مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    سعر الدولار اليوم السبت 23-8-2025 في البنوك    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 يقفز 40 جنيهًا ويسجل 4580 للجرام    وزير الزراعة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى    القاهرة الإخبارية: طيران الاحتلال يقصف المناطق الشرقية لمدينة غزة    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتي مع برشلونة    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    فتح باب التسجيل فى الجمعية العمومية العادية للإسماعيلى    الطقس اليوم.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة    طلاب الثانوية العامة للدور الثاني يؤدون امتحان الأحياء والاحصاء والرياضيات    أحمد جمال وفتحى سلامة ومحمود التهامى يختتمون حفلات مهرجان القلعة اليوم    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة بالحوامدية بالتعاون مع التحالف الوطنى    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بصحراوي قنا    السجن المشدد 15 سنة لسباك قتل جاره في الجمالية    حبس سائق بتهمة الاستيلاء على سيارة محملة بحقائب وأموال بالسلام    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    شيرين عبد الوهاب تكشف حقيقة عودتها لحسام حبيب    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    لحماية صحتك.. شروط يجب اتباعها عند شراء منتجات الألبان    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    الطماطم ب7 جنيهات والليمون ب15.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    تعرف على أسعار السكر والزيت واللحوم بالمجمعات الإستهلاكية    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    مهاجر التيك توك «الأفغاني» يقدم نصائح لقتل الزوجات وتجنب العقوبة    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرحي مهدي سلمان: ما هي القصيدة في عصر الوسائط الحديثة ؟
نشر في صوت البلد يوم 17 - 10 - 2017

أصدر الشاعر والمسرحي البحريني مهدي سلمان مؤخرا عن دار مسعى مجموعة “موت نائم، قصيدة مستيقظة” متزامنة مع صدور مجموعة أخرى بعنوان “مرايا آدم” عن دار المتوسط. وتأتي هاتان المجموعتان بعد سبع مجموعات شعرية أطلقها سلمان بين ورقية وإلكترونية، نذكر منها “السماء تنظف منديلها البرتقالي” و”أخطاء بسيطة” و”هذا أيضا ليس شعرا” (نسخة إلكترونية) و”لن أقول شيئا هذه المرة” (نسخة إلكترونية). كما أنه يعمل حاليا على إعداد جديد لإحدى مسرحيات يوجين يونسكو لعرضها في الربيع المقبل.
بداية يحدثنا مهدي عن أسباب اختياره الذهاب للطباعة الإلكترونية ثم العودة من جديد للورقية، وهل هو ظرف زمني، أم ثقافي، أم ثوري. ليقول ضيفنا “ثمة ظرف سياسي أولاً يتمثل في تقلص الحرية، ما يجعل من العسير صدور كتاب مثل ‘وهذا أيضاً ليس شعرا' في البحرين، لذا كان الأفضل بالنسبة إليّ أن يصدر إلكترونياً ليلتف على مسألة الرقابة، وليكون متاحا في وطن الكتاب الذي يتحدث عن الثورة في البحرين أساسا وعن الثورات العربية بشكل عام”.
التغير والنقاش
يقرّ مهدي سلمان أن تجربة النشر الإلكتروني قادته إلى أسئلة أخرى تتعلق بماهية الشعر، وماهية القصيدة في عصر الوسائط الحديثة، والأسئلة التي ما تزال مستمرة، وما يزال يرواح بين قناعاته الجديدة التي تبنّاها بعد صدور ديوانين له، وبين ما يفرضه الواقع الذي ما يزال ينظر إلى الأمور نظرة قديمة، تعلي من الكتاب الورقي، والنشر الورقي، حتى على حساب جودة الكتابة.
فيما إيمان ضيفنا أن هذا الواقع أيضا سيتغيّر، لكنه يحتاج وقتا، وكما كل شيء في ما قبل 2011، ستتخلخل مفاهيم، وتبنى أخرى، وتترجرج ثانية، حتى تستقر الأمور ربما بعد عقود، وعلينا فقط أن نبشّر بالجديد، نبشّر بالنظرة المختلفة التي تقود نحو التغيير.
