منح الدكتوراه الفخرية للنائب العام من جامعة المنصورة تقديرًا لإسهاماته في دعم العدالة    مصطفى بكري ينتقد تعديل قانون الإيجار القديم: الحكومة دي حاسة بالغلابة؟    رينو تكشف عن Boreal SUV جديدة تستهدف أكثر من 70 سوقًا عالميًا    عهد جديد من النعمة والمحبة والرجاء.. الكنيسة الكاثوليكية بمصر تهنئ بابا الفاتيكان    اجتماع بين الهيئة القومية لسلامة الغذاء المصرية واللجنة الوطنية للمستهلك بجنوب إفريقيا لتعزيز التعاون في حماية المستهلك وسلامة الغذاء    المستشار الألماني الجديد ميرتس يدعو ترامب إلى زيارة ألمانيا    الهند وباكستان تتبادلان الاتهامات بإطلاق النار وسط مخاوف من تصعيد عسكري    عمرو دياب يشعل حفله بالكويت ويعلن موعد طرح ألبومه الجديد (فيديو)    إلغاء حفل مدحت صالح في 6 أكتوبر قبل إقامته اليوم (تفاصيل)    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    مفاجأة بعيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    المرور يغلق كوبرى 26 يوليو 10 أيام بسبب أعمال تطوير أعلى شارع السودان بالجيزة    البابا تواضروس يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رعوية استمرت أسبوعين    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    سفير باكستان لدى مصر: باكستان دولة مسلمة ولا تقبل العدوان    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    كيم جونغ أون يشرف على تجربة صاروخية ويؤكد جاهزية السلاح النووي    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    موعد مباراة بيراميدز ضد البنك الأهلي في الدوري    مؤتمر النحاس: نلعب مباراة كل 4 أيام عكس بعض الفرق.. ورسالة لجماهير الأهلي    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    تفحم سيارة نقل أعلى "صحراوي الجيزة"    في اليوم العالمي للحمار.. "بيطري" يكشف استخدامات جلده وأكثر الدول المستوردة    السجن المؤبد ل 4 متهمين قاموا بخطف طفل وطلب فدية 4 مليون جنيه    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    ب«زفة روحية».. تطييب رفات القديس مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية ب«كاتدرائية الإسكندرية»    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    حدث في الفن- انهيار كارول سماحة ونصيحة محمود سعد بعد أزمة بوسي شلبي    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    مطاردات ولغز غرفة الهرم السرية.. طرح الإعلان التشويقي لفيلم "المشروع X"    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    جامعة القاهرة تكرم وزير العدل ورؤساء الهيئات القضائية    منافسات قوية فى الدورى الممتاز للكاراتيه بمشاركة نجوم المنتخب    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. انتخاب الكاردينال الأمريكى روبرت فرنسيس بريفوست بابا للفاتيكان.. إعلام عبرى: ترامب قرر قطع الاتصال مع نتنياهو.. وقيمة عملة "بتكوين" تقفز ل100 ألف دولار    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة رمي الأحذية من خروشوف إلى الخياط!!
نشر في بص وطل يوم 08 - 12 - 2009

شهد نادي الصحافة العربي في العاصمة الفرنسية باريس منذ أيام، وبالتحديد يوم 1-12-2009 فصلاً جديداً وليس بالأخير من ثقافة الجزمة؛ حيث قام الصحفي العراقي سيف الخياط برشق فردتي الحذاء تجاه الصحفي العراقي الآخر منتظر الزيدي؛ وذلك خلال ندوة كانت مقامة على شرف الأخير وهو يردد: "هل بمثل هكذا أصبحت بطلاً وتلقي علينا محاضرات؟ هل كان يتوجب عليك أن تكسر قلمك وترفع حذاءك؟".
في خطوة فاجأت الحضور وأشعلت لهيب المواجهة بين المؤيدين لهذا الحذاء أو ذاك الحذاء، وفيما إذا كان فخوراً بفعلته تلك، أجاب الخياط: "بالطبع لا؛ لكن هذا هو الطريق الوحيد الذي بات يقنع الشارع العربي، وما أقدمت عليه إلا كي أجعل الضمير والعقل العربي يتذوّق نكهة الأحذية مرة أخرى واستفز كرامتهم؛ لأريهم قباحة مثل هذا التصرف أياً كان الفاعل، وأياً كان المستهدف، فليفرح الأحرار؛ فبهذه الرمية أكون قد نسفت ركائز ثقافة رمي الأحذية، وأعتذر..!!".
وكانت السلطات العراقية قد أفرجت عن منتظر الزيدي في سبتمبر من العام الحالي، بعد أن أصدر القضاء العراقي حكماً عليه بالحبس، على خلفية إدانته بتهمة إهانة رئيس دولة أجنبية؛ حيث قام منتظر الزيدي في مثل هذا الشهر من العام المنصرف برشق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بزوج الحذاء الذي كان يرتديه -عد خطة اختلفت في شأنها الروايات؛ ولكنه وللأسف لم يُجد التصويب فطاشت الفردة تلو الأخرى- خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ويقوم الزيدي حالياً بجولات دولية بناء على دعوات وبرامج زيارات معدة سلفاً، كان من ضمنها زيارته هذه إلى باريس.
فهل أصبح الحذاء أو "الجزمة" بالبلدي لغة الحوار الرسمي في مختلف الأوساط المحلية والعربية؟ هل سيرجع للأمة العربية أمجادها المفقودة، ووضعها على سلم الأمم، وجعلها الأمة السبّاقة في الاحتفاء بالأحذية، وإعلانها الصريح تخليها عن العقل والقيم، وتعرية نفسها أمام العالم في تبنيها وترحيبها بهذا الفعل الهمجي؟!
