بدء التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ بسفارات مصر بالسعودية والكويت والأردن    انتخابات الشيوخ 2025.. توافد لافت ورسائل دعم للدولة المصرية خلال تصويت المصريين بالسعودية    توقيع بروتوكول تعاون بين الجمارك والغرفة التجارية بالقاهرة لتيسير الإجراءات الجمركية    استشهاد 23 فلسطينيا في قصف إسرائيلي متواصل على غزة    الدفاع الروسية: اعتراض وتدمير 112 طائرة مسيرة أوكرانية    مواعيد مباريات السبت 2 أغسطس 2025.. البدري ضد كهربا وافتتاح أمم إفريقيا للمحليين    مواعيد مباريات اليوم السبت 2- 8- 2025 والقنوات الناقلة    ماسكيرانو: نحلم باستمرار ميسي مع إنتر ميامي.. والقرار بيده    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    الرئيس البرازيلي: نستعد للرد على الرسوم الجمركية الأمريكية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب شمال باكستان    مصطفى عبده يكتب: خيانة مكتملة الأركان    ذات يوم.. 02 أغسطس 1990.. اتصالات هاتفية بالرئيس مبارك والملكين فهد وحسين لإبلاغهم بمفاجأة احتلال العراق للكويت ومحاولات الاتصال بصدام حسين تفشل بحجة «التليفون بعيد عنه»    أسعار الأسماك بكفر الشيخ اليوم    الهيئة الوطنية للانتخابات: سفراء مصر بالخارج يدعمون التصويت    استقرار أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 2 أغسطس 2025    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    تعرف على منافسات مصر بسابع أيام دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    يحيى عطية الله يعود إلى الوداد بعد موافقة سوتشي الروسي    «مياه الإسكندرية» تنهي استعداداتها لتأمين انتخابات مجلس الشيوخ    الطقس اليوم السبت 2-8-2025.. أجواء حارة ورطبة نهارًا على أغلب الأنحاء    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    أخبار مصر: مفاجأة بمنزل البلوجر أم مكة، وفاة غامضة لعم أنغام، ترامب يهدد بوتين ب"النووي"، مأساة في زفة عريس بكفر الشيخ    وفاة عم أنغام .. وشقيقه: الوفاة طبيعية ولا توجد شبهة جنائية    القاهرة الإخبارية تعرض تقريرا عن مجلس الشيوخ.. ثمرة عقود من التجربة الديمقراطية    حملة «100 يوم صحة» تقدم 26.7 مليون خدمة طبية مجانية خلال 17 يوما    جنين تم تجميده عام 1994.. ولادة أكبر طفل في العالم    أسعار السبائك الذهبية اليوم السبت 2-8-2025 بعد الارتفاع القياسي العالمي    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    "تيسلا" مطالبة ب 242 مليون دولار كتعويض عن حادث مميت    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم السبت 2-8-2025    سعر الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 2-8-2025 في أسواق الشرقية    الأجهزة الأمنية تداهم منزل البلوجر «أم مكة» في شبرا الخيمة وتتحفظ على معدات التصوير    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة ومؤشرات الحد الأدنى    جريمة تهز سيوة.. مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة وإصابة ابنهم    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    إصابة 5 عمال في مشاجرة بسوهاج لتنافس على الزبائن    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يشهد فعاليات اليوم العلمى ل«الفنية العسكرية»    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول كتابة الشعر في المدارس
نشر في صوت البلد يوم 08 - 01 - 2017

أيهما أهم للطفل: التعرف على المعنى الشعري في القصيدة، أم الاستماع إلى موسيقى الألفاظ ..؟
وهل نطلب من أطفالنا أن يفهموا كل شيء يقرؤونه في مجال الشعر، أم نطلب منهم أن يحفظوا ويرددوا فقط دون فهم المعنى أو المراد من النص الشعري الموجه إليهم؟
وهل إذا حاول أطفالنا أن يكتبوا شعرا سنطالبهم بالحفاظ على الوزن والقافية والالتزام ببحر شعري ما، أم سنشجعهم على الكتابة فحسب، أيًّا كان الناتج الأدبي الذي سيخرج من بين أصابعهم ووجداناتهم دون الالتزام بالوزن أو الإيقاع أو القافية أو البحر ..؟
يرى البعض أننا يجب أن نعوِّد أطفالنا على الالتزام بموسيقى شعرية ما إذا حاول أحدهم أن يقترب من عالم الشعر، بالضبط مثلما يلتزم بلغة عربية سليمة، نحوًا وصرفًا إذا ما حاول أن يكتب شعرا باللغة العربية.
ولكن هل يتسنى لأطفالنا في سن المرحلة الابتدائية أو المرحلة الإعدادية أن يمتلكوا ناصية التعبير الموسيقي السليم دون دراسة علم الأوزان والقوافي ..؟
يرى البعض أن الشاعر الصغير عادة ما يكون موهوبا في هذه الناحية، أي أنه يمتلك الموسيقى الشعرية دون دراسة لجوانبها المختلفة.
وعموما فإن عدد الموهوبين شعريا بناءً على هذه الشروط سيكون ضئيلا جدا، والمطلوب اكشاف ناصية التعبير الشعري لدى أطفالنا في سن مبكرة مضحين قليلا أو كثيرا بمسألة الوزن والقافية.
إن أريك جي بولتون، صاحب كتاب "كتابة الشعر في المدارس" يرى ضرورة تحطيم هذين المعتقدين الوزن والقافية إذا ما أريد أي تقدم في هذا الموضوع بالنسبة لأطفالنا، وهو يرى أن على معلم الشعر أن يعمل جهده لنقض الرأي القائل إن الشعر يجب أن يكون موزونا ومقفى لكي يستحق تسميته شعرًا.
ويبدو أن مسألة وجود معلم للشعر في مدارسنا العربية ستكون نوعا من الرفاهية التدريسية، أو أن مدرسينا لم يفكروا فيها على نحو جاد، ويكفي أن يكون هناك مدرس للغة العربية يقوم بتدريس الشعر المقرر على طلبته فحسب، ولكن الموضوع الذي أمامنا مختلف كل الاختلاف عن مجرد تدريس الشعر المقرر، إنه يتعدى ذلك لاكتشاف التلاميذ الشعراء ومنحهم الفرصة تلو الأخرى ليكتبوا شيئا من إنتاجهم هم ليقرر أو يدرس على زملائهم.
من هنا تأتي أهمية التجارب التعليمية والأدبية والتربوية التي قام بها أريك جي بولتون في إحدى المدارس الإنجليزية والتي قام الأديب العراقي ياسين طه حافظ بترجمتها، وصدرت في سلسلة الموسوعة الصغيرة العدد 21 التي كانت تصدرها وزارة الثقافة والفنون بالعراق، وذلك تحت عنوان "كتابة الشعر في المدارس".
ينطلق المؤلف / المدرس من فرضيتين مهمتين في هذه التجارب الأولى، أشرنا إليها منذ قليل، وتتعلق بنقض الرأي القائل إن الشعر يجب أن يكون موزونا ومققى حتى يستحق تسميته شعرا. والثانية إنه ليست هناك طريقة لتدريس قواعد اللغة أفضل من تلك التي تتم خلال الكتابة الشعرية.
الفرضية الأولى يدعمها خشية أن يتعامل التلاميذ مع القافية باعتبارها أهم شيء في النص الشعري أو القصيدة، وفي بحثهم عن الكلمات القوافي سوف يخسرون كل التلقائية والأصالة.
وتعد مشكلة الجمالية والعاطفية من أهم المشكلات التي قابلها المؤلف مع الأطفال، ذلك أن الأطفال اعتادوا على التفكير بأن الشعر يتعامل كليا مع ما هو جميل وعاطفي، في حين يذهب المؤلف إلى أن هذه الفكرة الخاطئة ناشئة من الشعر الرث الذي يكثر في عموم كتب الأطفال في المجلات، وبطاقات أعياد الميلاد والتقاويم.
وقد حاول المؤلف أن يعالج هذه المشكلة في كتابات الأطفال بحيث يسحب الموضوع الذي يتحدث فيه مع الأطفال بطريقة تصبح القصائد فيها لا جميلة ولا عاطفية، مثل كلب تقتله سيارة مرمي أو أو ملقى في مجرى مائي وملطخ بالتراب والقذارة وبدمه.
لقد ناقش المؤلف أو المدرس تلاميذه حول ماذا يشعرون إزاء هذا الكلب، وهل يشعرون وكأنهم الفاعلون ..؟ وقد جاءت قصيدة إحدى التلميذات في الثانية عشرة على النحو التالي:
كلب هزيل تالف المظهر
يرقد في المجرى
جسمه ملطخ بالدم والوحل:
ساكن كالموت
كلب كان حيا يوما، والآن ميت:
مرعب أن تراه
ولكني نظرت إليه
هناك الأسف
الكلب سيصبح قذارة
يوضع في القمامة
يحرق ثم تنطفيء الجمرة
ويعلق بولتون على هذه القصيدة بقوله: "هذه القصيدة الصغيرة البسيطة تتحرك بشكل لطيف. من الملاحظة خلال الشعور بالأسف، إلى تقبل حقيقة الكلب. المقطع الثاني الجميل يحمل حنانا وتعاطفا دون أية لمسة من الانفعال الزائد والغلو".
وتكتب طفلة أخرى في السن نفسها قصيدة عنوانها "جسد كلب ميت" تقول فيها:
جسد ميت لكلب
لم تعد الحياة ترقص في هذه الجثة
ميت !
ميت بالنسبة لجميع العالم
الدم الذي كان يوما في عمل
مسفوح الآن على جانب الطريق
إنه الآن رمز للموت
ساقاه مثنيتان بشكل غير طبيعي
الرأس مكسور، منفصل عن الجسد
العينان بيضاوان تتحولان ببطء إلى الأحمر
العظام غاطستان في اللحم
الهواء يتحول عفنا
والغبار يتراكم على الجثة
الذباب يهبط على الدم
مستعدا ليتغذى على لحم
الجسد الميت
ويعلق المؤلف على هذه القصيدة بقوله: "هذه قصيدة مختلفة جدا عن (سابقتها) القاموس اللفظي أوسع، والكلمات استعملت بشكل تصوري وتخيلي أكثر. إنها مختلفة أيضا في أن الأسى أو الشعور بالرثاء مختف. إنها قصيدة متوحشة. في توحشها تدين كل أولئك الذين كانوا سببا للموت. لا تقبُّل إطلاقا للموت هنا. والقصيدة تنتهي بتصوير مرعب للكلب الميت".
وفي مرحلة تالية يبدأ المؤلف استعمال الأساليب المشوقة الأخرى بدل الكلام والمناقشة، حيث بدأ الأطفال أنفسهم يقتنعون بقدراتهم على الكتابة، ومن الطرق التي استعملت في هذه المرحلة قراءة قصائد تتناول حيوانات وناسا، مع إثارة عواطف الخوف والغضب والحب والكراهية خلال ردود الفعل الناتجة من موقف خاص أو تجربة.
لقد وضع بولتون بين يدي الأطفال الموضوع التالي "صباح يوم عطلة لاحظت وأنا أسير في الطريق إلى المدرسة المغلقة، لاحظت صفا من الدور قد هدمت إلا واحدة ما تزال الستائر على نوافذها وقناني الحليب تنتظر عند الباب".
وطلب منهم صياغة أو كتابة قصائد تتناول هذا الموضوع، فكتبت طفلة في الثانية عشرة النص التالي:
وأنا أسير في الشارع
تابعة ظلي
سمعت شخصا يصيح
داري تسقط
النجدة !
النجدة !
النجدة !
داري تسقط
أنا لا أقدر أن أبنيها مرة أخرى
النجدة !
النجدة !
النجدة !
أنا لا أقدر أن أبنيها مرة أخرى
النجدة !
ويعلق المؤلف على هذه القصيدة بقوله: "واضح أن هذه القصيدة تدين بقليل في مضمونها إلى الموضوع الذي طرح. لقد استخدمت (الطفلة) فكرة سقوط الدور كرمز شخصي. هذه إحدى الميزات الكبيرة لاستعمال حقائق متفرقة لا تربطها إلا علائق بسيطة غامضة".
ثم يضيف "هنالك حس حقيقي من عدم الاطمئنان يتخلل هذه القصيدة والذي أعتقد أن (الطفلة) لم تكن واعية تماما به. إن رمز الدار الذي قدمته أنا دون علم بما سيئول إليه، كان ذا فائدة".
وكتب طفل آخر في الثانية عشرة أيضا قصيدة بعنوان "دارنا" يقول فيها:
صف من الدور،
الدور العتيقة،
من سنين يعيش فيها الناس
وحين تسقط الجدران
يراقب هؤلاء الناس ويقطبون
وتسقط أيضا قطعة من قلبك
وعندما تسقط آخر طابوقة
تبدو كأنها سوف لا تصل الأرض أبدا
تطفو بأمان مثل سنونو
تطفو
رشيقة جدا
وفجأة تهبط بارتطام
ومثلما في حلم، تنكسر
قلبك ينكسر أيضا
ويعلق المؤلف على تلك القصيدة التي كان كاتبها واحدا ممن تهدمت منازلهم، وقد راقب داره وهي تتمزق وتهوي، ويتضح هذا في المقطع الثاني، يقول بولتون: "إنها ليست قصيدة مراقب موضوعي مجرد، ولكنها قصيدة شخص شمله الحدث بعمق وأصابه شخصيا. إن هذا يظهر أن التجربة كلما كانت أقرب إلى شخصية الطفل نفسه، كانت النتائج المتوقعة أفضل".
