الجواب : أمانة الفتوى بدار الافتاء المصري يقول الله تعالى: ﴿وسَخَّرَ لكم ما في السَّمَواتِ وما في الأَرضِ جَمِيعًا مِنه إنّ في ذلكَ لآياتٍ لقَومٍ يَتَفَكَّرُون﴾ [الجاثية:13]، ويقول عَزَّ مِن قائلٍ كريم: ﴿هو الذي خَلَقَ لكم ما في الأَرضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة:29]، فهاتان الآيتان وغيرهما من النصوص الشرعية تبينان -ضمن ما تبينان- أن الله تعالى الذي خلق الإنسان لعبادته وعمارة أرضه وأكرمه بأن خلقه بيديه ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته قد سَخَّر لهذا المخلوق الفريد من أجل هذه المهمة النبيلة والوظيفة الخطيرة كلَّ ما في السموات وما في الأرض، أي ذللها وطَوَّعها وقادها له بإذنه سبحانه وتعالى، سواء في ذلك الحيوان والجماد وغيرهما. وإذا كان الأمر كذلك فإن الخسيس من مخلوقات الله تعالى تكون أولى في التسخير والتذليل لابن آدم من غيرها من المخلوقات، ومن ذلك الخنزير الذي هو نجس كله عند جماهير العلماء؛ فإذا كانت هناك فائدة مرجوة لعموم البشرية من عمل تجارب معملية عليه أو على أنسجته، وهذه الفائدة غير متوفرة في غيره، أو متوفرة ولكن بدرجة أقل من تلك المُحَصَّلة من التجارب على الخنزير فإن هذا قد يرقى بالجواز إلى الاستحباب أو الوجوب. والإسلام قد حَضَّ على العلم ومدح العلماء في غيرِ ما آية وحديثٍ، منها قوله تعالى: ﴿إنما يَخشى اللهَ مِن عِبادِه العُلماءُ﴾ [فاطر:28]، وقوله سبحانه: ﴿إنَّ في ذلكَ لآياتٍ للعالِمِين﴾ [الروم:22]، وقوله عَزَّ مِن قائلٍ كَرِيمٍ: ﴿قُلِ انظُرُوا ماذا في السمواتِ والأرضِ﴾ [يونس:101]، وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: مَن سَلَكَ طريقا يَطلُبُ فيه عِلمًا سَلَكَ اللهُ به طَرِيقًا مِن طُرُقِ الجنّةِ، وإنَّ الملائِكةَ لَتَضَعُ أَجنِحَتَها رِضًى لطالِبِ العِلمِ، وإنَّ العالِمَ لَيَستَغفِرُ له مَن في السمواتِ ومَن في الأرضِ والحِيتانُ في جَوفِ الماء، وإنَّ فَضلَ العالمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمرِ لَيلةَ البَدرِ على سائرِ الكَواكِبِ، وإنَّ العُلماءَ وَرَثةُ الأنبياء، وإنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثُوا دِينارًا ولا دِرهمًا، وَرَّثُوا العِلمَ، فمَن أَخَذَه أَخَذَ بحظّ وافِر» رواه أبو داود والترمذي عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، ولا يُتَصَوَّر الحكم على الشيء إلاّ بعد تَصَوُّرِه، وهذا لا يكون إلاّ بالعلم، فمعرفة هذا الحيوان وغيره للاستفادة منه في بعض الأوجه، أو للحذر في بعضها الآخر لا يكون إلاّ بالاحتكاك به ومباشرته. ولو لم تكن هناك غاية من التعامل مع الخنزير في المعمل سوى معرفة بعض حِكَم تحريمه من قِبل الشرع الشريف لَكَفَت غايةً نبيلة تجعل إخضاعه للمعمل وتجاربه مشروعا. وعليه وفي واقعة السؤال لا مانع شرعا من إجراء التجارب المذكورة في السؤال للغرض المُنَوَّه عنه، مع البُعد ما أمكن عن ملامسته مباشرة حالَ رطوبتِه أو رطوبة اللامس بغير حائل؛ وذلك لكونه نجسا عند جماهير العلماء -كما سبق ذكره-؛ والتَّضَمُّخُ بالنجاسة بدون حاجة غير جائز، فإذا لَزِمَ الأَمر بملامسته فليُقَلّّد مذهب الإمام مالك في طهارته؛ خروجًا مِن الحرج والضيق.والله سبحانه وتعالى أعلم