في هذه السلسلة من المقالات سنحاول معاً أن نعدّك تماماً لوظيفتك الجديدة، من خلال عدة مقالات سنتناول فيها جميع الخطوات اللازمة لاقتحامك سوق العمل، مثل كيفية عمل السيرة الذاتية، والبحث عن وظيفة، والتقدم لها، وعمل المقابلة الشخصية مع صاحب العمل، وأول يوم عمل، وفترة الاختبار الأولى؛ حتى كيفية مواجهتك لمشكلات العمل وكيفية الموازنة أو الاختيار بين وظيفتين. تحدّثنا في الحلقة الماضية عن أول يوم عمل، ووضعنا لك مجموعة من النصائح لكي تجتاز هذا اليوم الفارق في حياتك العملية بنجاح وتميّز، وسنتحدث اليوم عن علاقاتك مع زملائك وكيفية التواصل معهم بفعالية في ظلّ حالة المنافسة الشرسة التي تسيطر على سوق العمل وأصحاب المهنة والتخصص الواحد. عاون نفسك على النضج: فالإنسان لا يولد ناضجاً، ولكن الحياة المجتمعية في البيت والمدرسة والجامعة ثم العمل تُكسبك خبرات حياتية ومهارات تواصلية تمكّنك من التفاعل مع الآخرين وكسب ودّ الأصدقاء والزملاء؛ فالشخصية الجذابة أو المنفّرة ليست وراثية؛ وإنما مكتسبة، وسنحاول معاً استعراض القدرات التي تمكّنك من تحقيق النضوج في علاقاتك الاجتماعية بشكل عام ومع زملاء العمل بشكل خاص. وبما أن هذه أول تجربة لك في العمل فهناك مجموعة من النصائح يخبرك بها د. "صموئيل حبيب" في كتابه: "كيف تكوّن علاقات ناجحة" تعاونك على تحقيق النضج الاجتماعي والفكري في التعامل مع الزملاء وهي باختصار: 1- تقبّل ذاتك كما هي: لا بد أن تشعر بالرضا عن نفسك وأن تتقبل ذاتك كما هي، وهذا لا يتعارض أبدًا مع الطموح والأحلام، ولكن رضاك عن نفسك يُكسبك المزيد من الثقة والارتياح. فإذا كنت في أسرة فقيرة وبيئة متدنية فالأوْلى لك أن تتقبل واقعك؛ فالفقر ليس نقيصة؛ على أن تسعى بجد واجتهاد لتحسين أوضاعك وتحقيق مزيد من الطموح والأحلام. 2- تقبّل النقد وتعلّم من الأخطاء: لا تأخذ موقفاً عدائياً من النقد فكلّ منا يخطئ ويتعلم من أخطائه. الأهم أن تستفيد من هذه الأخطاء وتستمع إلى نقد الأشخاص المخلصين المحبين لتفادي نقاط الضعف واستثمار نقاط القوة. 3- تحمل المسئولية على أكمل وجه: فالإنسان الناضج هو الذي يستطيع أن يتحمل أعباء المسئولية، ويقوم بها ويحققها دون إهمال؛ فهو يقوم بعمله في الوقت المناسب ويتممه بأفضل ما يكون الأداء، والتردد في حمل المسئولية ينتج عن خوف الإنسان من عواقب الفشل، فاستعن بالله ولا تعجز، وخذ بأسباب النجاح وأمسكْ بزمام الأمور. 4- نمِّ قدراتك ومهاراتك في المجال الذي تتقنه: تعرّف على إمكاناتك ومهاراتك وادعم ونمِّ باستمرار قدراتك الإبداعية التي هي سبيلك للتميّز والتفوّق على الآخرين؛ فإذا كنت تعمل في مجال المبيعات مثلاً ولديك مهارات التفاوض نمِّ هذه المهارة بالطرق العِلْمية، وحاول أن تُضيف إلى نفسك مهارات أخرى تجعلك أكثر تميّزاً في عملك ومحل إعجاب وتقدير من حولك. 5- تمكّن من اتخاذ القرار بنفسك: القدرة على اتخاذ القرار بالاستناد إلى تحليل المواقف بعناية من أهم القدرات التي يجب أن تتوفر لدى الإنسان الناضج حتى يتمكن من مواصلة حياته دون أن يخسر نتيجة قرارات خاطئة اتخذت دون دراسة وعناية؛ فكم من أناس أغرقوا أنفسهم في ديون ومشاكل نتيجة قرارات متسرعة لشراء سيارات أو منازل دون دراسة عواقب هذه القرارات. 