في شهادة شعرية قدّمها شاعرنا ضمن مشروع “وجود” بالتعاون مع دار فراديس البحرينية أشار إلى أنه وُلد من جديد بعد 14 فبراير 2014 ولادةً جديدةً تمت غير عابئة بالنتائج السياسية.
يقول مهدي سلمان “بالرغم من كون الشعر كائنا متغيرا، لكن ثباته الوحيد هو في انتحائه باتجاه الدهشة والجمال، ولحظة الربيع العربي وما بعدها، بكل ما فيها من آلام وخسارات لكنها لحظة شعرية بامتياز، لأنها لحظة اللاتوقع، إننا بعد الربيع العربي كائنات مصابة بالدهشة المستمرة، كل شيء من حولنا يتزعزع ويتخلخل، لا شيء مستقر، كلما اتكأت على ثبات فكرة أثبتت بعد فترة أنها قابلة للهزيمة وقابلة للسقوط، ولكل هذا، فشعر يعيش في مثل هذه المناخات لا بد أن يكون مختلفا، ولا بد أن يكون مدهشاً ومجنوناً وفاقداً، كل هذا شرط أن يعيش الشعراء في ظل هذه اللحظة، وأعتقد أن أغلب الشعراء العرب الشباب هم كذلك، خصوصاً في البلدان التي طالتها هذه اللحظة هم كذلك، حيث ثمة نماذج من الشعراء الشباب تقف أمام نصوصهم بإجلال عظيم، للنص نفسه، وللواقع الأليم الذي أنتجه، عزاؤنا فقط إيماننا بتغير هذا الواقع، وبقاء الروح التي عاشته والتي سترفض بالتأكيد العودة إلى ماقبله، والعودة إليه كذلك”.
ويوضح سلمان بأن الأجمل في ما بعد 2011 أنها أعطت المثقفين القدرة على فهم التغير. يقول في هذا الشأن “مع بداية 2011 كنا جميعا- وانطلاقاً من الواقع القديم- نرفض أن نتغير، هذا أمر مفهوم الآن، لكن بعد سنوات، صار لزاما على الجميع أن يفهم ألا مفر من هذا الاختلاف، ولا مفر من التغيير أيضا، وفي ظل بقاء الوضع مأزوما كما هو الآن، فإن على المثقفين أن يسيروا في طرق ألغام، بين رؤاهم وأفكارهم، وبين واقع يرفض هذه الأفكار، والمثقف الموالي أو المعارض عليهما أن يدركا ذلك، وعليهما الخوض في النقاش لأن ذلك هو ما يقود نحو التغيير، ولا يمكن أن يحدث نقاش طالما أنّ الطرفين يتقاطعان، علينا إيجاد وسائل للنقاش، ليس الأمر عاطفيا ليلتقي الجميع وليكونوا سعداء بالتقائهم، ليس الأمر بهذه السهولة، الأمر الأعقد هو أن لا نقف في وجه النقاشات بدعوى ‘ثبات' كل على رأيه، لأن واقع ما بعد 2011 يرفض أيّ نوع من أنواع الثبات. علينا أن نعي هذا التغير”.
من جانب آخر يرى ضيفنا بأنه من المستحيل تحييد الثقافي عن السياسي، خصوصا في دول الحكم المطلق، ويوضح أنه يمكن تحييد المثقف عن السياسي، أو عزل الثقافي عن السياسي في ما يخص النظر والحكم للأشخاص، ويشخّص سلمان اللبس الذي حصل في كون الحكم السياسي يقود إلى الحكم الشخصي.
يقول “صرنا ننظر إلى الأشخاص والنتاجات من خلال المنظور السياسي، هذا أمر خاطئ كما أعتقد، إننا نتعلم الآن كيف نختلف، تصوّر أننا لم نتعلّم كيف نناقش، كيف نختلف، أعني كمثقفين، لم نتعلم ذلك، لأن البنية القائمة (والتي ما تزال قائمة) لم تكن تتيح الاختلاف، ولا النقاش، لكن على هذا أن يتغيّر، وعلينا أن نساهم في هذا التغيير، وسواء في أي طرف كنت عليك أن تخوض النقاشات”.
