أنا أم أبحث عن حل لمشكلة ابني، ابني 29 سنة حاصل على ليسانس حقوق ومن أسرة طيبة متوسطة المستوى الاجتماعي، وكنت أتمنّى أن تكتمل سعادتي بزواجه من بنت الحلال الملائمة له، تُوفي والده وأخذ ميراثه وكل ما ترك أبوه ليساعده على بدء حياته وزواجه، ولكنه أنفقه دون جدوى وأخذ مراراً يطلب مني الزواج ومساعدته مادياً مرة أخرى والبحث عن ابنة الحلال، ولكن يعلم الله أنني لم يبقَ بيدي شيء؛ لأنه قد سبق وأخذ كل ما ترك أبوه، بالإضافة إلى أنه عاطل عن العمل ويعتمد عليّ في مصاريفه وعلى ما تبقّى له من ميراث أبيه، وأنني لن أستطيع الدخول لبيوت الناس أطلب ابنتهم لشاب عاطل ولا يمتلك سوى شهادته، وطلبت منه أن يعمل حتى أستطيع مساعدته، ولكنه ضرب بكلامي عرض الحائط، وأخذته الدنيا وأصدقاء السوء وابتعد عن نصائحي أنا وأقاربه، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. وحدثت المفاجأة التي لم تكن في الحسبان بل جاءت كالفاجعة التي صعقتني وكادت أن تقضي على ما تبقّى من عمري؛ وهي أنه ذات يوم جاء إلى منزلي (علما بأنه كان مقيما في منزل جدته) ولم يكن بمفرده فقد كانت معه سيدة مطلّقة من الشارع، وقال لي إنها زوجتي على سنّة الله ورسوله "صلى الله عليه وسلم" وحامل في شهرها الخامس وليس لي مكان أنا وهي غير البيت ده، علما بأن أنا وأخته نعيش في هذا المنزل بالإيجار؛ لأنه أخذ كل ما ترك أبوه، وأنهم قد تزوّجا في غرفة بالإيجار وصاحب الملك قام بطردهما وأنها ليس لديها أهل ولا أصل ولم أعرف لها أب أو أم، فلم يكن بوسعي سوى محاولة طردهما إلا أنهما رفضا ترك البيت. وحاول ابني التهجم عليّ إلا أن ابنتي اتصلت ببعض الأقارب لإغاثتنا، وجاء أقاربي وحاولوا حل المشكلة بأن يترك تلك السيدة ويعود إلى رشده ويبحث عن عمل ويتزوّج بنت محترمة، إلا أنه تمسّك بها وقال إنها زوجتي وهذا ابني، ولن أتركهما وسوف أخذ عفش منزلك لأقوم بإيجار شقة أخرى وأفرشه فيها؛ لأنه عفش أبي، ولكن بتدخل الناس اقتنع أن يرحل بمصيبته بعيدا عني أنا وأخته اليتيمة التي لم تتزوّج بعد؛ لأن تلك المصيبة قد تؤثر على سمعتها وزواجها؛ لأن المفروض أن يكون المسئول عن إسعادها وليس تعاستها، وذهب بزوجته بعد أن سبّني ودعا عليّ وقال إنني أنا الذي جنيت عليه وأنه حتى لو توفيت لن يسير في جنازتي. وأخذها وقام بإيجار شقة وعاش معها، وأنا الآن يا سيدي قلبي ينفطر على ابني الوحيد، فبدلاً من أن يكون سندا لي في الدنيا بدلاً من أبيه -رحمه الله- أصبح عائقاً في حياتي؛ لأنني في النهاية أمه وأموت كل يوم على حاله، فقد تزوّج من سيدة لا أعرف من هي هل كانت محترمة أم لا؟!! علما بأنني سمعت من أفراد عائلتي أنها سيدة سيئة الخُلق وتتاجر في المخدرات، ولكنه نفى كل ذلك وقال إنها محترمة. أنا الآن لا أعرف ماذا أفعل أتركه لها يعيش معها ويحتضن بذلك الطفل، وأعيش أنا وابنتي في راحة وبعيدا عن المشاكل والفضائح التي كان يفتعلها معنا أنا وإخوته أم أحاول معه مرة أخرى لأنقذه من الضياع، علماً بأنني واثقة أنه حتى لو تركها ورجع لي مرة أخرى سأعيش أنا وابنتي في المشاكل مرة أخرى. أفيدوني أفادكم الله حتى يرتاح قلب أم، ولكم جزيل الشكر. koke