بدء تقديم كلية الشرطة 2025 اليوم «أون لاين» (تفاصيل)    اليوم، الهيئة الوطنية للانتخابات تعقد مؤتمرا صحفيا لإعلان الاستعداد لانتخابات الشيوخ    هبوط كبير في عيار 21 الآن.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة    إسرائيل تهدد حماس بإجراء مرعب في غزة حال فشل التوصل إلى اتفاق    «محاولة خبيثة».. أول رد إيراني على العقوبات الأمريكية الجديدة بشأن سفن النفط والطاقة    «مصرُ» و«غزة»... التاريخُ يشهدُ بما يُغنينا عن الكلام    مديرة الاستخبارات الأمريكية تتوعد المتورطين بفبركة تقارير التدخل الروسي المزعوم    زلزال جديد يضرب جزيرة روسية بقوة الآن    الكابينت الإسرائيلي يناقش ضم مناطق في غزة حال عدم التوصل إلى اتفاق مع حماس    حرمه منها كلوب وسلوت ينصفه، ليفربول يستعد لتحقيق حلم محمد صلاح    موعد مباراة الأهلي الأولى في الدوري المصري    سائق نيسان «أوليفر رولاند» يتوج ببطولة العالم للفورمولا e في إنجلترا    اللقطات الأولى لخروج قطار عن القضبان واصطدامه برصيف محطة السنطة في الغربية (فيديو)    أمطار وانخفاض درجات الحرارة.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    توقعات الأبراج وحظك اليوم الخميس.. طاقة إيجابية في انتظار هذا البرج    هشام عباس بذكريات "التسعينيات" وفريق وسط البلد ب"تكتيك مبتكر" يشعلان حفل الصيف بالإسكندرية (فيديو)    أقوى رد على شائعة طلاقهما، رامي رضوان يفاجئ دنيا سمير غانم بعرض "روكي الغلابة" (فيديو وصور)    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    احذروها في الصيف.. 7 مشروبات باردة تهدد حياة مرضى الكلى    الدفاع الروسية: اعتراض 13 مسيرة أوكرانية فوق مقاطعتي روستوف وبيلجورود    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. مصرع شخصين بين أبناء العمومة    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    نقيب السينمائيين: لطفي لبيب أحد رموز العمل الفني والوطني.. ورحيله خسارة كبيرة    رامي رضوان ودنيا سمير غانم وابنتهما كايلا يتألقون بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    حنان مطاوع تنعى لطفي لبيب: "مع السلامة يا ألطف خلق الله"    بالأسماء| ننشر حركة تنقلات وترقيات قيادات وضباط أمن القاهرة    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    مذكرات رجل الأعمال محمد منصور تظهر بعد عامين من صدور النسخة الإنجليزية    من بيتك في دقائق.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل (الرسوم والأوراق المطلوبة)    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    إيرادات أزور تتجاوز 75 مليار دولار ومايكروسوفت تحقق أرباحا قياسية رغم تسريح الآلاف    يعشقون الراحة والسرير ملاذهم المقدس.. 4 أبراج «بيحبوا النوم زيادة عن اللزوم»    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    مصرع شاب وإصابة 4 في تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بالشيوخ    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    نشرة التوك شو| انخفاض سعر الصرف.. والغرف التجارية تكشف موعد مبادرة خفض الأسعار..    بعد 20 سنة غيبوبة.. والد الأمير النائم يكشف تفاصيل لأول مرة (فيديو)    هل يعاني الجفالي من إصابة مزمنة؟.. طبيب الزمالك السابق يجيب    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 31 يوليو 2025    هل تتأثر مصر بزلزال روسيا العنيف، البحوث الفلكية تحسمها وتوجه رسالة إلى المواطنين    حدث ليلًا| مصر تسقط أطنانا من المساعدات على غزة وتوضيح حكومي بشأن الآثار المنهوبة    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. لماذا يجب على الطلاب تسجيل 75 رغبة؟    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماهي صفقة حفتر مع الإسرائيلي "ميناشي"؟..هل تتجه ليبيا نحو التقسيم؟
نشر في صوت البلد يوم 27 - 04 - 2017

يتكرر اسمُ رجل الاستخبارات الإسرائيلي السابق، وصاحب شركة "للتأثير على السياسات الخارجية" في كندا، آري بن ميناشي، مجدداً على الإعلام، بالتزامن مع الكشف عن خطة أمريكية مطروحة لتقسيم ليبيا على ثلاث مناطق، وهو ما أضاف أسئلة جديدة حول القائمين على المشروع المطروح من الإدارة الأمريكية، وحول دور علاقة الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر بشخصيات وسياسيين إسرائيليين.

تبين المعلومات المتداولة أن هناك علاقة قديمة بين الخبير الإسرائيلي، وبين المجموعات الانفصالية في ليبيا، توجت بتوقيع عقود بملايين الدولارات من أجل دعم مساعي الانفصال وإضفاء شرعية دولية عليها.

وفي حين يبقى الغموض محيطاً بشخصية خليفة حفتر، وصلاته بدول ومنظمات وشخصيات حول العالم، خاصة أن وسائل إعلام محلية ودولية تحدثت عن صلاته الوثيقة بعديد المنظمات والشخصيات الجدلية منذ لجوئه إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإقامته فيها لمدة عشرين عاماً، وبالإضافة لحديث عن علاقته بشركة بلاك ووتر (سابقاً) الأمنية، تناقلت وسائل إعلام وثائق تثبت تعاقده مع شركة "سترايت غروب" الكندية، لشراء أسلحة وصلت فيما بعد إلى قوات بالزنتان عن طريق الإمارات
.
وأشارت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية مؤخراً إلى علاقته ب"عميل مخابراتي إسرائيلي مقيم في كندا يدعى آري بن ميناشي".

بن ميناشي وانفصاليو ليبيا

من غير المعروف إن كان بن ميناشي تعرّف على قادة ليبيا من خلال حفتر أم لا، لكن المؤكد أن علاقته بليبيا ليست جديدة، ففي أعوام 2013 و2014 كان بن ميناشي على صلة بدعاة المطلب الفيدرالي شرق البلاد، وزار بنغازي في سبتمبر من عام 2013 للقاء زعامات التيار الفيدرالي ومنهم الزبير السنوسي، قائد التيار آنذاك، قبل أن يتبلور الحراك الفيدرالي ويصبح جسماً سياسياً أعلن عنه نهاية أكتوبر من ذات العام تحت اسم "المكتب السياسي لإقليم برقة".

وهنا تركزت علاقة بن ميناشي برئيس المكتب إبراهيم الجضران الذي تحدثت صحف غربية عن توقيع عقد بينهما بقيمة 2 مليون دولار، لإقناع دول كبرى بالاعتراف بحق برقة في الحكم الذاتي.

انتهت مسيرة بن ميناشي المرتبط بعلاقات مع شخصيات سياسية كبيرة حول العالم، بامتلاكه شركة استشارات في مونتريال الكندية باسم Notorious Canadian lobbyist للترويج لسياسات دول العالم الثالث لدى الدول الكبرى، كوكيل مفاوض عنها.

وبحسب أحد الشخصيات التي استقالت من الحزب الديمقراطي الفيدرالي الليبي، فإن بن ميناشي تحصل على جزء من أموال العقد المقدر ب"2 مليون دولار"، لكنه لم يكمل مهمته ولم ير المكتب السياسي لبرقة أي نتائج ملموسة، سيما بعد تورط المكتب في حادثة سفينة "مورننق غوري" التابعة لشركة كورية، والتي جاءت بوساطة بن ميناشي لتوريد شحنة نفط من ميناء السدرة في مارس 2014، قبل أن تتمكن سلطات حكومة المؤتمر الوطني بطرابلس من التفاهم مع المجتمع الدولي لإجبارها على الرسو في أحد موانئ طرابلس بعد وصولها المياه الإقليمية لمالطا.
"
تركزت علاقة بن ميناشي برئيس المكتب إبراهيم الجضران الذي تحدثت صحف غربية عن توقيع عقد بينهما بقيمة 2 مليون دولار


"غير أن الجضران نفى في أحد لقاءاته الصحافية توقيع عقد، تعليقاً على حديث صحافي لبن ميناشي، أكد فيه أنه يمتلك عقداً بمليوني دولار مع أنصار الفيدرالية المرتبطين بمن أوقفوا العمل في الموانىء النفطية، مضيفاً أن زبائنه "لا يريدون تقسيم البلد لكنهم يسعون فقط للتفاوض حول اتفاق لتقاسم العائدات النفطية بين طرابلس وشرق البلاد".

وفي الفترة ذاتها، تناقلت وسائل إعلام أمريكية وثائق نشرتها وزارة العدل الأمريكية على موقعها الإلكتروني، تثبت علاقة حكومة برقة بشركة كندية مقرها مونتريال وعقد مبرم معها بقيمة 2 مليون دولار لدعم قضية استقلال برقة، وحشد الاعتراف بها خاصة لدى الولايات المتحدة وروسيا.

ويبدو أن هذه العلاقة استمرت، إذ أظهر تقرير نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، الإثنين الماضي، أن بن ميناشي لا يزال على اتصال بشرق البلاد وبالتحديد مع زعيم جناحها العسكري حفتر، من خلال عقد بقيمة 6 ملايين دولار للضغط نيابة عنه وعن البرلمان على الإدارة الأميركية وحكومات مختلفة في العالم، من أجل تغيير سياساتهم إزاء ليبيا بما يخدم مصالح حفتر والبرلمان.

ورغم علاقة حفتر الوطيدة بالولايات المتحدة التي عاش فيها سنوات، إلا أن تغير إداراتها وربما تفضيله التواصل مع موسكو للوصول إلى أهدافه العسكرية في ليبيا، أضعف من هذه العلاقة، مما دعاه إلى الاستعانة بشخصيات مثل بن ميناشي.

وبحسب مقربين من حفتر، فإن وكلاءه ومنهم نواب من أنصاره في البرلمان، التقوا بن ميناشي في القاهرة بعد أن رفضت الأردن أن تكون عمّان مكاناً للقاء، بسبب ارتباط الخبير الإسرائيلي بعلاقات استخباراتية مع ضابط أردني سابق مطلوب لديها.

وأفصحت المصادر في تصريحات ل"العربي الجديد"، أن حفتر لا يعول كثيراً على بن ميناشي، وأن الأموال التي قُدّمت للأخير لم تكن بموافقة مباشرة منه، وإنما باقتراحات من قبل أنصاره في شرق البلاد. لكنه في الوقت نفسه لم يرفض هذه الاتصالات والتعاقدات، مشيرة إلى أن "حفتر رجل ذكي لا يمكن أن يتورط بشكل مباشر وشخصي مع علاقات مشبوهة كهذه".

لكن إن كانت المصالح والصفقات قد جمعت بين بن ميناشي وحفتر، ما الذي يجمع الأخير بإسرائيل؟ وهل لها دور في خطط تقسيم ليبيا المطروحة؟

حفتر وإسرائيل

في خضم الصفقات بين حفتر وبن ميناشي، تبرز علاقة الأوّل مع إسرائيل. في لقاء أجرته صحيفة "كوريرا لايلا سيرا" الإيطالية معه في 30 نوفمبر من عام 2014، أعلن حفتر عن رغبته في "التعاون مع إسرائيل وتلقي الدعم بمختلف صوره منها"، وقال مجيباً عن سؤال حول استعداده لتلقي الدعم من إسرائيل: "ولم لا، فعدو عدوي هو صديقي".

وفي أحد التسريبات التي نشرها موقع "ديبكا" الإسرائيلي، يظهر أن حفتر التقى في مارس 2015 في العاصمة الأردنية، عمّان، بممثلين عن الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، كما نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً مطولاً عن أعمال حفتر في ليبيا في ذات التاريخ، عنونته ب"سيسي ليبيا" مشيرة فيه إلى أنه "سيلتقي مسوؤلين إسرائيليين في عمان".