مسرح بلا هوية
بعد ربع قرن من العمل المسرحي، مخرجا وكاتبا وممثلا، يرى ضيفنا بأن المشهد المسرحي في البحرين يتراجع، ويرجع ذلك أولا إلى انحسار الحرية التي كانت نسبيا أفضل مما هي عليه الآن، وثانيا لأن المسرحيين البحرينيين يعجزون عن تحديد هوية حقيقية لهم، سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون.
يقول متحدثا عن المسرح “كل ما هو موجود محاولات، لكنها تعجز عن وضع أهداف حقيقية وقادرة على صنع مشهد فعلي، لا يسأل المسرحيون السؤال الجوهري في المسرح، وهو ‘لماذا؟'. إنهم يصنعون مسرحا ويحاولون، ويواجهون عجز الواقع، وذلك في الحقيقة أمر جيد، لكن من دون بوصلة قادرة على الإجابة عن الأسئلة والاتكاء على هذه الإجابات لصنع واقع مغاير، فإن كل الجهود للأسف تضيع سدى، لأنها تُبنى على رمال رجراجة، ما يلبث كل بناء عليها ينهار، لهذا أظن أننا نحتاج لصدمة تنبّهنا إلى عبثية محاولاتنا، وتعيدنا إلى البحث والتجديد، لأن إنتاج المسرحيات بغرض أن يظل المسرح مستمرا وكفى لا يقيم مسرحا مهماً، ولا ينتج رؤى توسّع من آفاق المجتمع، ولا يصنع فناً ذا قيمة حقيقية”.
وعن سؤالنا حول قراءته للمشهد الشعري العربي بعد الربيع، يجيب سلمان “إننا في ما يخص الشعر بعد الربيع صرنا أكثر رحابة، ثمة مساحات كانت مغلقة على قصيدة النثر مثلا صارت تسع قصائد التفعيلة والعمود، هذا على مستوى الشكل، ثمة مساحات كانت مغلقة على النص الفلسفي صارت تتقبل النص الرومانسي والنص اللغوي، وغيرهما، أعني بهذه المساحات الصحف والمجلات والمواقع والجرائد والمسابقات، ربما ساعدت وسائل التواصل الجديدة في ذلك.
لكن تهشم البنى القديمة التي كانت تتحكم بتوجه الكتابات الشعرية، مثل الاتحادات الأدبية والجوائز، والصحف وغيرها، بتفككها أو انزياحها، أتاح المجال لأشكال وأفكار جديدة لأن تتقارب، هذا الأمر مشجع، بالرغم مما يبدو عليه من خطورة، لكنْ ثمة زمن قادم لا نعلم بعد ماذا يحمل لنا. علينا ربما تعزيز مكانة ما نؤمن به، والانتظار في هذا الخضم الذي لم يهدأ بعد ولا أظنه يهدأ إلا بعد عقود”.
أصدر الشاعر والمسرحي البحريني مهدي سلمان مؤخرا عن دار مسعى مجموعة “موت نائم، قصيدة مستيقظة” متزامنة مع صدور مجموعة أخرى بعنوان “مرايا آدم” عن دار المتوسط. وتأتي هاتان المجموعتان بعد سبع مجموعات شعرية أطلقها سلمان بين ورقية وإلكترونية، نذكر منها “السماء تنظف منديلها البرتقالي” و”أخطاء بسيطة” و”هذا أيضا ليس شعرا” (نسخة إلكترونية) و”لن أقول شيئا هذه المرة” (نسخة إلكترونية). كما أنه يعمل حاليا على إعداد جديد لإحدى مسرحيات يوجين يونسكو لعرضها في الربيع المقبل.
بداية يحدثنا مهدي عن أسباب اختياره الذهاب للطباعة الإلكترونية ثم العودة من جديد للورقية، وهل هو ظرف زمني، أم ثقافي، أم ثوري. ليقول ضيفنا “ثمة ظرف سياسي أولاً يتمثل في تقلص الحرية، ما يجعل من العسير صدور كتاب مثل ‘وهذا أيضاً ليس شعرا' في البحرين، لذا كان الأفضل بالنسبة إليّ أن يصدر إلكترونياً ليلتف على مسألة الرقابة، وليكون متاحا في وطن الكتاب الذي يتحدث عن الثورة في البحرين أساسا وعن الثورات العربية بشكل عام”.
