أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الجديد، على مواجهته لبعض الفتاوى العديدة والمتضاربة؛ مؤكداً أن تلك الفتاوى لم تصدر عن الأزهر كمؤسسة أو عن عالم أزهري، وأن الكثير منها يهدف لضرب الاستقرار الديني والاجتماعي للأمة، في إطار ما يسمى بالفوضى الخلاقة. وقد دافع شيخ الأزهر في هذا الصدد عن فتوى الأزهر باعتبار النقاب عادة وليس عبادة، مستنداً إلى أن المذاهب الأربعة تعتبر النقاب عادة؛ إلا رأياً بين الحنابلة يخالف ذلك. وأنحى الدكتور الطيب باللائمة على بعض الفضائيات العربية التي قال إنه لا توجد بينها قناة واحدة قادرة على العمل على تنشئة جيل إسلامي قادر على التصدي للتحدّيات التي تواجه الأمة، وحمل بشدة على بعض الدعاة الجدد، الذين وصفهم ب"السفسطائيين"، وبأنهم تركوا القضايا الرئيسية، وشغلوا الناس عن جوهر الدين الإسلامي وجعلوهم يتصارعون وراء شكليات. وأوضح شيخ الأزهر أن الفكر السلفي حديث وطارئ على الإسلام وعمره لا يتجاوز مائتي عام، وقال إنه ليس قلقاً من انتشار هذا الفكر في مصر؛ لأن القاعدة هي الأزهر وأفكاره الوسطية والمعتدلة، وقال إن مواجهة السلفية تتم من خلال الفكر. التصدي للفكر الشيعي ومنع انتشاره كما أوضح الشيخ أن الأزهر سيتصدى لأي محاولة لنشر المذهب الشيعي في أي بلد إسلامي، أو لنشر خلايا شيعية في أوساط الشباب السنيّ، تماماً مثلما تتصدى "إيران" لأي محاولة لنشر المذهب السنيّ لديها؛ مشيراً إلى أن الأزهر سيواصل دوره في مسألة التقريب الفكري التي بدأها مع المذهب الشيعي منذ عهد شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت، وهو الحوار الذي أدى للتقليل من الكثير من التوترات والحساسيات. وأشار الإمام الأكبر إلى وجود توافق مع عدد كبير من علماء الشيعة داخل إيران فيما يخص مسألة عدم التبشير لمذهب شيعي في أوساط السنة أو العكس. وشدد الدكتور الطيب على أنه سيكون يقظاً ومنتبهاً، وسيعمل على إبطال أي أجندة سياسية لأي طالب شيعي يدرس في مصر؛ فهو لا يريد أن يتحول الأمر ل"مصيدة" للشباب السنيّ للتحول للمذهب الشيعي، وبعدها إلى بؤرة، ثم مركز شيعي، يعقبه قتال؛ فهذا أمر لا يمتّ للإسلام أو للفكر بصلة. وأضاف شيخ الأزهر بأن التقارب هو تقارب على المستوى الفكري وفي الحدود العلمية فقط، وأنه يرحّب بدراسة الطلاب الشيعة في الأزهر؛ لأنه يرى في ذلك فرصة لتعرّفهم على المذهب السنيّ. الإخوان لم يخترقوا الأزهر في الوقت نفسه نفى شيخ الأزهر اختراق جماعة الإخوان المسلمين للأزهر، مستشهداً بأن من تم القبض عليهم بتهمة الانتماء للجماعة بين طلاب الأزهر، عددهم لا يتجاوز بضع عشرات من بين نحو نصف مليون طالب يدرسون بالأزهر، كما نفى أيضاً أن يكون هناك رفض أو اعتراض من الجماعة على تولّيه مشيخة الأزهر؛ موضحاً أنه لم يلمس مثل هذا الرفض من الجماعة، كما نفى طرد أي طالب من جامعة الأزهر بسبب انتمائه للإخوان؛ ولكنه ضد أي مظاهر لوجود ميليشيات ذات طابع عسكري داخل الجامعة؛ لأن هذا إخلال بالأمن العام وضد تقاليد وآداب الجامعة. لا تعارض بين المشيخة والعضوية كما تطرّق شيخ الأزهر للجدل الدائر حول عضويته في المكتب السياسي للحزب الوطني الحاكم في مصر، وألمح إلى أنه ربما يتخلى عن عضوية الحزب قريباً إن كان تفرّغه سيكون في صالح الأزهر، وإن كان هو شخصياً لا يرى تعارضاً بين المشيخة والعضوية، وأضاف: إن الأزهر سيواصل عملية التطوير ومراجعة المناهج بشكل مستمر للعودة لدوره التنويري والفكري الرائد في العالم الإسلامي. ونفى الدكتور الطيب وجود أي دور سياسي في المستقبل للأزهر؛ مؤكداً على دوره كمؤسسة علمية دينية، وأنه يتمتع بالاستقلالية التامة من الناحية الفكرية والفقهية رغم التبعية الإدارية للمؤسسات الرسمية؛ ولكن هذا لا يؤثر على دوره وعمله. ويذكر أن تعيين الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب، المولود في عام 1946، شيخاً للأزهر كان بناء على قرار جمهوري أصدره الرئيس حسني مبارك يوم الجمعة 19 مارس من هذا العام، والدكتور أحمد أستاذ في العقيدة الإسلامية، ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، وترجم عدداً من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية، وعمل محاضراً جامعياً لبعض الوقت في فرنسا. عن العربية (بتصرّف)