ومن المشكلات التي قابلها المؤلف في هذه المرحلة أن بعض كتابات الأطفال غير واضحة، ويقول في علاج هذه المشكلة: "كنت أترك الأطفال يكتبون قصائدهم على مسودات، ثم يقرؤونها لي. وبينما هم يقرؤون كنت أعيد كتابتها بشكل مناسب، ويقوم التلميذ بعد ذلك باستنساخها في دفتره. بهذه الطريقة أكون قد منحته بعض الثقة بنفسه وبقدرته على كتابة الشعر".
وفي مرحلة سنية تالية وهي الثالثة عشرة والرابعة عشرة يتغير أسلوب التعامل، وتبرز مشكلات أخرى منها أن الأطفال بدأوا يكتبون شعرا تتوافر فيه شروط الكتابة، ولكنه بغير حياة، ومن هنا يجب أن تكون استجابات الأطفال حية وطازجة مع الأخذ في الاعتبار دخول المرحلة النقدية، بعد أن كانت المرحلة السابقة تعتمد على العفوية والطلاقة.
ويلاحظ المؤلف أنه في هذا العمر تصبح أعمال الأطفال أقل موضوعية ووجهات نظرهم تنحرف إلى الذاتية والاستبطان الشخصي، وقد بدأ مع هذه السن أخذ الأطفال إلى أماكن خارج المدرسة ليكتبوا عن مشاهداتهم الخارجية مع التحدث عن قصائد تناولت موضوعات مثل التي سوف يشاهدونها.
وقد لاحظ المؤلف أن تلاميذه في هذه المرحلة يلتقطون دون وعي تكنيكات آخرين، ويتبنونها لاحتياجاتهم الخاصة.
ومن خلال تجربة المؤلف مع أطفاله تأكد له أن الأطفال يجدون صعوبة بالغة في الكتابة الجيدة، عما هو سحري، وغير طبيعي. وتظل هذه الصعوبة كبيرة، وإن كانوا يتمتعون كثيرا بقراءة هذا النوع من الأشعار. لذا فقد حاول أن يرجعهم إلى كتابة قصائد لمناسبات مدرسية خاصة، كما حاول في مرحلة متقدمة أكثر أن يحفزهم للنظر داخل أنفسهم، ويسأل كلٌّ منهم نفسه أي نوع من الأشخاص أنا؟ وأي شخص أريد أن أكون؟
وقد لاحظ المؤلف أن فكرة الطفل عما يريد أن يكونه دائمة التغيير. وقد دعا المؤلف تلاميذه لأن يكتبوا عن العائلة والدين والمدرسة في محاولة تثبيت مواقفهم الخاصة وسط تلك المفاهيم والمسلمات، وقد تم ملاحظة أن أطفال هذه المرحلة يريدون أن يناقشوا أنفسهم والمجتمع الذي وجدوا أنفسهم فيه، وأن القصائد التي يتمتعون بها أكثر من سواها هي تلك القصائد التي تتناول الموضوعات التي يتساءلون عنها، لذا فإن أشعار كيتس كما يقول المؤلف شائعة بين أطفال هذه المرحلة، لأن هذا الشاعر يهتم بجوهر الحياة والجمال، وهذا الاهتمام واحد مما يرتاح إليه الأحداث في سنيهم هذه، كما أنهم يريدون أن يعرفوا شيئا عن الموت، وأشعارهم تعكس ما يشبه الافتتان المرضي بالموت.
يقول طفل في الصف الخامس في قصيدة بعنوان "ذكرى":
ساعة ذهبية ب (سير) متهريء
زوج من الأخفاف يتعذر لبسهما
خيط من اللؤلؤ اصفرَّ من مرور الزمن عليه
سوف لن يرتديه أحد لسنين قادمة أخرى
كلما فتحت الدولاب
تتدحرج إحدى الذكريات نحوي
وتسقط ميتة فوق الأرض
التقطها، وانظر للزمن الماضي
ثم أعيدها حية
هي والأفكار التي صحبتها
أحيانا أتساءل إن كانت تستطيع
أن ترانا الآن، وتعرف أن بضاعتها اللفظية
الباقية حقيقة في الطريق
وأن الفراغ الذي تشغله
يمكن أن يكون لأداة أو آنية
ولكنها يمكن أن تستريح، لأن الزاوية
التي تشغلها
سوف تظل دائما ذكريات
ويعلق بولتون بقوله إن قصيدة الشاعر جورج ماكبث وراء هذه القصيدة التي يتوافر نوع من الخلود فيها.
ولما كان موضوع العائلة من الموضوعات التي يهتم بها أطفال هذه المرحلة، فقد طلب منهم المؤلف أن يكتبوا قصائد عن شخص يعرفونه جيدا، وأن يحاولوا امتلاك شخصيته أكثر من مظهره البدني.
