزة الدولة، ونكتفي فيه بإلقاء التهم الجزافية، كما كان يحدث في عهد مبارك، فخرجت اتهامات مرسلة ضد 6 إبريل تحدثت عن تمويل أمريكي، وأخرى ضد التيارات السلفية تحدثت عن أموال قطرية. وينتقد الشوبكي أن حكومتنا غاب عنها أي جهد أو تصور لوضع آلية لرقابة التمويل الأجنبي لكثير من المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية؛ لضمان عدم تحويله إلى الساحة السياسية، بما ينهي العادة الرديئة في الاتهامات المرسلة. ويتساءل الشوبكي هل قضية التمويل الأجنبي مرفوضة من حيث المبدأ أم لا؟ ويجيب أنه في الحقيقة أن هذا التمويل الأجنبي الذي حصلت عليه جمعيات أهلية ومراكز أبحاث خاصة وعامة من كل الاتجاهات (إسلامية وليبرالية)، بل إن واحدة من أكثر المؤسسات الإعلامية احتراما ومهنية في مصر -مثل إسلام أون لاين- كانت تموّلها جمعية قطرية، وحين سحبت تمويلها توقف بثّ الموقع، وفشل في أن يجد رجال أعمال مصريين يمولون موقعا مهنيا للإسلام الوسطى حتى الآن. ويرى الشوبكي أن ما هو مجرّم ويجب أن يخضع لحساب عسير فهو التمويل السياسي وليس التمويل الأجنبي بصفة عامة، أي أن توظّف أموال جاءت من الخارج لصالح أحزاب أو تنظيمات أو شخصيات سياسية سواء تلقوها بشكل مباشر أو جاءت إلى جمعيات أهلية أنفقتها عليهم، وهذا تحدّ قادم أرجو أن نعيه قبل فوات الأوان. وعن المرأة والبرلمان فلقد برهنت نتائج انتخابات مجلس الشعب 2012 على عدم استطاعة المرأة الفوز في الترشح الفردي، حيث أسفرت تلك النتائج في غالبية الدوائر عن فوز مرشحي حزب الحرية والعدالة، وحزب النور؛ لقدرتهما على حشد الناخبين بما يملكانه من قوة بشرية وقدرة مادية، فضلا عن أن فرصتها ضئيلة في الفوز في قوائم الأحزاب؛ لأن ترتيبها جاء في قوائم الأحزاب إما في المنتصف أو المؤخرة. جاء هذا في رسالة وصلت إلى الدكتور حسن نافعة الذي عرضها في مقاله، وعقّب عليها بأن الأمر يحتاج إلى تغيير جذري ليس فقط في قانون الانتخاب ولكن في ثقافتنا السياسية أيضا، ومن الواضح أن أول برلمان لمصر بعد الثورة لن يكون منصفا بالنسبة لفئات كثيرة، وليس بالنسبة للمرأة فقط. وأشار نافعة إلى أن المجلس الاستشاري رفع في جلسته الأخيرة توصية إلى المجلس العسكري؛ لبحث سبل زيادة عدد المقاعد المخصصة للمعينين في مجلس الشعب من عشرة إلى ثلاثين مقعدا.. أرجو أن يؤخذ بهذه التوصية التي قد تسهم -ولو قليلا- في تصحيح الخلل الحادث في تمثيل الفئات المهمّشة كافة.