أولاً: أحب أن أشكركم كثيراً على تفاعلكم معنا ومشاركتكم لنا مشاكلنا. ثانياً: كنت من فترة قد تقدمت لإنسانة وذهبت لخطبتها ولم يحدث نصيب؛ حيث قال أهلها لي: بعدما تنتهي من جامعتها.
أنا الآن تعرفت على إنسانة مؤدبة جداً ستدرس في كلية الطب، حافظة للقرآن وهي ما شاء الله عليها غاية في الأدب والأخلاق, وهي أصغر مني بحوالي ثلاث سنوات, وأنا فعلاً أعجبت بها كثيراً.
وحتى لا أطيل على حضراتكم, أنا تعرّفت عليها من النت, كنت معها صريحاً جداً؛ حيث قلت لها: أريد التقدم لأهلك؛ لكن قبل هذا قلنا إننا لا نريد التحدّث إلى بعض مرة ثانية؛ لأن هذا حرام, ووافقنا على ذلك, وهذا ما جعلني أزداد إعجاباً بها؛ فقلت لها أريد الارتباط الرسمي حقيقة؛ فقالت لي: أنا مرتاحة لك كثيراً؛ لكن اترك هذا لقدر الله ومشيئته؛ مع أني لم أرها لكن أراها بحسي وأشعر بها بقلبي مؤدبة مهذبة.
المشكلة الآن: أن البنت التي كنت قد تقدمت لها من قبل وأهلها ردوا بالرفض لحين انتهائها من الجامعة, فتحوا الباب بأنه يمكن لي أن أتقدم الآن لأن الطريق أصبح مفتوحاً والأمر متاحاً.
لا أعرف ماذا أفعل حقًّا لقد شردتُ وتشتتَ عقلي وفكري, بين هذه البنت التي تقدمتُ لها والأخرى التي أريد أن أتقدم لها..
أرجوكم ساعدوني لأني لا أستطيع التفكير، وأرى البنتين في غاية الأدب وعلى قمة من الأخلاق، فماذا أفعل؟
bolla
صديقنا قارئ "بص وطل"، تسرنا مشاركتك، وأدعو الله أن تتضح لك الصورة التي قد تكون غائبة عنك.
بداية أرى أنك لم تستطِع أن تحدد مشاعرك الحقيقية تجاه أي من الفتاتين، ربما يعود هذا لصغر سنك أو أنك لم تضع ملامح ومواصفات معينة لشريكة حياتك سوى أن تكون فتاة خلوقة ومهذبة.. ربما يعود هذا لنشأتك، والاحتمال الأكبر أنك في الأصل لا تعرف معنى الحب الحقيقي والفرق بينه وبين الإعجاب.
فالإعجاب أن تُعجب جداً بمواصفات إنسان تُعامله عن قرب أو حتى عن بعد؛ صحيح أنه قد يكون أحد مراحل الحب، ولكن يمكن أن تعجب جداً بمواصفات إنسان آخر، وحينها تنسى أو يَقِلّ إعجابك بالشخص الأول.
أما الحب الحقيقي فيحدث تدريجياً حتى تصل لمرحلة الاقتناع؛ حيث تنجذب أولاً للشخص عاطفياً فتريد التعرّف على أخباره ولو بطريقة غير مباشرة، وتشعر بسعادة غير مبررة عند سماع اسمه، وعند التفكير في السبب لا تجد سبباً محدداً، وإذا سألك الآخرون عن رأيك في هذا الشخص تصفه بأجمل وأروع الصفات.
الحب الحقيقي أن ترى الإنسان الذي تحبه أجمل مخلوقات الله، وتتحيّن الفُرَص لتكون بجواره سواء في لحظات السعادة أو أشد اللحظات ضيقاً، وتجد مبرراً لأي شيء يضايقك منه، وحتى إن حاولت تغييره للأفضل يكون بشكل غير مباشر تفادياً لحدوث أي مشاكل، وتتفنن في ذلك.. ومهما كان الأمر مرهقاً؛ فهو عندك ألذّ شعور في الحياة.
باختصار، في الحب الحقيقي لا تستطيع أن تحدد صفة معينة أعجبتك في الشخص الذي تحبه؛ فإن حدث وحددت؛ فما هو إلا إعجاب، وألا تستطيع أن ترى أو تشعر بأي إنسان آخر، وهذا لم يحدث معك في الحالتين.
وبصراحة، أنا لا أرى منك مشاعر حب حقيقي لأي من الفتاتين، وأرى أن قربك منهما وعرضك الزواج على الثانية -على وجه الخصوص- فيه خطأ كبير جداً منك سواء تجاه الأولى أو الثانية.
صديق "بص وطل" فكّر وتأمل: ما ذنب الفتاة الأولى التي استأمنتك على نفسها، ووثق بك أهلها وأعطوك كلمة رجل لرجل، ثم تذهب وتتحدث مع فتاة أخرى عبر النت؟.. إذا كان هذا هو الحال وأنتما لا زلتما في البداية وفي الوقت الذي من المفترض أن تحرص على الاجتهاد والصبر والعمل فيه، كي تفوز بهذه الإنسانة التي تقول إنك تحبها؛ فما هو الحال إذا حدثت خطبة أو زواج؛ فأنت لست مقتنعاً بها كزوجة تملأ عليك حياتك حتى لا ترى غيرها من بنات حواء؟
وما ذنب الفتاة الأخرى التي استأمنتك هي كذلك ووثقت بك، وفكّرت في تقديمك لأهلها كإنسان متدين وعلى خلق؟ لا أظن أن هذا سيكون رأيها إذا علمت بأنك لا تزال تفكر في الفتاة الأولى، وإذا كنت تشعر بأنك غير مخطئ؛ فأنا متيقنة من أنك كنت ستروي عليها الموقف، ولكن هذا لن يحدث لأنك تعلم أن فتاة خلوقة مثلها لن تتقبله وستسألك سؤالاً واحداً هو: ما دمت ارتبطت بكلمة رجل مع فتاة وأهلها ولا تزال تفكر بها؛ فكيف بك تتحدث مع أخرى حتى يتطور الموضوع لطلب الارتباط؟
نصيحتي هي كما تضمّنها كلامي أن تبتعد عن الفتاتين -فلو أن إحداهما فكرت في شخص آخر مجرد تفكير؛ فبالتأكيد كنت ستعتبرها إهانة لرجولتك.
إن إحساسك تجاههما لم يتعدَ مرحلة الإعجاب مختلطاً ببعض الأنانية وحب المغامرة والانجذاب لكل ما هو بعيد عن يدك دون أن تشعر بقيمته الحقيقية.