وهل بن ميناشي مرتبط بإسرائيل ومشاريعها في المنطقة؟

علاقة بن ميناشي مع الحكومة الإسرائيلية


في البحث عن هذه الشخصية الإسرائيلية، يتبين أنّ الرجل يهودي عراقي، مولود في طهران عام 1952، وموظف سابق في الحكومة الإسرائيلية. وظهر لأول مرة في وسائل الإعلام في عام 1989، عندما اعتُقل في الولايات المتحدة واتهم بمحاولة بيع ثلاث طائرات عسكرية إلى إيران، في انتهاك للقانون الأمريكي لمراقبة تصدير الأسلحة. وقضى ما يقرب من عام في السجن في نيويورك. وتمت تبرئته في المحاكمة حيث قبلت هيئة محلفين دفاعه، الذي استند إلى أنه كان يتصرف بناءً على أوامر من رؤسائه في إسرائيل. ثم تغيرت حياته، وأصبح لغزاً.
"
يقول بن ميناشي إنه واصل السفر حول العالم ممثلاً إسرائيل، كضابط للاستخبارات العسكرية ومن ثم كمستشار استخباراتي خاص لرئيس الوزراء

"كتب بن ميناشي مذكراته تحت عنوان "أرباح الحرب"، وادعى أنه قد شهد اجتماعات مهمة، منها على سبيل المثال اجتماع عام 1980 في باريس بين قادة الحزب الجمهوري الأميركي، بمن فيهم جورج بوش، ومسؤولين حكوميين ثوريين إيرانيين، بخصوص رهائن أمريكيين مختطفين.

يقول بن ميناشي إنه واصل السفر حول العالم ممثلاً إسرائيل، كضابط للاستخبارات العسكرية ومن ثم كمستشار استخباراتي خاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق شامير. وبحلول الوقت الذي نشرت فيه مذكراته، في عام 1992، لم تعد إسرائيل لديها أية علاقة به، كما أنه ليس مع إسرائيل، على حدّ قوله. "لم يكن لدي أي بلد"، كتب في مذكراته، "أنا مواطن من العالم، أو مواطن لا مكان له".

لكنه يقرّ بعمله لصالح الحكومة الإسرائيلية. ويعلل ذلك الآن بأنه "كان انحرافاً. لقد حدث أن يكون الرجل المناسب في الوقت المناسب. لقد تحدثتُ الفارسية والعربية والإنجليزية. كنت أعرف الولايات المتحدة. وبينما اعتقدت بصراحة أني أثق بإسرائيل في ذلك الوقت، فقدت في النهاية الثقة".

وخلافاً للاعتقاد السائد، لم يدع قط أنه عمل لدى "الموساد"، وهو جهاز المخابرات الإسرائيلي، كما يصر. "كنت ضابط المخابرات العسكرية العليا لفترة. ثم كنت مستشاراً للاستخبارات الخارجية للرئيس شامير لمدة عامين. وكان العمل المتعلق بالأمن. كل شيء في الكتاب".

في عام 2002، كان بن ميناشي مرة أخرى في دائرة الضوء الدولي، بعد أن عمل كعميل ل مورغان تسفانجيراي، المنافس السياسي الرئيسي للديكتاتور في زيمبابوي روبرت موغابي. قام بن ميناشي بتسجيلات فيديو وتسجيلات صوتية يفترض أنها كشفت عن تسفانجيراي الذي يخطط لاغتيال الرئيس موغابي. ثم سلم التسجيلات للأخير، وهو صديق وحليف منذ زمن طويل. ووقع بن ميناشي وموغابي على الفور صفقة استشارية خاصة بهما تبلغ قيمتها أكثر من مليون دولار. واتهم تسفانجيراي بالخيانة وذهب إلى المحاكمة في هراري. وأصبح بن ميناشي شاهداً لدى النائب العام.

وقد صدر حكم في عام 2004 ببراءة تسفانجيراي. وفي قراره، وصف قاضي المحاكمة سلوك بن ميناشي في قاعة المحكمة بأنه كان "وقحاً جداً... أدلى بملاحظات لا مبرر لها، واستمر في إظهار سلوك مزيف حتى بعد أن حذرت المحكمة من ذلك".

