سنة أولى قصة.. باب جديد ينضم إلى ورشة "بص وطل" للقصة القصيرة سننشر فيه بالتتابع القصص التي تعدّ المحاولات الأولى للكتّاب في كتابة القصة البسيطة. تلك الكتابات التي لا تنتمي لفن القصة القصيرة بقدر ما تعد محاولات بدائية للكتابة.. سننشرها مع تعليق د. سيد البحراوي حتى تتعرّف على تلك المحاولات وتضع يدك على أخطائها.. وننتظر منك أن تُشارك أصحاب تلك المحاولات بالتعليق على قصصهم بإضافة ملاحظات إضافية حتى تتحقق الاستفادة الكاملة لك ولصاحب أو صاحبة القصّة.. "حدائق البلشون" فى طريق العودة توقفت الحافلة المنزوعة زجاج النوافذ ، المطر بالخارج يهطل ، القطرات تتساقط بالداخل محدثة صوتا ، نقرات ، غير الصوت القادم من هاتف الراكب الجالس فى الامام عند الطوار ، اغنية قديمة تؤدى ببطء ضاعفت احساسى بالملل .... غير محتمل الانتظار و حماقة السائق هبطت و سرت بجانب الطريق ، بدائى و متعوج ، مظلم بالرغم من انبثاق اعمدة الانارة - لانقطاع التيار الكهربائى لهطول الامطار او لتلف مصابيحها - الاشجار الضخمة الذابلة تحدوه من الجانبين ، مر وقتا طويلا ولم يمر اى ( كائن متحرك ) مما جزر شعورى بالوحدة ، استعنت مواسيا بلمحات من الذاكرة ، لقطات صغيرة متقطعة لا تعدو مشهد كامل فى الصباح ، نفس اليوم ، فهذا من اثار عملية الترشيد ، امارسها دوريا ، حقيقا تمثل متعة تغرينى بتذكرها دوما ، على الاقل فى العزلة و اوقات الفراغ ...... حينا ، ولا تجد ثمة شىء تقوم بمسحه ، لا تتعجل وتشعر بالرتابة فلا يعدو الامر غير مرحلة - جديدة - اعلى حيث مزيد من المتعة و الرتابة .... والنسيان . كان صباح شتوى ، السحب كثيفة ، الشمس غائمة ، قليلا وستتسربل اشعتها - الصفراء - ما بين فراغات ماكينات العين فوق الكوبرى - هذا فى موقع اخر - حيث مسافة ليست ببعيدة وتبهرك خضرة الحدائق الكثيفة على ضفة النهر ، موقع مثالى لصورة فوتوغرافية ، قرص الشمس - فى استحياء - يرجو السحب ببث اشعته و خضرة الحدائق الوافرة تحنو زرقة النهر فى سريانه الابدى وانا فى المركز مبتسما - عند السور - اعلى الكوبرى والطبيعة خلفى ، الكل فى بعد واحد ، هكذا ستظهر الصورة ولا مفر من ظهور بعض المارة ، لا بد ، الرصيف مزدحم ، الوقت ذروة والناس راحون و غادون ، الحل الوحيد فى اعتقادى طلبا للنظام ، كل المارة حولى وانا فى المركز - ايضا - مبتسما وهو هو نفس البعد الواحد . ولكن ربما فى وقت غير الوقت تسنح الفرصة بوجود ( كاميرا ) لالتقاط صورة تذكارية ومن الحجم الكبير لكن بالرغم من عدم التقاطها ستظل محفورة ، دوما فى ذهنى . فى الضفة الاخرى المواجهة للحدائق و المتنزهات جلست فوق مصطبة امام طوار الكورنيش ، عاد الغيم ضاربا فى السماء وانسحب قرص الشمس خلف السحب الراكدة فاقتربت السماء - ربما لسعة الافق - قليلا ... شاهدت عجوز بالقرب ياكل افطاره - بيضة وقطعة جبن وكعكة - على ورقة امامه ، وعلى يسارى مخارج عين الماء - اسفل الكوبرى حيث تقوم بنقل الماء من مستوى اعلى الى اخر اقل وتتحكم فى منسوب الماء المندفع لم اتعرف الى حجم قوة اندفاع الماء كونى اول مرة اشاهدها ، كانت سارية ، فقط وحسب ، ولكنى التفت الى الطيور الهائمة فوق النهر - عرفت بعد ذلك انها " ابو قردان " او " مالك الحزين " الاثنان يطلق عليهم " البلشون " الاول عادى والاخر ابيض - يحلق على مستوى منخفض تماما يكاد يلامس تيار الماء ، يصوب ثم يغرز منقاره الاصفر بحثا عن الاسماك الصغيرة ، طعامه ....... واخرون ، يقفزون عند حافة مجرى النهر . التفت فلقيت " العجوز " يرنو الى بعد ان انهى طعامه ، لف الورقة وكورها ثم رماها بعيدا ، حولت نظرى فيما لا يزال ينظر ، ازداد مبحلقا ..... ظننته مدققا فى شى ما ورائى فالتفت ورائى فلم يكن ثمة شىء فمن الممكن ، لا فهذا اكيد ، سرقت النظر الى طعامه او جلست بالقرب منه والطوار لا يزال ممتد و خالى فى مواضع كثيرة ، فرنوت اليه شبه مبتسما للمصالحة - ان جاز التعبير - ولكن لم تتغير ملامح وجهه ، نفس الانطباع ، نظرة حادة و غائمة ثبتت فى نقطة لا متناهية . انتفضت ودورت لامشى من حيث جئت ولكن قبل الخطو ، شاهدت دموع " العجوز " تنهمر ، بعد ما استرد نظره ، ووجهه للنهر ، قبل ما يرفع كفيه عنه ، ويشبك يديه عند ركبتيه . هرولت مبتعدا .......... وفرحت بالهبة ، استعدادا - ان اجلا ام عاجلا - فى كل الاحوال قريبا ، كى اصبح : الفقيد . لوقت طويل ، لم يخرق السكون غير نقيق الضفادع من خلف الاشجار عند الزراعات ، وعندما يئست من مرور الحافلة لالتقاطى ، كانت فى السماء طائرة بانوارها المتقطعة بالرغم من صعوبة الطيران فى مثل هذه الاجواء واثناء متابعتى لها مرت الحافلة سريعا ، ولم تعرنى ادنى مساعدة ولم التقط غير المياه الوسخة على ثيابى وهمسات من الاغنية القديمة المؤداة ببطء . وزمجرت السماء محدثة فرقعة هزت الكون تحتها ، وهى تبعث وميض البرق فى لمحات خاطفة . أحمد المهدي التعليق: أحمد يهتم أساساً بالوصف ويجيده رغم أخطائه اللغوية الكثيرة، ولكن الأحداث تأتي مجرد مشاهد منفصلة لا تبني دراما متسقة أو متنامية، فلا تتشكل منها قصة. أ. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة