آخر كلمات الفنان لطفى لبيب قبل وفاته..متقلقوش عليا وراض بكل شىء    "حماة الوطن" يدعو المصريين بالخارج إلى المشاركة بكثافة في انتخابات "الشيوخ"    مخطط رأس الأفعى الإخوانية.. مصر تخوض معركة جديدة ضد التنظيم الإرهابي سلاحها الإعلام والفكر    دقت ساعة الحسم    «العمل» توفر فرص توظيف بمصنع هياكل معدنية في الأردن (الرواتب والمزايا)    وظائف الإسكان 2025.. التخصصات المطلوبة والشروط وآخر موعد للتقديم    وزيرة التخطيط والتعاون تطلق "منصة بيانات أهداف التنمية المستدامة بالمحافظات"    احسب قبضك.. تغذية ماكينات الATM لصرف معاشات أغسطس بالزيادة الجديدة خلال ساعات بالإسكندرية    النيابة العامة: الاتجار بالبشر جريمة منظمة تتطلب مواجهة شاملة    رصد أول موجة تسونامي في كاليفورنيا الأمريكية    الخارجية الفلسطينية: إعلان نيويورك فرصة تاريخية لتجسيد حل الدولتين    ملحمة مصرية ل«دعم غزة»    لافتة هادئة.. لاعبو ليفربول يرتدون قمصانا خاصة في مباراة اليوم    الزمالك يستعد للإعلان عن صفقة جديدة اليوم    "سمعنا كلام كتير".. شوبير يكشف تحرك الأهلي سريعا تجاه إمام عاشور    مصرع 3 فتيات وإصابة 14 في حادث انقلاب ميني باص على الصحراوي الشرقي بالمنيا    الأرصاد تُعلن تراجع الحرارة والقاهرة تسجل 35 درجة    انتشال جثمان غريق شهر العسل في الإسكندرية    بسبب السير عكس الاتجاه.. إصابة 5 أشخاص في تصادم 4 سيارات على الطريق الزراعي بالقليوبية    امتحانات تمهيدية.. تعليمات هامة من "التعليم" بشأن طلاب رياض أطفال المصريين بالخارج    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. 3 خطوات للحصول على بطاقة الترشيح ورابط تحميلها    «التضامن» تستعرض جهود «التدخل السريع» في عدد من المحافظات    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    «الرعاية الصحية» تطلق مشروع «رعايتك في بيتك» لخدمة المواطنين بمنازلهم    محافظ أسوان يوجه بسرعة الانتهاء من مبنى الغسيل الكلوي فى مستشفى كوم أمبو    مسؤول مستشفيات الأمانة الطبية بالإسكندرية: جاهزون لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    - هجوم بالشوم على موظف في قرية أبو صير بالبدرشين    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    «البترول» تعلن السيطرة على حريق سفينة حاويات بمنطقة رأس غارب    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    انخفاض أرباح مرسيدس-بنز لأكثر من النصف في النصف الأول من 2025    وزير الخارجية يبحث مع سيناتور أمريكي شواغل مصر حول السد الإثيوبى    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    انتخابات مجلس الشيوخ.. الآليات والضوابط المنظمة لتصويت المصريين فى الخارج    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    نجاح التشغيل التجريبي للخط التجاري الإقليمي "القاهرة- أربيل" عبر ميناء سفاجا    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    السيطرة على حريق هائل بشقة سكنية في المحلة الكبرى    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد قطب: الحركة النقدية المصرية "فاسدة" تحكمها "الشللية"
نشر في صوت البلد يوم 01 - 03 - 2017

يعد الروائي محمد قطب من رموز الإبداع الروائي والقصصي المصري، لأنه رفد المكتبة العربية بسبع روايات منها "الخروج إلى النبع، رأيتك في المنام، السيد الذي رحل، الضوء والظلال"، وسبعة مجموعات قصصية منها "صدأ القلوب، صانع البهجة، ألوان الطيف، من يقتل الحب، البنات والقمر"، وثلاثة أعمال قصصية للأطفال منها "أنا لولو"، وخمسة عشر مؤلفاً في الدرسات الأدبية والنقدية، "الرؤي والأحلام قراءة.. في نصوص روائية، ينابيع الواقع.. قراءة في القصة القصيرة، محمود البدوي.. عاشق القصة القصيرة"، واختيرت من بينها رواية "الخروج إلى النبع" من بين أفضل مائة رواية عربية ؛ عمل نائباً لرئيس مجلس إدارة نادي القصة، وعضواً بلجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، وحصل على "جائزة نجيب محفوظ" من المجلس الأعلى للثقافة عام 1995م، و"جائزة التميز" من إتحاد كتاب مصر2010.