ويقول بن ميناشي إنه ليس نادماً. وقال "إن تسفانجيراي هو الذي اقترب منا. طلب منا القيام بانقلاب وقتل موغابي. لكن لم أصغ له، نحن لا نفعل ذلك. لقد سار واقترب من الرجل الخطأ".

وعلى العموم، فإن حالة بن ميناشي ليست غريبة جداً على إسرائيل، إذ تتكرر حالات شبيهة، يتورط فيها عاملون سابقون في الجيش الإسرائيلي بعد استقالتهم بصفقات غير مشروعة مع مناطق نزاع، خاصة المناطق التي تمنع القوانين الدولية أية علاقة معها. وتساهم هذه الصفقات عادة إما بتصدير السلاح لمجموعات مقاتلة هناك، أو من خلال لعب دور الوسيط بين أنظمة ومليشيات محظورة في هذه المناطق وبين دول في العالم.

ويبقى احتمال أن هذه الصفقات لا تتعلق بالقطاع الخاص الإسرائيلي فقط، وارداً، وتثار الشكوك حول علاقة الإدارات الإسرائيلية بصفقات مشبوهة وأشخاص خارجين عن المؤسسة مثل بن ميناشي.

وسبق أن اتهمت الحكومة الإسرائيلية بعلاقاتها مع أشخاص شبيهين، مثل تاجر السلاح الإسرائيلي المعروف هانوش ميلر، الذي تورط بإعداد صفقة سلاح مع جماعة محظورة دولياً في الصومال في عام 2010، واتهمت وزارة الدفاع الإسرائيلية بإدارة الصفقة.
وبالعودة إلى ليبيا، يأتي ورود اسم بن ميناشي والحديث عن علاقاته بانفصاليي ليبيا، وحفتر، بالتزامن مع تبلور وطرح خطط جديدة لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات، قدمها نائب مساعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيباستيان غورك. ما يستدعي تساؤلاً ضرورياً عن دور حفتر وحلفائه الفيدراليين. فهل يتجه الجنرال المتقاعد إلى خيار الانفصال بشرق ليبيا، تعويضاً عن فشله العسكري المتواصل؟
يتكرر اسمُ رجل الاستخبارات الإسرائيلي السابق، وصاحب شركة "للتأثير على السياسات الخارجية" في كندا، آري بن ميناشي، مجدداً على الإعلام، بالتزامن مع الكشف عن خطة أمريكية مطروحة لتقسيم ليبيا على ثلاث مناطق، وهو ما أضاف أسئلة جديدة حول القائمين على المشروع المطروح من الإدارة الأمريكية، وحول دور علاقة الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر بشخصيات وسياسيين إسرائيليين.
تبين المعلومات المتداولة أن هناك علاقة قديمة بين الخبير الإسرائيلي، وبين المجموعات الانفصالية في ليبيا، توجت بتوقيع عقود بملايين الدولارات من أجل دعم مساعي الانفصال وإضفاء شرعية دولية عليها.
وفي حين يبقى الغموض محيطاً بشخصية خليفة حفتر، وصلاته بدول ومنظمات وشخصيات حول العالم، خاصة أن وسائل إعلام محلية ودولية تحدثت عن صلاته الوثيقة بعديد المنظمات والشخصيات الجدلية منذ لجوئه إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإقامته فيها لمدة عشرين عاماً، وبالإضافة لحديث عن علاقته بشركة بلاك ووتر (سابقاً) الأمنية، تناقلت وسائل إعلام وثائق تثبت تعاقده مع شركة "سترايت غروب" الكندية، لشراء أسلحة وصلت فيما بعد إلى قوات بالزنتان عن طريق الإمارات
.
وأشارت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية مؤخراً إلى علاقته ب"عميل مخابراتي إسرائيلي مقيم في كندا يدعى آري بن ميناشي".
بن ميناشي وانفصاليو ليبيا
