بات الإرهاب المعلوماتي كابوس عصر الإنترنت، بما يهدد الأفراد وينال من بنيات الدول بالتخريب، وأصبح هذا النوع من الإرهاب أشد ضراوة من المتفجرات، لاسيما من الناحية المادية، حيث يمتلك القدرة علي شل القطاعات التجارية والحكومية، حيث يصعب الحكم علي مستقبل هؤلاء الارهابيين ، خاصة أنها اصحبت متاحة بتكاليف زهيدة. الارهاب الالكتروني عدوان علي الآخر يثير الخوف والفزع ، وينال من خصوصياتهم مغلفاً بتهديد يتخذ اشكالًا متنوعة مادية او معنوية خلال الاعتماد علي الوسائل الالكترونة الحديثة، وتصدر هذه الافعال عن أفراد أو مجموعات او حكومات او دول تستهدف الانسان للتأثير عليه ، سواء كان علي المستوي الديني او الاخلاقي او الفكري لتغيير فكره او تحويله ، وزاد الامر ليشمل كذلك الاموال، وكل ذلك دون حق غير انه صورة من صور الإفساد في الأرض، وأيضاً الارهاب خلال الانترنت هو استخدام التقنيات الرقمية لإخضاع الآخرين أو هو القيام بمهاجمة نظم المعلومات علي خلفية دوافع سياسية أو عرقية أو دينية. ويعتبر اللصوص التكنولوجيون فئات ليست ضالة انما اشخاص موظفون لخدمة العديد من الاغراض التي تتعدد بين الشخصية والعامة وتتنوع بين المالية والسياسية والدينية جميعها تكون موجه لخدمة مؤسسات او أنظمة بعينها ، انهم في حقيقة الأمر أشخاص علي درجة عالية من الذكاء والحنكة في التلصص علي شئون الغير والسيطرة عليهم في كثير من الاحوال .. وتزخر الشبكة العنكبوتية بالكثير من الامثال علي هذه الظاهرة الخطيرة، حيث نما عددهم مع تزايد عدد صفحات الإنترنت، وأخذوا تكثيف جهودها لاستغلال الثغرات الأمنية للدول والافراد الموجودة علي الشبكة من أجل تحقيق أهدافهم الخبيثة. وتنبع مخاوف وحذر تحفظ المؤسسات المدنية والعسكرية من الاعتماد علي الأنشطة الإلكترونية في تصريف شئونها اليومية والتعامل مع العالم الخارجي، وتعاظم هذا الأمر في الوقت الذي تتحول فيه الكثير من الدول والحكومات نحو تبني المعلوماتية والوسائط الإلكترونية وشبكات الاتصالات المدنية والقواعد البيانية بدلا من الطرق التقليدية التي لم تعد تتناسب مع متطلبات عصر السرعة. ويحتل القراصنة الصف الأول بين محاربي العصر الإلكتروني الذين يشنون حملات القرصنة لأسباب سياسية أو عسكرية أو إنسانية وربما بيئية، إذ عانت المواقع الإلكترونية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكي من هجمات موجعة من قبل القراصنة الصرب عام 1998 لدي قيام القوات الأمريكية بتوجيه ضربات جوية علي يوغسلافيا، وفي شهر نوفمبر الماضي أجبرت إسرائيل علي إغلاق موقع وزارة الخارجية الفلسطينية بإمطار ذلك الموقع بوابل من رسائل الاحتجاج، الأمر الذي أدي إلي عجز خادمي الموقع عن التعامل مع هذه الظاهرة غير المتوقعة. وفي السنوات القليلة الماضية، شهد العديد من المدن الغربية مؤتمرات علنية لتجمعاتهم، كما ظهرت مواقعهم علي الشبكة الهادفة إلي تبادل الأفكار التقنية فيما بينهم والتعريف بأنشطتهم، وفي كثير من الأحيان لا تنطلق أنشطتهم من دوافع عدائية، وإنما من غرائز ذاتية هدفها تحقيق الذات وإشباع الغرور وتحقيق الانتصار علي جهات معينة عند اختراق مواقعها المحصنة. كما يمكن إدراج المؤسسات الحكومية بين فئات المحاربين الإلكترونيين، إذ إن متطلبات العصر فرضت عليها إيجاد دوائر وكوادر خاصة لاستغلال أوجه الضعف التي يعاني منها الفضاء الإلكتروني لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية معينة، حيث تقوم بتوظيف مختصين لتطوير وتطبيق مختلف استراتيجيات الحرب الإلكترونية، وسجلت بعض دول العالم الثالث مثل الصين والهند تقدما ملحوظا في هذا المجال، وتمكنت