"قصة تبحث عن تعليق" باب جديد ينضم إلى الورشة.. سننشر فيه القصص بدون تعليق د. سيد البحراوي، وسننتظر منك أن تعلق برأيك على القصة.. وفي نهاية الأسبوع سننشر تعليقك بجوار د. سيد البحراوي؛ حتى يستفيد كاتب القصة من آراء المتخصصين والمتذوقين للقصة القصيرة على حد سواء.. في انتظارك. "أحسن أكل" عزائي أنني لم أكن لقمة سائغة ، عزائي أنني أنهكتهم و ربما أكون قد تسببت في جروح لواحد أو اثنين من زبانيتهم – و هذا أقصي ما يمكنني فعله – من فضلك لا تتهمني بالتخاذل فلن تكون أحرص علي حريتي و حياتي مني و لتضع نفسك مكاني لنر " أفضل ما عندك " . كنت أتوقع مجيئهم و أنتظره .. منذ إعتقال أخي و انا أعرف أنهم لا يأتون إلا ليلاً في صمت يأتون و صمتاً يرحلون لكني أعددت لهذا اليوم و لم أترك جحراً في الأرض لم اختبئ فيه ،قاومت قدر إستطاعتي ..ليس بما يكفي للأسف . تهمس لي نفسي بأني ذاهب إلي "ما وراء الشمس"،تغيرت حياتي للأبد و لن تعود كما كانت. مكبلاً و محمولاً علي أذرعتهم بعضهم يتطلع إليَ في شفقة ،أري نظرة خوف في عيون البعض أما الغالب فهي نظرة تشف و سخرية . أشعر بهم يفكون وثاقي , يُغلقون الأبواب و يذهبون ، أتطلع حولي لأجد اخرين مثلي ،أخي هاهنا ايضاً ... كلنا نفس القصة متهمون بجريمة الحرية ... سألت أخي : ماذا يفعلون بكم ؟ أيعذبونكم ؟ نظر لي و ابتسم و همس : علي الإطلاق ، بيعاملونا أحسن معاملة ، أحسن أكل و أحسن شرب . و عندما رأي نظرة الذهول علي وجهي ضحك و قال :تصدق ؟ أنا مابقتش عايز أخرج ،أنا برة عايش خايف من بكرة تعبان عشان لقمة و لو لقيتها تبقي متغمسة بالخوف لو مكانش خوف منهم يبقي خوف من إللي بياكلوا في بعض، برة كل يوم أصحي وأنا متأكد إنه أخر يوم. لكن هنا ؟! كل قلقي من اليوم إللي هايخرجوني فيه و لما الباب ده بيتفتح كل واحد بيخاف يكون يوم حريته جه . نظرت للباقين فرأيت في أعينهم جميعا نظرة الرضا التام . "مستغرب ؟" قال لي أحدهم . قال أخي: كلنا كنا كده في الأول مع الوقت هاتعرف إن ... قاطعته : أعرف ؟؟ أعرف إيه ؟ أعرف إنهم عملوا فيكم اللي ألعن من التعذيب ،قتلوا جواكم الرغبة في الحرية ؟ بقيتوا أرانب ؟. نظروا لي في سخرية . "بكرة تشوف" قالها أخي . مرت الايام .. كانت الحياة سهلة ،كما قال أخي :" أحسن أكل". تمر فترة من الزمن ثم يُفتح الباب فيأخذون واحداً أو اثنين ثم يُغلق الباب،كان الجميع يركضون و يختبئون عندما يُفتح الباب و يتنهدون الصعداء عندما يُغلق . كنت دائماً ما أجلس منزوياً في ركن حتي عندما يُفتح الباب لا أتحرك عسي أن يكون موعد حريتي قد جاء . في أحد الايام فُتح الباب و إذا بهم يمسكون أخي .. نظر لي مستنجدا فلم أتحرك .. أنت ذاهب إلي حريتك يا أحمق لا تنظر لي تلك النظرة و كأني أتركك للذبح. حتي جاء يومي.... - هو ده إللي مابيخافش ؟ - بالضبط هو ده إللي جننا يوم ما جبناه هنا . - طب تعالي إمسكه معايا .. انهارده يومه ،إبسط ياعم .. هادبحلك الأرنب ده هاتاكل "أحسن أكل" ... بسم الله ..الله أكبر. orca
التعليق:
قصة جيدة لغتها سليمة سلسلة، وبناؤها محكم رخيم، عدا بعض الإطالة في الجزء الأول. والنهاية تفتح للقصة آفاقاً عميقة، تجمع بين الواقعي والفانتازي، وتتسق تماماً مع بداية القصة وتطوّرها.
د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة