حزب الوفد يحيي ذكرى رحيل سعد زغلول ومصطفى النحاس (صور)    عمدة "هوداك" برومانيا يكرم طلاب جامعة سيناء الفائزين بالجائزة الذهبية في مهرجان الفلكلور الدولي    اتحاد المقاولين يطالب بوقف تصدير الأسمنت لإنقاذ القطاع من التعثر    الخارجية الجزائرية: المجاعة بقطاع غزة خيار سياسي ونتاج تخطيط وتدبير الكيان الصهيوني    نهائي السوبر السعودي، الأهلي والنصر يتعادلان 2-2 بالوقت الأصلي ويحتكمان لركلات الترجيح (صور)    بمشاركة فريق مصري.. تعرف على المشاركين في البطولة العربية للأندية لليد    محافظ سوهاج يتابع حادث غرق الطالبات ب شاطئ العجمى في الإسكندرية    نائب وزير السياحة وأمين المجلس الأعلى للآثار يتفقدان أعمال ترميم المواقع بالإسكندرية    بدون أنظمة ريجيم قاسية، 10 نصائح لإنقاص الوزن الزائد    الإتجار في السموم وحيازة خرطوش.. جنايات شبرا تقضي بسجن متهمين 6 سنوات    وزير الصحة الفلسطيني: فقدنا 1500 كادر طبي.. وأطباء غزة يعالجون المرضى وهم يعانون من الجوع والإرهاق    مذكرة تفاهم بين جامعتي الأزهر ومطروح تتضمن التعاون العلمي والأكاديمي وتبادل الخبرات    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    إزالة لمزرعة سمكية مخالفة بجوار "محور 30" على مساحة 10 أفدنة بمركز الحسينية    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    50 ألف مشجع لمباراة مصر وإثيوبيا في تصفيات كأس العالم    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    تكريم الفنانة شيرين في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته ال41    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    الغربية: حملات نظافة مستمرة ليلا ونهارا في 12 مركزا ومدينة لضمان بيئة نظيفة وحضارية    "التنمية المحلية": انطلاق الأسبوع الثالث من الخطة التدريبية بسقارة غدًا -تفاصيل    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    محافظ أسوان يتابع معدلات الإنجاز بمشروع محطة النصراب بإدفو    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحات ثقافية
نشر في صوت البلد يوم 25 - 12 - 2017

فصّل حياته في ستة كتب أفضل مبيعاً أسعدت جيوب الناشرين، ولا يزال هؤلاء يراهنون على جاذبيّة أدب العادي في رباعية الفصول التي ظهر جزؤها الثاني أخيراً. خاطب كارل أوفا كنوسغارد طفلته الجنين من زوجته (السابقة الآن) في «خريف» و «شتاء» ليرى العالم للمرة الأولى مجدّداً ويقدّمه إليها. غريب أن تكون هناك مرة أولى لرؤية السماء، الشمس، شجرة، مصباح، حذاء، وجه، ملابس النوم، والإحساس بالهواء يلفح جلدك. في حياته يكاد ذلك لا يحدث بتاتاً، لكنه سيفعل قريباً. بعد أشهر قليلة سيراها للمرة الأولى.
نُشرت «شتاء» بالنروجية قبل عامين، ثم بالإنكليزية أخيراً عن دار «هارفل سيكير» في بريطانيا. يتناول العادي بلغة عادية قلّما تتوهّج أو تثير العاطفة. الكرسي شيء نجلس عليه. الأنابيب تحمل السوائل. القطار رمز الشوق. اللغة للتواصل لكن الكثير منه يحدث خارجها. الأنف كتلة منحدرة تبرز وسط الوجه. النقود المعدنية أسطوانات صغيرة عليها أرقام، ثقيلة بالنسبة إلى حجمها وتنزلق من الجيوب. البيوت أماكن مجوّفة، وكذلك السيّارات والبرّادات والخزائن، والبشر يحبّون صنع المساحات المجوّفة. الدمى تجسّد أرواح الأطفال: صغيرة ناعمة خيّرة ومخلصة. السكر حبيبات صغيرة تطحنها الأسنان، متعة بسيطة رخيصة دمّرها «صقور» الغذاء الصحي.