ولعل القصيدة التالية لتلميذ في الصف الخامس الابتدائي كتبها عن جده تنجح تماما في محاولتها تحقيق ذلك:
كان رجلا طويلا نحيفا
يتمشى في الغرفة ذهابا وإيابا
كما لم تكن فيها أية مقاعد
إنه يسير ببطء مثل السلحفاة
يأكل ويشرب شايه
ويتساقط منه لغو غريب
كما لو كان سكران
وإذا ما جلس، فلينتف
أزراره
ويقتلع، يمزق شيئا ما إلى قطع
ثم يظل يحدق في النار
يحدق حتى يصير وجهه أحمر ورديا
أيضا لاحظ المؤلف أن هناك تأثيرا للكتب التي يقرؤها التلاميذ على شعرهم، وهو ما يمكن أن يلمس ويرى في القصائد التي يكتبونها.
وفي الختام، يعلق بولتون على تجربته مع أطفاله في محاولة كتابة الشعر بقوله: "أحد الآمال التي أعتز بها، أن بعض الأطفال والأحداث الذين أسهموا في الكتابات الشعرية سوف يجدون دائما متعة عميقة وقناعة بالشعر ...".
لا شك أنها تجربة تربوية وفنية وأدبية رائعة ورائدة تلك التي قام أريك جي بولتون، وليت أحد شعرائنا العرب الذين يعملون في مجال التدريس في المرحلة الابتدائية أو الإعدادية أو حتى الثانوية يحاول أن يفعل مثلها أو شبيهها لنرى هل سيخرج بالنتائج نفسها التي خرج بها المؤلف الإنجليزي، وكيف ستكون استجابات أطفالنا، وهل سيتم اكتشاف أو سيتم صناعة شعراء صغار بهذه الطريقة؟
أيهما أهم للطفل: التعرف على المعنى الشعري في القصيدة، أم الاستماع إلى موسيقى الألفاظ ..؟
وهل نطلب من أطفالنا أن يفهموا كل شيء يقرؤونه في مجال الشعر، أم نطلب منهم أن يحفظوا ويرددوا فقط دون فهم المعنى أو المراد من النص الشعري الموجه إليهم؟
وهل إذا حاول أطفالنا أن يكتبوا شعرا سنطالبهم بالحفاظ على الوزن والقافية والالتزام ببحر شعري ما، أم سنشجعهم على الكتابة فحسب، أيًّا كان الناتج الأدبي الذي سيخرج من بين أصابعهم ووجداناتهم دون الالتزام بالوزن أو الإيقاع أو القافية أو البحر ..؟
يرى البعض أننا يجب أن نعوِّد أطفالنا على الالتزام بموسيقى شعرية ما إذا حاول أحدهم أن يقترب من عالم الشعر، بالضبط مثلما يلتزم بلغة عربية سليمة، نحوًا وصرفًا إذا ما حاول أن يكتب شعرا باللغة العربية.
ولكن هل يتسنى لأطفالنا في سن المرحلة الابتدائية أو المرحلة الإعدادية أن يمتلكوا ناصية التعبير الموسيقي السليم دون دراسة علم الأوزان والقوافي ..؟
يرى البعض أن الشاعر الصغير عادة ما يكون موهوبا في هذه الناحية، أي أنه يمتلك الموسيقى الشعرية دون دراسة لجوانبها المختلفة.
وعموما فإن عدد الموهوبين شعريا بناءً على هذه الشروط سيكون ضئيلا جدا، والمطلوب اكشاف ناصية التعبير الشعري لدى أطفالنا في سن مبكرة مضحين قليلا أو كثيرا بمسألة الوزن والقافية.
إن أريك جي بولتون، صاحب كتاب "كتابة الشعر في المدارس" يرى ضرورة تحطيم هذين المعتقدين الوزن والقافية إذا ما أريد أي تقدم في هذا الموضوع بالنسبة لأطفالنا، وهو يرى أن على معلم الشعر أن يعمل جهده لنقض الرأي القائل إن الشعر يجب أن يكون موزونا ومقفى لكي يستحق تسميته شعرًا.
ويبدو أن مسألة وجود معلم للشعر في مدارسنا العربية ستكون نوعا من الرفاهية التدريسية، أو أن مدرسينا لم يفكروا فيها على نحو جاد، ويكفي أن يكون هناك مدرس للغة العربية يقوم بتدريس الشعر المقرر على طلبته فحسب، ولكن الموضوع الذي أمامنا مختلف كل الاختلاف عن مجرد تدريس الشعر المقرر، إنه يتعدى ذلك لاكتشاف التلاميذ الشعراء ومنحهم الفرصة تلو الأخرى ليكتبوا شيئا من إنتاجهم هم ليقرر أو يدرس على زملائهم.
