مجلس القضاء الأعلى يقر الجزء الأول من الحركة القضائية    31 مليون جنيه مصري.. سعر ومواصفات ساعة صلاح في حفل الأفضل بالدوري الإنجليزي    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    10 صور ترصد استعدادات قرية السلامية بقنا للاحتفال بمولد العذراء    تبكير موعد استدعاء 60 ألف جندي احتياطي إسرائيلي لاحتلال غزة    بعد التعادل أمام المصري.. بيراميدز ينتقد الأداء التحكيمي    ملف يلا كورة.. بيان الزمالك.. تتويج صلاح.. وحالة مصابي الأهلي    صلاح: التتويج بجائزة أفضل لاعب 3 مرات لم يحدث مطلقاً.. ولن أنساه أبداً    "مكانش بيسيب فرض"..جيران والد حارس الأهلي في كفر الشيخ يكشفون اللحظات الأخيرة في حياته    محاكمة المتهم بابتزاز الفنان طارق ريحان اليوم    40 مليون جنيه خلال 20 يوما، "روكي الغلابة" ل دنيا سمير غانم يحقق إيرادات قوية بمصر    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف حي الصبرة جنوب غزة    تنسيق الثانوية العامة 2025.. كليات المرحلة الثالثة من 50% أدبي    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بالصاغة بعد آخر انخفاض    6 رسائل مهمة من مدبولي أمام مجلس الأعمال المصري الياباني بطوكيو    الاسكان توضح موقف قرار سحب الأرض المخصصة لنادى الزمالك    دغموم المتصدر.. ترتيب هدافي الدوري المصري قبل بداية مباريات اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    مفاجآت نارية.. ثلاثي الأهلي بين أبرز المستبعدين من معسكر منتخب مصر وإصابات تهدد آخرين    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    موعد امتحان الصف التاسع 2025 التعويضي في سوريا.. وزارة التربية والتعليم السورية تعلن    خلال بحثه عن طعام لطفلته.. استشهاد محمد شعلان لاعب منتخب السلة الفلسطيني    بعد موافقة حماس على وقف اطلاق النار .. تصعيد صهيوني فى قطاع غزة ومنظمة العفو تتهم الاحتلال يتنفيذ سياسة تجويع متعمد    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    ترامب يترقب لقاء بوتين وزيلينسكي: «أريد أن أرى ما سيحدث»    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    جولة ميدانية لنائب محافظ قنا لمتابعة انتظام عمل الوحدات الصحية    محافظ دمياط يترأس اجتماع لجنة اختيار القيادات    والدة شيماء جمال بعد إعدام القاضي أيمن حجاج وشريكه: كدا أقدر آخد عزاها وهدبح عجل    في أقل من 6 ساعات، مباحث الغربية تضبط سائق شاحنة دهس طفلا وهرب بقرية الناصرية    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    وسام أبو علي: أبحث عن الإنجازات الفردية والجماعية مع كولومبوس كرو    نقابة الصحفيين تعلن المرشحون للفوز بجائزة محمد عيسى الشرقاوي «للتغطية الخارجية»    «كنت بفرح بالهدايا زي الأطفال».. أنوسة كوتة تستعيد ذكريات زوجها الراحل محمد رحيم في عيد ميلاده    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    أحمد العجوز: لن نصمت عن الأخطاء التحكيمية التي أضرتنا    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    قادة عسكريون فى الناتو يجتمعون عبر الفيديو اليوم لمناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة رمي الأحذية من خروشوف إلى الخياط!!
نشر في بص وطل يوم 08 - 12 - 2009

شهد نادي الصحافة العربي في العاصمة الفرنسية باريس منذ أيام، وبالتحديد يوم 1-12-2009 فصلاً جديداً وليس بالأخير من ثقافة الجزمة؛ حيث قام الصحفي العراقي سيف الخياط برشق فردتي الحذاء تجاه الصحفي العراقي الآخر منتظر الزيدي؛ وذلك خلال ندوة كانت مقامة على شرف الأخير وهو يردد: "هل بمثل هكذا أصبحت بطلاً وتلقي علينا محاضرات؟ هل كان يتوجب عليك أن تكسر قلمك وترفع حذاءك؟".
