أصدرت مكتبة الإسكندرية أخيراً، كتالوغاً تذكارياً تحت عنوان «عالم شادي عبدالسلام»، تتصدره كلمة للمخرج العالمي مارتن سكورسيزي، حول فيلم «المومياء»، وهو أشهر أعمال المخرج المصري الراحل. يرى سكورسيزي أن لهذا الفيلم «طابعاً غير عادي إلى أقصى مدى، فيه الفخامة والشاعرية ويقبض على الزمن في إصرار بما يحمله من شجن وعناصر، كالإيقاع البالغ الدقة والإتقان، ودوران الكاميرا في حركة شبه احتفالية، وأماكن التصوير الخاوية، ومصاحبة اللغة العربية الفصحى للموسيقى التصويرية، وألحان المؤلف الموسيقي الإيطالي العظيم ماريو ناشيمبيني الداعية إلى القلق. كلها عناصر تناغمت تناغماً مثالياً داخل العمل، وساهمت في إضفاء طابع من الحتمية المُقدرة. فكان الماضي والحاضر، وانتهاك الحرمات وإجلالها، والتوق إلى اقتحام الموت وقبول تحولنا - وتحول كل ما نعرفه - إلى ثرى». يذكر شادي عبدالسلام في مذكراته ما يلي: «أنا ابن عائلة محافظة من عائلات المنياوالإسكندرية. والدي كان محامياً، كانت له مكتبة عامرة. في سن الثالثة عشرة، لم يكن هناك مفر من القراءة، إذ رقدت عامين في الفراش حتى الخامسة عشرة. طول قامتي المتزايد كان يعرض قلبي للخطر. وبعد هذين العامين، صارت حركتي أبطأ وأصبحت انعزالياً، وعاطفياً جداً، وبليداً جداً في الدراسة. سافرت إلى أوروبا وكان عمري 19 عاماً. ذهبت إلى باريس ولندن وروما. كنت أريد أن أدرس المسرح، لكني لم أتمكن من ذلك. وعلى العكس من فترة الدراسة في فيكتوريا كولدج حيث كنت لا أقرأ ولا أهتم بالمعرفة». تخرج شادي عبدالسلام في كلية الفنون - قسم العمارة عام 1954، والتحق بالجيش، سلاح الصيانة في القاهرة، «كانت هذه أول فرصة أتعرف من خلالها - وبالممارسة وليس بمجرد القراءة - إلى الشعب بجميع طبقاته وفئاته وثقافاته الحقيقية. فأنت تتجمع مع زملائك في التجنيد بكل نوعياتهم في مكان واحد، وترتدون جميعاً «عفريتة» واحدة، وسواء أردت أو لم ترد، فلا بد أن تتفاهم مع الجميع وتعرفهم، وبعد قليل تجد نفسك قد تعودت عليهم وأصبحت واحداً منهم». ويضيف: «جاءتني الشجاعة يوماً وطرقتُ باب صلاح أبو سيف في بيته. قلت له أريد أن أعمل في السينما. لم يفتني أن أذكر له أنني جاره، في الزمالك. رحب بي وأصبحت أذهب معه إلى الاستوديو كل يوم». في أول فيلم، وكان فيلم «الفتوة» عام 57/58 تقريباً، كنتُ شبه متفرج. العمل الذي قمت به مجرد تدوين الوقت الذي تستغرقه كل لقطة». عمل شادي عبدالسلام مع صلاح أبو سيف بعد ذلك مساعد مخرج في أفلام «الوسادة الخالية»، «الطريق المسدود»، و»أنا حرة»، وعمل مع هنري بركات، ثم مع حلمي حليم في «حكاية حب»، «في هذا الفيلم صممت الديكور، ويبدو أنه لفت الأنظار فجاءتني عقود لعمل ديكور أفلام أخرى». وإلى السيرة الذاتية، يضم الكتالوغ صوراً لمقتنيات شادي عبدالسلام، المحفوظة في قاعة متحفية في مكتبة الإسكندرية. في تلك القاعة، معرض دائم عنوانه «عالم شادي عبدالسلام»، ويضم مجمل أصول أعماله من تصميمات لمشاهد