من بناء أرضية صلبة معززة بأعداد هائلة من الكوادر المؤهلة، ونظراً لأن المعلومات من الأصول الثمينة للغاية في المجالات الاقتصادية والعسكرية، كانت دافعاً لافراز مرتزقة لعصر المعلومات أي هم اختصاصيو كمبيوتر يبدون استعدادا لبيع المعرفة وتقديم التدريب اللازم لمن يدفع أكثر، ومن هنا يكون المال دافعهم الوحيد، ولضمان استمرار طلبات الجهات الأخري لمهاراتهم يحرصون دوما علي اكتساب أحدث المعلومات والمعرفة في مجال التكنولوجيا من أجل إشباع طلبات ونهم العلماء الذين يجزلون لهم العطاء. وهناك عدة أنواع من المرتزقة المعلوماتيين، وعلي سبيل المثال كان لنهاية الحرب الباردة تأثير كبير في أنشطة العديد من وكالات الاستخبارات والمعاهد العلمية في أوروبا الشرقية، وعلي وجه التحديد في الاتحاد السوفييتي السابق وألمانيا الشرقية وبولندا وبلغاريا، حيث فقد الكثيرون من العلماء مناصبهم وجردوا من المزايا الرفيعة التي كانوا يتمتعون بها ولاقي البعض منهم التشرد والحرمان والفقر ليقعوا فريسة سهلة أمام الشركات والأفراد الذين يقتنصون مثل هذه الفرص لاستثمارها علي الوجه الأكمل، وينطبق هذا الشأن علي علماء دول العالم الثالث الذين لا تتوافر لهم الفرص الحقيقية في بلادهم، فيجدون أنفسهم مجبرين علي الهجرة إلي دول أخري، وقد يقعون في مصيدة جماعات القراصنة القادرين علي توفير مستوي معيشي راق لتلك الفئات. وتأتي الفئة الأخري من المرتزقة من الدول الغربية ذاتها، إذ إن الركود الاقتصادي والصناعي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلي البطالة والاستغناء عن بعض الكفاءات التقنية علي الرغم من المستوي المهاري والتدريبي المتقدم الذي يتمتعون به، وعندما تنقطع بهم السبل ويعجزون عن الالتحاق بمؤسسة مرموقة تفي باحتياجاتهم المادية، يتجهون فورا نحو جماعات القرصنة، وتستهويهم فكرة التطفل واختراق مواقع جهات مستهدفة لأهداف معينة، أما الفئة الأخيرة من المرتزقة فهي تلك الجماعات التي تخلت عن النهج الفلسفي والأخلاقي البعيد عن التدمير، لتتحول إلي عصابات يحكمها الطمع بالمال والحصول عليه بأية طريقة، ومع أن معظم المرتزقة يؤدون العمل بمعزل عن سيطرة وتوجيه الآخرين، إلا أن المهارات التقنية التي يمتلكونها تلاقي رواجا بين عدة أنواع من المؤسسات، ومن المرجح جدا أن يتم استغلالهم من قبل الجماعات الإجرامية العالمية للتحكم بتدفق الأموال في أرصدتهم وتشتيت وتدمير المعلومات المتعلقة بهم في القواعد البيانية التابعة للدوائر الحكومية والشرطة. وتقوم مؤسسات استخباراتية خاصة باجتذاب أعداد من المرتزقة للاستفادة من خدماتهم في التعاقد مع شركات كبري تسعي للحصول علي معلومات مهمة عن منافسيها، وتقوم شركات أخري بتوظيف المرتزقة وتوجيههم لإلحاق الضرر المادي والمعنوي بالمنافسين من خلال تدمير ثقة عملائهم بهم، فأصبحوا خلال السنوات القليلة الماضية سلاحا مؤثرا في أوساط الجماعات الإرهابية، حيث تم استغلالهم لنشر رسائلهم السياسية عبر الإنترنت وطلب الفدية، بعد زرع فيروسات أو قنابل منطقية أو من خلال العمليات غير المشروعة لتحويل الأرصدة أو الحسابات، وأخيرا يمكن توظيفهم من قبل الدول من أجل التخطيط أو القيام بهجمات إلكترونية أو لجمع المعلومات عن الجهات والدول المعادية، وعلي ضوء هذه الحقائق مجتمعة ينبغي التعامل مع المرتزقة علي أنهم يشكلون تهديدا لأمن الدول، وفي الوقت الذي يؤكد الخبراء فيه صعوبة خوض معركة حاسمة مع هذه الفئات من البشر، يكون لزاما علي جميع الدول توظيف جيوش من الخبراء المسلحين بأرفع الدرجات العلمية والخبرات الفنية والتقنية للرد علي أي هجوم من المرتزقة.