في 6 نوفمبر المقبل تُعقد الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ينتظرها العالم أجمع؛ حيث تمثل أكبر اختبار في تاريخ الشعبية الأسطورية للرئيس الأمريكي باراك أوباما.. المراقبون على مستوى العالم كله يتساءلون: من يجرؤ على كسر الأسطورة؟ لم ينسَ آلاف الأمريكيين -حتى اليوم- الليلة الأسطورية عام 2008 حينما ظفر أوباما بمقعد الرئاسة، والاكتساح التسونامي الذي حققه؛ ولكن بعد أربعة أعوام من الرئاسة الأمريكية.. هل يمكن أن يكرر أوباما نفس الإنجاز، وبنفس الطريقة؟ هذا يتوقف على ماهية منافسيه هذا العام.. الأسماء أضعف بكثير من انتخابات 2008، ومن الواضح أن الحزب الجمهوري لا يزال يعاني تخبطا داخله، بين تيار المحافظين الذي تلقّى ضربة كبرى بفشل أفكاره التي طُبقت إبان حكم الرئيس جورج بوش الابن، وتيار آخر هو تيار "حركة الشاي" الذي يُعتبر كوكتيل أفكار سياسية؛ ولكن الجديد أنه قرر النزول إلى الشارع، وطرحها في تظاهرات واعتصامات؛ ولكن حركة "احتلوا وول ستريت" وأخواتها سرقوا الشارع من "حركة الشاي" خلال عام 2011. والتيار الأقوى حاليا في الحزب الجمهوري هو تيار الجمهوريين الجدد بزعامة عضو مجلس النواب الأمريكي راند بول (49 عاما)؛ لكنه لم يترشح للرئاسة؛ لأن والده -عضو مجلس النواب الأمريكي رونالد بول (76 عاما)- ترشح للرئاسة هذه المرة؛ لكن من المتوقع أن تكون هذه المرة هي آخر مرة؛ على أن يقوم الوريث بالترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. هكذا يبدو الحزب الجمهوري متخبطا؛ ولكن منذ أيام حُسمت ولاية إيوا الأمريكية التخبط؛ حيث بدأت في الولاية الانتخابات التمهيدية داخل الحزب؛ من أجل انتخاب مرشح يمثل الحزب في انتخابات الرئاسة. ويجري على مدار ستة أشهر انتخابات داخلية في الحزب، بواقع انتخابات في كل ولاية؛ على أن يتم تجميع الأصوات في نهاية الأمر في مؤتمر عام للحزب، ويتم إعلان المرشح الرسمي الجمهوري للرئاسة. وفي انتخابات ولاية إيوا، حَسَم ميت روميني -المرشح الأوفر حظا- انتخابات الولاية لصالحه، بنسبة 24.6% من الأصوات فحسب؛ ولكن المفاجأة كانت في مجيء ريك سانتروم (53 عاما)، وهو عضو سابق بمجلسَي النواب والشيوخ، وأحد مُلّاك قناة فوكس نيوز الأمريكية، وصاحب الآراء المتطرفة حيال إيران.. وأخيرا -وحتى تكتمل الصورة المتناقضة- هو من القلة الكاثوليكية المندرجة تحت جناح الحزب الجمهوري، المعقل الرئيسي للبروتستانت المتطرفين. أما ثالث مفاجآت انتخاب إيوا؛ فكانت حصول ريك بيري -حاكم تكساس- على 10.3% فحسب من الأصوات؛ علما بأن الرجل كان يُفترض أن يكون الأول أو الثاني في هذا السباق، وكان بيري قد تولى حُكم تكساس عام 2000 خَلَفا لجورج بوش الابن، وكان نائبا في نفس المنصب لمدة 11 شهر، وكان يطمع في تكرار نفس أسطورة بوش الابن بأن يخلفه في البيت الأبيض، عقب خلافته على عرش تكساس. رابع المفاجآت كانت في حصد ميشيل باكمان 5% من الأصوات فحسب، وهي المرأة الجديدة في الحزب الجمهوري؛ حيث تترأس الكتلة البرلمانية ل"حركة الشاي" داخل الكونجرس الأمريكي، ولم تكن المفاجأة تكمن في أنها من أقوى المرشحات فحسب؛ ولكن لأن ولاية إيوا هي مسقط رأسها عام 1956، ويضع التيار المحافظ أمله في باكمان إلى درجة أن سارة بالين انسحبت من السباق الرئاسي لمصلحتها. ولكن تبقى حقيقة واحدة؛ هي أن ميت روميني كرّس نفسه كمرشح قوي ووحيد أمام أوباما في نوفمبر 2012، وهو الرجل الذي فشل في الظفر ببطاقة الترشح للانتخابات عام 2008، حينما هزمه جون ماكين في الانتخابات الداخلية. ولد ميت روميني في 12 مارس 1947 (64 عاما) بولاية ميتشيجان، وحَكَم ولاية ماساتشيوستس ما بين 2003 و 2007 ، وهو ابن جورج روميني -حاكم ولاية ميتشيجان سابقا- كما كان والده وزيرا للإسكان في عصر الرئيس ريتشارد نيسكون.. وديانته مورموني، وهي كنيسة مستقلة عن الديانة المسيحية، أسسها جوزيف سميث منتصف القرن التاسع عشر، وتعتبر إحدى الملل الدينية المنتشرة في أمريكا التي تجمع بين بعض نصوص المسيحية واليهودية. ومن المتوقع أن يُختار روميني حال فوزه بالترشح باكمان، أو سانتروم في منصب نائب الرئيس، وفي حال فاز الرجل؛ فإنه سوف يسعى إلى ترضية سارة بالين عبر إسناد منصب وزيرة الخارجية لها. أيا كانت الترتيبات في الحزب الجمهوري؛ فإن الثلاثي (روميني - باكمان - سانتروم يبدو) غير قادر على هزيمة أسطورة الحزب الديمقراطي باراك أوباما، وعلى ما يبدو أن بالين تفهّمت هذه الحقيقة؛ لذا أتى قرارها الخبيث بالانسحاب من هذه الانتخابات؛ على أن تُجرّب عام 2016.. وعلى العالم أن يتأهب لأربع سنوات جديدة من حُكم أوباما للولايات المتحدةالأمريكية.