بالألحان والزغاريد والمزمار البلدي.. الأقباط يحتفلون بعيد العذراء مريم تجوب شوارع المنيا    أسلام شاب بورسعيدي يحارب جشع التجار …مافيش حاجة أسمها سمك شعبي و سمك هاى كلاس خلوا الغلابة تاكل حرام عليكم    وزير الإسكان يلتقي رئيس وأعضاء جمعية مستثمري 6 أكتوبر    جهاز الاتصالات يكشف أضعف شبكة محمول بالربع الثاني من 2025    هجوم «القسام» في خان يونس: تصعيد ميداني يعيد تشكيل المشهد (تحليل اخباري )    تشكيل مودرن - حسام حسن يقود الهجوم أمام الزمالك.. وأبو جبل أساسي    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    العمر مجرد رقم.. زواج اثنين من كبار السن داخل دار للمسنين بالمنوفية    "حريات الصحفيين" تتضامن مع "فيتو" بشأن بيان وزارة النقل    رئيس الوزراء يحضر مأدبة عشاء رسمية لرؤساء الوفود في "تيكاد 9"    "الدراسات المستقبلية بجامعة القدس": إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء وانقلبت على القانون الدولي    الرئاسة الفلسطينية: البدء بتسليم السلاح الموجود داخل المخيمات الفلسطينية بلبنان للجيش اللبناني    وزيرة التضامن تتابع العمليات الميدانية للحصر الشامل للحضانات    "تربة خرسانية".. شوبير يفجر مفاجأة بشأن وقف حفر استاد الأهلي    فانتازي يلا كورة.. إقبال على شراء رايندرز والضحية نجم ليفربول    انقطاع المياه عن أبو حماد وقرى بالزقازيق الجمعة    الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد بجامعة الأزهر 2026    أسعار شيفرولية أوبترا 2020 المستعملة تتراجع بقوة في السوق المصري    بعد إحالتها لمجلس التأديب.. بدرية طلبة مهددة بهذه العقوبات منها الشطب    7عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    لا أستطيع أن أسامح من ظلمني.. فهل هذا حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    لأول مرة.. جامعة القناة تنجح في جراحة "دماغ واعٍ" لمريض    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    «تربية حلوان» تطرح برنامج معلم اللغة الإنجليزية للمدارس الدولية واللغات    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    هل يتم دفع ضريبة عند إعادة بيع الذهب؟.. توضيح من الشعبة    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    أحدث ظهور لنادية الجندي بإطلالة صيفية جريئة على البحر (صور)    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    تخفيضات تصل إلى 50%.. موعد انطلاق معارض أهلًا مدارس 2025- 2026    الاتحاد السكندري ل في الجول: تأجيل مكافأة الفوز على الإسماعيلي لما بعد مباراة البنك الأهلي    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    جني جودة تحصد 3 ذهبيات ببطولة أفريقيا للأثقال وشمس محمد يفوز في وزن + 86كجم    "مستعد لدفع ثمنه".. مارسيليا يستهدف كاسادو من برشلونة    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    «الصحة»: وفاة شخصين وإصابة 18 في حادث تصادم طريق «الإسكندرية - مطروح»    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    "عيب عليك ده الزمالك جزء من تاريخ بلدك".. أيمن يونس يوجه تصريحات نارية    حبس عامل صور السيدات داخل الحمام في كافية بالنزهة    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعهد العربي بباريس.. تجربة رائدة يهددها الفشل العربي!
نشر في بص وطل يوم 21 - 11 - 2010

دائما يوجد ذلك الولع الفرنسي بالشرق.. هناك "ذلك الشيء" الذي ينادي فرنسا للمشرق العربي.. ربما هذا ما جعلها بلد المقر لتلك التجربة الرائدة "معهد العالم العربي"، والشريك الأساسي فيه.
البداية
سنة 1980 تم توقيع اتفاق إنشاء "معهد العالم العربي" بين "فاليري جيسكار ديتان" -رئيس فرنسا آنذاك- وسفراء 22 دولة عربية.