بدأت أستعرض التاريخ العريض لحكايات -لا مؤاخذة- "الجزمة"؛ فوجدتها لا تقتصر فقط على العرب؛ فقد بدأت مع السكرتير العام الأسبق للحزب الشيوعي بالاتحاد السوفيتي -سابقاً- "خروشوف" عندما خلع حذاءه في الأمم المتحدة؛ ضارباً به على منصة الاجتماعات، ومهدداً الأمريكان بكلمة "سندفنكم"، في واقعة هي الأشهر عالمياً؛ خاصة بعدما أصبحت المنصة مزاراً سياحياً، هذا على المستوى العالمي، أما المستوى المحلى فحدث ولا حرج.
كانت واقعة مجلس الشعب بين زكي بدر -وزير الداخلية الأسبق- وطلعت رسلان -عضو مجلس الشعب- هي الأشهر، وفيها سبّ رسلان وضرب بدر على مرأى ومسمع من الدكتور رفعت المحجوب - رئيس مجلس الشعب آنذاك.
وجاء عام 2006 ليستحق عن جدارة أن نطلق عليه عام "الجزمة" فقد حظي بثلاث وقائع؛ بدأها مهدي عاكف -المرشد العام للإخوان المسلمين بمصر- في أحد أحاديثه الصحفية بإشارته إلى ضرب المعارضين بالحذاء.
وجاءت واقعة طلعت السادات وأحمد عز لتعيد إلى الأذهان أمجاد "أحذية" المجلس الموقر؛ بينما كان ختامها "مراً" حيث قام مرتضى منصور -رئيس نادي الزمالك الأسبق- برفع "جزمته" لجماهير النادي الأهلي أمام مندوب رئيس الجمهورية، وحسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة، وسمير زاهر رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم, وجاءت "جزمة" مرتضى هذه المرة على الهواء مباشرة؛ لتكون أخطر واقعة "حذائية" على الإطلاق؛ حيث حدثت أمام مندوب رئيس الجمهورية.
رحم الله شاعرنا الكبير محمد نجيب سرور عندما كتب قصيدته "الحذاء" والتي يتحدّث فيها عن جبروت من بأيديهم السلطة والحكم, حيث يحكي عن تعرّض أبيه أمامه وهو طفل للمهانة والضرب من عمدة القرية والذي سمّاه "الإله" يقول فيها:
"وقفت أزفُّ أبي بالنظر.. فألقى السلام.. ولم يأخذ الجالسون السلام!!
رأيتُ.. أأنسى؟!!.. رأيتُ الإله يقوم فيخلع ذاك الحذاءْ.. وينهال كالسيل فوق أبي!!".
و"نجيب" هنا يركز على انهيار الصور الكبيرة في عقولنا، وتدمير المُثل أمام أطفالنا؛ مما يولد القهر والمذلة، بل والكفر بكل من يمتلك السلطة؛ لاعتقادنا بأنه لن يستعملها إلا في فرض سلطانه.
وبدأت أسأل نفسي -كدارس لعلم النفس- هل هناك علاقة بين مقاس جزمتك وشخصية حضرتك؟
أو بصيغة ثانية.. هل شكل ولون الحذاء من الممكن أن يعكس شخصية من يرتديه؟
يعني مثلاً الحذاء الأسود يدل على الشخصية الصبورة؛ بينما الحذاء البني يتميّز أصحابه بالحيوية والديناميكية، أما أبو رباط فيكشف عن الشخصية المتغطرسة، ويرد عليّ د.أحمد عكاشة -خبير الطب النفسي العالمي- بقوله: "إن هناك تغييراً واضحاً في سمات الشخصية وتدهوراً في القيم وتدنياً في الحوار، وأصبح التعبير عن الغضب والاحتجاج والإحباط بالعنف؛ فالإحباط في الشخصية المصرية -ونعني به عدم القدرة على الوصول إلى الهدف؛ نظراً لعقبات تواجه الفرد- تسبب في تغيير تلك السمات؛ خاصة أن الإحباط يسبب القلق والعصبية والعدوانية والتخلي عن بعض القيم الأخلاقية؛ مما يؤكد أن أسلوب الشخصية "الانفجارية" -والتي تتميز بسرعة الغضب وسرعة العدوانية والعصبية الشديدة، وعدم التمكن من إيقاف أسلوبها- أصبح يأخذ في مصر "نيولوك" وهو ضرب الأحذية.
أنا أعتقد أن الفراغ الذي تعاني منه المجتمعات العربية، وشعورها بالنقص، وعجزها عن مواكبة الشعوب المتقدّمة، دفعها إلى البحث المرضي عن أوهام وخرافات تقنع نفسها بها وتصورها على أنها إنجازات كبرى، كارتكاب أحداث 11 سبتمبر 2001، مروراً بجرائم المفخخات في العراق، والحرب العبثية التي دمرت لبنان ، وآخرها واقعة مباراة مصر والجزائر في الخرطوم.
يا سادة لابد من نزع العدسات اللاصقة التي وضعت عمدا على عيوننا، حتى نسترد مكانتنا التي أوشكت أن تضيع، ولابد أيضا من إعادة النظر مرة أخرى في لغة الحوار؛ فقديما قالوا: "قد أختلف معك ومع هذا مستعد لأدفع حياتي ثمناً لتُعبّر عن هذا الاختلاف".
طبعاً قالوا هذا الكلام في الليل، وكلام الليل مدهون بزبدة، هذا ليس مهماً، المهم هل هذه الزبدة فلاحي ولا بلدي؟!!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.