في هذا الحوار نعيد الاطلالة على تجربته حيث يعيش من أجل ان يكتب.
- يقول بعض النقاد إن الروائي "نجيب محفوظ" انتقد في "ثرثرة فوق النيل" بشكل رمزي، فيما انتقد "العهد الناصري" مباشرة في "الكرنك"، هل يؤثر النظام الإجتماعي على "شكل" العمل الروائي؟
الكاتب "بوصلة" تحدد اتجاهات ما يحدث في المجتمع، وهو مرتبط وثيقاً بالأحداث السياسية، وما يجب علينا التوقف عنده أن يبتعد الأدب "الحقيقي" المرتبط بالسياسة عن ما نسميه "المباشرة"، لكن أحياناً ربما تكون المباشرة ضرورية لمساعدة المتلقي على "فك الرموز" الكامنة في وراء العمل الأدبي. الأدب مرتبط بطريقة ما بالنظام الموجود في الدولة، إذا نظاماً قمعياً ومستبداً، فإنه يرى في الأدب والثقافة وجه من وجوه محاربة قمعه واستبداده، ما يجعل الكاتب يلجأ إلى الرمز، وهذا ما نتج عنه أن ما كتب في "الحقبة الناصرية" في الستينات، عند نجيب محفوظ أو غيره من الكتاب، كان بعيداً عن المباشرة، كان يلجأ إلى شيئين مهمين هما "الرمز والغموض" لخلق "التباس" لا يقود إلى دلالة واضحة، لذا جاءت "ثرثرة فوق النيل" مختلفة عن "الكرنك"، لكن الروايتين كشفتا بطرق مختلفة عن عيوب المجتمع في ذاك الوقت.
- كيف استقبل النقاد أعمالك الإبداعية؟
لي رأي في الحركة النقدية المصرية، فهي حسب تقديري يشوبها نوع من الفساد، والمؤسسة النقدية الثقافية مثلها مثل بقية المؤسسات المصرية أصابها الفساد، ودخلتها "نوعيات" يمكننا تسميتهم ب"الشلل" التي تعمل لمصلحة خاصة، لذا فإن بعض النقاد رفعوا من شأن روائيين وكتاب قصة ومسرحيين لا يستحقون، فحصل على جوائز الدولة من لا يستحق، والسبب أن العاملين في الحياة النقدية والثقافية أصابهم نوع من الفساد والشللية. وهذا ما يفسر عدم فوزي بجوائز الدولة كثيراً، بل لم أفز بها على الإطلاق، وحين تقدمت لجائزة التفوق رشح من هو أدني مني بكثير، لهذا تحتاج لجان جوئز الدولة التي يشرف عليها المجلس الأعلى إلى "حرث" من جديد، أمين المجلس يحاول قدر الإمكان موازنة بعض الأمور، لكن السياق الذي يسير عليه عمل اللجان يحتاج إلى تغيير. لابد من وجود متخصصيين لقراءة الأعمال، ومتخصصين لإبراز التقارير الخاصة بجوائز الدولة التقديرية، ويجب أن يمنع "التصويت" على جوائز الدولة تماماً، وأن يكون التقرير النقدي الموضوعي النزيه هو المعيار.