الهدف من ذلك الاتفاق كان إنشاء مركز ثقافي عملاق يتخصص في دعم التواصل الثقافي بين فرنسا والعرب، وتعريف الفرنسيين بالمحتوى الحضاري للدول العربية، وتدعيم التعاون بين فرنسا والعرب في مجالات الثقافة والعلوم والتكنولوجيا.
وتمّ الاتفاق على أن تكون رئاسة المعهد حصرية لفرنسا، بالاشتراك مع مدير عربي، وأن يكون الالتزام المالي بدعم المعهد مشتركا بين فرنسا والدول العربية بنسبة 60% على فرنسا و40% على العرب، والمعهد كمؤسسة يخضع للقانون الفرنسي.
بدأ العمل على إنشاء "معهد العالم العربي"، وانتهت أعمال الإنشاء سنة 1987 في عهد الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران الذي أولى المشروع اهتماما خاصا -بحكم اهتمامه بالنشاط الثقافي بشكل عام- وحظي المقر بمكان مرموق متميز في قلب العالم الثقافي الباريسي، وبتصميم عبقري راعى المزج بين التراث الشرقي -تحديدا المصري بالذات- والتقنيات العملية الغربية، وحصل ذلك التصميم على جائزة "أغاخان" للعمارة.
أقسام وأنشطة المعهد
يضم "معهد العالم العربي" أقساما عدة تعرض -في المقام الأول- المحتوى التاريخي للحضارة العربية، والحضارات التي سبقتها للمنطقة العربية؛ كالحضارات القرطاجية والفرعونية والكنعانية، ثمة متحف كبير للآثار من مختلف الحضارات التي قامت في المنطقة، كانت نواته إهداء بعض المتاحف الفرنسية -مثل اللوفر- قطعا أثرية، وكذلك تبرّع بعض من يملكون آثارا بشكل شخصي، وأيضا بطريق "الإعارة"؛ أي أن تُعير الدولة بعض آثارها للعرض في المتحف، وكانت أول دولتين بادرتا بذلك هما سوريا وتونس؛ حيث قدّمتا -مشتركتين- حوالي مائة وثمانين قطعة أثرية من مختلف العصور، منذ ما قبل التاريخ وحتى القرن الثامن عشر الميلادي.
والقسم الذي لا يقل أهمية في "معهد العالم العربي" -بل ربما هو الأهم- هو مكتبة المعهد، وهي مكتبة تركّز في المقام الأول على كتب التراث العربي والإسلامي، وتقدّم لمن يرتادها فرصة الاطّلاع على نحو خمسة وستين ألفا من الكتب والوثائق بالعربية والفرنسية -وإن كانت العربية هي الغالبة هنا- وكذلك ببعض اللغات مثل الإيطالية والإنجليزية والألمانية، وأعداد 1360 مجلة منها 800 ما زالت تصدر حتى الآن، و24400 مقال في مختلف التخصصات المتعلقة بالثقافة العربية، ووسائط لتعليم العربية بنحو ستين طريقة، وكمّ ضخم من الأفلام والتسجيلات والموسيقى والصور الفوتوغرافية المنتجة عربيا أو المتعلقة بثقافة العرب، فضلا عن وجود تليفزيونات تعرض مختلف القنوات العربية، وصالة لمتابعة الصحف العربية، ومكتب لخدمات البحث عن أعمال وأسماء جميع الكتّاب والمفكرين والأدباء العرب القدامى والمعاصرين.
والجدير بالذكر أن كل تلك الخدمات مجانية! وقليل منها فقط يكون مدفوعا، كإجراء بعض أنواع البحث المتقدّم.
أما عن الأنشطة المتنوعة، فالمعهد يهتمّ بتعليم اللغة العربية، ويقيم بشكل مكثف معارض عن موضوعات مختلفة كالفنّ الإسلامي، وتقاليد الفروسية العربية، والعصر الذهبي للعلم عند العرب، وغيرها من محتويات الثقافة العربية الثرية. فضلا عن احتفائه بالشخصيات المؤثرة ثقافيا وفنيا -من رحلوا ومن هم ما زالوا على قيد الحياة- وتكريمهم، كما حدث منذ سنوات مع سيدة الغناء العربي أم كلثوم، فضلا عن مختلف مهرجانات الرقص والغناء والتمثيل، ومختلف ألوان الفنون.
