في دراسة مطوّلة لمركز الأمن القومي الإسرائيلي نشرت السبت الماضي حول سياسة الغموض النووية الإسرائيلية يتضح أن ثمة تبايناً داخلياً حولها، وإن كانت الغلبة لمن يتبعون السياسات القديمة والتي لا تريد الإفصاح عن أي برنامج نووي ولا تسمح بالتفتيش الدولي. فقد أكد المركز أن محققين وخبراء إسرائيليين يتساءلون: هل يشهد الصيف القادم مواجهات نووية محتملة؟! كما يزعم البروفيسور عوزي إيفن الخبير السابق بمفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي، والذي قال: "أنا أزعم أنه خلال عشر سنوات يجب أن تنضم إسرائيل إلى تلك المعاهدة أو تلك الاتفاقية الدولية"!.
ويضيف الدكتور إيفن بقوله: "إذا منعنا دخول المفتشين مفاعل ديمونة طوال السنوات الماضية، فهل نستطيع أن نمنعهم من الدخول في السنوات القادمة؟! وهل بإمكان إسرائيل أن تغلق مفاعل ديمونة الحالي والذي يعد قديماً، وأن يُبنى بدلاً منه مفاعل نووي جديد، هذه توصية مني ومن بعض المتخصصين في البرنامج النووي الإسرائيلي، وماذا عن المواجهات النووية القادمة؟ إذ من المحتمل أن تشهد السنوات القريبة مواجهات نووية بين باكستان والهند، فهل تشهد إسرائيل مثل تلك المواجهات النووية أيضا؟! ومع من؟! كما أنه في القريب سنجد أن باكستان والهند تبيعان ما يتعلق بأي برنامج نووي، والآن يجب أن تتغير السيناريوهات مع وجود إيران نووية، واعتراف العالم بها كقوة نووية أيضا!".
تلك كانت نظرية إيفن حول تأييده للإعلان عن السياسة النووية الإسرائيلية، في المقابل، فإن البروفيسور إيال زيسر رئيس مركز دايان لدراسات الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب يقول: "الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد ممارسة المزيد من الضغوط من أجل السلام! وفي منطقة الشرق الأوسط يمكن أن نجد أنفسنا أمام دولة إيرانية نووية عسكرية، ويجب من الآن أن نستعدّ لذلك؟ وكيف تكون المواجهات معها أو مع غيرها من القوى النووية؟! في المقابل، يقول الدكتور إفرايم إسكولاني، الخبير والباحث بمعهد الأمن القومي الإسرائيلي: "إن سياسة الغموض تعني البقاء، ودعوة إسرائيل أو غيرها للاتفاقية الدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية ليست بجديدة، ولكنها منذ عشرات السنين، لكن ما الذي تغير في المنطقة خاصة تجاه السياسات النووية الإسرائيلية؟!". وسأل إسكولاني: لماذا نجبَر على تغيير تلك السياسة (سياسة الغموض النووية الإسرائيلية) حيث يقول: "لا أجد سبباً واضحاً ووجيهاً لتغيير تلك السياسات؟! فسياسة الغموض كانت إيجابية لإسرائيل ولمستقبلها أيضا، والآن هل هناك أسباب واضحة وطيبة تجبرنا على تغيير تلك السياسة الإيجابية؟! فقد اشتركت في الكثير من المؤتمرات الدولية والمحافل الدولية التي نادت بفرض عقوبات على إسرائيل دون جدوى! فما الجديد في ذلك؟ ولماذا نتجه إلى سياسة جديدة ولدينا الأفضل وهي سياسة الغموض النووي!".
ويؤيده البروفيسور يائير عفرون، الخبير في انتشار السلاح النووي، حيث يعترض على سياسة الإعلان عن الملف النووي الإسرائيلي، ويقول: "إنه وراء تلك الحملة محاولة إجبار إسرائيل على أن تهتمّ بإلغاء سياسة الغموض التي اتّبعتها من قبل، وإن الهدف هو إسرائيل بالفعل، وبالتالي على إسرائيل أن تستمر في سياساتها تجاه النووي الغامض أو سياسة الغموض، وما يجري حالياً هو محاولة إلغاء ذلك الغموض النووي الذي يعدّ سياسة إيجابية لإسرائيل! كما أن اغتيال ذلك الغموض يُفقد إسرائيل احترامها أمام العالم!".
تباينت الآراء المتخصصة حول سياسة الغموض النووية الإسرائيلية وجدواها، فهل من دروس وعبر؟!