- كيف عالجت جدل الزمان الروائي في كتاباتك؟
جدلية الزمن محورية وكونية، ولا يستطيع الإنسان الإفلات منها، فقسوة الزمن، وأحكام الماضي على الحاضر، جدل الماضي بالحاضر، الحوادث التي تحدث للإنسان، على الكاتب أن يعي كل هذا حتى يخرج منه بحصيله إنسانية، وما لم تعكس الأعمال الأدبية لما نسميه "حركة الزمن وحركة المكان المتبادلة"، لا نستطيع تقديم عملاً جيداً.
في رواية "الخروج إلى النبع" التي تتناول علاقة الراعي بالرعية، أسقطت فيها "الرمز السياسي"، لأني أرى أن الراعي هو الذي يتوسل قلوب الرعية، إذن فإن استدعاء الزمان والتاريخ وإسقاطه على الحاضر، أحد شؤون جدلية الزمن والعصر الحديث.
- إشكالية المكان واحتفاء الروائيين بها لدرجة تسمية روايات بأسماء أماكن ومدن مشهورة، أهي تعبير عن "حميمية" العلاقة مع المكان، الإقرار به والإغتراب عنه تارة أخرى؟
المكان رديف الزمان والأحداث لا تقع خارجهما، والمكان هو العاكس لطبيعة الشخصية والبيئة، يحتفي عدد كبير من الروائيين بالمكان، وتبرز أمكنة مثل "الحارة، المقهى، الشارع" في أدب نجيب محفوظ، مثلما توجد "القرية" عندي. المكان هو البوتقة تنصهر فيها الأحداث وتنمو فيها الشخصيات، المكان هو المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان التجربة الحقيقية، فمثلا تجربة المكان الآخر "الغربة"، فهو مكان رديف للوحشة القسوة، مكان يستدعي الحنين إلى أمكنة أخرى، كما هو في "الطرف الآخر من البلدة"، ففي "السعودية" ورغم أنها مكان له رمزيته وطقوسه وأسراره، لكنه مع ذلك جعلني أحس بالغربة والحنين إلى مكاني وشارعي وإلى قريتي ومدينتي في مصر.
- يقول البعض أن كتاباً ومثقفين كانوا يعشون اغتراباً سياسياً قبل الثورة يوحي بحدوث شئ ما؟
هل نستطيع القول أنهم كانوا ينتظرون مفاجأة ما.. وهل استطاعوا بما كتبوا من قصة أو روايه أن يشيروا إلى إرهاصات الغضب الشعبي، فتنبؤا..! لا أقول أن هناك "اغتراب سياسي" بل كان هناك نوع من الصمت "الفكري" ضد ما هو سائد، هناك روايات بشرت بارهاصات الثورة، فكل الروايات التي تناولت الفساد، الخلل السياسي التوحش الأخلاقي، كانت إرهاصاً بحدوث الثورة، أو فلنقل أنه نوع من أنواع "النحت الشديد" فيما هو موجود لكشف ما يخبئ، فمثلاً رواية "أجنحة الفراشة" للروائي محمد سلماوي تنبأت بسيناريو الثورة بكل بتفاصيله بما فيها دخول الجيش، ورواية نبيل عبد الحميد "فرس النبي" بينت الخلل الموجود في النظام البنائي.
مثل هذه الروايات تأثيرها قليل، لكن حتماً لها تأثيرات على الثورة، ليس بالقدر الذي حدث في التكنولوجيا الحديثة "الفيس بوك" وما شابهه، لكن الأدب الورقي قام بدوره، وإن لم يكن بقدر الدور الذي قامت به الوسائل التكنولوجية "الفيس بوك".