يحدّق في أصدقائه، ويرى وجه بيورن طويلاً شبه مستطيل، وعيني توماس غائرتين في وجهه. يتحدّث عن جزمة له يحبها، قديمة ممزّقة كأنها لشابلن. يشكو من مشكلات التدفئة تحت الأرض، ويرثي الهواء الساخن الذي يهبّ في الصقيع كأنه يضحّي بنفسه ولا يعرف حدوده. ينتبه ذات مساء للكتب التي تعلّق بعضها بفيزياء الجزئيات، ويدرك أنه لا يعرف شيئاً. يقترح إقامة محطات للجنس على الطرق الطويلة علماً أنه قال في «كفاحي» إنه يخشى حكم النساء عليه بالضعف، وإنه يبلغ المتعة بسرعة. يتصاعد الإيقاع حين يتابع جراحة في الأذن لابنته من تورّم البلعوم إلى دمية الأرنب وثوب المستشفى الذي يشبه معطف المطر والقيء الأحمر القاتم.
حوّاء اليوم
سبعئة صفحة، ثمانون شخصية وكاتبان في «الجميلات النائمات» التي يجاهر ستيفن كينغ بنسويّته فيها بمساعدة ابنه الأصغر أوين. يقول الناشر إن الرواية من نوع الفانتازيا، وهي تجمع الواقعية الاجتماعية والماورائية في مناخ يلتزم القوة النسائية. تتسبّب البطلة إيفي بلاك بموت رجلين يحضّران المخدّرات في دولنغ، فرجينيا الغربية، فتنقلها الشرطية لايلا نوركروس إلى السجن، حيث يعمل زوجها كلينت طبيباً نفسياً. يتواجه الاثنان في «حرب الجنسين»، ويتضّح أن إيفي الغامضة تملك قوى سحرية تمكّنها من استخدام الحيوانات خدماً وجواسيس. تتكثّف العقدة مع هبوط فيروس أورورا على العالم كتعويذة خرافية تتسبّب بنوم البنات والنساء وموتهن الذي يشكّلن إثره جماعة نسائية في مستوى آخر من الوجود. تتحوّل الإناث اللواتي يوقظن من سباتهن في ما يشبه الشرانق أحياء أموات محبّات للانتقام يقتلن فوراً أزواجهن وأبناءهن. إيفي التي يدعوها الكاتبان «الملاك القاتم» تجد فعلهن ردّاً كونياً عادلاً، وقد تكون المتسبّبة به.
يهاجم رجال غاضبون السجن لاختطاف إيفي والانتقام منها خارج إجراءات القانون البطيئة، فينظّم كلينت الدفاع عنها، وتبدو هذه حواء ثانية أُرسلت لإنقاذ البشرية بعدما تسبّبت حوّاء الأولى بسقوطها. تصارع إيفي السلطة الأبوية منذ بداية الحياة، لكن مرض النوم الذي يؤدي إلى موت النساء يعيد الرجال إلى السلطة وإن أضفى نبرة خرافية على القصة.
أبعد من الوعود
كتابة القصة، قال وليم بويد، فرصة لتغيير العادات والمجازفة وتجربة أصوات مختلفة، لكن القصة التقليدية التي تحوي بداية ووسطاً ونهاية باتت موضة بائدة. ذلك لا يعني، ردّ نقّاد مجموعته الأخيرة، كتابة بداية ووسط على الطريقة القديمة وإهمال النهاية تماماً. «أحلام بيثاني مِلموث» الصادرة عن «فايكنغ» تتناول الخيبات والخسارة والضياع، وتتجنّب النهايات حين يفقد الكاتب طريقه ولا يجد الخاتمة.
قصة العنوان رواية قصيرة من مئة صفحة تنفصل بطلتها ابنة الثانية والعشرين عن صديقها، وتترك الجامعة. ترفضها ستّة معاهد لتدريس التمثيل، فتنوي كتابة رواية ويغمرها تفاؤل دافئ. تفكر بعبارة «رواية من بيثاني مِلموث» وتحس بالفخر، لكنها تحلم بالنجومية السينمائية حين يُعرض عليها دور صغير في فيلم محدود الميزانية. لا يتحقّق المشروع فتنتقل إلى المسرح وتُحبط مجدّداً لتنتهي بالعمل مع لاعب بالطابات في الشارع. تعيش مع والدتها المطلقة، لكن علاقتها فاشلة بكلا والديها. يعود والدها من كاليفورنيا متأبطاً ذراع صينية جميلة تصغرها سنّاً، وحين تكتشف خيانتها تمنح أمّها فرصة الشماتة اللذيذة. كانت التقت الكاتب المسنّ الذي أدرك هباء الشهرة الأدبية وبدأ الكتابة عن أنواع الرياح. تدرك بيثاني، مثل الكثيرين من أبطال الكاتب السكوتلندي، أن الحياة قلّما تسير كما نشتهي، وتنوي اتخّاذ العبارة شعاراً لها. لكنّ ذلك لا يعني أنها تعلّمت الدرس وتوقّفت عن الحلم والمحاولة. تبقى كلما واعدت رجلاً ترى محبس الزواج، وكلما بدأت عملاً تجده وعداً بفتح العالم.
