تسقط.. كل دولة تقف مع إسرائيل في عدم تمكين الدولة الفلسطينية حتى تصبح عضوا في الأممالمتحدة مثل أي دولة في العالم.. يسقط.. أوباما الذي ينادي بالضمير والديمقراطية أمام العالم أجمع.. ولا يمارسها هو مع الشعوب. يسقط.. حق الفيتو الذي يُجاهر به أوباما، وبأنه سوف يستعمله ضد فلسطين، في ذات الوقت الذي يُبارك فيه بناء المستوطنات الإسرائيلية؛ حتى يكسب الانتخابات الأمريكية.. تسقط.. الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وحلفاؤهما بما فعلوه في العراق وأفغانستان، وأطلقوا يد حزب الناتو داخل الدول العربية. تسقط.. إسرائيل ومن حالفوها على مدى 63 عاما منذ عام 1948 حتى الآن بما فيهم الحُكام العرب الذين زللوا لإسرائيل كل العقبات، وهي التي ارتكبت جرائم لا نستطيع حصرها من أبشع الجرائم التي يُعاقب عليها القانون الدولي، مثلما يُعاقب الحكام العرب على ما يقترفوه في بلادهم.. تلك هي إسرائيل.. كفر قاسم.. ودير ياسين.. وصبرا وشاتيلا.. قانا الأولى والثانية.. بحر البقر.. عُمّال أبو زعبل.. جنوب لبنان.. قطاع غزة وكل الجرائم التي لا تحصى به.. الرصاص المصبوب، أكبر جرائم قطاع غزة.. هذا ما استطعت أن أُدرجه من سلسة الجرائم الكثيرة التي قامت بها إسرائيل، والتي مات فيها مئات بل آلاف منذ عام 1948 حتى يومنا هذا.. وأيضا تسقط.. المحكمة الجنائية الدولية، ذات العدالة الناقصة، والتي عبّر عنها مدعي عام المحكمة عندما أجاب على سؤالٍ حول جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني؛ بقوله: "إن إسرائيل محميّة بفعل العدالة الناقصة، ولن يكتمل عدلها إلا إذا حوكم رجال السياسة والعسكر من دولة الاحتلال الإسرائيلي الممتدة على مدار العقود وما زالت..". والجدير بالذكر أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلي من الدول التي لم تُوقع بعد على قانون المحكمة الجنائية الدولية.. يسقط.. كل حاكم عربي لا يتقي الله في شعبه ولا في الشعوب العربية؛ حتى نقيم وحدة تقينا شر كل هؤلاء البلطجية الدوليين الذين يمارسون البلطجة، ويقلبون الحق باطلا والباطل حق.. يسقط.. كل عربي لا يسعى إلى ترابط داخل بلده؛ حتى يصبح الترابط بين الدول العربية ممكن بعد أن تقوى شوكة كل دولة في البداية؛ ليكون الاتحاد بعد ذلك ممكنا، ونصبح عُصبة لا يستطيع أن يقهرها أحد.. يسقط.. الظلم والاضطهاد الذي تمارسه الدول الكبرى على الدول الصغرى الضعيفة بقوة القهر والسلاح، والقوانين الدولية الظالمة.. يسقط.. كل هؤلاء في ذات اللحظة التي سيسقط فيها التصويت على ضم دولة فلسطين كعضو كامل إلى الأممالمتحدة، وهو الأمر الذي يعني بشكل ضمني الاعتراف بها كدولة. ويا لسخرية القدر.. فالدولة العريقة الممتدة الجذور من الكنعانيين حتى اليوم تسعى لاعتراف ضمني بوجودها.. بينما الدولة الوليدة الغاصبة التي ملكت ما لا تستحق، تتبجح بكل صفاقة؛ اعتمادا على الفيتو الأمريكي، مؤكّدة أنه لن يمكن المساس بدولتهم.. دولتهم؟! منذ متى ولهم دولة؟! يسقط.. كل هؤلاء بعد تصريح المسئول الفلسطيني -السفير الفلسطيني في روسيا- الذي يتوقع حصول فلسطين على أكثر من ثلثي أصوات الدول في الأممالمتحدة.. إلا أن الواقع يؤكّد أنه لو حصلت فلسطين -مجازا- في هذا التصويت على 99% من الأصوات فإن فيتو أمريكي واحد سيرمي بآراء دول العالم بأكملها، وإرادة ما يقارب ل191 دولة -هو عدد دول العالم باستثناء أمريكا وإسرائيل- إلى أقرب سلة مهملات.. متحديا الإرادة العالمية كاملة، لو حدث واتحدت. فأي ديمقراطية معيبة هذه وأي نظام عالمي يتفق فيه ثلث دول العالم على رأي، وتحني جميعها رؤوسها لإرادة دولة واحدة.. ليسقطوا جميعا.. ولكن ستبقى حقيقة واحدة.. فلسطين دولة سواء أعلنوا ذلك أم لا.. والفلسطينيون شعب موجود على الأرض يعيش، ويتناسل، ويزداد كثرة عددية، ويقاتل رغما عن أنفهم، ومهما غضوا أبصارهم وأوهموا أنفسهم أن الشعوب توجد بقرارات أو تمحى بأخرى.. لقد وجدت إسرائيل بقرار.. ويريدوا أن يمنعوا وجود فلسطين بقرار آخر.. فهل نعمت إسرائيل بتواجدها هذا؟ وهل أصبحت دولة طبيعية ومواطنوها مواطنين آمنين في دولة حقيقة؟؟ وهل عندما يُستخدم الفيتو الأمريكي لمنع قيام دولة فلسطين ستنزل صاعقة على رأس الدولة لتمحوها من الوجود؟ لم يحدُث هذا ولن يحدث ذاك.. فالزمن أمامنا لا خلفنا، والربيع العربي -مهما صادفه من عراقيل- قد بدأ.. وأمريكا في أفول مهما حاولت القول عكس ذلك، فكل الحاضرات تسود ثم تُباد، هكذا هي دورة التاريخ والحياة، وأمريكا ليست باستثناء، وأزماتها الاقتصادية الطاحنة ليست خافية على أحد، وستؤدي بها في النهاية، حتى لو لم يحدث هذا العام، أو في السنوات العشر، أو حتى في العشرين القادمة.. ولكنه -بإذن الله- سيحدث. وماذا تعني عشرون عاما أخرى في عمر الشعوب.. ما دام بقيت هذه الشعوب وستظل صامدة تقاتل بقرار من الأممالمتحدة أو دونه.