- هل فكرت في كتابة رواية السيره الذاتية؟
أحد أنماط الإبداع الروائي أو القصصي هو السيرة الذاتية، ومعناها أن الكاتب يستخدم تجاربه الخاصة في سياق روائي، وينقلها في عمل روائي له شخصياته وله أبعاده، وله محاوره الفنية والفكرية، ولكني أقول لك أن السيره الذاتية ما لم يكن المتلقي والقاريء مدرك لحقيقة الكاتب وأبعاد وشخصيته وسيرته، فإنه قد لايستطيع أن يدرك أن هذه سيره ذاتية، ما أريد قوله أن إحدي آليات الكتابة الروائية هي السيرة الذاتية، سواء كانت خالصة أو أن الكاتب استفاد ببعض تجاربه، وغالبا كتاب الرواية وكتاب القصة القصيرة يستفيدون من تجاربهم الخاصة في سياق الرواية، والجيد منهم والماهر يحاول قدر الإمكان إبعاد الدلالات الذاتية عن العمل الروائي.
- كيف تنظر إلى مسميات: الأدب النسوي أو الكتابات الأنثوية أو أدب الشباب؟
من وجهة نظري أن الأدب هو الأدب، هناك من الأدباء من كتبوا في النسوة أو كتبوا عن المرأه ومشاكلها وأشواقها واحباطاتها ورومانسياتها وآلامها وعملها ودورها، ربما كان أفضل كثيرا مما كتبته النساء، أنني غالبا لست مع مصطلح الأدب النسوي، لكني أقول أن هذا أدب أم لا أدب. وأن ما تكتبه هذه المرأه أدب حقيقي أم لا، هناك من تكتب التجربة الخاصة بها، أو التجربة الذاتية لها، وهذه تندرج تحت ما يمكن أن نسميه السيرة الذاتية، لكن الأديب أيّا كان ذكراً أو أنثي إذا استطاع أن يتحدث عن تجرته الإنسانية بمعطيات روائية وفنية حقيقية، فأنا أعتقد أن هذا أدب جيد سواء كتبته امرأه أو كتبه رجل، لكن هناك من كتابات نسوية لها "قصصية خاصة وحميمية خاصة بالتجربة الأنثوية"، نستطيع أن ندرك فيها دهاليز النفس الإنسانية، هناك أعمال جيدة كما رأينا عند "عزة بدر" أو "لطيفه الزيات" أو غيرهن.
- هل استطاعت الأعمال الإبداعيه التي صدرت حديثا التعبير عن مرحلة المخاض التي تعيشها مصر، وما يمور فيها من تغيرات سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية؟
دعني أقول إن الثورات دائما تحتاج إلى زمن تختمر فيه التجربة ليكتب عنها الكاتب، وأن ما يكتب بسرعة ينقصه الإتقان، ويميل إلى المباشرة، ومن ذلك رصد ما يحدث من رتابة في أجواء الثورة غير ما يتناوله الكاتب وقد اختمرت الشخصيات.ومع هذا فمن ضمن الأعمال السريعة التي رصدت تجربة الثورة في ميادينها المختلفة هناك تجربة "فؤاد قنديل"، وهو كاتب روائي متميز بطبيعة الحال في مجموعة قصصية إسمها "ميلاد في التحرير"، رصدت أحداثاً معينة واستدعت تجارب الشخصيات في بوتقة الميدان، ورصدت تغيرات الشخصيات وأبانت أن ثمة حركة حقيقية سيفرزها هذا النظام الجديد، وقد ناقشناها في نادي القصة.
- يرى بعض الإسلاميين أن على من يكتب رواية التوجه لموافقة على نشرها من "مجمع البحوث الاسلامية؟
أنا ضد الرقابة على الأعمال الأدبية، وضد أن تكون هناك هيئة مهيمنة على العمل الإبداعي خاصة الإتجاه الديني، لا يحق للإتجاه الديني أن يكون مهيمنا أورقيبا على العمل الابداعي شعرا أورواية أو قصة أو مسرحية.