في «الرجل الذي يحبّ تقبيل النساء» يقنع تاجر الفن لودو أبرثاني بتقبيل النساء خلسة، ويمتنع عن خيانة زوجته الباهظة مادياً وعاطفياً، إلى أن يفشل في تقبيل زبونة قد تكون ابنة الفنان لوسيان فرويد، الخائن العنيد لزوجته. يتظاهر مخرج في «رسائل لم تُرسل» بأنه لم يفشل في عمله السينمائي حتى حين ينتهي أستاذاً للسينما والإعلام في جامعة مغمورة. «الطريق الذي لم يُسلَك» عن مريديث سوان التي تهجر ماكس، أستاذها السابق، لكي تتزوج مصرفياً ثرياً. تلتقيه صدفة بعد أعوام، وتشرب الكابوتشينو معه. تتذكّر كيف دخلت صفّه حين تناول الشاعر روبرت فروست، صاحب القصيدة- العنوان، وتشعر ربما بالخسارة لأن اسم أسرتها دلالة على «البحث عن الزمن الضائع» لمارسل بروست التي تبدأ ب «طريق سوان». «إذلال» عن الكاتب إيف هيل، الذي تعرّفت بيثاني إليه في قصة العنوان، وتمكّنه من الانتقام من الناقد الذي دمّر روايته. «المخيم ك 101» عن جندي ألماني يعود من القتال في أفريقيا، وينتقم من عازف أرغن يرفض بيعه قرداً. «لعبة الاختفاء: مغامرة» تشويق جيمس بوندي عن الممثل ألِك دَنبار الذي يكلّفه رجل غريب غامض نقل زجاجة ماء مقدّس إلى كنيسة نائية في سكوتلندا. يستفيد دنبار من قصص الأفلام التي شارك فيها للتخلّص من الأشرار الذين يطاردونه، لكنه يدرك أنه شارك من دون أن يعلم في مؤامرة ويفضّل أن يبقى جاهلاً مضمونها. كان بويد ألّف القصة التي تبلغ خمسين صفحة بطلب من شركة «لاند روفر» التي قدّمته كتاباً إلكترونياً مجانياً، لكن غياب ماهيّة المؤامرة في نهايتها أفقدها زخمها وعكَس التصاعد المتوقَع للأحداث في النهاية.
كاتبات صديقات
صُوّرت الكاتبات البارزات في الغرب نابغات منعزلات، غريبات الأطوار، في حين مجّد المشهد الأدبي دائماً صداقة الكُتّاب. «أخويّة سريّة: الصداقات الخبيئة لأوستن، برونتي، إليوت، وولف» الصادر عن «أورام برِس» يكتشف صداقات أدبية عدّة، ويكشف سبب طمسها وتجاهلها وإساءة تفسيرها. تقول المؤلفتان إميلي ميدوريكاوا وإيما كلير إن جين أوستن خانت طبقتها حين صادقت الكاتبة المسرحية آن شارب التي عملت مربيّة وانتمت إلى الطبقة العاملة. وجدت الاثنتان إشباعاً عاطفياً وفكرياً قويّاً في صداقتهما إلى درجة أحرقت كساندرا، شقيقة أوستن، معظم الرسائل المتبادلة بينهما. شعرت بالغيرة من الاتفاق الفكري بينهما، وخضعت للتمييز الطبقي السائد فبقيت الصداقة الكبيرة خبيئة طويلاً.