تعاطفت معكِ بشدة فلا شك أنك تواجهين أزمة شديدة وأدعو لك من كل قلبي أن تجتازينها بنجاح لتفوزي في الدين والدنيا، وأن تتذكري حديث رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه: "عجبت لأمر المؤمن إن أمرَه كله خير؛ إن أصابه ما يحب حمد الله، وكان له خير، وإن أصابه ما يكره فَصَبَر كان له خير، وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن". وأدعو لكِ بأن تخرجي وابنتك بل وابنك أيضاً وإخوته من هذه الأزمة بالمكاسب الدينية والدنيوية لتقليل خسارتك الحالية.. فلا بد من التماسك وعدم السماح لأحد بتحريضك على ابنك وزوجته، أو مساعدة إبليس اللعين على إفساد علاقتك بالخالق "عز وجل"، فما تمرين به أمر مؤلم للغاية وأتمنى أن تتمسكِ بالصبر الجميل أي الذي يخلو من أي شعور بالاعتراض على القضاء والقدر أو أي مرارة داخلية حتى لا يتسرّب عدم الرضا أو السخط إلى قلبك، فتخسرين دينك وأيضا حتى لا تتأثري نفسيا وصحيا فتخسري.. حماكِ ربي وأسعدكِ. وأتمنى أن تمتعي بالصبر الذكي أيضا، وأقصد به الثبات في وجه الأزمة وعدم الانهيار وعدم التعامل معها، وكأنها مصيبة لا يمكن احتمالها أو أن علاقتك بابنتك قد انتهت للأبد -لا قدّر الله بالطبع، وبدلاً من ذلك قولي لنفسك يوميا: ابني هو جزء "فقط" من حياتي، ولدي إخوته، وابنتي التي لم تتزوج، وأنا أيضا وصحتي النفسية والجسدية، بل وصحتي الإيمانية أيضا، ولن أسمح لما فعله ابني "بتلوين" حياتي بألوان الكآبة والحزن، وما يفعله ابني هو مجرد "مرحلة" في حياتي، وسأكون وسطاً، فلن أقاطعه وأيضا لن أسمح له بالإقامة معي ومع ابنتي؛ ليس لأنه تزوّج من مطلقة دون علمك فقط، ولكن لأن المعيشة المشتركة تجلب المشاكل عادة، فما بالنا وهو لا يعمل وكان يتسبب في المشاكل قبل زواجه. وأصارحك بكل الود والاحترام أنني لم أطمئن؛ لأنه كان يعيش مع جدته قبل زواجه دون علمك، وهو ما أرفضه بالطبع، ولكنني تألمت؛ لأنه كان يعيش بعيدا عنك ولا شك أن هذا مؤشر على أن هناك خلافات حادة بينكما، أتمنى أن يساهم إخوته في التقليل منها، ولا أحب المزيد من الابتعاد حتى لا يزيد الجفاء والعناد.. وأتفق معكِ في أنه لا يمكن أن تذهبي لخطبة فتاة لابنك الذي لا يعمل، وأحترم مشاعرك بل وغضبك عندما حاول إجبارك على العيش معك هو وزوجته، ولكني كنت أتمنى ألا تقومي بطردهما وأن تكتفي بالتأكيد بحزم على أنه لا يمكن لهما العيش معكما، وأؤكد لكِ أن زواجه لن يؤثر بمشيئة الرحمن على زواج أخته. وأتمنى أن تهتم ابنتك بنفسها وبمظهرها وأن تعمل في أي عمل تطوعي، إن كانت لا تعمل، حتى تستفيد من أوقات فراغها، وأيضا حتى يراها الناس وألا تتحدث بالسوء عن زوجة أخيها حتى لا تكونوا مادة للقيل والقال.. وبالطبع أرفض أن يقوم ابنك بشتمك والدعاء عليك، وأؤكد على ضرورة عدم التسامح معه في مثل هذه الأمور، وفي الوقت نفسه "أرجو" ألا يغضب قلبك عليه حتى لا يغضب عليه الرحمن فيخسر الدين والدنيا وهو ما أثق أنكِ كأم لن تقبلي به، وأتمنى جمع المعلومات "المؤكدة" عن زوجته وألا تخبريه بأخبار سيئة عنها إلا إذا امتلكت الأدلة المؤكدة حتى لا تحصلي على نتائج عكسية، ولا تتحدثي عنها بالسوء أمامه