الجهة الرقابية التي يجب أن تهيمن حتى في حالة القضاء هم المختصين في المجال، يعني دعني أتذكر موقف نجيب محفوظ في أولاد حارتنا من هذا الرجل الذي اعتدي عليه، سئل: هل قرأت أولاد حارتنا؟ قال: لم أقرأها – ولماذا فعلت ذلك ؟ قال: أنا أنفذ أمر الأمير. ولذلك علق نجيب محفوظ قال: لا أحب لأي مؤسسة دينية أن تفرض رأيها على الأعمال الأدبية، إذا فرضنا الرقابة غلى العمل الأدبي جعلنا العقل مسطحا وجامدا وبعيدا عن الحياة.
- هل ثمة دور "مخصوص" للأدباء والمثقفين في مصر في مرحلة مابعد الثوره؟
على المثقف أن يقوم بدوره وأن يبتعد عن السلبية بأن يكتب لوجه الله ولوجه الوطن، وألا ترتبط كتاباته بتمويلات أجنبية، وألا يرتبط بما يمكن أن نسميه بالتحولات في المواقف، التحول في الموقف سواء في الإعلام أو غيره "عيب ومذلة" شديدين.
كثير من المثقفين ممن نقرأ لهم الآن أو نشاهدهم في الفضائيات "شخصيات ثقافية متحولة"، وهؤلاء لا ثقة لنا فيهم، يعني مثلا مدح التوحيدي خليفة هذا الزمان في عصره، بأنه إمام العدل ومجير المظلوم ومحقق الأمن والعدل في البلد وما إلى ذلك، مع أن ذلك الحاكم كان مثالاً للفساد في عصره. لماذا يلجأ المثقف إلى هذا وإلى هذه الصورة، إذا كنت خائفا فلا تقل إذن، لقد تحولوا هاجموا الذين كانوا يمدحونهم، إذن على المثقف أن يكون أمينا في كلمته..! (وكالة الصحافة العربية)
يعد الروائي محمد قطب من رموز الإبداع الروائي والقصصي المصري، لأنه رفد المكتبة العربية بسبع روايات منها "الخروج إلى النبع، رأيتك في المنام، السيد الذي رحل، الضوء والظلال"، وسبعة مجموعات قصصية منها "صدأ القلوب، صانع البهجة، ألوان الطيف، من يقتل الحب، البنات والقمر"، وثلاثة أعمال قصصية للأطفال منها "أنا لولو"، وخمسة عشر مؤلفاً في الدرسات الأدبية والنقدية، "الرؤي والأحلام قراءة.. في نصوص روائية، ينابيع الواقع.. قراءة في القصة القصيرة، محمود البدوي.. عاشق القصة القصيرة"، واختيرت من بينها رواية "الخروج إلى النبع" من بين أفضل مائة رواية عربية ؛ عمل نائباً لرئيس مجلس إدارة نادي القصة، وعضواً بلجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، وحصل على "جائزة نجيب محفوظ" من المجلس الأعلى للثقافة عام 1995م، و"جائزة التميز" من إتحاد كتاب مصر2010.
في هذا الحوار نعيد الاطلالة على تجربته حيث يعيش من أجل ان يكتب.
- يقول بعض النقاد إن الروائي "نجيب محفوظ" انتقد في "ثرثرة فوق النيل" بشكل رمزي، فيما انتقد "العهد الناصري" مباشرة في "الكرنك"، هل يؤثر النظام الإجتماعي على "شكل" العمل الروائي؟
الكاتب "بوصلة" تحدد اتجاهات ما يحدث في المجتمع، وهو مرتبط وثيقاً بالأحداث السياسية، وما يجب علينا التوقف عنده أن يبتعد الأدب "الحقيقي" المرتبط بالسياسة عن ما نسميه "المباشرة"، لكن أحياناً ربما تكون المباشرة ضرورية لمساعدة المتلقي على "فك الرموز" الكامنة في وراء العمل الأدبي. الأدب مرتبط بطريقة ما بالنظام الموجود في الدولة، إذا نظاماً قمعياً ومستبداً، فإنه يرى في الأدب والثقافة وجه من وجوه محاربة قمعه واستبداده، ما يجعل الكاتب يلجأ إلى الرمز، وهذا ما نتج عنه أن ما كتب في "الحقبة الناصرية" في الستينات، عند نجيب محفوظ أو غيره من الكتاب، كان بعيداً عن المباشرة، كان يلجأ إلى شيئين مهمين هما "الرمز والغموض" لخلق "التباس" لا يقود إلى دلالة واضحة، لذا جاءت "ثرثرة فوق النيل" مختلفة عن "الكرنك"، لكن الروايتين كشفتا بطرق مختلفة عن عيوب المجتمع في ذاك الوقت.