سادت صورة شارلوت برونتي «العانسة» التي تخربش على الورق مع شقيقتيها في بيت والدهن الكاهن. لكنها تأثّرت بصديقة المدرسة المتمرّدة ماري تيلور التي رفضت تعريف شارلوت نفسها بالمفكرة المحافظة، وحرّضتها على الكتابة عن الاحتجاجات الصناعية فكانت رواية «شيرلي» السياسية المباشرة.
نشطت هارييت بيتشر ستاو في حركة تحرير العبيد، وتردّد أن الرئيس آبراهام لينكولن خصّها بفضل إشعال الحرب الأهلية. تبادلت الرسائل مع الإنكليزية جورج إليوت (ماري آن إيفانز) حول الرقّ واللاسامية، وأوحت المراسلة إدانتها التمييز ضد اليهود في «دانييل ديروندا» بعدما شاع نموذج يهودي كاريكاتوري لدى تشوسر، مارلو، شكسبير وديكنز. بدأت صداقة فرجينيا وولف والكاتبة النيوزيلندية كاثرين مانسفيلد بعدما اشتهرت كلاهما. أحبّت كل منهما الجنسين، وتبادلتا الإعجاب والدعم، على رغم المنافسة بينهما. أعدّت وولف قصص مانسفيلد للطباعة في دار النشر التي ملكتها وزوجها لينارد بصفّ الحروف بنفسها.
فصّل حياته في ستة كتب أفضل مبيعاً أسعدت جيوب الناشرين، ولا يزال هؤلاء يراهنون على جاذبيّة أدب العادي في رباعية الفصول التي ظهر جزؤها الثاني أخيراً. خاطب كارل أوفا كنوسغارد طفلته الجنين من زوجته (السابقة الآن) في «خريف» و «شتاء» ليرى العالم للمرة الأولى مجدّداً ويقدّمه إليها. غريب أن تكون هناك مرة أولى لرؤية السماء، الشمس، شجرة، مصباح، حذاء، وجه، ملابس النوم، والإحساس بالهواء يلفح جلدك. في حياته يكاد ذلك لا يحدث بتاتاً، لكنه سيفعل قريباً. بعد أشهر قليلة سيراها للمرة الأولى.
نُشرت «شتاء» بالنروجية قبل عامين، ثم بالإنكليزية أخيراً عن دار «هارفل سيكير» في بريطانيا. يتناول العادي بلغة عادية قلّما تتوهّج أو تثير العاطفة. الكرسي شيء نجلس عليه. الأنابيب تحمل السوائل. القطار رمز الشوق. اللغة للتواصل لكن الكثير منه يحدث خارجها. الأنف كتلة منحدرة تبرز وسط الوجه. النقود المعدنية أسطوانات صغيرة عليها أرقام، ثقيلة بالنسبة إلى حجمها وتنزلق من الجيوب. البيوت أماكن مجوّفة، وكذلك السيّارات والبرّادات والخزائن، والبشر يحبّون صنع المساحات المجوّفة. الدمى تجسّد أرواح الأطفال: صغيرة ناعمة خيّرة ومخلصة. السكر حبيبات صغيرة تطحنها الأسنان، متعة بسيطة رخيصة دمّرها «صقور» الغذاء الصحي.
يحدّق في أصدقائه، ويرى وجه بيورن طويلاً شبه مستطيل، وعيني توماس غائرتين في وجهه. يتحدّث عن جزمة له يحبها، قديمة ممزّقة كأنها لشابلن. يشكو من مشكلات التدفئة تحت الأرض، ويرثي الهواء الساخن الذي يهبّ في الصقيع كأنه يضحّي بنفسه ولا يعرف حدوده. ينتبه ذات مساء للكتب التي تعلّق بعضها بفيزياء الجزئيات، ويدرك أنه لا يعرف شيئاً. يقترح إقامة محطات للجنس على الطرق الطويلة علماً أنه قال في «كفاحي» إنه يخشى حكم النساء عليه بالضعف، وإنه يبلغ المتعة بسرعة. يتصاعد الإيقاع حين يتابع جراحة في الأذن لابنته من تورّم البلعوم إلى دمية الأرنب وثوب المستشفى الذي يشبه معطف المطر والقيء الأحمر القاتم.