في خطوة فاجأت الحضور وأشعلت لهيب المواجهة بين المؤيدين لهذا الحذاء أو ذاك الحذاء، وفيما إذا كان فخوراً بفعلته تلك، أجاب الخياط: "بالطبع لا؛ لكن هذا هو الطريق الوحيد الذي بات يقنع الشارع العربي، وما أقدمت عليه إلا كي أجعل الضمير والعقل العربي يتذوّق نكهة الأحذية مرة أخرى واستفز كرامتهم؛ لأريهم قباحة مثل هذا التصرف أياً كان الفاعل، وأياً كان المستهدف، فليفرح الأحرار؛ فبهذه الرمية أكون قد نسفت ركائز ثقافة رمي الأحذية، وأعتذر..!!".
وكانت السلطات العراقية قد أفرجت عن منتظر الزيدي في سبتمبر من العام الحالي، بعد أن أصدر القضاء العراقي حكماً عليه بالحبس، على خلفية إدانته بتهمة إهانة رئيس دولة أجنبية؛ حيث قام منتظر الزيدي في مثل هذا الشهر من العام المنصرف برشق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بزوج الحذاء الذي كان يرتديه -عد خطة اختلفت في شأنها الروايات؛ ولكنه وللأسف لم يُجد التصويب فطاشت الفردة تلو الأخرى- خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ويقوم الزيدي حالياً بجولات دولية بناء على دعوات وبرامج زيارات معدة سلفاً، كان من ضمنها زيارته هذه إلى باريس.
فهل أصبح الحذاء أو "الجزمة" بالبلدي لغة الحوار الرسمي في مختلف الأوساط المحلية والعربية؟ هل سيرجع للأمة العربية أمجادها المفقودة، ووضعها على سلم الأمم، وجعلها الأمة السبّاقة في الاحتفاء بالأحذية، وإعلانها الصريح تخليها عن العقل والقيم، وتعرية نفسها أمام العالم في تبنيها وترحيبها بهذا الفعل الهمجي؟!
بدأت أستعرض التاريخ العريض لحكايات -لا مؤاخذة- "الجزمة"؛ فوجدتها لا تقتصر فقط على العرب؛ فقد بدأت مع السكرتير العام الأسبق للحزب الشيوعي بالاتحاد السوفيتي -سابقاً- "خروشوف" عندما خلع حذاءه في الأمم المتحدة؛ ضارباً به على منصة الاجتماعات، ومهدداً الأمريكان بكلمة "سندفنكم"، في واقعة هي الأشهر عالمياً؛ خاصة بعدما أصبحت المنصة مزاراً سياحياً، هذا على المستوى العالمي، أما المستوى المحلى فحدث ولا حرج.
كانت واقعة مجلس الشعب بين زكي بدر -وزير الداخلية الأسبق- وطلعت رسلان -عضو مجلس الشعب- هي الأشهر، وفيها سبّ رسلان وضرب بدر على مرأى ومسمع من الدكتور رفعت المحجوب - رئيس مجلس الشعب آنذاك.
وجاء عام 2006 ليستحق عن جدارة أن نطلق عليه عام "الجزمة" فقد حظي بثلاث وقائع؛ بدأها مهدي عاكف -المرشد العام للإخوان المسلمين بمصر- في أحد أحاديثه الصحفية بإشارته إلى ضرب المعارضين بالحذاء.