- كيف استقبل النقاد أعمالك الإبداعية؟
لي رأي في الحركة النقدية المصرية، فهي حسب تقديري يشوبها نوع من الفساد، والمؤسسة النقدية الثقافية مثلها مثل بقية المؤسسات المصرية أصابها الفساد، ودخلتها "نوعيات" يمكننا تسميتهم ب"الشلل" التي تعمل لمصلحة خاصة، لذا فإن بعض النقاد رفعوا من شأن روائيين وكتاب قصة ومسرحيين لا يستحقون، فحصل على جوائز الدولة من لا يستحق، والسبب أن العاملين في الحياة النقدية والثقافية أصابهم نوع من الفساد والشللية. وهذا ما يفسر عدم فوزي بجوائز الدولة كثيراً، بل لم أفز بها على الإطلاق، وحين تقدمت لجائزة التفوق رشح من هو أدني مني بكثير، لهذا تحتاج لجان جوئز الدولة التي يشرف عليها المجلس الأعلى إلى "حرث" من جديد، أمين المجلس يحاول قدر الإمكان موازنة بعض الأمور، لكن السياق الذي يسير عليه عمل اللجان يحتاج إلى تغيير. لابد من وجود متخصصيين لقراءة الأعمال، ومتخصصين لإبراز التقارير الخاصة بجوائز الدولة التقديرية، ويجب أن يمنع "التصويت" على جوائز الدولة تماماً، وأن يكون التقرير النقدي الموضوعي النزيه هو المعيار.
- كيف عالجت جدل الزمان الروائي في كتاباتك؟
جدلية الزمن محورية وكونية، ولا يستطيع الإنسان الإفلات منها، فقسوة الزمن، وأحكام الماضي على الحاضر، جدل الماضي بالحاضر، الحوادث التي تحدث للإنسان، على الكاتب أن يعي كل هذا حتى يخرج منه بحصيله إنسانية، وما لم تعكس الأعمال الأدبية لما نسميه "حركة الزمن وحركة المكان المتبادلة"، لا نستطيع تقديم عملاً جيداً.
في رواية "الخروج إلى النبع" التي تتناول علاقة الراعي بالرعية، أسقطت فيها "الرمز السياسي"، لأني أرى أن الراعي هو الذي يتوسل قلوب الرعية، إذن فإن استدعاء الزمان والتاريخ وإسقاطه على الحاضر، أحد شؤون جدلية الزمن والعصر الحديث.
- إشكالية المكان واحتفاء الروائيين بها لدرجة تسمية روايات بأسماء أماكن ومدن مشهورة، أهي تعبير عن "حميمية" العلاقة مع المكان، الإقرار به والإغتراب عنه تارة أخرى؟
المكان رديف الزمان والأحداث لا تقع خارجهما، والمكان هو العاكس لطبيعة الشخصية والبيئة، يحتفي عدد كبير من الروائيين بالمكان، وتبرز أمكنة مثل "الحارة، المقهى، الشارع" في أدب نجيب محفوظ، مثلما توجد "القرية" عندي. المكان هو البوتقة تنصهر فيها الأحداث وتنمو فيها الشخصيات، المكان هو المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان التجربة الحقيقية، فمثلا تجربة المكان الآخر "الغربة"، فهو مكان رديف للوحشة القسوة، مكان يستدعي الحنين إلى أمكنة أخرى، كما هو في "الطرف الآخر من البلدة"، ففي "السعودية" ورغم أنها مكان له رمزيته وطقوسه وأسراره، لكنه مع ذلك جعلني أحس بالغربة والحنين إلى مكاني وشارعي وإلى قريتي ومدينتي في مصر.
