السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. عايزة أقول لكم مشكلتي اللي بجد احترت فيها.. أنا عندي أخ متزوج من 12 سنة تقريبًا، وهو بمثابة الأب الروحي لنا، كلنا نحترمه ونقدره لأنه بجد يستحقّ التقدير. ولكن مع الأسف مع مرور السنين بدأ يتغير تجاهنا تغيّرًا كبيرًا، وتبدّل الحب والحنان والعطف الذي كان يتمتع به في أخلاقه ومعاملته لنا إلى قسوة وكره لم أره منه في حياتي؛ وذلك بسبب زوجته التي كانت دائمًا وأبدًا تحاول جاهدة أن تغيّره من ناحيتنا.. وبالفعل تغيّر، وكان تغيّره عن ظلم وليس عن حق؛ فقد تسببت زوجته في مشكلة بيننا وبينه لا ذنب لنا فيها أبدًا، بل على العكس كنا نعاملها أحسن معاملة. وزوجته الآن سعيدة جدًّا بهذا الفراق؛ فماذا نفعل معها؟ جزاكم الله عنا كل الخير، ووفقكم إلى ما يحبه ويرضاه. noga مرحبا بك صديقة "بص وطل" العزيزة، وجزاك الله خيرًا، ولك بمثل ما دعيتِ بإذن الله. إنه لأمر محزن أن تتبدّل المرأة وتتخلى عن طبيعتها التي خلقها الله عليها، من ودٍّ وحنان، وعطف ورقة، وهدوء، ودواء يشفي العليل، ويجمّل الحياة في عيني كل من حولها.. أمر مؤسف أن تتصف امرأة من المفترض أنها تحمل مشاعر الأم التي تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تحلّ ولا تعقد، وتنسى أن الله عز وجل يمهل ولا يهمل، وأنه كما تدين تدان، وأن ما تزرعه اليوم ستجنيه غدًا. لكن الشيء الأدهى أن يتخلى رجل عن مسئوليته تجاه والديه، وعن الأمانة التي استأمناه عليها وهي أخوته، ولا يحكّم عقله وقلبه، ويتأثر بزوجته وكلامها إلى هذا الحد الذي يلغي شخصيته، وينسيه صلة الرحم، التي هي مشتقة من اسم الرحمن الرحيم. إن زوجة أخيك مخطئة ومذنبة لا محالة -إذا كنتم بالفعل تعاملونها معاملة الأخت والابنة- لكن أخاك أيضًا قد أخطأ حينما نسي أو تناسى أنكم إخوته، وخدع نفسه وأوهمه الشيطان أن الإنسان يمكن أن يقطع رحمه، ويكتفي بزوجته وأبنائه عن الدنيا. صحيح أنه في أحيان كثيرة يكون الزوجان أقرب لبعضهما من أي إنسان في الدنيا؛ لكن بشرط انعدام الأنانية، والكذب، والخداع، والمكر؛ فهي صفات مقيتة لا تتصف بها الزوجة الصالحة أو الزوج الصالح اللذان يستحقان أن يحلا محلّ الأهل والإخوة. أختي العزيزة تؤمنين وتثقين في قدرة الله عز وجل، وأنه العادل؛ أليس كذلك؟ وتتذكرين قوله عزّ وجل: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}، وقول رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصلَه الله، ومن قطعني قطَعه الله"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من سَرَّهُ أن يُبسط له في رزقه، ويُنسَأ له في أثرة فليصل رحمه". فلا تيأسوا إذن من رحمة الله، وتمسكوا أنتم بصلة الرحم؛ حتى ولو من بعيد؛ خاصة بالسؤال عن أبناء أخيكم. وتذكروا أن اعتمادكم الأول والأخير على الله عز وجل وليس على بشر، وأن الصبر على الابتلاء والنجاح في الاختبار له ثواب كبير من عند الله عز وجل. أشعر بحالكم؛ لكن لا تتخيلي في المقابل أن زوجته تعيش في سعادة وراحة بال؛ حتى وإن كان هذا هو الظاهر؛ فسواد القلب لا يجتمع أبدًا مع راحة الضمير، الذي يُسبغ على الحياة دفئًا وسعادة. ولا تتخيلي أن 12 عامًا من القسوة لا يستطيع أن يمحوها الله في لحظة واحدة بأمره عز وجل، وبأنه يختبرها بهذه السعادة الوهمية؛ فهو القادر على أن يُبدّلها تعاسة، وأن معاملتها هذه سيكون لها صدى في أبنائها في المستقبل. عزيزتي.. تذكري دائمًا وأبدًا أن دعوة المظلوم لا يوجد بينها وبين الله حائل؛ فأكثري من الدعاء لهما بالهداية، والرجوع إلى الله، ولا تيأسوا من رحمة الله؛ فبالدعاء وحسن المعاملة، وصدق النية، والصبر يغيّر الله من حال إلى حال، ويبدل قسوة القلوب لينًا ورحمة.