حوّاء اليوم
سبعئة صفحة، ثمانون شخصية وكاتبان في «الجميلات النائمات» التي يجاهر ستيفن كينغ بنسويّته فيها بمساعدة ابنه الأصغر أوين. يقول الناشر إن الرواية من نوع الفانتازيا، وهي تجمع الواقعية الاجتماعية والماورائية في مناخ يلتزم القوة النسائية. تتسبّب البطلة إيفي بلاك بموت رجلين يحضّران المخدّرات في دولنغ، فرجينيا الغربية، فتنقلها الشرطية لايلا نوركروس إلى السجن، حيث يعمل زوجها كلينت طبيباً نفسياً. يتواجه الاثنان في «حرب الجنسين»، ويتضّح أن إيفي الغامضة تملك قوى سحرية تمكّنها من استخدام الحيوانات خدماً وجواسيس. تتكثّف العقدة مع هبوط فيروس أورورا على العالم كتعويذة خرافية تتسبّب بنوم البنات والنساء وموتهن الذي يشكّلن إثره جماعة نسائية في مستوى آخر من الوجود. تتحوّل الإناث اللواتي يوقظن من سباتهن في ما يشبه الشرانق أحياء أموات محبّات للانتقام يقتلن فوراً أزواجهن وأبناءهن. إيفي التي يدعوها الكاتبان «الملاك القاتم» تجد فعلهن ردّاً كونياً عادلاً، وقد تكون المتسبّبة به.
يهاجم رجال غاضبون السجن لاختطاف إيفي والانتقام منها خارج إجراءات القانون البطيئة، فينظّم كلينت الدفاع عنها، وتبدو هذه حواء ثانية أُرسلت لإنقاذ البشرية بعدما تسبّبت حوّاء الأولى بسقوطها. تصارع إيفي السلطة الأبوية منذ بداية الحياة، لكن مرض النوم الذي يؤدي إلى موت النساء يعيد الرجال إلى السلطة وإن أضفى نبرة خرافية على القصة.
أبعد من الوعود
كتابة القصة، قال وليم بويد، فرصة لتغيير العادات والمجازفة وتجربة أصوات مختلفة، لكن القصة التقليدية التي تحوي بداية ووسطاً ونهاية باتت موضة بائدة. ذلك لا يعني، ردّ نقّاد مجموعته الأخيرة، كتابة بداية ووسط على الطريقة القديمة وإهمال النهاية تماماً. «أحلام بيثاني مِلموث» الصادرة عن «فايكنغ» تتناول الخيبات والخسارة والضياع، وتتجنّب النهايات حين يفقد الكاتب طريقه ولا يجد الخاتمة.
قصة العنوان رواية قصيرة من مئة صفحة تنفصل بطلتها ابنة الثانية والعشرين عن صديقها، وتترك الجامعة. ترفضها ستّة معاهد لتدريس التمثيل، فتنوي كتابة رواية ويغمرها تفاؤل دافئ. تفكر بعبارة «رواية من بيثاني مِلموث» وتحس بالفخر، لكنها تحلم بالنجومية السينمائية حين يُعرض عليها دور صغير في فيلم محدود الميزانية. لا يتحقّق المشروع فتنتقل إلى المسرح وتُحبط مجدّداً لتنتهي بالعمل مع لاعب بالطابات في الشارع. تعيش مع والدتها المطلقة، لكن علاقتها فاشلة بكلا والديها. يعود والدها من كاليفورنيا متأبطاً ذراع صينية جميلة تصغرها سنّاً، وحين تكتشف خيانتها تمنح أمّها فرصة الشماتة اللذيذة. كانت التقت الكاتب المسنّ الذي أدرك هباء الشهرة الأدبية وبدأ الكتابة عن أنواع الرياح. تدرك بيثاني، مثل الكثيرين من أبطال الكاتب السكوتلندي، أن الحياة قلّما تسير كما نشتهي، وتنوي اتخّاذ العبارة شعاراً لها. لكنّ ذلك لا يعني أنها تعلّمت الدرس وتوقّفت عن الحلم والمحاولة. تبقى كلما واعدت رجلاً ترى محبس الزواج، وكلما بدأت عملاً تجده وعداً بفتح العالم.
