يتولي الايطالي ماريو دراجي يوم غد رسميا رئاسة البنك المركزي الأوروبي خلفا لجان كلود تريشيه في ظروف تتسم بضغوط هائلة ناجمة عن أزمة ديون منطقة اليورو، وتساؤلات حول حدود تدخل البنك المركزي لدعم الدول المثقلة بديونها السيادية، ومثل تريشيه، يعد دراغي مدافعا صلبا عن التزام البنك المركزي بمهمته الجوهرية وهي محاربة التضخم، لكنه أيضا مفاوض بارع يعرف كيف يصنع الاتفاقات والتوافقات. وسيحتاج الرئيس الجديد للمزاوجة بين التشبث بمبادئ عمل البنك المركزي وبمتطلبات المرونة لكي ينجح في أداء المهمة الملحة حاليا للبنك في منع حدوث كارثة مالية في منطقة اليورو. وخلال الأشهر القليلة الماضية قام البنك المركزي بتجاوز مهامه التقليدية في ضمان استقرار الأسعار والتحكم بالتضخم، وتدخل في سوق السندات السيادية، حيث ضخ مليارات اليوروات لشراء سندات ايطالية واسبانية لخفض تكلفة استدانتها من الأسواق المالية، والحيلولة دون تفاقم وضع ديون روما ومدريد علي غرار ما حدث مع اليونان. وسيرأس ماريو دراجي الخميس المقبل أول اجتماع له علي رأس مجلس حكماء البنك المركزي الأوروبي في مقره بفرانكفورات الألمانية، وستتوجه أنظار المتابعين لأول تصريح صحافي للرئيس الجديد عقب الاجتماع بشأن سياسة البنك لضمان الاستقرار المالي بأوروبا. ويبلغ دراغي 64 عاما، ولديه خبرة واسعة في تدبير الأزمات، وقد كان له دور كبير من خلف الكواليس في التوصل لاتفاقات بين قادة منطقة اليورو حول تدابير حل أزمة الديون، وقد عمل ست سنوات مديرا تنفيذيا للبنك الدولي "من 1984 إلي 1990"" وكان علي رأس الخزينة الايطالية من 1991 إلي ،2001 وهو حاصل علي الدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وشغل منذ العام 2006 منصب رئيس هيئة الاستقرار المالي بأوروبا، وتقلد مناصب قيادية في فرع بنك جولدمان ساكس بلندن بين 2002 و2005. وكان له دور في مفاوضات انضمام بلاده لمنطقة اليور، وأشرف علي عمليات خصخصة عدد من مؤسسات القطاع العام بإيطاليا. وتولي دراجي منذ عام 2005 رئاسة البنك المركزي الايطالي واستطاع العبور بسفينة القطاع المصرفي لبلاده بسلام من وسط عاصفة الأزمة المالية خلال فترة 2007 - 2009 وبصفته رئيسا للمركزي الايطالي كان دراجي عضوا في مجلس محافظي المركزي الأوروبي، غير أنه ظل كتوما ويدع للآخرين مهمة الإدلاء بتصريحات عن سياسة المركزي الأوروبي حول نسب الفائدة. ويقول اقتصاديون ان مسار دراجي يدل علي أنه سيؤيد قيام المركزي الأوروبي بمهمته كما هي مسطرة في معاهدة ماستريخت، وهي مواجهة التضخم أولا قبل خفض نسب الفائدة لدعم النمو مع خط رفض مشدد لأي مساهمة للبنك في خطط دعم الدول الأعضاء بمنطقة اليورو لإعادة التوازن لموازناتها.