التغير والنقاش
يقرّ مهدي سلمان أن تجربة النشر الإلكتروني قادته إلى أسئلة أخرى تتعلق بماهية الشعر، وماهية القصيدة في عصر الوسائط الحديثة، والأسئلة التي ما تزال مستمرة، وما يزال يرواح بين قناعاته الجديدة التي تبنّاها بعد صدور ديوانين له، وبين ما يفرضه الواقع الذي ما يزال ينظر إلى الأمور نظرة قديمة، تعلي من الكتاب الورقي، والنشر الورقي، حتى على حساب جودة الكتابة.
فيما إيمان ضيفنا أن هذا الواقع أيضا سيتغيّر، لكنه يحتاج وقتا، وكما كل شيء في ما قبل 2011، ستتخلخل مفاهيم، وتبنى أخرى، وتترجرج ثانية، حتى تستقر الأمور ربما بعد عقود، وعلينا فقط أن نبشّر بالجديد، نبشّر بالنظرة المختلفة التي تقود نحو التغيير.
في شهادة شعرية قدّمها شاعرنا ضمن مشروع “وجود” بالتعاون مع دار فراديس البحرينية أشار إلى أنه وُلد من جديد بعد 14 فبراير 2014 ولادةً جديدةً تمت غير عابئة بالنتائج السياسية.
يقول مهدي سلمان “بالرغم من كون الشعر كائنا متغيرا، لكن ثباته الوحيد هو في انتحائه باتجاه الدهشة والجمال، ولحظة الربيع العربي وما بعدها، بكل ما فيها من آلام وخسارات لكنها لحظة شعرية بامتياز، لأنها لحظة اللاتوقع، إننا بعد الربيع العربي كائنات مصابة بالدهشة المستمرة، كل شيء من حولنا يتزعزع ويتخلخل، لا شيء مستقر، كلما اتكأت على ثبات فكرة أثبتت بعد فترة أنها قابلة للهزيمة وقابلة للسقوط، ولكل هذا، فشعر يعيش في مثل هذه المناخات لا بد أن يكون مختلفا، ولا بد أن يكون مدهشاً ومجنوناً وفاقداً، كل هذا شرط أن يعيش الشعراء في ظل هذه اللحظة، وأعتقد أن أغلب الشعراء العرب الشباب هم كذلك، خصوصاً في البلدان التي طالتها هذه اللحظة هم كذلك، حيث ثمة نماذج من الشعراء الشباب تقف أمام نصوصهم بإجلال عظيم، للنص نفسه، وللواقع الأليم الذي أنتجه، عزاؤنا فقط إيماننا بتغير هذا الواقع، وبقاء الروح التي عاشته والتي سترفض بالتأكيد العودة إلى ماقبله، والعودة إليه كذلك”.
ويوضح سلمان بأن الأجمل في ما بعد 2011 أنها أعطت المثقفين القدرة على فهم التغير. يقول في هذا الشأن “مع بداية 2011 كنا جميعا- وانطلاقاً من الواقع القديم- نرفض أن نتغير، هذا أمر مفهوم الآن، لكن بعد سنوات، صار لزاما على الجميع أن يفهم ألا مفر من هذا الاختلاف، ولا مفر من التغيير أيضا، وفي ظل بقاء الوضع مأزوما كما هو الآن، فإن على المثقفين أن يسيروا في طرق ألغام، بين رؤاهم وأفكارهم، وبين واقع يرفض هذه الأفكار، والمثقف الموالي أو المعارض عليهما أن يدركا ذلك، وعليهما الخوض في النقاش لأن ذلك هو ما يقود نحو التغيير، ولا يمكن أن يحدث نقاش طالما أنّ الطرفين يتقاطعان، علينا إيجاد وسائل للنقاش، ليس الأمر عاطفيا ليلتقي الجميع وليكونوا سعداء بالتقائهم، ليس الأمر بهذه السهولة، الأمر الأعقد هو أن لا نقف في وجه النقاشات بدعوى ‘ثبات' كل على رأيه، لأن واقع ما بعد 2011 يرفض أيّ نوع من أنواع الثبات. علينا أن نعي هذا التغير”.