- يقول البعض أن كتاباً ومثقفين كانوا يعشون اغتراباً سياسياً قبل الثورة يوحي بحدوث شئ ما؟
هل نستطيع القول أنهم كانوا ينتظرون مفاجأة ما.. وهل استطاعوا بما كتبوا من قصة أو روايه أن يشيروا إلى إرهاصات الغضب الشعبي، فتنبؤا..! لا أقول أن هناك "اغتراب سياسي" بل كان هناك نوع من الصمت "الفكري" ضد ما هو سائد، هناك روايات بشرت بارهاصات الثورة، فكل الروايات التي تناولت الفساد، الخلل السياسي التوحش الأخلاقي، كانت إرهاصاً بحدوث الثورة، أو فلنقل أنه نوع من أنواع "النحت الشديد" فيما هو موجود لكشف ما يخبئ، فمثلاً رواية "أجنحة الفراشة" للروائي محمد سلماوي تنبأت بسيناريو الثورة بكل بتفاصيله بما فيها دخول الجيش، ورواية نبيل عبد الحميد "فرس النبي" بينت الخلل الموجود في النظام البنائي.
مثل هذه الروايات تأثيرها قليل، لكن حتماً لها تأثيرات على الثورة، ليس بالقدر الذي حدث في التكنولوجيا الحديثة "الفيس بوك" وما شابهه، لكن الأدب الورقي قام بدوره، وإن لم يكن بقدر الدور الذي قامت به الوسائل التكنولوجية "الفيس بوك".
- هل فكرت في كتابة رواية السيره الذاتية؟
أحد أنماط الإبداع الروائي أو القصصي هو السيرة الذاتية، ومعناها أن الكاتب يستخدم تجاربه الخاصة في سياق روائي، وينقلها في عمل روائي له شخصياته وله أبعاده، وله محاوره الفنية والفكرية، ولكني أقول لك أن السيره الذاتية ما لم يكن المتلقي والقاريء مدرك لحقيقة الكاتب وأبعاد وشخصيته وسيرته، فإنه قد لايستطيع أن يدرك أن هذه سيره ذاتية، ما أريد قوله أن إحدي آليات الكتابة الروائية هي السيرة الذاتية، سواء كانت خالصة أو أن الكاتب استفاد ببعض تجاربه، وغالبا كتاب الرواية وكتاب القصة القصيرة يستفيدون من تجاربهم الخاصة في سياق الرواية، والجيد منهم والماهر يحاول قدر الإمكان إبعاد الدلالات الذاتية عن العمل الروائي.
- كيف تنظر إلى مسميات: الأدب النسوي أو الكتابات الأنثوية أو أدب الشباب؟
من وجهة نظري أن الأدب هو الأدب، هناك من الأدباء من كتبوا في النسوة أو كتبوا عن المرأه ومشاكلها وأشواقها واحباطاتها ورومانسياتها وآلامها وعملها ودورها، ربما كان أفضل كثيرا مما كتبته النساء، أنني غالبا لست مع مصطلح الأدب النسوي، لكني أقول أن هذا أدب أم لا أدب. وأن ما تكتبه هذه المرأه أدب حقيقي أم لا، هناك من تكتب التجربة الخاصة بها، أو التجربة الذاتية لها، وهذه تندرج تحت ما يمكن أن نسميه السيرة الذاتية، لكن الأديب أيّا كان ذكراً أو أنثي إذا استطاع أن يتحدث عن تجرته الإنسانية بمعطيات روائية وفنية حقيقية، فأنا أعتقد أن هذا أدب جيد سواء كتبته امرأه أو كتبه رجل، لكن هناك من كتابات نسوية لها "قصصية خاصة وحميمية خاصة بالتجربة الأنثوية"، نستطيع أن ندرك فيها دهاليز النفس الإنسانية، هناك أعمال جيدة كما رأينا عند "عزة بدر" أو "لطيفه الزيات" أو غيرهن.
