هناك سائل يسأل عن: هناك رجل محصّن زنى بامرأة محصّنة في بلد لا يقيم حدّ الزنا؛ فكيف يتوب، وهل يجب عليه حتى يتوب أن يُقيم على نفسه حدّ الزنا؟ وكان ردّ دار الإفتاء كالتالي: روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَيَقُولَ: يَا فُلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ"؛ فمن أذنب ذنبا وستره الله فعليه ألا يفضح نفسه؛ لأن مِن صفاته تعالى ستر القبيح؛ فإظهاره كفر بهذه النعمة واستهانة بستره سبحانه. وعلى صاحب الذنب أن يتوب إلى الله تعالى بالإقلاع عن الذنب والندم على اقترافه والعزم على عدم العودة إليه، وعليه بكثرة الاستغفار؛ فإن الله تعالى لم يكلّف كل مَن اقترف ذنبا فيه حدّ أن يسعى لإقامة الحد على نفسه، بل هو مأمور بالستر على نفسه، والحدود هذه من شأن الإمام أو ولي الأمر؛ ولذلك لمّا أَصَابَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ جَارِيَةً لَا تَحِلُّ لَهُ أَمَرَهُ هَزَّالٌ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَتَاهُ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِ وَقَالَ لِهَزَّالٍ: لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ؛ رواه أبو داوود والنسائي.