من جانب آخر يرى ضيفنا بأنه من المستحيل تحييد الثقافي عن السياسي، خصوصا في دول الحكم المطلق، ويوضح أنه يمكن تحييد المثقف عن السياسي، أو عزل الثقافي عن السياسي في ما يخص النظر والحكم للأشخاص، ويشخّص سلمان اللبس الذي حصل في كون الحكم السياسي يقود إلى الحكم الشخصي.
يقول “صرنا ننظر إلى الأشخاص والنتاجات من خلال المنظور السياسي، هذا أمر خاطئ كما أعتقد، إننا نتعلم الآن كيف نختلف، تصوّر أننا لم نتعلّم كيف نناقش، كيف نختلف، أعني كمثقفين، لم نتعلم ذلك، لأن البنية القائمة (والتي ما تزال قائمة) لم تكن تتيح الاختلاف، ولا النقاش، لكن على هذا أن يتغيّر، وعلينا أن نساهم في هذا التغيير، وسواء في أي طرف كنت عليك أن تخوض النقاشات”.
مسرح بلا هوية
بعد ربع قرن من العمل المسرحي، مخرجا وكاتبا وممثلا، يرى ضيفنا بأن المشهد المسرحي في البحرين يتراجع، ويرجع ذلك أولا إلى انحسار الحرية التي كانت نسبيا أفضل مما هي عليه الآن، وثانيا لأن المسرحيين البحرينيين يعجزون عن تحديد هوية حقيقية لهم، سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون.
يقول متحدثا عن المسرح “كل ما هو موجود محاولات، لكنها تعجز عن وضع أهداف حقيقية وقادرة على صنع مشهد فعلي، لا يسأل المسرحيون السؤال الجوهري في المسرح، وهو ‘لماذا؟'. إنهم يصنعون مسرحا ويحاولون، ويواجهون عجز الواقع، وذلك في الحقيقة أمر جيد، لكن من دون بوصلة قادرة على الإجابة عن الأسئلة والاتكاء على هذه الإجابات لصنع واقع مغاير، فإن كل الجهود للأسف تضيع سدى، لأنها تُبنى على رمال رجراجة، ما يلبث كل بناء عليها ينهار، لهذا أظن أننا نحتاج لصدمة تنبّهنا إلى عبثية محاولاتنا، وتعيدنا إلى البحث والتجديد، لأن إنتاج المسرحيات بغرض أن يظل المسرح مستمرا وكفى لا يقيم مسرحا مهماً، ولا ينتج رؤى توسّع من آفاق المجتمع، ولا يصنع فناً ذا قيمة حقيقية”.
وعن سؤالنا حول قراءته للمشهد الشعري العربي بعد الربيع، يجيب سلمان “إننا في ما يخص الشعر بعد الربيع صرنا أكثر رحابة، ثمة مساحات كانت مغلقة على قصيدة النثر مثلا صارت تسع قصائد التفعيلة والعمود، هذا على مستوى الشكل، ثمة مساحات كانت مغلقة على النص الفلسفي صارت تتقبل النص الرومانسي والنص اللغوي، وغيرهما، أعني بهذه المساحات الصحف والمجلات والمواقع والجرائد والمسابقات، ربما ساعدت وسائل التواصل الجديدة في ذلك.
لكن تهشم البنى القديمة التي كانت تتحكم بتوجه الكتابات الشعرية، مثل الاتحادات الأدبية والجوائز، والصحف وغيرها، بتفككها أو انزياحها، أتاح المجال لأشكال وأفكار جديدة لأن تتقارب، هذا الأمر مشجع، بالرغم مما يبدو عليه من خطورة، لكنْ ثمة زمن قادم لا نعلم بعد ماذا يحمل لنا. علينا ربما تعزيز مكانة ما نؤمن به، والانتظار في هذا الخضم الذي لم يهدأ بعد ولا أظنه يهدأ إلا بعد عقود”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.