لا شك أن قمة الكرة المحلية أمتعت الجماهير المصرية، خاصة العاشقة للفانلة البيضاء ذات الخطين الحمر، وراهبي الفانلة الحمراء، رغم صدمة الجانبين في البداية التي كانت للزمالك، والنهاية التي كانت للأهلي، فإن الإشادة من الجميع بالمستوى الفني المرتفع، ويكفي أن المباراة شهدت نصف دستة أهداف. ورغم المتعة الكروية، إلا أن البعض من أقلام الأقطاب التي تقطر حبراً مسموماً، وأصحاب الميكرفونات المشئومة عندما تفتق ذهنهم على اللعب في منطقة غاية في الخطورة لتلويث كل شيء جميل ومحترم، بعد أن أصابنا الرعب بأن لقاء القمة ممكن أن ينتج عنه كارثة، أو أي شيء بعد مشكلة مباراة الزمالك واتحاد الشرطة. المهم ترك "الحلوين" كل شيء في المباراة فنياً وتحليلياً، وبحثوا عن الانتقام كل على حسب لونه. فالقصة كانت مع الدولي محمد بركات، خاصة بعد التعبير عن فرحته بهدف التعادل الثالث والخاطف في الثواني الأخيرة قبل نهاية اللقاء.. وبالرغم من أنني كنت أتابع المباراة لأكتبها للجريدة، أي إنك لا تستمتع بالمباراة، مما يعني أن ترصد كل كبيرة وصغيرة، وعقل يرصد كل هفوة، ويلمح كل نظرة، ويرصد رد فعل الأجهزة الفنية واللاعبين. وبعد إحراز الزئبقي الموهوب الهدف الثالث استوقفني محمود -لاعب كرة يد من عائلة زوجتي وهو مشجع أهلاوي متعصب- قائلاً: "شفت بركات عمل إيه؟!.. ده شاور لجمهور الزمالك بأصبعه الأوسط".. ولأنها إشارة لها مردود سوقي في الشارع، فقلت له معقول بركات!! لا.. لا عيب أكيد مش ممكن يصدر هذا منه، المعروف عنه أدبه، وأخلاقه.. فما كان من محمود إلا أنه أكد على ذلك. ولا أخفي عليكم أنني لمت نفسي عن هذه السقطة التي وقعْت فيها تجاه قراء المطبوعة التي أعمل بها.. ولكني قبل أن أجلد نفسي تراجعت؛ لأن كل المسئولين في الجريدة كانوا متواجدين، ومع اختلاف ألوانهم لم يلاحظوا شيئاً. ولكن برامج "التوك شو" الرياضية استمعت كما فعلت لعشرات المحاميد (جمع محمود)، وتفاعلوا وانفعلوا، لعمل نسب مشاهدة، وأكدوا على القصة، وأن بركات يجب أن ينال العقاب جرّاء فعلته. ومع بحثي لمشاهدة تسجيلات لانفعالات بركات بعد أي هدف يُحرزه، لم أجد أي شيء مما قاله هؤلاء حتى أن فرحته بالهدف الثالث في مرمى الزمالك هي نفسها فرحته بأهدافه من قبل في مرمى النجم الساحلي والدوري المصري وغيرها، وبرغم أن بركات استشعر الخطر فقد سارع بحسم الأمر، ونفى هذا الفعل المشين عن نفسه، قائلاً: "أقسم بالله أنه لم يصدر مني أي إشارات بذيئة إلى جمهور نادي الزمالك؛ لأن هذه الأعمال لا تتناسب مع أخلاقي، ولم ألتفت للجماهير البيضاء؛ لأنني كنت في شدة فرحتي بالهدف؛ لأنه هدفي الأول هذا الموسم، خاصة وأنه هدف التعادل في الوقت القاتل في مرمى الزمالك، لذا توجّهت إلى جمهور النادي الأهلي وقمت برفع يدي إلى الجماهير في إشارة مني إلى الاحتفال بالهدف.. ومن العيب أن يُحاول البعض أن ينسب لي هذه الأفعال الخارجة، خصوصاً وأن المباراة كانت نظيفة من الطرفين وكانت أشبه بالاحتفال". ورغم تصريحات بركات ونفيه لذلك الفعل المشين، لم يرضَ حزب الإعلاميين المعروفين، ورفضوا كلام بركات، وأكدوا ما ادّعوه، لا لشيء سوى لكسب الجماهير المتعصبة، وللانتقام من بركات، بالإضافة إلى الرد على معاقبة لاعبي الزمالك علاء علي وحازم إمام، بالإضافة إلى إبراهيم حسن. في النهاية.. فإن الكلمة من الممكن أن تبني وتعمّر طالما نابعة من الضمير.. ومن الممكن أن تخرب وتهدم طالما تاه الضمير!! فهل أنت مع قرار لجنة الانضباط بتبرأة محمد بركات أم أنه يستحق العقاب؟!