6- اكسب الأصدقاء وحافظ على علاقاتك: الأصدقاء والزملاء وعلاقاتك الاجتماعية هي رأسمالك الحقيقي في هذه الحياة والتي يجب أن تستثمر فيها؛ فقد تأتي فرصة عمرك ووظيفة أحلامك عن طريق أحد أصدقائك، وقد يعاونك صديق مخلص في قرار مصيري يتوقف عليه مسار حياتك بخبراته ورأيه السديد؛ لذا عليك أن تزيد من قوتك الاجتماعية بزيادة رصيدك من الأصدقاء والزملاء الناجحين الذين يدفعونك إلى الأمام والابتعاد عن هؤلاء المحيطين الذين يشدّونك للخلف ولكي تحافظ على رصيدك من هذه الصداقات لا بد أن تعاملهم بودّ واحترام وتحرص على التواصل الفعال والإيجابي معهم. 7- تكيّف مع المجتمع الجديد: سيفرض عليك عملك الجديد أن تكون في مجتمع جديد عليك من الزملاء وبيئة عمل مختلفة عما كنت بها في سنوات دراستك أو حتى وظيفتك السابقة؛ لذا عليك أن تتكيف مع هذا المجتمع الجديد وتحاول أن تكسب ودّ الجميع مع احتفاظك بقِيَمك وأخلاقياتك والثوابت التي تربيت عليها؛ فلا تنغلق على ذاتك وتنفصل عن الآخرين. 8- تواضَعْ في حالة النصر وتقبّل الهزيمة: فالتواضع يقلل من توليد مشاعر الحقد والغيرة لدى المحيطين؛ لذا فعليك أن تستقبل النصر بتواضع، والهزيمة ليست دائماً سيئة؛ فكم من كبار الناجحين في العالم جاء نجاحهم بعد مراحل فشل، وهناك كبار من عظماء اللعالم فشلوا في الدراسة ثم نجحوا في الحياة. 9- أقِمْ حواراً بناءً: إقامة الحوار مع الناس فنّ رفيع، والحوار يتنوّع مع الأصدقاء أو مع المعارضين، مع الكبار أو الصغار، يتنوع الحوار بحسب الموضوع أو الشخص الذي يتمّ معه الحوار؛ فكلما كان موضوع الحوار يستريح إليه الطرفان كان الحوار ناجحاً وجذاباً ومشوّقاً؛ فالذي يتشدق كثيراً بالحديث عن نفسه يقلل من جاذبية الحوار، والذي يناقش تفاصيل دقيقة لا تهم الطرف الآخر يضعف أهمية الحوار، وكثيرة هي الحوارات التي تتحول إلى حوارات هدامة بسبب اغتياب الغير ونشر الأسرار والمعلومات السيئة والافتراءات، وهذه يجب تجنبها تماماً، وأن تبتعد أن أي حوار بهذا الشكل. 10- اعتنِ بنفسك وحافظ عليها وتحكّم في انفعالاتك: فالعناية بالذات ورعايتها وتنميتها، يعاون الإنسان على النمو والنضوج ليكون إنساناً سوياً، وبالتالي تكون له قدرات وإمكانيات تعاونه في مسيرة الحياة بنجاح، وعدم قدرتك على التحكّم في انفعالاتك وغضبك قد يجعلك تخسر الكثير، ولا تجعل الضغوط ذريعة لأخطاء قد ترتكبها بسبب الانفعالات. ومن الانفعالات الرئيسية التي تؤثّر على الإنسان ويكون لها انعكاس على حياته الشخصية الحب والكراهية والغضب والخوف والقلق والفرح والحزن والغيرة والحسد والخجل والتردد وغيرها. والانفعالات تتداخل وتختلط معاً في المواقف المختلفة. ولا بد من دراسة المشكلة التي تتسبب لك في الانفعال بموضوعية؛ فقد تكون مخطئاً جداً، وقد تكون الأدلة التي تراها أكيدة غير صادقة، ومن هنا قد تحتاج لمن يساعدك في التفكير والدراسة بموضوعية، ولا تسمح لنفسك أن تخسر صديقاً بسهولة، ولا تسمح لنفسك أن تخسر من يعاديك بسهولة. يمكنك أن تعبّر عن غضبك ولكن بأسلوب وكلمات غير حادة حتى لا تسقط في دائرة الإساءات إلى الغير ومن ثم خسارتهم إلى الأبد. ولكي تتعرف على فن التعامل مع الزملاء، وكيفية تكوين علاقات إيجابية معهم والتصرفات التي تثير زملاءك، ولماذا يصعب على العلاقات بين زملاء العمل؟ تابعونا في الحلقة القادمة.