من هنا تأتي أهمية التجارب التعليمية والأدبية والتربوية التي قام بها أريك جي بولتون في إحدى المدارس الإنجليزية والتي قام الأديب العراقي ياسين طه حافظ بترجمتها، وصدرت في سلسلة الموسوعة الصغيرة العدد 21 التي كانت تصدرها وزارة الثقافة والفنون بالعراق، وذلك تحت عنوان "كتابة الشعر في المدارس".
ينطلق المؤلف / المدرس من فرضيتين مهمتين في هذه التجارب الأولى، أشرنا إليها منذ قليل، وتتعلق بنقض الرأي القائل إن الشعر يجب أن يكون موزونا ومققى حتى يستحق تسميته شعرا. والثانية إنه ليست هناك طريقة لتدريس قواعد اللغة أفضل من تلك التي تتم خلال الكتابة الشعرية.
الفرضية الأولى يدعمها خشية أن يتعامل التلاميذ مع القافية باعتبارها أهم شيء في النص الشعري أو القصيدة، وفي بحثهم عن الكلمات القوافي سوف يخسرون كل التلقائية والأصالة.
وتعد مشكلة الجمالية والعاطفية من أهم المشكلات التي قابلها المؤلف مع الأطفال، ذلك أن الأطفال اعتادوا على التفكير بأن الشعر يتعامل كليا مع ما هو جميل وعاطفي، في حين يذهب المؤلف إلى أن هذه الفكرة الخاطئة ناشئة من الشعر الرث الذي يكثر في عموم كتب الأطفال في المجلات، وبطاقات أعياد الميلاد والتقاويم.
وقد حاول المؤلف أن يعالج هذه المشكلة في كتابات الأطفال بحيث يسحب الموضوع الذي يتحدث فيه مع الأطفال بطريقة تصبح القصائد فيها لا جميلة ولا عاطفية، مثل كلب تقتله سيارة مرمي أو أو ملقى في مجرى مائي وملطخ بالتراب والقذارة وبدمه.
لقد ناقش المؤلف أو المدرس تلاميذه حول ماذا يشعرون إزاء هذا الكلب، وهل يشعرون وكأنهم الفاعلون ..؟ وقد جاءت قصيدة إحدى التلميذات في الثانية عشرة على النحو التالي:
كلب هزيل تالف المظهر
يرقد في المجرى
جسمه ملطخ بالدم والوحل:
ساكن كالموت
كلب كان حيا يوما، والآن ميت:
مرعب أن تراه
ولكني نظرت إليه
هناك الأسف
الكلب سيصبح قذارة
يوضع في القمامة
يحرق ثم تنطفيء الجمرة
ويعلق بولتون على هذه القصيدة بقوله: "هذه القصيدة الصغيرة البسيطة تتحرك بشكل لطيف. من الملاحظة خلال الشعور بالأسف، إلى تقبل حقيقة الكلب. المقطع الثاني الجميل يحمل حنانا وتعاطفا دون أية لمسة من الانفعال الزائد والغلو".
وتكتب طفلة أخرى في السن نفسها قصيدة عنوانها "جسد كلب ميت" تقول فيها:
جسد ميت لكلب
لم تعد الحياة ترقص في هذه الجثة
ميت !
ميت بالنسبة لجميع العالم
الدم الذي كان يوما في عمل
مسفوح الآن على جانب الطريق
إنه الآن رمز للموت
ساقاه مثنيتان بشكل غير طبيعي
الرأس مكسور، منفصل عن الجسد
العينان بيضاوان تتحولان ببطء إلى الأحمر
العظام غاطستان في اللحم
الهواء يتحول عفنا
والغبار يتراكم على الجثة
الذباب يهبط على الدم
مستعدا ليتغذى على لحم
الجسد الميت
ويعلق المؤلف على هذه القصيدة بقوله: "هذه قصيدة مختلفة جدا عن (سابقتها) القاموس اللفظي أوسع، والكلمات استعملت بشكل تصوري وتخيلي أكثر. إنها مختلفة أيضا في أن الأسى أو الشعور بالرثاء مختف. إنها قصيدة متوحشة. في توحشها تدين كل أولئك الذين كانوا سببا للموت. لا تقبُّل إطلاقا للموت هنا. والقصيدة تنتهي بتصوير مرعب للكلب الميت".
وفي مرحلة تالية يبدأ المؤلف استعمال الأساليب المشوقة الأخرى بدل الكلام والمناقشة، حيث بدأ الأطفال أنفسهم يقتنعون بقدراتهم على الكتابة، ومن الطرق التي استعملت في هذه المرحلة قراءة قصائد تتناول حيوانات وناسا، مع إثارة عواطف الخوف والغضب والحب والكراهية خلال ردود الفعل الناتجة من موقف خاص أو تجربة.