- هل استطاعت الأعمال الإبداعيه التي صدرت حديثا التعبير عن مرحلة المخاض التي تعيشها مصر، وما يمور فيها من تغيرات سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية؟
دعني أقول إن الثورات دائما تحتاج إلى زمن تختمر فيه التجربة ليكتب عنها الكاتب، وأن ما يكتب بسرعة ينقصه الإتقان، ويميل إلى المباشرة، ومن ذلك رصد ما يحدث من رتابة في أجواء الثورة غير ما يتناوله الكاتب وقد اختمرت الشخصيات.ومع هذا فمن ضمن الأعمال السريعة التي رصدت تجربة الثورة في ميادينها المختلفة هناك تجربة "فؤاد قنديل"، وهو كاتب روائي متميز بطبيعة الحال في مجموعة قصصية إسمها "ميلاد في التحرير"، رصدت أحداثاً معينة واستدعت تجارب الشخصيات في بوتقة الميدان، ورصدت تغيرات الشخصيات وأبانت أن ثمة حركة حقيقية سيفرزها هذا النظام الجديد، وقد ناقشناها في نادي القصة.
- يرى بعض الإسلاميين أن على من يكتب رواية التوجه لموافقة على نشرها من "مجمع البحوث الاسلامية؟
أنا ضد الرقابة على الأعمال الأدبية، وضد أن تكون هناك هيئة مهيمنة على العمل الإبداعي خاصة الإتجاه الديني، لا يحق للإتجاه الديني أن يكون مهيمنا أورقيبا على العمل الابداعي شعرا أورواية أو قصة أو مسرحية.
الجهة الرقابية التي يجب أن تهيمن حتى في حالة القضاء هم المختصين في المجال، يعني دعني أتذكر موقف نجيب محفوظ في أولاد حارتنا من هذا الرجل الذي اعتدي عليه، سئل: هل قرأت أولاد حارتنا؟ قال: لم أقرأها – ولماذا فعلت ذلك ؟ قال: أنا أنفذ أمر الأمير. ولذلك علق نجيب محفوظ قال: لا أحب لأي مؤسسة دينية أن تفرض رأيها على الأعمال الأدبية، إذا فرضنا الرقابة غلى العمل الأدبي جعلنا العقل مسطحا وجامدا وبعيدا عن الحياة.
- هل ثمة دور "مخصوص" للأدباء والمثقفين في مصر في مرحلة مابعد الثوره؟
على المثقف أن يقوم بدوره وأن يبتعد عن السلبية بأن يكتب لوجه الله ولوجه الوطن، وألا ترتبط كتاباته بتمويلات أجنبية، وألا يرتبط بما يمكن أن نسميه بالتحولات في المواقف، التحول في الموقف سواء في الإعلام أو غيره "عيب ومذلة" شديدين.
كثير من المثقفين ممن نقرأ لهم الآن أو نشاهدهم في الفضائيات "شخصيات ثقافية متحولة"، وهؤلاء لا ثقة لنا فيهم، يعني مثلا مدح التوحيدي خليفة هذا الزمان في عصره، بأنه إمام العدل ومجير المظلوم ومحقق الأمن والعدل في البلد وما إلى ذلك، مع أن ذلك الحاكم كان مثالاً للفساد في عصره. لماذا يلجأ المثقف إلى هذا وإلى هذه الصورة، إذا كنت خائفا فلا تقل إذن، لقد تحولوا هاجموا الذين كانوا يمدحونهم، إذن على المثقف أن يكون أمينا في كلمته..! (وكالة الصحافة العربية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.