وأيضا لا تسمحي له أبداً بإهانتك أنت أو أحد أبنائك. ولا تسمحي له أو لأي مخلوق في الكون أن يكون عائقا أمام "حقك" المشروع في أن تعيشي حياتك بأفضل ما يمكن، وبالطبع لن أطالبك بالتظاهر بأن الأمور طبيعية، فهذا غير حقيقي، ولكني أرجو ألا تبالغي في التعامل مع يفعله ابنك، رغم اعتراضي التام عليه، وكأنه مصيبة فادحة، واهتمي بصحتك وبعملك وبباقي أولادك، وإذا قام بزيارتك أخبريه بأنك رغم رفضك لزواجه دون علمك وهو ما يعني أنه "يخفي" عنك أمورا يثق أنك سترفضينها، إلا أنه يظل "ابنك" الذي تتمنين له كل الخير، وقومي بتغيير أساليب تعاملك معه، وقللي من النصائح بصورة مباشرة فقد ثبت عدم جدواها، وأخبريه بأقل قدر ممكن من الكلمات بضرورة أن يعتني "بنفسه" حتى لا يندم فيما بعد، مع ضرورة أن يعتذر لك من إساءاته ولا تعطيه أموالا وأخبريه بهدوء أنك لا تمتلكين ما يزيد عن حاجتك.. وأكرر احترامي البالغ لألمك وتعاطفي الشديد معك وبدلا من الموت كل يوم لشدة حزنك على ابنك، أتمنى أن تستبدلي الأحزان بالإلحاح في الدعاء للخالق "عز وجل" ليحميه من كل الشرور، كما أدعو لكِ من كل قلبي وبصلاة ركعتي الحاجة ليحميكِ ربي أنت وأولادك من كل الأذى وأن يبدل همومكم أفراحا واطمئنانا، مع "التشاغل" عن التفكير فيه بالاهتمام بنفسك وبباقي أولادك وباصطحاب ابنتك لممارسة رياضة المشي ولو بالسير بجوار المنزل لبضع دقائق يوميا لإفراغ شحنات التوتر أولا بأول، مع عدم السماح "للنكد" بالإقامة في بيتك، وتجاهل التفكير فيه وإذا تأكدت أن زوجته ليست سيئة الخلق فتجاوزي عن أسلوب زواجه منها "لمصلحتك" أنتِ، ولكن لا تسمحي لهما بالإقامة في منزلك، ولا تبالغي في التعامل بلطف معها وأيضا لا تغلقي بابك في وجه ابنك إذا اعتذر لكِ وطلب زيارتك، فخير الأمور الوسط. أما إذا تأكدت أنها سيئة الخلق فلا بد من إخباره بذلك بعيدا عن أسلوب المعايرة أو الشماتة لسوء اختياره، مع إعطائه الأدلة على كلامك، ثم أخبريه بأن هذه مشكلته "وحده" وعليه أن يقوم بحلها، ولا تقولي له كلمات مثل: لقد جلبت لنا الفضائح أو الناس يتكلمون علينا بالسوء بسببك أو أنت فاشل، أو لقد قامت باستغفالك، أو لماذا لا ترحمنا وتتخلص منها فكل هذه الكلمات تؤدي إلى استفزازه وتجعله يختار العناد. واكتفي بأقل قدر ممكن من الكلمات دون انفعال زائد أو غضب، حتى لا يتحجج بأي كلمة تقولينها ليجعلها بداية لشجار ويترك مواجهة الحقائق.. أخيرا أكرر تعاطفي وأؤكد ضرورة حماية نفسك وأولادك من الخسائر، وكفاكِ ما حصلت عليه من ألم حتى الآن، "وغيّري" نظرتك لكل ما حدث وما يحدث، وحافظي على صحتك وتذكري أنك المسئولة عن إسعاد نفسك وأن ابنتك أيضا مسئولة عن إسعاد نفسها ولا تسمحا لابنك بجلب التعاسة إليكما أبدا، واحرصا على الاهتمام بكل شئونكما وقضاء أفضل الأوقات سويا وتذكُّر أنه يسعد مع زوجته وليس من الذكاء الاستسلام للنكد مع الاعتراف بوجود أزمة ولكن لا بد من "حصار" النكد للقضاء عليه تدريجيا، وأرجو قراءة الرد عدة مرات أنت وابنتك لتختارا طرد الأحزان والابتسام لباقي جوانب حياتكما.. وفقك ربي وأسعدك وعوضك خيرا عن كل ثانية تألمت فيها وطمأن قلبك على جميع أولادك..