لقد وضع بولتون بين يدي الأطفال الموضوع التالي "صباح يوم عطلة لاحظت وأنا أسير في الطريق إلى المدرسة المغلقة، لاحظت صفا من الدور قد هدمت إلا واحدة ما تزال الستائر على نوافذها وقناني الحليب تنتظر عند الباب".
وطلب منهم صياغة أو كتابة قصائد تتناول هذا الموضوع، فكتبت طفلة في الثانية عشرة النص التالي:
وأنا أسير في الشارع
تابعة ظلي
سمعت شخصا يصيح
داري تسقط
النجدة !
النجدة !
النجدة !
داري تسقط
أنا لا أقدر أن أبنيها مرة أخرى
النجدة !
النجدة !
النجدة !
أنا لا أقدر أن أبنيها مرة أخرى
النجدة !
ويعلق المؤلف على هذه القصيدة بقوله: "واضح أن هذه القصيدة تدين بقليل في مضمونها إلى الموضوع الذي طرح. لقد استخدمت (الطفلة) فكرة سقوط الدور كرمز شخصي. هذه إحدى الميزات الكبيرة لاستعمال حقائق متفرقة لا تربطها إلا علائق بسيطة غامضة".
ثم يضيف "هنالك حس حقيقي من عدم الاطمئنان يتخلل هذه القصيدة والذي أعتقد أن (الطفلة) لم تكن واعية تماما به. إن رمز الدار الذي قدمته أنا دون علم بما سيئول إليه، كان ذا فائدة".
وكتب طفل آخر في الثانية عشرة أيضا قصيدة بعنوان "دارنا" يقول فيها:
صف من الدور،
الدور العتيقة،
من سنين يعيش فيها الناس
وحين تسقط الجدران
يراقب هؤلاء الناس ويقطبون
وتسقط أيضا قطعة من قلبك
وعندما تسقط آخر طابوقة
تبدو كأنها سوف لا تصل الأرض أبدا
تطفو بأمان مثل سنونو
تطفو
رشيقة جدا
وفجأة تهبط بارتطام
ومثلما في حلم، تنكسر
قلبك ينكسر أيضا
ويعلق المؤلف على تلك القصيدة التي كان كاتبها واحدا ممن تهدمت منازلهم، وقد راقب داره وهي تتمزق وتهوي، ويتضح هذا في المقطع الثاني، يقول بولتون: "إنها ليست قصيدة مراقب موضوعي مجرد، ولكنها قصيدة شخص شمله الحدث بعمق وأصابه شخصيا. إن هذا يظهر أن التجربة كلما كانت أقرب إلى شخصية الطفل نفسه، كانت النتائج المتوقعة أفضل".
ومن المشكلات التي قابلها المؤلف في هذه المرحلة أن بعض كتابات الأطفال غير واضحة، ويقول في علاج هذه المشكلة: "كنت أترك الأطفال يكتبون قصائدهم على مسودات، ثم يقرؤونها لي. وبينما هم يقرؤون كنت أعيد كتابتها بشكل مناسب، ويقوم التلميذ بعد ذلك باستنساخها في دفتره. بهذه الطريقة أكون قد منحته بعض الثقة بنفسه وبقدرته على كتابة الشعر".
وفي مرحلة سنية تالية وهي الثالثة عشرة والرابعة عشرة يتغير أسلوب التعامل، وتبرز مشكلات أخرى منها أن الأطفال بدأوا يكتبون شعرا تتوافر فيه شروط الكتابة، ولكنه بغير حياة، ومن هنا يجب أن تكون استجابات الأطفال حية وطازجة مع الأخذ في الاعتبار دخول المرحلة النقدية، بعد أن كانت المرحلة السابقة تعتمد على العفوية والطلاقة.
ويلاحظ المؤلف أنه في هذا العمر تصبح أعمال الأطفال أقل موضوعية ووجهات نظرهم تنحرف إلى الذاتية والاستبطان الشخصي، وقد بدأ مع هذه السن أخذ الأطفال إلى أماكن خارج المدرسة ليكتبوا عن مشاهداتهم الخارجية مع التحدث عن قصائد تناولت موضوعات مثل التي سوف يشاهدونها.
وقد لاحظ المؤلف أن تلاميذه في هذه المرحلة يلتقطون دون وعي تكنيكات آخرين، ويتبنونها لاحتياجاتهم الخاصة.