من غير المعروف إن كان بن ميناشي تعرّف على قادة ليبيا من خلال حفتر أم لا، لكن المؤكد أن علاقته بليبيا ليست جديدة، ففي أعوام 2013 و2014 كان بن ميناشي على صلة بدعاة المطلب الفيدرالي شرق البلاد، وزار بنغازي في سبتمبر من عام 2013 للقاء زعامات التيار الفيدرالي ومنهم الزبير السنوسي، قائد التيار آنذاك، قبل أن يتبلور الحراك الفيدرالي ويصبح جسماً سياسياً أعلن عنه نهاية أكتوبر من ذات العام تحت اسم "المكتب السياسي لإقليم برقة".
وهنا تركزت علاقة بن ميناشي برئيس المكتب إبراهيم الجضران الذي تحدثت صحف غربية عن توقيع عقد بينهما بقيمة 2 مليون دولار، لإقناع دول كبرى بالاعتراف بحق برقة في الحكم الذاتي.
انتهت مسيرة بن ميناشي المرتبط بعلاقات مع شخصيات سياسية كبيرة حول العالم، بامتلاكه شركة استشارات في مونتريال الكندية باسم Notorious Canadian lobbyist للترويج لسياسات دول العالم الثالث لدى الدول الكبرى، كوكيل مفاوض عنها.
وبحسب أحد الشخصيات التي استقالت من الحزب الديمقراطي الفيدرالي الليبي، فإن بن ميناشي تحصل على جزء من أموال العقد المقدر ب"2 مليون دولار"، لكنه لم يكمل مهمته ولم ير المكتب السياسي لبرقة أي نتائج ملموسة، سيما بعد تورط المكتب في حادثة سفينة "مورننق غوري" التابعة لشركة كورية، والتي جاءت بوساطة بن ميناشي لتوريد شحنة نفط من ميناء السدرة في مارس 2014، قبل أن تتمكن سلطات حكومة المؤتمر الوطني بطرابلس من التفاهم مع المجتمع الدولي لإجبارها على الرسو في أحد موانئ طرابلس بعد وصولها المياه الإقليمية لمالطا.
"
تركزت علاقة بن ميناشي برئيس المكتب إبراهيم الجضران الذي تحدثت صحف غربية عن توقيع عقد بينهما بقيمة 2 مليون دولار
"غير أن الجضران نفى في أحد لقاءاته الصحافية توقيع عقد، تعليقاً على حديث صحافي لبن ميناشي، أكد فيه أنه يمتلك عقداً بمليوني دولار مع أنصار الفيدرالية المرتبطين بمن أوقفوا العمل في الموانىء النفطية، مضيفاً أن زبائنه "لا يريدون تقسيم البلد لكنهم يسعون فقط للتفاوض حول اتفاق لتقاسم العائدات النفطية بين طرابلس وشرق البلاد".
وفي الفترة ذاتها، تناقلت وسائل إعلام أمريكية وثائق نشرتها وزارة العدل الأمريكية على موقعها الإلكتروني، تثبت علاقة حكومة برقة بشركة كندية مقرها مونتريال وعقد مبرم معها بقيمة 2 مليون دولار لدعم قضية استقلال برقة، وحشد الاعتراف بها خاصة لدى الولايات المتحدة وروسيا.
ويبدو أن هذه العلاقة استمرت، إذ أظهر تقرير نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، الإثنين الماضي، أن بن ميناشي لا يزال على اتصال بشرق البلاد وبالتحديد مع زعيم جناحها العسكري حفتر، من خلال عقد بقيمة 6 ملايين دولار للضغط نيابة عنه وعن البرلمان على الإدارة الأميركية وحكومات مختلفة في العالم، من أجل تغيير سياساتهم إزاء ليبيا بما يخدم مصالح حفتر والبرلمان.
ورغم علاقة حفتر الوطيدة بالولايات المتحدة التي عاش فيها سنوات، إلا أن تغير إداراتها وربما تفضيله التواصل مع موسكو للوصول إلى أهدافه العسكرية في ليبيا، أضعف من هذه العلاقة، مما دعاه إلى الاستعانة بشخصيات مثل بن ميناشي.
وبحسب مقربين من حفتر، فإن وكلاءه ومنهم نواب من أنصاره في البرلمان، التقوا بن ميناشي في القاهرة بعد أن رفضت الأردن أن تكون عمّان مكاناً للقاء، بسبب ارتباط الخبير الإسرائيلي بعلاقات استخباراتية مع ضابط أردني سابق مطلوب لديها.
وأفصحت المصادر في تصريحات ل"العربي الجديد"، أن حفتر لا يعول كثيراً على بن ميناشي، وأن الأموال التي قُدّمت للأخير لم تكن بموافقة مباشرة منه، وإنما باقتراحات من قبل أنصاره في شرق البلاد. لكنه في الوقت نفسه لم يرفض هذه الاتصالات والتعاقدات، مشيرة إلى أن "حفتر رجل ذكي لا يمكن أن يتورط بشكل مباشر وشخصي مع علاقات مشبوهة كهذه".
لكن إن كانت المصالح والصفقات قد جمعت بين بن ميناشي وحفتر، ما الذي يجمع الأخير بإسرائيل؟ وهل لها دور في خطط تقسيم ليبيا المطروحة؟
حفتر وإسرائيل
في خضم الصفقات بين حفتر وبن ميناشي، تبرز علاقة الأوّل مع إسرائيل. في لقاء أجرته صحيفة "كوريرا لايلا سيرا" الإيطالية معه في 30 نوفمبر من عام 2014، أعلن حفتر عن رغبته في "التعاون مع إسرائيل وتلقي الدعم بمختلف صوره منها"، وقال مجيباً عن سؤال حول استعداده لتلقي الدعم من إسرائيل: "ولم لا، فعدو عدوي هو صديقي".
وفي أحد التسريبات التي نشرها موقع "ديبكا" الإسرائيلي، يظهر أن حفتر التقى في مارس 2015 في العاصمة الأردنية، عمّان، بممثلين عن الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، كما نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً مطولاً عن أعمال حفتر في ليبيا في ذات التاريخ، عنونته ب"سيسي ليبيا" مشيرة فيه إلى أنه "سيلتقي مسوؤلين إسرائيليين في عمان".
وهل بن ميناشي مرتبط بإسرائيل ومشاريعها في المنطقة؟
علاقة بن ميناشي مع الحكومة الإسرائيلية
في البحث عن هذه الشخصية الإسرائيلية، يتبين أنّ الرجل يهودي عراقي، مولود في طهران عام 1952، وموظف سابق في الحكومة الإسرائيلية. وظهر لأول مرة في وسائل الإعلام في عام 1989، عندما اعتُقل في الولايات المتحدة واتهم بمحاولة بيع ثلاث طائرات عسكرية إلى إيران، في انتهاك للقانون الأمريكي لمراقبة تصدير الأسلحة. وقضى ما يقرب من عام في السجن في نيويورك. وتمت تبرئته في المحاكمة حيث قبلت هيئة محلفين دفاعه، الذي استند إلى أنه كان يتصرف بناءً على أوامر من رؤسائه في إسرائيل. ثم تغيرت حياته، وأصبح لغزاً.
"
يقول بن ميناشي إنه واصل السفر حول العالم ممثلاً إسرائيل، كضابط للاستخبارات العسكرية ومن ثم كمستشار استخباراتي خاص لرئيس الوزراء
"كتب بن ميناشي مذكراته تحت عنوان "أرباح الحرب"، وادعى أنه قد شهد اجتماعات مهمة، منها على سبيل المثال اجتماع عام 1980 في باريس بين قادة الحزب الجمهوري الأميركي، بمن فيهم جورج بوش، ومسؤولين حكوميين ثوريين إيرانيين، بخصوص رهائن أمريكيين مختطفين.
يقول بن ميناشي إنه واصل السفر حول العالم ممثلاً إسرائيل، كضابط للاستخبارات العسكرية ومن ثم كمستشار استخباراتي خاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق شامير. وبحلول الوقت الذي نشرت فيه مذكراته، في عام 1992، لم تعد إسرائيل لديها أية علاقة به، كما أنه ليس مع إسرائيل، على حدّ قوله. "لم يكن لدي أي بلد"، كتب في مذكراته، "أنا مواطن من العالم، أو مواطن لا مكان له".
