السلام عليكم.. بارك الله فيكم، الموقع بجد جميل جدا.. أنا كان عندي مشكلة ونفسي ألاقي لها حل، وهي تخص أخويا الصغير، هو عنده 11 سنة، وأبي متوفى من زمان، وإحنا تلات بنات وهو بس. مشكلته إنه جبان أوي وبيخاف من أي حد؛ مع إن جسمه كويس جدا وقوي؛ لكن ينقصه الشجاعة.. هو كان بيلعب كونغوفو وكان شاطر جدا فيها، وكان بيكسب أولاد أكبر منه، والمدرب كان مبسوط منه جدا. وإحنا أساسا مدخّلينه اللعبة دي علشان يتغلب على المشكلة اللي عنده، وفعلا بدأ يتحسن ومابقاش يخاف.. وبعدين لما دخل المدارس خرج من اللعبة، ورجع أسوأ من الأول، ونفسيته بقت وحشة جدا جدا؛ لدرجة إنه حاول يموّت نفسه قبل كده؛ لأن أصحابه بقوا بيضربوه وهو بيتحايل عليهم علشان مايعملوش كده؛ مع إنه والله أقوى منهم بكتير، ويقدر يضربهم وياخد حقه؛ لكنه بيخاف وماعرفش بيخاف من إيه. والموضوع بيتطور كل يوم.. في يوم قال لي إن فيه ولد كان هيضربه راح بايس إيده واتحايل عليه علشان مايضربهوش. إحنا في البيت بنعامله كويس جدا، ومش قاسيين عليه، وطلباته كلها مجابة، وبيعاني برضه مشكلة التبول اللا إرادي، ورحنا لدكاترة كتير جدا؛ بس مافيش فايدة. أنا بس نفسي أخويا يبقى طبيعي زي باقي الأطفال، وحالته النفسية تتحسن؛ لأنه تعبان أوي بسبب الضعف والسلبية اللي هو فيها.. يا ريت بجد تقولوا لي أعمل إيه؟
tamtam صديقتي العزيزة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ما ذكرته عن شقيقك يعني أنه يعاني ضعف ثقته بنفسه، وشعوره الشديد بالتدني أمام أقرانه، مع يقين متغلغل في أعماق نفسه بقلة الحيلة، وهذا نراه الآن فيما وصفت من مظاهر الضعف الذي يُغري زملاءه بالهجوم عليه، وهي ظاهرة طبيعية في كل الكائنات الحية حتى في بني البشر؛ وهي أن الخوف يُغري بالهجوم، وكلما توسل الضعيف بالطبع زادت رغبة القوي في الهجوم عليه والنيل منه. ما الحل إذن؟ لكي نبحث عن الحل لا بد أن نعرف أصل المشكلة وسببها ونحلله معًا؛ وذلك من خلال فهم تأثير الظروف الأسرية التي نشأ فيها شقيقك. بداية.. الطفل يحتاج لمشاعر الأمان من الأسرة، التي يستمدها من الحب غير المشروط والرعاية والعاطفة الحقيقية، وهذا -كما يبدو- متوفر لديه؛ فأنت ووالدتك وشقيقاتك لا تدّخرن جهدًا في رعايته والاهتمام به. لكن الطفل لكي يشعر بالأمان أيضًا يحتاج أن تكون الأسرة نفسها ومن يُمدّه بالحب والرعاية يشعر بالأمان، والأسرة التي تفقد عائلها تعاني ضعف الشعور بالأمان والقلق؛ مهما كانت قوة الأم، ومهما كانت ظروف العيش مُيسّرة من الناحية المادية. لذلك حتى وإن تظاهرت الأم بالقوة والشجاعة في مواجهة كل الظروف والأزمات التي قد تمر بالأسرة؛ إلا أنها تعاني داخلها -بشكل ما مهما حاولت إخفاءه- الضعف والخوف الذي قد يلتقطه بعض الأطفال الحساسين بطبيعتهم، والذين يتمتعون بدرجة من الذكاء الوجداني التي تجعلهم يشعرون بحقيقة مشاعر الآخرين؛ حتى وإن كانت خفية وبعكس ما يظهرون. وشعور الطفل بضعف من يحميه أحيانًا هو أهم العوامل المسببة لنمو الشعور بالدونية أمام الآخرين؛ فمن يحميني أراه يضعف؛ فكيف أحمي نفسي إذن؟ وهذا العامل -مع الأسف- ربما يكون قد مضى عليه وقت وأثّر في بناء ثقة الطفل بنفسه؛ خاصة في مراحل الطفولة الأولى؛ لذا يجب علينا الآن أن نلتفت للعامل الثاني الذي أثّر أيضًا في بناء ثقة الطفل بنفسه؛ ألا وهو الإفراط في الحماية، وأن تكون طلباته كلها مُجابة؛ فإجابة طلبات الطفل وحرمانه هما وجهان لعملة واحدة، يؤثران سلبًا في بناء الشخصية.. لذا يتوجب علينا من الآن أن نتجه نحو بناء ثقته بنفسه، وأن يشعر بأنه قد اقترب من مرحلة المراهقة ليعبر منها إلى الشباب والرجولة، وليكن ذلك من خلال بعض الخطوات التي لا بد من أن نبدأ في تنفيذها، مع مراعاة عدم الحوار مع الطفل نهائيًّا بشكل مباشر عن مشكلة ضعفه أو اتهامه بالسلبية والجبن؛ لأن ذلك يعزز السلوك السلبي ويزيده تعقيدًا: 1- محاولة إيجاد أحد الأقارب من الرجال (كالعم أو الخال) ليقترب من الطفل ويتحدث معه في اهتماماته، ويصطحبه في نزهة قصيرة من وقت لآخر، ويشجّعه مرة أخرى على ممارسة الرياضة؛ وخاصة الكاراتيه الذي يُعلّم الدفاع عن النفس، وننصح به كثيرًا للشعور بالثقة بالنفس أكثر من الكونغوفو؛ الذي يُعد لعبة تعلّم الهجوم أكثر من الدفاع عن النفس؛ لذلك فهي لعبة لا تعجب الأطفال المسالمين أحيانًا. ولا بد أن نتذكر أن وجود رجل في حياة الطفل في هذه المرحلة أمر مهم للغاية؛ لأنه شارف على المراهقة، وبحاجة لرجل يقترب منه ليتقمص شخصيته ويتعلم منه كيف تكون الرجولة. 2- تعويد الطفل الاعتماد على نفسه من حيث إعداد طعامه من وقت لآخر، وليكن الإفطار والعشاء، ولا بأس أن يُعِدّ طعامكم معه أيضًا، ويكون ذلك من خلال جدول أسبوعي موزّع على جميع أفراد الأسرة؛ بحيث يكون له يوم هو المسئول فيه عن ذلك، مع الثناء على جودة ما يعدّه من طعام. كذلك لا بد من تعليمه الاعتماد على نفسه فيما يخص اختيار ملابسه التي يشتريها ولا بأس من أن نبدأ بالتدريج بأن تكون الوالدة معه؛ ولكن تجعله هو من يختار ما يشتري، وقبل النزول للشراء تعطيه النقود لتكون معه؛ بحيث يقوم هو بعملية الدفع بعد الشراء. 3- لا بد من أن نجعل للطفل رأيًا في شئون الأسرة والمنزل، وأن نقترب منه ونتحدث إليه هكذا (يا... -ونناديه باسمه- إحنا عايزين ناخد رأيك في حاجة..)، ونبدأ في عرض المشكلة، ونستمع لرأيه باهتمام، ولا نسفّه رأيه أبدًا؛ بل نناقشه.. وإن شعرنا أن رأيه طفولي وسطحي نوضّح له أبعاد المشكلة، وإن فعلنا عكس ما يقول نوضّح له الأسباب ونجتهد في أن نقنعه بما نفكر فيه من حلول وكأننا نضع الحل على لسانه؛ بحيث يرى نفسه وكأنه هو مَن وجد الحل، ثم نثني عليه وعلى آرائه. 4- تكليفه بشراء طلبات المنزل بالتدريج والثناء بكلمات بسيطة -دون مبالغة- على ما يشتري؛ مثل (هايل، برافو عليك، الحاجات اللي اشترتها دي كويسة جدا.. إلخ). 5- مشاركته في اهتماماته من ألعاب الكمبيوتر مثلًا واللعب معه؛ فهو لا بد أن يشعر بصداقتكن له؛ بل واحتياجكن له أحيانًا، وألا يشعر بأن لديه بدل الأم ثلاثة أو أربعة؛ لأن الإفراط في مشاعر الأمومة والرعاية من الأم والأخوات البنات يعطّل نمو الشخصية، ويعزز الرغبة في البقاء في مرحلة الطفولة. 6- التحدث أمام الآخرين عن الولد وكيف أنه بدأ يكبر، وأصبح رجلًا، وأنه يتحمل المسئولية ويساعدكم في كثير من أمور الحياة، وتلجأون إليه في مشكلاتكن أحيانًا، وأن رأيه راجح.. إلخ؛ لكن دون مبالغة أو إظهار أن الموضوع تمثيلية؛ لئلا يلاحظ الطفل ذلك وتكون النتائج سلبية. بقى لي أن أذكّرك أن الأمر سيحتاج لوقت وصبر؛ فلا نستعجل النتائج، وبإذن الله ستكون النتائج مُرضية إذا استطعنا أن نفعل ما سبق بشكل هادئ مع الاستمرارية والإصرار. أما عن مشكلة التبول اللا إرادي؛ فهي مشكلة متعددة الأسباب، وليس بالضروري ربطها بالمشكلات النفسية، ولا بد من العلاج الدوائي في حالة شقيقك؛ حتى يساعد في الحصول على نتيجة سريعة، مع العلاج السلوكي؛ لأن مشكلة التبول نفسها ستؤثر سلبًا على ثقته بنفسه. ولا أدري إذا كان هناك علاج دوائي قد أخذه بالفعل أم لا؟ وهل تمّ تطبيق برنامج العلاج السلوكي للتبول بتفاصيله قبل ذلك أم لا، قبل أن نقول "مافيش فايدة"؟ وفّقك الله وتابعينا بأخبار شقيقك. لو عايز تفضفض لنا دوس هنا