وجاءت واقعة طلعت السادات وأحمد عز لتعيد إلى الأذهان أمجاد "أحذية" المجلس الموقر؛ بينما كان ختامها "مراً" حيث قام مرتضى منصور -رئيس نادي الزمالك الأسبق- برفع "جزمته" لجماهير النادي الأهلي أمام مندوب رئيس الجمهورية، وحسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة، وسمير زاهر رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم, وجاءت "جزمة" مرتضى هذه المرة على الهواء مباشرة؛ لتكون أخطر واقعة "حذائية" على الإطلاق؛ حيث حدثت أمام مندوب رئيس الجمهورية.
رحم الله شاعرنا الكبير محمد نجيب سرور عندما كتب قصيدته "الحذاء" والتي يتحدّث فيها عن جبروت من بأيديهم السلطة والحكم, حيث يحكي عن تعرّض أبيه أمامه وهو طفل للمهانة والضرب من عمدة القرية والذي سمّاه "الإله" يقول فيها:
"وقفت أزفُّ أبي بالنظر.. فألقى السلام.. ولم يأخذ الجالسون السلام!!
رأيتُ.. أأنسى؟!!.. رأيتُ الإله يقوم فيخلع ذاك الحذاءْ.. وينهال كالسيل فوق أبي!!".
و"نجيب" هنا يركز على انهيار الصور الكبيرة في عقولنا، وتدمير المُثل أمام أطفالنا؛ مما يولد القهر والمذلة، بل والكفر بكل من يمتلك السلطة؛ لاعتقادنا بأنه لن يستعملها إلا في فرض سلطانه.
وبدأت أسأل نفسي -كدارس لعلم النفس- هل هناك علاقة بين مقاس جزمتك وشخصية حضرتك؟
أو بصيغة ثانية.. هل شكل ولون الحذاء من الممكن أن يعكس شخصية من يرتديه؟
يعني مثلاً الحذاء الأسود يدل على الشخصية الصبورة؛ بينما الحذاء البني يتميّز أصحابه بالحيوية والديناميكية، أما أبو رباط فيكشف عن الشخصية المتغطرسة، ويرد عليّ د.أحمد عكاشة -خبير الطب النفسي العالمي- بقوله: "إن هناك تغييراً واضحاً في سمات الشخصية وتدهوراً في القيم وتدنياً في الحوار، وأصبح التعبير عن الغضب والاحتجاج والإحباط بالعنف؛ فالإحباط في الشخصية المصرية -ونعني به عدم القدرة على الوصول إلى الهدف؛ نظراً لعقبات تواجه الفرد- تسبب في تغيير تلك السمات؛ خاصة أن الإحباط يسبب القلق والعصبية والعدوانية والتخلي عن بعض القيم الأخلاقية؛ مما يؤكد أن أسلوب الشخصية "الانفجارية" -والتي تتميز بسرعة الغضب وسرعة العدوانية والعصبية الشديدة، وعدم التمكن من إيقاف أسلوبها- أصبح يأخذ في مصر "نيولوك" وهو ضرب الأحذية.
أنا أعتقد أن الفراغ الذي تعاني منه المجتمعات العربية، وشعورها بالنقص، وعجزها عن مواكبة الشعوب المتقدّمة، دفعها إلى البحث المرضي عن أوهام وخرافات تقنع نفسها بها وتصورها على أنها إنجازات كبرى، كارتكاب أحداث 11 سبتمبر 2001، مروراً بجرائم المفخخات في العراق، والحرب العبثية التي دمرت لبنان ، وآخرها واقعة مباراة مصر والجزائر في الخرطوم.
يا سادة لابد من نزع العدسات اللاصقة التي وضعت عمدا على عيوننا، حتى نسترد مكانتنا التي أوشكت أن تضيع، ولابد أيضا من إعادة النظر مرة أخرى في لغة الحوار؛ فقديما قالوا: "قد أختلف معك ومع هذا مستعد لأدفع حياتي ثمناً لتُعبّر عن هذا الاختلاف".
طبعاً قالوا هذا الكلام في الليل، وكلام الليل مدهون بزبدة، هذا ليس مهماً، المهم هل هذه الزبدة فلاحي ولا بلدي؟!!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.