سينمائية وملابس وأكسسوارات، بعضها تم تنفيذه وبعضها لم يتم، ومنها تصميمات خاصة بفيلم «أختانون: مأساة البيت الكبير»، وهو حلمه الذي لم يكتمل، وقطع أثاث من طرز تاريخية مختلفة، كانت في الأتيلييه الخاص به. كما تضم قاعة المعرض مكتبته الخاصة، مرتَّبة في شكل مطابق لما كانت عليه في الأتيلييه الخاص به، حاوية أكثر من 1700 كتاب في مجالات الفنون المختلفة، والتاريخ والجغرافيا، والآداب العالمية وحضارات الشعوب وغيرها. وأُلحقت بالمعرض قاعة «آفاق»، وهي قاعة تعرض فيها يومياً الأفلام التي أخرجها شادي عبدالسلام، وغالبيتها أفلام تسجيلية وتعليمية، وبعض الأفلام التي شارك فيها كمصمم للملابس والديكور وغالبيتها أفلام تاريخية، كما تعرض بعض أحاديثه التلفزيونية، وبعض الأفلام والبرامج التي تتناول حياته وأعماله. وفي المعرض أيضاً، جناح يحتوي على الجوائز والميداليات والشهادات التقديرية التي حصل عليها الفنان الراحل شادي عبدالسلام، ومنها جائزة تقديرية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي- الدورة ال43، عام 2009، قام بوضعها المخرج الشهير مارتن سكورسيزي، أثناء زيارته مكتبة الإسكندرية عام 2010، وذلك بعد قيام «المؤسسة العالمية للسينما» التي يرأسها، بترميم النسخ الأصلية لكلٍّ من فيلمي «المومياء» و «الفلاح الفصيح»، باعتبارهما من أهم ما أنتجته السينما العالمية، وعُرِضا في الدورة ال63 لمهرجان «كان» السينمائي الدولي تكريماً للمخرج الراحل. أصدرت مكتبة الإسكندرية أخيراً، كتالوغاً تذكارياً تحت عنوان «عالم شادي عبدالسلام»، تتصدره كلمة للمخرج العالمي مارتن سكورسيزي، حول فيلم «المومياء»، وهو أشهر أعمال المخرج المصري الراحل. يرى سكورسيزي أن لهذا الفيلم «طابعاً غير عادي إلى أقصى مدى، فيه الفخامة والشاعرية ويقبض على الزمن في إصرار بما يحمله من شجن وعناصر، كالإيقاع البالغ الدقة والإتقان، ودوران الكاميرا في حركة شبه احتفالية، وأماكن التصوير الخاوية، ومصاحبة اللغة العربية الفصحى للموسيقى التصويرية، وألحان المؤلف الموسيقي الإيطالي العظيم ماريو ناشيمبيني الداعية إلى القلق. كلها عناصر تناغمت تناغماً مثالياً داخل العمل، وساهمت في إضفاء طابع من الحتمية المُقدرة. فكان الماضي والحاضر، وانتهاك الحرمات وإجلالها، والتوق إلى اقتحام الموت وقبول تحولنا - وتحول كل ما نعرفه - إلى ثرى». يذكر شادي عبدالسلام في مذكراته ما يلي: «أنا ابن عائلة محافظة من عائلات المنياوالإسكندرية. والدي كان محامياً، كانت له مكتبة عامرة. في سن الثالثة عشرة، لم يكن هناك مفر من القراءة، إذ رقدت عامين في الفراش حتى الخامسة عشرة. طول قامتي المتزايد كان يعرض قلبي للخطر. وبعد هذين العامين، صارت حركتي أبطأ وأصبحت انعزالياً، وعاطفياً جداً، وبليداً جداً في الدراسة. سافرت إلى أوروبا وكان عمري 19 عاماً. ذهبت إلى باريس ولندن وروما. كنت أريد أن أدرس المسرح، لكني لم أتمكن من ذلك. وعلى العكس من فترة الدراسة في