في «الرجل الذي يحبّ تقبيل النساء» يقنع تاجر الفن لودو أبرثاني بتقبيل النساء خلسة، ويمتنع عن خيانة زوجته الباهظة مادياً وعاطفياً، إلى أن يفشل في تقبيل زبونة قد تكون ابنة الفنان لوسيان فرويد، الخائن العنيد لزوجته. يتظاهر مخرج في «رسائل لم تُرسل» بأنه لم يفشل في عمله السينمائي حتى حين ينتهي أستاذاً للسينما والإعلام في جامعة مغمورة. «الطريق الذي لم يُسلَك» عن مريديث سوان التي تهجر ماكس، أستاذها السابق، لكي تتزوج مصرفياً ثرياً. تلتقيه صدفة بعد أعوام، وتشرب الكابوتشينو معه. تتذكّر كيف دخلت صفّه حين تناول الشاعر روبرت فروست، صاحب القصيدة- العنوان، وتشعر ربما بالخسارة لأن اسم أسرتها دلالة على «البحث عن الزمن الضائع» لمارسل بروست التي تبدأ ب «طريق سوان». «إذلال» عن الكاتب إيف هيل، الذي تعرّفت بيثاني إليه في قصة العنوان، وتمكّنه من الانتقام من الناقد الذي دمّر روايته. «المخيم ك 101» عن جندي ألماني يعود من القتال في أفريقيا، وينتقم من عازف أرغن يرفض بيعه قرداً. «لعبة الاختفاء: مغامرة» تشويق جيمس بوندي عن الممثل ألِك دَنبار الذي يكلّفه رجل غريب غامض نقل زجاجة ماء مقدّس إلى كنيسة نائية في سكوتلندا. يستفيد دنبار من قصص الأفلام التي شارك فيها للتخلّص من الأشرار الذين يطاردونه، لكنه يدرك أنه شارك من دون أن يعلم في مؤامرة ويفضّل أن يبقى جاهلاً مضمونها. كان بويد ألّف القصة التي تبلغ خمسين صفحة بطلب من شركة «لاند روفر» التي قدّمته كتاباً إلكترونياً مجانياً، لكن غياب ماهيّة المؤامرة في نهايتها أفقدها زخمها وعكَس التصاعد المتوقَع للأحداث في النهاية.
كاتبات صديقات
صُوّرت الكاتبات البارزات في الغرب نابغات منعزلات، غريبات الأطوار، في حين مجّد المشهد الأدبي دائماً صداقة الكُتّاب. «أخويّة سريّة: الصداقات الخبيئة لأوستن، برونتي، إليوت، وولف» الصادر عن «أورام برِس» يكتشف صداقات أدبية عدّة، ويكشف سبب طمسها وتجاهلها وإساءة تفسيرها. تقول المؤلفتان إميلي ميدوريكاوا وإيما كلير إن جين أوستن خانت طبقتها حين صادقت الكاتبة المسرحية آن شارب التي عملت مربيّة وانتمت إلى الطبقة العاملة. وجدت الاثنتان إشباعاً عاطفياً وفكرياً قويّاً في صداقتهما إلى درجة أحرقت كساندرا، شقيقة أوستن، معظم الرسائل المتبادلة بينهما. شعرت بالغيرة من الاتفاق الفكري بينهما، وخضعت للتمييز الطبقي السائد فبقيت الصداقة الكبيرة خبيئة طويلاً.
سادت صورة شارلوت برونتي «العانسة» التي تخربش على الورق مع شقيقتيها في بيت والدهن الكاهن. لكنها تأثّرت بصديقة المدرسة المتمرّدة ماري تيلور التي رفضت تعريف شارلوت نفسها بالمفكرة المحافظة، وحرّضتها على الكتابة عن الاحتجاجات الصناعية فكانت رواية «شيرلي» السياسية المباشرة.
نشطت هارييت بيتشر ستاو في حركة تحرير العبيد، وتردّد أن الرئيس آبراهام لينكولن خصّها بفضل إشعال الحرب الأهلية. تبادلت الرسائل مع الإنكليزية جورج إليوت (ماري آن إيفانز) حول الرقّ واللاسامية، وأوحت المراسلة إدانتها التمييز ضد اليهود في «دانييل ديروندا» بعدما شاع نموذج يهودي كاريكاتوري لدى تشوسر، مارلو، شكسبير وديكنز. بدأت صداقة فرجينيا وولف والكاتبة النيوزيلندية كاثرين مانسفيلد بعدما اشتهرت كلاهما. أحبّت كل منهما الجنسين، وتبادلتا الإعجاب والدعم، على رغم المنافسة بينهما. أعدّت وولف قصص مانسفيلد للطباعة في دار النشر التي ملكتها وزوجها لينارد بصفّ الحروف بنفسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.