بعد نجاح المقاومة الفلسطينية في اختراق المستعمرات الصهيونية بمناطق الجنوب الفلسطيني المحتل، وسقوط أحدث أجهزة الدفاع الإسرائيلية أمام صواريخ المقاومة، الممثلة في القبة الحديدية، توالت ردود الأفعال الإسرائيلية في وسائل الإعلام العبرية التي تؤكد نجاح المقاومة، وتنادي بفتح قنوات اتصال مباشرة مع حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاوِمة في قطاع غزة. بيد أن كاتبا إسرائيليا قد اختار أن ينأى بنفسه عن الحديث في الخسائر العسكرية والاجتماعية لمستعمرات الجنوب الفلسطيني المحتل، وفضّل الكتابة عن ارتباط الفصائل الفلسطينية بمصر الحديثة (ما بعد مبارك) بمعنى أنه أراد التأكيد للشعب الإسرائيلي وحكومته بقيادة بنيامين نتنياهو على ضرورة الأخذ في الاعتبار الجهود المصرية الأخيرة تجاه إسرائيل بشكل عام، مطالبا حكومته بالنظر إلى العطايا والخدمات الاستراتيجية التي قدّمتها مصر لإسرائيل، وعدم الانجرار وراء إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية، والاهتمام بتحسين العلاقات مع مصر الحديثة، مصر المجلس العسكري. قال الكاتب الإسرائيلي عاموس جلبوع -المعلق العسكري لصحيفة معاريف العبرية- مساء الأحد الماضي "إنه على الإسرائيليين التفكير مليا في تحسين العلاقات مع مصر، وعدم الانجرار وراء إطلاق صواريخ الجهاد الإسلامي أو حماس، وإنما ننظر إلى ما قدّمته وستقدّمه مصر إلينا، فنحن في أمسّ الحاجة إلى الدعم الاستراتيجي الذي تقدّمه مصر، فقد عملت القاهرة على استعادة الهدوء إلى الجنوب الإسرائيلي، وتثبيت التهدئة مع الفصائل الفلسطينية بالقطاع، وسبق أن ساعدت في إطلاق سراح جلعاد شاليط، ومن بعده إيلان جرابيل، والآن فمصر تعتبر اللاعب الرئيسي للمنطقة الجنوبية لإسرائيل، وعلينا بالتالي تحسين العلاقات معها". وأضاف الكاتب الإسرائيلي قائلا: "مصر لها كل تقدير واحترام، فهي الجسر المهم والكبير بيننا وبين الفلسطينيين -حماس وأبو مازن والمنظمات الفلسطينية الأخرى– كما أن مساعدتنا لمصر في الفترة الحالية يمكن أن تساهم في تثبيت الموقف الداخلي المجلس العسكري المصري أمام الرأي العام المصري، لكن قيامنا بعملية عسكرية على قطاع غزة سيزيد العلاقات مع مصر سوء وتدهورا، ونحن الآن نريد تحسين العلاقات وتوطيدها أكثر من أي وقت مضى". واعتبر عاموس جلبوع أن "الحركات الفلسطينية المختلفة في حاجة ماسّة إلى مصر، خاصة مع احتمال سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وكذلك القاهرة في حاجة إلى التهدئة والاستقرار؛ لإعادة عجلة الإنتاج مرة أخرى، فعلى الرغم مما جرى خلال الأشهر العشرة الماضية في مصر، فإن مصر ما تزال قوة إقليمية كبرى، تنافس إسرائيل في زعامة الشرق الأوسط". فضّل الكاتب الإسرائيلي فتح قنوات اتصال مباشرة وأمنية مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، بدلا من خيار الحرب على قطاع غزة ككل، معتبرا أنه الحل الناجع للمشكلة الآنية التي تواجهها إسرائيل، مؤكدا أن أي هجوم على القطاع يزيد الهوة بين تل أبيب والقاهرة، وتصعب معه العودة إلى طبيعة العلاقات الطيبة مع مصر مرة أخرى.
ختم المعلّق العسكري للصحيفة جلبوع مقاله بالتأكيد على أن اتفاق السلام مع مصر مصلحة عليا لإسرائيل، خاصة لو قلنا إن الأوضاع الإقليمية الحالية ليست في صالح إسرائيل، وبالتالي فهو يشجّع الارتكان إلى مصر، واعتبارها مصدر الأمن والأمان لإسرائيل والفلسطينيين معا.