ومن خلال تجربة المؤلف مع أطفاله تأكد له أن الأطفال يجدون صعوبة بالغة في الكتابة الجيدة، عما هو سحري، وغير طبيعي. وتظل هذه الصعوبة كبيرة، وإن كانوا يتمتعون كثيرا بقراءة هذا النوع من الأشعار. لذا فقد حاول أن يرجعهم إلى كتابة قصائد لمناسبات مدرسية خاصة، كما حاول في مرحلة متقدمة أكثر أن يحفزهم للنظر داخل أنفسهم، ويسأل كلٌّ منهم نفسه أي نوع من الأشخاص أنا؟ وأي شخص أريد أن أكون؟
وقد لاحظ المؤلف أن فكرة الطفل عما يريد أن يكونه دائمة التغيير. وقد دعا المؤلف تلاميذه لأن يكتبوا عن العائلة والدين والمدرسة في محاولة تثبيت مواقفهم الخاصة وسط تلك المفاهيم والمسلمات، وقد تم ملاحظة أن أطفال هذه المرحلة يريدون أن يناقشوا أنفسهم والمجتمع الذي وجدوا أنفسهم فيه، وأن القصائد التي يتمتعون بها أكثر من سواها هي تلك القصائد التي تتناول الموضوعات التي يتساءلون عنها، لذا فإن أشعار كيتس كما يقول المؤلف شائعة بين أطفال هذه المرحلة، لأن هذا الشاعر يهتم بجوهر الحياة والجمال، وهذا الاهتمام واحد مما يرتاح إليه الأحداث في سنيهم هذه، كما أنهم يريدون أن يعرفوا شيئا عن الموت، وأشعارهم تعكس ما يشبه الافتتان المرضي بالموت.
يقول طفل في الصف الخامس في قصيدة بعنوان "ذكرى":
ساعة ذهبية ب (سير) متهريء
زوج من الأخفاف يتعذر لبسهما
خيط من اللؤلؤ اصفرَّ من مرور الزمن عليه
سوف لن يرتديه أحد لسنين قادمة أخرى
كلما فتحت الدولاب
تتدحرج إحدى الذكريات نحوي
وتسقط ميتة فوق الأرض
التقطها، وانظر للزمن الماضي
ثم أعيدها حية
هي والأفكار التي صحبتها
أحيانا أتساءل إن كانت تستطيع
أن ترانا الآن، وتعرف أن بضاعتها اللفظية
الباقية حقيقة في الطريق
وأن الفراغ الذي تشغله
يمكن أن يكون لأداة أو آنية
ولكنها يمكن أن تستريح، لأن الزاوية
التي تشغلها
سوف تظل دائما ذكريات
ويعلق بولتون بقوله إن قصيدة الشاعر جورج ماكبث وراء هذه القصيدة التي يتوافر نوع من الخلود فيها.
ولما كان موضوع العائلة من الموضوعات التي يهتم بها أطفال هذه المرحلة، فقد طلب منهم المؤلف أن يكتبوا قصائد عن شخص يعرفونه جيدا، وأن يحاولوا امتلاك شخصيته أكثر من مظهره البدني.
ولعل القصيدة التالية لتلميذ في الصف الخامس الابتدائي كتبها عن جده تنجح تماما في محاولتها تحقيق ذلك:
كان رجلا طويلا نحيفا
يتمشى في الغرفة ذهابا وإيابا
كما لم تكن فيها أية مقاعد
إنه يسير ببطء مثل السلحفاة
يأكل ويشرب شايه
ويتساقط منه لغو غريب
كما لو كان سكران
وإذا ما جلس، فلينتف
أزراره
ويقتلع، يمزق شيئا ما إلى قطع
ثم يظل يحدق في النار
يحدق حتى يصير وجهه أحمر ورديا
أيضا لاحظ المؤلف أن هناك تأثيرا للكتب التي يقرؤها التلاميذ على شعرهم، وهو ما يمكن أن يلمس ويرى في القصائد التي يكتبونها.
وفي الختام، يعلق بولتون على تجربته مع أطفاله في محاولة كتابة الشعر بقوله: "أحد الآمال التي أعتز بها، أن بعض الأطفال والأحداث الذين أسهموا في الكتابات الشعرية سوف يجدون دائما متعة عميقة وقناعة بالشعر ...".
لا شك أنها تجربة تربوية وفنية وأدبية رائعة ورائدة تلك التي قام أريك جي بولتون، وليت أحد شعرائنا العرب الذين يعملون في مجال التدريس في المرحلة الابتدائية أو الإعدادية أو حتى الثانوية يحاول أن يفعل مثلها أو شبيهها لنرى هل سيخرج بالنتائج نفسها التي خرج بها المؤلف الإنجليزي، وكيف ستكون استجابات أطفالنا، وهل سيتم اكتشاف أو سيتم صناعة شعراء صغار بهذه الطريقة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.