السلام عليكم.. مشكلتي باختصار إني ما عدتش باسامح حد وبافتكر كل حاجة اتعملت فيّ سواء كان قريب أو غريب؛ بس الغريب أهو مش موجود على طول زي القريب.. رغم إني بحبهم بس مش قادرة أسامحهم. ممكن على قد المعزة والحب بيكون الزعل, وصلت لمرحلة إني بقيت أتكلم مع نفسي عن المواقف اللي عدت.. زي ما يكون كل موقف حصل عمل جوايا شرخ لحد ما بقى فيه كسر. نفسي أشيل من جوايا كل ده.. لقيت إن ده مش بيروح إلا لما أمشي من المكان اللي حصلت فيه المشكلة؛ بس أمشي أكتر من كده فين. ما باقولش إني من الملايكة, كل اللي عاوزاه إني أعيش حياة هادية من غير مشاكل، ومن غير تدخل حد.. الحمد لله عندي أمي يعني ليّ كبير, مش حرام إن الواحد لا يحب حد يتدخل في حياته ولا هو يتدخل في حياة حد, عاوز الناس تحترمه وهو يحترم اللي حواليه. ممكن زمان ما كانش تفكيري نَضَج لدرجة إني أعامل المشاكل بحكمة فحصلت.. واتعصبت وزادت.. سيبنا المكان اللي كانت بتحصل فيه التدخلات، ورحنا مكان تاني.. برضه فيه ناس بتدخل في اللي ما لهاش فيه وعاوزينّا نعمل اللي هم عاوزينه. مش عاوزة أعمل مشكلة ونفسي أعالج الأمور بهدوء.. مش عاوزة أشيل من حد ونفسي ما يكونش فيه مشاكل علشان ما يحصلش أي حاجة تانية، واقول مش عارفة أسامح. أعمل إيه؟ dody حّولت حياتك لغيبوبة جعلتك لا تعيشين غير الماضي، والحياة تمضي وتستمر وتتطور من حولك دون أن تدري؛ فهل تنوين أن تفيقي؟ فكثيراً ما يتوه عن سؤال هام جداً حين نقع في مشكلات مستمرة؛ فنترجمها على أننا ضحايا لأقدار تتعمد إصابتنا نحن لا غيرنا، أو أن البشر متطفلون بطبعهم لدرجة السخافة؛ بل وينصّبون أنفسهم علينا أوصياء. في حين أن السؤال الصحيح لتفادي جزء ضخم منها هو "بكم أسهمنا نحن في حدوث تلك المشكلات؟"؛ فوجود مشكلات يعني وجود أطراف مشتركة فيها، وكذلك يعني مساهمة "كل" أطرافها بنصيب جعلها تتفاقم للدرجة التي أوصلتك لفكرة الهروب "المزيفة" لتفاديها؛ في حين أن جزءاً من حقيقة حدوثها يرجع لتصرفات تنبع من داخلك والتي لن تهربي منها حتى ولو اتخذت المريخ سكناً لك. فحين يتدخل الناس في تصرفاتنا وتتفاقم مشكلاتنا مع معظم من حولنا؛ فعلينا أن نفكر بمنطقية، ونراجع ما قد يكون قد بدر منا ولا نشعر به أو صار يخنقنا؛ لذلك علينا أن نتفق أولاً على أن جزءاً كبير من تصرفات الناس تجاهنا يكون رد فعل لتصرفاتنا معهم، وكذلك تكون بسبب ما يتصوره الناس عنّا؛ حتى ولو كان غير حقيقتنا لسوء تعبيرنا عن أنفسنا أو رغباتنا؛ فالبشر يختلفون في تفكيرهم وتصرفاتهم وترجمتهم لحديثنا ورغباتنا؛ فلا يجوز أن نضع كل تلك الحقائق في سلة المهملات أو نستهين بها، ولقد جربت لسنوات التعايش مع البشر، ووجدت أن عدم تغيير طريقة تفكيرك وتصرفاتك جعلك تخفقين في تحقيق السلام معهم ولم تكسبي ما تريدين؛ لذلك أرجو أن تتفهمي ما أقول، وأن تحاولي فيه بالتدرج، وستجدي تغيراً ملحوظاً في نفسيتك وحياتك فيما بعد: - هناك شخصيات غير مرنة تتصور أن هناك شكلاً واحداً أو تصرفاً واحداً للتعامل مع المواقف والبشر، والحقيقة غير ذلك؛ فمساحة التصرفات الصحيحة كثيرة ومتنوعة، وكلما تمكنا من فهم أن الناس مختلفون، وأننا مسئولون عن التعبير عن شخصيتنا بشكل يتقبله ويفهمه الآخر كلما زادت درجة نضوجنا، وكلما استطعنا أكثر أن نقيّم تصرفات الآخرين حسب شخصيتهم دون تصور أنهم أشرار دوماً. - مراجعتك للأحداث الماضية من خلال حديثك مع نفسك في المواقف السابقة فيها جزء صحيّ يتحقق فقط حين تراجعيه بحيادية قدر الإمكان؛ فتتساءلين هل كان من الممكن أن أمتص المشكلة التي حدثت بشكل أفضل؟ هل كان من الممكن أن أغيّر نبرة صوتي أو طريقة نظرتي؛ فلا أجعل الموقف أكثر توتراً؟ هل ما يضايقهم مني ويجعلهم في مشكلة معي فيه جزء كان جديراً أن أفكر فيه لأستفيد منه ولا أدري؟ هل هناك فعلاً اتفاق عام بين كل من أتعامل معهم ليكونوا ضدي ويتطفلوا عليّ؟ لو هؤلاء البشر أقاربي؛ فهل لهم فعلاً الحق في متابعتي ولكن بشكل ألطف؟ كيف كنت سأوجه الحديث مثلاً مع عمي وهو شخصية عصبية؟ هل حين أبذل أنا هذا الجهد معناه الخنوع؟ أم معناه أني أتطور وأكون أكثر نضجاً ومهارة في التعامل مع البشر؟ وهكذا. - أتمنى أن تراجعي ضوابط المجتمع العامة؛ فلعل التطفل من جانب من كانوا حولك يعود لخرقك لخطوط عريضة يضع المجتمع تحتها خطاً أحمر؛ فلا يجوز -حتى لو كان صحيحاً- أن نخترقه بجلبة وصراخ؛ ولكن الماهر من يعمل في صمت دون عويل يستفز الآخر أو نقاش يأتي بجدال لا ينتهي؛ فنظل الخاسر الوحيد. - ناقشي حقيقة غضبك ممن حولك؛ فقد يكون السبب لومك لهم لعدم تقديمهم الرعاية التي كنت تحلمين بها فسبب إحباطك وغضبك، وقد يكون السبب رغبتك في عقابهم بتصرفات تستفزهم لتقصيرهم، وقد يكون لشعورك بالحرمان من رعاية الأب ووجوده... إلخ؛ فلتتحدثي مع نفسك بهدوء وعمق لتعرفي حقيقة الأمر ومن ثم معالجته بالطريقة المناسبة، وكذلك ناقشي نفسك فيما قمت به مع نفسك ومع الآخرين؛ فجعلك أقل حدة لتزيدي من مساحته وتطويره فتحققي إنجازاً أكبر. - لا تتركي نفسك للفراغ الذي يجعلك تنشغلين بالمعارك الخارجية تاركة معركتك الحقيقية في تطوير وتنمية نفسك لترضي عنها، فانشغلي ولا تتشاغلي؛ فقد يكون لديك أعمال تقومين بها ولكنها لا تشغلك وتملأ كيانك؛ فهذا ما يجب البحث عنه الآن حتى لا تكوني نهباً للغضب والحقد واجترار الماضي بأحزانه دون فائدة. - التسامح ليس مهارة يعود أثرها على الآخرين؛ ولكنها مهارة تظهر آثارها عليك أنت حيث تكونين أكثر نضجاً في فهم أنماط البشر ومعرفة التعامل المختلف معهم فلا تخسري علاقاتك التي في كثير من الأحيان تكون مهمة لديك وتتصوري عكس ذلك، وكذلك بوجودها يحدث سلام داخلي يجعلك أكثر توازناً وتحكماً في انفعالاتك. - الإنسان يحتاج لوجود بشر من حوله يدفئون له طريق الحياة المليء بالتحديات والمسئوليات ليكونوا معيناً له فيها؛ فالتصارع معهم يزيد شقاءنا ويجعلنا في وحدة تظهر آثارها علينا بمرور الزمن، ووالدتك بارك الله في عمرها لن تكون الإنسان الوحيد في حياتك للأبد؛ فأنت ستحتاجين لمذاق الصداقة ومذاق العمل في فريق ومذاق القرابة والجيرة وغيره الكثير فلا تكبّلي نفسك بنفسك. - السعادة في الحقيقة "قرار" يحتاج منا أن نتخذه أولاً ليكون هدفاً لنا، ويحتاج لأدوات تقوّيه وتساعده وعزم على تنفيذه؛ فلتجعليه هدفاً لك لأنك تفتقديه منذ زمن، وتساعدي على حدوثه بالتصالح مع النفس والناس من خلال فهمك لاختلاف طرق التفكير بين الناس وطرقهم في التعبير عن حبهم وخوفهم عمن يهتمون لهم، وكذلك بتمنية نفسك وتطويرها وانشغالها بالتعرف على قدراتك ومواطن تميّزك ومعالجة التقصير فيها، واعزمي على التفرغ لمعركة حياتك التي تتطلب منك تحديد حلم تحقيقه في أرض الواقع لا في أحلام اليقظة.