كان الفنان الإسباني فرانسيسكو دي جويا سابقا لعصره دوما، ومتفوقا على كل الفنانين المعاصرين له، فمنذ بداياته عشق الضوء والظلال واكتشف سحرهما وأبدى سخريته من فنانين عصره لاهتمامهم بالخطوط والألوان، وقد تحدثنا من قبل عن اللوحات السوداء التي رسمها جويا تلك اللوحات التي تُعدّ الأكثر كآبة في تاريخ الفن، واليوم سنتناول في حديثنا سر لوحته الشخصية التي رسم فيها نفسه. استخدم جويا في لوحته تقنية فريدة في الرسم استطاع من خلالها أن يشتق من لوحته الأصلية لوحتين أخرتين، فالأولى مزج فيها نصفين متشابهين من صورته الشخصية في لوحة واحدة، ومزج النصفين الآخرين المتشابهين في لوحة أخرى، وقد قام برسمها عام 1815. احتار النقاد كثيرا في تفسير سر هذه اللوحة، واستطاعوا مؤخرا تفسير سر لغزها عام 2006، فقد قاموا بقسم اللوحة نصفين من منتصفها ولصق انعكاس كل شق لشبيهه، مما عمل على إظهار صورتين لشخصيتين مختلفتين. وقد ادعى بعض الفنانين في عصرنا الحديث أن هذه التقنية الفنية من سمات عصرنا الحديث، ولكنها كانت شائعة في العصور السابقة، وتم اكتشاف لوحات لرامرانت وبيكاسو وفان ايك وغيرهم مرسومة بنفس الطريقة، مما يدلل على أن جويا كان من الفنانين الذين يمتلكون تلك العين الفنية التي تمزج عدة مشاهد في وجه واحد، وعدة احتمالات بصرية في مشهد واحد. ويقول النقاد أن جويا اكتشف العديد من استخدامات الضوء حيث كان يؤمن بأنه هو الذي يظهر جمال الألوان، وكان من أوائل من استخدموا الضوء والظلال، واستطاع أن يكشف عن نظرية الضوء قبل مائة عام من الكشف عنها، كما صنفه البعض من الفنانين المنتمين إلى المدرسة السريالية وذلك قبل تطبيقها بمائة عام. يُذكر أن الفنان فرانسيسكو دي جويا (1746- 1828) هو أحد الأساتذة الأوائل لفن الرسم الحديث، الذي تتسم رسوماته بحركات الفرشاة الحرة والألوان الرائعة الثرية، مما جعله رائدا الحركة الانطباعية التي ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر. وقد صوّر جويا في لوحاته الكوارث وفظائع الحرب بأسلوب عنيف يعكس مدى مأساة الشعب الإسباني أثناء الاحتلال الفرنسي لإسبانيا عام 1808، كما رسم لوحات أخرى مليئة بالخيال والإثارة والرعب لم يخفف منها سوى لمساته الفنية الرائعة وملاحظاته الواقعية، وأصبحت آخر أعماله الفنية أكثر تحررا وإبهارا، كما عشق جويا أسلوب رامبرانت وتركيزه على إظهار جمال الضوء وزهو الألوان به.
يمكنك الاطلاع على: اللوحات السوداء.. الأكثر كآبة في تاريخ الفن "الماجا" اللوحة التي أثارت الجدل حول غموض حياة صاحبتها لوحة بورتريه شخصي لجويا * دنيا الأدب اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: