السلام عليكم أبا بحب هذا الموقع جداً، ودايماً متابعاة، وبحب جميع الآراء؛ لأنها ممكن تفيد ناس كتير في حل مشاكلهم، عشان كده أنا حبيت أعرض عليكم مشكلتي. أنا مخطوبة لشخص من حوالي شهرين، وكانت خطوبة تقليدية جداً، الشخص ده كويس معايا جداً وممكن يعمل أي حاجة عشان يرضيني؛ بس بيني وبينه فرق السن 10 سنوات، وأنا بافكّر في النقطة دي كتير. أنا عندي 25 وهو 35؛ برغم كده أوقات كتير باحس إني مش عاوزاه وأوقات باحس إني عاوزاه؛ يعني مترددة؛ مع إنه مش بيعمل لي حاجة خالص. والمشكلة الأكبر إن فيه واحدة صاحبتي جايبة لي عريس عنده 31 سنة، وضابط شرطة وإمكانياته كويسة؛ مع إن برضه الإنسان اللي أنا مرتبطة بيه إمكانياته كويسة، مش عارفة أعمل إيه أسيب خطيبي وأشوف العريس التاني ولا إيه؟ أنا مش عارفة، وفي حيرة جامدة، ومحتاجة جداً مساعدتكم وآراءكم في أقصى وقت، وعلى فكرة اللي كمان خلى صاحبتي تقول لي على العريس إني كنت باقول لها على خطيبي إنها جوازة وخلاص شكراً ليكم. شوشو يقول مثل إيراني: "على مذبح القرار ينام الناس نوماً عميقاً".. يصلح تماماً لوصف حالتك؛ ولكن إلى متى سيظلّ ترددك نائماً؟ هذه هي المشكلة. صديقتي العزيزة: رغم اعترافك من البداية بطبيعة الأسباب التي أوقعتك في هذه الحيرة، وكلها متعلقة بالتردد وعدم معرفتك لأهدافك وماذا تريدين بالتحديد؛ لكني أريد أن أقول إن مشكلتك هي من صنعك أنت وليست من صنع الظروف التي أوقعت في طريقك شخصين فيهما من المميزات ما يجعل فتاة مثلك -تعاني من التردد أصلاً- تقع في هذا المأزق. ولكن بشهادتك، خطيبك الحالي ودود وطيب ويحاول إرضاءك بشتى الطرق الممكنة، ولم تحدث بينكما مشاكل والحمد لله؛ لكنّ فرق السن هو مشكلتك الوحيدة، وفي هذا كلام كثير جداً؛ فمن وجهة نظري وجود فارق في السن في حد ذاته ليس عيباً ولا عائقاً يعوق إتمام زيجة بين اثنين؛ ولكن في النتائج المترتبة على فرق السن سواء لصالح المراة أو الرجل؛ بمعنى أنه قد يكون فارق السن منعدماً بين اثنين، والتوافق والانسجام بينهما منعدماً أيضاً، وعلى العكس قد يكون الفارق كبيراً بين الاثنين، وأكثر بكثير من الفارق بينك وبين خطيبك، ويكون الانسجام والتوافق بينهما كبيراً بل ودائماً. وكل هذا يرجع إلى طبيعة تفكير ورغبات وطموحات كل من الطرفين بغضّ النظر عن السن والفارق في العمر. وما أريد أن أقوله لك: إنه ليس هناك ضمان -ولو واحد في المائة- أن الشخص الذي حدّثَتْك عنه صديقتك أحسن وأفضل من خطيبك؛ خاصة لعدم إشارتك إلى أن هناك ما يعيبه؛ على الأقل في هذه المرحلة؛ ولذلك عليك أن تتخلي عن التردد لأنه ليس هناك مجال له من الأصل؛ فخطيبك إنسان محترم، وهناك تفاهم بينكما ولم يحدث خلاف، والسبب الوحيد الذي أوقعك في الحيرة هو السن، والسن ليس دائماً سبباً للاعتراض؛ خاصة أن الفارق بينكما هو 10 سنوات؛ ولكن هذا ليس مبرراً؛ فالطبيعي أن يكون هناك فارق في العمر؛ ولكن الفارق ليس كبيراً للدرجة التي تجعلك تترددين وتعقِدِين مقارنة ظالمة لخطيبك مع شاب لم تريه بعد، ولم تتحققي من صدقه وحقيقة أخلاقه. وهناك نقطة أخرى أريد أن ألفت انتباهك إليها، هي أنك من ناحية لم تحاولي أن تتفاهمي أو تعطي لمشاعرك الفرصة لكي تقترب من مشاعر خطيبك الودود، وكنت دائماً حائرة تفكرين في هاجس فارق السن، وهذا من وجهة نظري هو أساس المشكلة الذي دفعك أن تعبّري لصديقتك عن عدم رضائك عن هذه الزيجة بقولك "جوازة وخلاص" فاستشفّت عدم رغبتك، وبادرت من طلقاء نفسها بالبحث لك عن عريس مناسب من وجهة نظرك وأصغر سناً. فالمثل الأمريكي يقول: "أحبب ثم افعل ما تريد"، والمقصود أنه: امنح الفرصة لنفسك لكي تحب الشخص الذي أمامك، وخاصة لو كان ودوداً ويحبك؛ بدليل أنه يحاول إرضاءك، ثم بعد ذلك فكّري على مهل في هل يمكن أن يكون فارق السن عائقاً أمامكما للتواصل والانسجام؛ فمازال لديّ ولدى الكثيرين غيري قناعة أنه ليس شرطاً أن تعيشي قصة حب عميقة سابقة على الزواج لكي يكون ناجحاً، كما أنه ليس شرطاً أن يكبرك عريسك بعام أو عامين لينجح الزواج، وتكونا زوجين متفاهمين؛ فوجود رغبة حقيقية في أن نحب من يتودد إلينا ويريد أن يشاركنا حياتنا بصدق وبدون مواربة أو خداع أو خداع أمر ملحّ أمام كل هذه المميزات التي تعدّ مهراً عظيماً وضخماً؛ يجعلنا نتغاضى عن أشياء كثيرة تتضاءل أمام الصدق والرغبة الحقيقة في ارتباط واضح يضمن السعادة أمام الجميع. ولذلك إذا أردتِ رأيي يا صديقتي امنحي نفسك الفرصة؛ لكي تنسجمي معه؛ فالحب عندما يتواجد تختفي كل الفروق ويصبح الحب نفسه بديلاً عن التكافؤ الظاهر والجمال ومتطلبات الحياة المادية، وتصبح الحياة مع من نحب هي مطلبنا الوحيدة.