هناك حوالي مائتي نشاط ثقافي سنوي ينظّمه المعهد، وهو معدل كبير جدا، بالإضافة إلى أن الإقبال الجماهيري على التفاعل مع تلك الأنشطة ضخم، حيث يقدّر المشاركون في كثير من الفعاليات بعشرات بل مئات الآلاف.
تهديد بالسقوط.. والسبب الفشل العربي!
مع الأسف تلك التجربة الراقية الرائعة مهددة بالسقوط المدوّي، والسبب هو انتقال "عدوى" عوامل الفشل العربي إليها.
فأولا توجد حالة عدم انسجام بين الأسلوب الإداري الفرنسي المنظّم المبني على العقلانية والحزم وفصل العمل عن الاتجاهات السياسية، وبين ما أصاب الأسلوب الإداري العربي في مختلف الأقطار من عشوائية وتراخٍ ووساطة ومحسوبية. كما أن من يمثلون دولهم بالمعهد يكونون عادة ممن ترضى عنهم أنظمة تلك الدول، والتي يتسم معظمها بالاستبدادية والديكتاتورية وانعدام الكفاءة الإدارية، مما يؤثر سلبا على من يتم اختيارهم رسميا من تلك الدول لتمثيلها في المعهد، حيث يكون كثير منهم على غير المستوى المطلوب من حيث الكفاءة، بل والثقافة (بالفعل أحد أهم الإداريين العرب بالمعهد اعترف أنه لم يقرأ عملا واحدا لمحمود درويش، وآخرون قدراتهم اللغوية العربية شديدة الضعف). وفضلا عن انعدام الكفاءة فإن ثمة مشكلة ثانية هي أن التيار المسيطر على التواجد العربي في المعهد يكون عادة التيار الرسمي، أي أن ثمة غيابا -أو ضعف تواجد- للتيارات المتنوعة بالذات تلك المُعارِضة.. بمعنى أدق: انتقلت للمعهد العربي بباريس سلبيات الأنظمة والإدارات العربية!
السبب الآخر لشبح السقوط الذي يلوح في الأفق هو تراخي الدول الأعضاء في تقديم الدعم المالي المطلوب للمعهد.. مما يجعله دائما في حالة مديونية حادة، ويؤدي كذلك لتزايد الهيمنة الفرنسية عليه؛ بحكم تحمّل فرنسا المسئولية العظمى عن التمويل، بعد أن كانت المسئولية شبه مناصفة مع العرب.
تلك الأزمة المالية التي تسبب فيها إحجام العرب عن تمويل مثل هذا المشروع المهم جدا لهم -وهو أمر لا تضيق عنه قدراتهم المالية التي يتم توجيه كثير منها لأمور تافهة- جعلت الإدارة الفرنسية للمشروع تلوّح بفكرة سحب التواجد العربي منه، وتحويله لمؤسسة شراكة بين فرنسا والدول الإسلامية، أو ما هو أخطر وهو أن يصبح شراكة فرنسية متوسطية -أي بين فرنسا ودول حوض المتوسط- مما يعني بشكل مباشر دخول إسرائيل لهذا المشروع، الذي يمسّ صميم الصورة الثقافية العربية في فرنسا بل وأوروبا كلها!
ختام
نحن العرب في أمسّ الحاجة لأن يفهمنا الغرب جيدا، ويحسّ ويدرك قيمة ثقافتنا ورقيها. هذا الاحتياج في ازدياد مستمر منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 فالمُنتَظَر من الدول العربية أن تكون أكثر اهتماما وحزما وجدية في التعامل مع مشروع بثقل "معهد العالم العربي" بباريس.. فهو فرصة كبيرة لنقدّم للغرب الصورة الحقيقية للمضمون الحضاري والإنساني العربي والإسلامي.. فإن ضاع هذا المشروع فلن تقف خسارتنا عند ضياع فرصة قوية لتحسين صورتنا، بل سنخسر كذلك بقايا احترام المثقفين في العالم لنا، بعد أن يرونا وقد عجزنا عن بذل بعض الجهد غير العسير لأجل تقديم صورة جيدة عن حضارتنا للعالم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.