قرر البنك المركزي الأوروبي اليوم إبقاء سعر الفائدة خلال شهر شباط ثابتاً كما كان متوقعاً نظراً للضغوط السلبية التي تتصاعد بالأسواق المالية و تباطؤ وتيرة النمو، حيث ينحصر موقف البنك بين تباطؤ وتيرة النمو و تفاقم أزمة الديون السيادية التي باتت الشبح المخيف الذي يهابه البنك خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم فوق المستويات الآمنة. قرر البنك المركزي الأوروبي اليوم تتثبت سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 1.00% الأدنى منذ تأسيس البنك المركزي، فقد بقي سعر الاقتراض عند 1.75% في حين بلغ معدل الفائدة على الايداع ما نسبته 0.25%، دعما لمستويات النمو في المنطقة و نمو النشاط الاقتصادي و خلق وظائف جديدة في المنطقة حيث وصلت مستويات البطالة لمستويات مرتفعة جداً حدت من النشاط الاقتصادي في المنطقة حيث، وصل معدل البطالة في منطقة اليورو خلال شهر كانون الأول عند مستويات 10.4%، في حين سيعقد رئيس البنك المركزي السيد دراغي مؤتمر صحفي بعد 45 دقيقة. كان توجه البنك المركزي الأوروبي في بداية العام الماضي للحفاظ على استقرار الأسعار و التحكم بمستويات التضخم هي إحدى أولوياته الأولى ليقوم برفع سعر الفائدة مرتين ليوصلها إلى 1.50%، و لكنه بعد التباطؤ الاقتصادي الذي حصل في اقتصاد المنطقة وسط تفاقم أزمة الديون السيادية و تأثيرها السلبي إلى جانب السياسات التقشفية التي تتخذه الدول الأوروبية لتخفيض عجز ميزانياتها للمستويات المستهدفة، قام بالبنك بالتراجع عن قرارته هذه مع رئيس البنك الجديد ماريو دراغي الذي قام بخفض سعر الفائدة ليرجعها إلى مستوياتها المتدنية عند 1.0% دعماً للنمو الاقتصادي و إزالة أثر الأزمة السلبي. إن التباطؤ التي تشهده اقتصاديات المنطقة وسط تفاقم أزمة الديون و تفشيها، إلى جانب الإجراءات التقشفية الشديدة التي أقرتها الحكومات وسط السبل القائمة لتحقيق تخفيضات في نسب العجز، تؤثران بشكل جوهري على وتيرة النمو و تثبطها، الأمر الذي يجعل البنك المركزي الأوروبي مائلاً أكثر خصوصاً في الآونة الأخيرة لدعم مستويات النمو المتواضعة، و على تغيير موقفه السياسي النقدي في الفترة القادمة. و من ضمن السياسات التحفيزية التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي، فأنه كان قد قام بعمليات تمويل للبنوك الأوروبية و التي أظهرت نسبة طلب قوية لتصل إلى 489 مليار يورو، و ذكر البنك أن 523 بنكاً قد طالب بهذه القروض التمويلية، و التي مُنحت للبنوك بنسبة فائدة مخفضة عند 1% و لمدة ثلاث أعوام. يأتي هذا العرض من البنك المركزي الأوروبي لضمان تجنب القطاع المالي و المصرفي أي مشاكل أو أزمات في السيولة وسط تدني مستويات الثقة و عدم قابلية البنوك لمنح بعضها البعض أو منح الشركات، و أشار المركزي الأوروبي أن هذا العرض يهدف من ناحية إلى تخفيض تكاليف الاقتراض في أوروبا و بشكل رئيسي قيام البنوك باقراض بعضها البعض، و من ناحية أخرى قيام البنوك الأوروبية بسداد ديونها المستحقة قريباً منعاً لمواجهتها أي مخاطر عدم قدرتها على سداد التزاماتها على المدى القصير و المتوسط. إلا أن أهداف البنك المركزي لم تتحقق جميعها، فقد ارتفعت الوادئع لليلة واحدة في البنك المركزي الأوروبي لمستويات قياسية جديدة بلغت 511.689 مليار يورو مقارنة بالمستويات الماضية عند 488 مليار يورو، و هذا ما أشعل المخاوف من تدني مستويات الإقراض بين البنوك الأوروبية من جديد حيث أن غاية البنك لم تتحقق بشكل كامل و الذي كان يهدف بشكل رئيسي لازالة حاجز الخوف بين البنوك الأوروبية و اقراض بعضها البعض في سبيل انعاش الاقتصاد. نُلاحظ أن هنالك مطالبات عديدة تحث البنك المركزي الأوروبي بالتوسع في سياسته لشراء السندات الاوروبية ، إلا أن البنك يندد هذه المطالب و يذكر أنه من المخالف لقوانينه أن يُقدم على شراء مباشر أو دعم مباشر للدول أعضاءه، في حين أشارت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني سابقاً انه يتوجب على البنك المركزي الاوروبي شراء كميات أكبر من سندات دول منطقة اليورو المتعثرة بهدف دعم ايطاليا ومنع انهيار "كارثي" لنظام العملة الموحدة ( اليورو). هذا و يختلف البنك مع العديدين الذي يطالبون البنك بتحمل خسائر على ما يحمله من سندات يونانية في سبيل دعم الدولة و تمكينها بالسيطرة على دينها العام، و لكن لا تزال هذه القضية شائكة بين البنك و الدولة و ذُكر في تقارير سابقة أن البنك قد يقبل بعض الخسائر في حال استبدال هذه السندات مع أخى لصندوق الاستقرار المالي الأوروبي، و لكن لم يتم تأكيد أو نفي هذه التقارير، الأمر الذي يُشير إلى أنها قضية لم يتم حلها بعد. و من جهة أخرى، لا تزال الأحزاب اليونانة الرئيسية حتى اللحظة هذه مختلفة بين بعضها البعض حول الخطة التقشفية التي اشترط المقرضين الدوليين قيان اليونان بتطبيقها في سبيل حصولها على قرض النقاذ الثاني بقيمة 130 مليار، الأمر الذي أثار المخاوف و صعّد من حالة عدم اليقين في الأسواق. يحتل المؤتمر الصحفي الذي سيلقيه رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أهمية كبيرة حيث يترقب المستثمرين بشغف أي إشارات أو تعليقات حول موقف البنك السياسي النقدي، وسط تفاقم أزمة الديون و استمرار تعثر أوضاع الدول الأعضاء و خاصة اليونان التي يتم تحديد مصيرها في هذين اليومين، في حين بقيت مستويات التضخم مرتفعة جداً على الرغم من تراجعها حسب التوقعات الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين خلال كانون الثاني عند 2.7% على المستوى السنوي. و أخيراً و ليس آخراً، تبقى الآمال معلقة على المؤتمر الصحفي الذي سيقيمه دراغي، و الذي قد يُشير فيه كما ذكرنا عن الموقف الذي قد يتخذه البنك حيال الأزمة اليونانية و الدول المتعثرة الأخرى، و عن آلية العمل التي سيتبعها خلال الفترة القادمة وسط آخر التطورات.