احتفلت الأوساط الثقافية في روسيا أمس (الجمعة) بالذكرى 190 لميلاد الكاتب الروسي فيودور ميخائيلوفتش دوستويفسكي (1821-1881) أحد أعظم الروائيين في العالم الذي تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات، وأصبحت مصدر إلهام للفكر والأدب المعاصر. ومن أشهر أعماله: "الجريمة والعقاب"، و"الإخوة كارامازوف"، و"الشياطين"، و"الأبله"؛ وعلى الرغم من مرور 130 عاما على وفاته؛ فإن أفكاره ومبادئه لا تزال تمثل أفكار جيل على قيد الحياة، واكتسبت أعماله الأدبية طابعًا عصريًا يبدو أحيانا أشبه بالنبوءة بمعزل عن أبعادها الزمانية والمكانية. ويرى كثيرون أن رواياته التي تفضح سائر أشكال العنف والاضطهاد لا يمكن أن تموت ما دامت الأنظمة القمعية قائمة بكل قبحها وبشاعتها؛ بحسب ما نقلته شبكة الجزيرة.
عُرِف دوستويفسكي بتوجهه الإنساني ونزعته الفلسفية التي بدت واضحة في أعماله الأدبية؛ حيث يتجلى في رواياته المزج بين الصنعة الفنية والبعد الفكري الذي يضفي على أعماله ملمحا رساليا. ويعتبر النقاد أن دوستويفسكي من الكتاب القلائل الذين استطاعوا رسم الخطوط السيكولوجية لمفهوم العاطفة في التعبير الروائي؛ إذ أخرجها من القوالب الجمالية والرومانسية التي غرق فيها كتّاب القرن التاسع عشر، وجعل منها تعبيرا واقعيا عن مكنونات إنسانية بحتة في قالب اجتماعي يشترك فيها الألم مع اللذة والخير مع الشر حتى لُقب بعبقري الرواية النفسية. ومن أقواله الخالدة: "يشبّهونني بالأطباء النفسيين؛ ولكن هذا الأمر ليس حقيقيًا، فأنا واقعي بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ ولهذا أعكس أعمق ما تحمله النفس البشرية من حقائق". وتحت شعار "دوستويفسكي والثقافة العالمية" انطلقت وعلى مدى يومين فعاليات المنتدى العلمي بمدينة سان بطرسبرج، بمشاركة جمع من الأدباء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم. ويهدف المنتدى لمناقشة المسائل الأساسية المتعلقة بتصور دوستويفسكي للعالم المعاصر، وتأثير تراثه الروحي والفكري على الفنانين والمفكرين والشخصيات السياسية والدينية من القرن التاسع عشر وحتى القرن الحادي والعشرين.