لكنه يقرّ بعمله لصالح الحكومة الإسرائيلية. ويعلل ذلك الآن بأنه "كان انحرافاً. لقد حدث أن يكون الرجل المناسب في الوقت المناسب. لقد تحدثتُ الفارسية والعربية والإنجليزية. كنت أعرف الولايات المتحدة. وبينما اعتقدت بصراحة أني أثق بإسرائيل في ذلك الوقت، فقدت في النهاية الثقة".
وخلافاً للاعتقاد السائد، لم يدع قط أنه عمل لدى "الموساد"، وهو جهاز المخابرات الإسرائيلي، كما يصر. "كنت ضابط المخابرات العسكرية العليا لفترة. ثم كنت مستشاراً للاستخبارات الخارجية للرئيس شامير لمدة عامين. وكان العمل المتعلق بالأمن. كل شيء في الكتاب".
في عام 2002، كان بن ميناشي مرة أخرى في دائرة الضوء الدولي، بعد أن عمل كعميل ل مورغان تسفانجيراي، المنافس السياسي الرئيسي للديكتاتور في زيمبابوي روبرت موغابي. قام بن ميناشي بتسجيلات فيديو وتسجيلات صوتية يفترض أنها كشفت عن تسفانجيراي الذي يخطط لاغتيال الرئيس موغابي. ثم سلم التسجيلات للأخير، وهو صديق وحليف منذ زمن طويل. ووقع بن ميناشي وموغابي على الفور صفقة استشارية خاصة بهما تبلغ قيمتها أكثر من مليون دولار. واتهم تسفانجيراي بالخيانة وذهب إلى المحاكمة في هراري. وأصبح بن ميناشي شاهداً لدى النائب العام.
وقد صدر حكم في عام 2004 ببراءة تسفانجيراي. وفي قراره، وصف قاضي المحاكمة سلوك بن ميناشي في قاعة المحكمة بأنه كان "وقحاً جداً... أدلى بملاحظات لا مبرر لها، واستمر في إظهار سلوك مزيف حتى بعد أن حذرت المحكمة من ذلك".
ويقول بن ميناشي إنه ليس نادماً. وقال "إن تسفانجيراي هو الذي اقترب منا. طلب منا القيام بانقلاب وقتل موغابي. لكن لم أصغ له، نحن لا نفعل ذلك. لقد سار واقترب من الرجل الخطأ".
وعلى العموم، فإن حالة بن ميناشي ليست غريبة جداً على إسرائيل، إذ تتكرر حالات شبيهة، يتورط فيها عاملون سابقون في الجيش الإسرائيلي بعد استقالتهم بصفقات غير مشروعة مع مناطق نزاع، خاصة المناطق التي تمنع القوانين الدولية أية علاقة معها. وتساهم هذه الصفقات عادة إما بتصدير السلاح لمجموعات مقاتلة هناك، أو من خلال لعب دور الوسيط بين أنظمة ومليشيات محظورة في هذه المناطق وبين دول في العالم.
ويبقى احتمال أن هذه الصفقات لا تتعلق بالقطاع الخاص الإسرائيلي فقط، وارداً، وتثار الشكوك حول علاقة الإدارات الإسرائيلية بصفقات مشبوهة وأشخاص خارجين عن المؤسسة مثل بن ميناشي.
وسبق أن اتهمت الحكومة الإسرائيلية بعلاقاتها مع أشخاص شبيهين، مثل تاجر السلاح الإسرائيلي المعروف هانوش ميلر، الذي تورط بإعداد صفقة سلاح مع جماعة محظورة دولياً في الصومال في عام 2010، واتهمت وزارة الدفاع الإسرائيلية بإدارة الصفقة.
وبالعودة إلى ليبيا، يأتي ورود اسم بن ميناشي والحديث عن علاقاته بانفصاليي ليبيا، وحفتر، بالتزامن مع تبلور وطرح خطط جديدة لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات، قدمها نائب مساعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيباستيان غورك. ما يستدعي تساؤلاً ضرورياً عن دور حفتر وحلفائه الفيدراليين. فهل يتجه الجنرال المتقاعد إلى خيار الانفصال بشرق ليبيا، تعويضاً عن فشله العسكري المتواصل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.