فيكتوريا كولدج حيث كنت لا أقرأ ولا أهتم بالمعرفة». تخرج شادي عبدالسلام في كلية الفنون - قسم العمارة عام 1954، والتحق بالجيش، سلاح الصيانة في القاهرة، «كانت هذه أول فرصة أتعرف من خلالها - وبالممارسة وليس بمجرد القراءة - إلى الشعب بجميع طبقاته وفئاته وثقافاته الحقيقية. فأنت تتجمع مع زملائك في التجنيد بكل نوعياتهم في مكان واحد، وترتدون جميعاً «عفريتة» واحدة، وسواء أردت أو لم ترد، فلا بد أن تتفاهم مع الجميع وتعرفهم، وبعد قليل تجد نفسك قد تعودت عليهم وأصبحت واحداً منهم». ويضيف: «جاءتني الشجاعة يوماً وطرقتُ باب صلاح أبو سيف في بيته. قلت له أريد أن أعمل في السينما. لم يفتني أن أذكر له أنني جاره، في الزمالك. رحب بي وأصبحت أذهب معه إلى الاستوديو كل يوم». في أول فيلم، وكان فيلم «الفتوة» عام 57/58 تقريباً، كنتُ شبه متفرج. العمل الذي قمت به مجرد تدوين الوقت الذي تستغرقه كل لقطة». عمل شادي عبدالسلام مع صلاح أبو سيف بعد ذلك مساعد مخرج في أفلام «الوسادة الخالية»، «الطريق المسدود»، و»أنا حرة»، وعمل مع هنري بركات، ثم مع حلمي حليم في «حكاية حب»، «في هذا الفيلم صممت الديكور، ويبدو أنه لفت الأنظار فجاءتني عقود لعمل ديكور أفلام أخرى». وإلى السيرة الذاتية، يضم الكتالوغ صوراً لمقتنيات شادي عبدالسلام، المحفوظة في قاعة متحفية في مكتبة الإسكندرية. في تلك القاعة، معرض دائم عنوانه «عالم شادي عبدالسلام»، ويضم مجمل أصول أعماله من تصميمات لمشاهد سينمائية وملابس وأكسسوارات، بعضها تم تنفيذه وبعضها لم يتم، ومنها تصميمات خاصة بفيلم «أختانون: مأساة البيت الكبير»، وهو حلمه الذي لم يكتمل، وقطع أثاث من طرز تاريخية مختلفة، كانت في الأتيلييه الخاص به. كما تضم قاعة المعرض مكتبته الخاصة، مرتَّبة في شكل مطابق لما كانت عليه في الأتيلييه الخاص به، حاوية أكثر من 1700 كتاب في مجالات الفنون المختلفة، والتاريخ والجغرافيا، والآداب العالمية وحضارات الشعوب وغيرها. وأُلحقت بالمعرض قاعة «آفاق»، وهي قاعة تعرض فيها يومياً الأفلام التي أخرجها شادي عبدالسلام، وغالبيتها أفلام تسجيلية وتعليمية، وبعض الأفلام التي شارك فيها كمصمم للملابس والديكور وغالبيتها أفلام تاريخية، كما تعرض بعض أحاديثه التلفزيونية، وبعض الأفلام والبرامج التي تتناول حياته وأعماله. وفي المعرض أيضاً، جناح يحتوي على الجوائز والميداليات والشهادات التقديرية التي حصل عليها الفنان الراحل شادي عبدالسلام، ومنها جائزة تقديرية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي- الدورة ال43، عام 2009، قام بوضعها المخرج الشهير مارتن سكورسيزي، أثناء زيارته مكتبة الإسكندرية عام 2010، وذلك بعد قيام «المؤسسة العالمية للسينما» التي يرأسها، بترميم النسخ الأصلية لكلٍّ من فيلمي «المومياء» و «الفلاح الفصيح»، باعتبارهما من أهم ما أنتجته السينما العالمية، وعُرِضا في الدورة ال63 لمهرجان «كان» السينمائي الدولي تكريماً للمخرج الراحل.