لا تزال الإمارات تُشارك بجدارة في منحى الثقافة العربية المعاصر؛ وكان من إنجازاتها المشهودة في هذا المجال "منشد الشارقة" الذي خرّج كوادر فنية جديدة في مجال الإنشاد بكل تطوراته حتى غدا فناً أكاديمياً متكاملاً، يأخذ طريقه في التطور. ولم تنسَ ضمن هذه المسيرة التقدمية فن الشعر والإلقاء فأفردت له برنامجاً خاصاً ترعاه وتنظّمه مؤسسة رسمية في دولة الإمارات وهي هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث. وقد عني البرنامج بإبراز مَن لم تطلهم يد الإعلام، وكانوا بعيدين عن جوانب التلميع الجماهيري؛ حيث يُقدّم فرصة للشاعر لتقديم نفسه للجمهور العربي في كل مكان ويحقق له الشهرة والوصول في زمن قياسي. كما يوفر البرنامج للشعراء التواصل مع تجارب بعضهم البعض. برنامج أمير الشعراء برنامج مسابقات شعري هو الأول من نوعه، يُعيد للشعر مكانته التاريخية والحضارية ويربطه بنبض المجتمع وهو الأول الذي تفرد له قناة إعلامية، يتبارى فيه شعراء الوطن العربي من غير المبرزين منهم للفوز بلقب أمير الشعراء تيمناً بأن يكون خليفة لحامل لواء اللقب "أحمد شوقي". ويتم ذلك من خلال شقين أحدهما لجنة التحكيم التي ضمت بعضاً من جهابذة الأدب والنقد العربي، والشق الآخر تصويت الجمهور للشاعر عبر الرسائل القصيرة. وتعتمد لجنة التحكيم في تقييمها للمشاركين في المسابقة على القوة والسبك الشعري من كافة جوانبها؛ متمثلاً في قوة الصور الشعرية وقوة إحكام العبارات والألفاظ ومطاوعتها للشاعر دون أن يرسف تحت قيود الوزن أو القافية، ثم مدى قدرته على تقديم العبارات والصور موظفة مع المضمون الداخلي للنص، ثم قوة الأداء والجانب التواصلي بين الشاعر والجمهور، وأخيراً ملكات الشاعر الإضافية مثل الارتجال الشعري ومواكبة ذلك للحدث المطلوب الارتجال حوله، ثم أخيرا -ومن طريف المسابقة- اختبار مدى تماهي المتسابقين مع قصيدة معروفة لأحد الشعراء أو مع بعضهم البعض والتنافس حول الإكمال ارتجالاً بالتناوب كما لو كان المتسابق هو مبدع القصيدة الأصلي. تتم التصفيات المبدئية للمتقدمين حيث تختار لجنة التحكيم مِن بين الذين قدّموا نصوصهم للجنة المسابقة، أفضل خمسة وثلاثين شاعراً يدخلون إلى المرحلة الثانية، يتنافس في كل حلقة سبعة من الشعراء، يُقدّم كل منهم قصيدة يختارها الشاعر في أي موضوع يشاء وبأي شكل يرى، لتكون المحصلة تأهل شاعر واحد في كل حلقة من الحلقات الخمسة حسب لجنة التحكيم، ويحال البقية إلى تصويت الجمهور ليتأهل اثنان في بداية الحلقة التالية، لتكون نهاية المرحلة فوز خمسة عشر شاعراً، ينتقلون إلى المرحلة الثالثة. وفيها يتبارى خمسة شعراء، ويعتمد معيار التنافس فيها على أمرين: الأول أن يختار كل شاعر قصيدته التي سيلقيها حسب شروط المرحلة، والثاني: أن يجاري الشعراء نصاً مختاراً بمجموعة من الأبيات يشترك مع النص المجارى في الوزن والقافية والموضوع، ويتأهل شاعر واحد بقرار من لجنة التحكيم في كل حلقة، ويحال البقية إلى التصويت، ليعلن عن الفائز بأعلى نسبة تصويت في أول الحلقة التالية. وتأتي الحلقة الأخيرة، وفيها يتم تتويج الأمير للخمسة الأوائل الذين يتنافسون على لقب أمير الشعراء، عن طريق قصيدة يتحدثون فيها عن الشعر ومكابدته ورحلة الشاعر في البرنامج ووصوله إلى هذه المرحلة، وكذلك يوضع الشعراء في المعيار الثاني للتنافس تحت طائلة الارتجال الآني، فيرتجل كل شاعر من الشعراء بيتاً واحداً على وزن وقافية أبيات اختارتها لجنة التحكيم من مشهور الشعر العربي وموزّعة على عصور مختلفة وبأوزان متنوعة. وفي أكثر الحفلات جذباً للجمهور، اختتمت فعاليات برنامج "أمير الشعراء" في دورته الثالثة على أنغام الموسيقى العربية الأصيلة وصوت ثلاثة من كبار الفنانين العرب؛ كاظم الساهر، غادة رجب، أسماء المنوّر، تُوّج فيها الشاعر السوري حسن بعيتي أميراً للشعراء. وقد حرص المنظمون أن يتجاوز البرنامج كثيراً من المثالب التي وقعت في نسختيه الأولى والثانية، فغدا أكثر رسوخاً، وأعمق منهجاً. وينال الفائزون الجوائز على النحو التالي:
المركز الأول ينال لقب (أمير الشعراء) • مليون درهم إماراتي • ميدالية ذهبية • وشاح بشعار المهرجان • شهادة فوز • طبع ديوان له مسموع ومقروء المركز الثاني 500 ألف درهم إماراتي • وشاح بشعار المهرجان • ميدالية فضية • شهادة فوز • طبع ديوان له مقروء ومسموع