نتيجة الحصر العددى للأصوات بالدائرة الثامنة دار السلام سوهاج    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    بالأرقام.. نتيجة الحصر العددي للدائرة الأولى بالفيوم في انتخابات مجلس النواب    الجيش الروسي يتسلم بنادق هجومية قصيرة من طراز AK‐15K بميزات جديدة    حسام حسن يستقر على رباعي دفاع منتخب مصر أمام أنجولا    اليوم، الاجتماع الأخير للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بعد انتهاء مهامها    كشف ملابسات منشور بشأن إدعاء خطف سيدة بكفر الشيخ    كشف ملابسات تعليق بشأن سرقة دراجة نارية لطفل بدمياط    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    اللحظة التي لم تحدث.. التاريخ في مرآة «التحولات البسيطة» للدكتور يحيى حسن عمر    فوضى السوشيال ميديا    البوصلة والربان!    الفرق بين الحزم والقسوة في التعامل مع الأبناء    طفرة غير مسبوقة بالمنيا.. استرداد 24 ألف فدان وإيرادات التقنين تقفز ل2 مليار جنيه    المنيا تبدأ تنفيذ 57 مدرسة جديدة وتخصيص الأراضي ل20 أخرى    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    ترامب: اقتربنا من اتفاق بين روسيا وأوكرانيا بشأن منطقة دونباس    زيلينسكى: أوكرانيا مستعدة للسلام وتم الاتفاق على الضمانات الأمنية بنسبة 100%    ترامب: أوكرانيا وروسيا تقتربان من اتفاق بشأن إقليم دونباس    النيابة الإدارية تنعى مستشارة لقيت مصرعها أثناء عودتها من الإشراف على الانتخابات    هدى رمزي تتحدث عن علاقة الشيخ الشعراوي بارتدائها الحجاب    حمزة العيلى يعلن وفاة جده محمود يوسف    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    متحدث الوزراء: الدولة لن تستبعد أي أسرة من منظومة الدعم بسبب عدد أفرادها    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    الجزائر يتصدر المجموعة الخامسة ب6 نقاط ليحسم تأهله رسميا لدور 16 بأمم أفريقيا    BeOn تحصل على استثمار استراتيجي بالدولار لدعم التوسع الإقليمي وتطوير حلول CRM الذكية    وزير الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ نحو مليون و960 ألف وحدة سكنية متنوعة    منير فخري عبد النور: ضعف المشاركة أبرز سلبيات المشهد الانتخابي الأخير لمجلس النواب    على طريقة لصوص لكن ظرفاء، كشف غموض سرقة محل مشغولات ذهبية في الدرب الأحمر    مجلس تحرير «البوابة نيوز» يعزي الزميلة شيماء المنسي في وفاة والدها    لافروف: إسرائيل يجب أن ترفع القيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة    الداخلية السورية: احتجاجات الساحل نتيجة دعوات انفصالية    محافظ البحيرة: تطوير مدينة رشيد لتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية    اشتعال المنافسة، كوت ديفوار والكاميرون يكتفيان بالتعادل الإيجابي في أمم أفريقيا 2025    على رأسهم مصر.. 3 منتخبات حسمت تأهلها رسميا بعد الجولة الثانية لمجموعات أمم أفريقيا 2025    شحتة كاريكا يكشف مفاجأة عن الراحل أحمد دقدق: أوصى بحذف أغانيه    درة بإطلالة شعبية من كواليس "علي كلاي"    أمم إفريقيا – تعرف على جميع مواعيد مباريات الجولة الثالثة    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    مصرع طفلين في تصادم بالفرافرة    محافظ الفيوم يتابع غلق لجان التصويت في اليوم الثاني لانتخابات النواب بالدائرتين الأولى والرابعة    رئيس مصلحة الجمارك: نعمل على بناء منظومة جمركية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي    الصحة تكشف أبرز خدمات مركز طب الأسنان التخصصي بزهراء مدينة نصر    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أفراح صغيرة» للشريف الطريبق.. فن التلصص على حميميات النساء
نشر في صوت البلد يوم 09 - 07 - 2016

عرضت القاعات السينمائية المغربية خلال ربيع 2016 أفلاماً وطنية عدة دفعة واحدة، ثلاثة فلاحية وعناوينها هي «البقرة» و «الديك» و «دوار كونيكسيون» وفيلماً واحداً مدينياً هو «أفراح صغيرة» للمخرج الجاد الشريف الطريبق. وهو فيلمه الطويل الثاني بعد فيلم «زمن الرفاق» 2009. فيلم يثبت فرضية أن كل مخرج يريد أن يكون فيلمه اللاحق نقيضاً للسابق. الدليل أن المخرج ترك عالم الجامعة والنضال والسياسة واعتقل الكاميرا في فضاء مغلق ليحكي عن ارستقراطية المدن العتيقة التي حافظت على تقاليدها حتى منتصف القرن الماضي. أرستقراطية مترفة تتغنّى بالعراقة والتفرد بينما نضال المغاربة ضد الاستعمار الفرنسي في 1955 يشتدّ. ولا إشارة واحدة لهذا السياق لأن المخرج يقدم فيلماً تاريخياً في غرفة.
روى المخرج سيرة نفيسة (أنيسة لعناية) وهي مراهقة يتيم تعبر إلى مرحلة الشباب. تضطر لمرافقة أمها المغنية للإقامة لدى إحدى سيدات المجتمع التقليدي. ترتبط نفيسة بعلاقة غامضة بحفيدة ربة البيت... عندما تعرف الحفيدة (فرح الفاسي) أن نفيسة ستتزوّج تتدهور العلاقة لتنكشف أشياء حميمية. اشتغل المخرج على الشخصيات الرئيسية والثانوية بالقوة نفسها وهو ما وفّر حبكات صغرى كثيرة تدعم الحبكة الرئيسية. شخصيات غنية وليست أحادية، وهذا ثمرة الاشتغال على السيناريو لوقت طويل. وقد حصل الفيلم في الدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني بطنجة مارس 2016 على جائزتين. جائزة السيناريو وجائزة أحسن دور نسائي ثانٍ للممثلة فرح الفاسي. تتلصص الكاميرا على حميمية النساء في مجتمع مغلق. هناك أجساد جائعة في الحرملك. نكتشف من خلال الغوص في المشاعر حالات إنسانية عميقة التمزق خلف الأسوار السميكة التي توهم بأن مَن يعيشون داخلها محميون ويشعرون بالأمان. الأسوار التي تحمي قد تخنق أيضاً.
فضاء ضيق
توجد في الفيلم إدارة ممثلين صارمة. لا يفعلون ما يريدون. نرى فرح الفاسي في أحسن أداء لها وهي ممثلة موهوبة لها جسد لا يكبر مع الزمن. مازالت فرح بمائها لم يعصرها أي مخرج مغربي ليدفعها إلى العالمية. وقد وفّر لها المخرج الشريف الطريبق فرصة للظهور في دور مختلف.
وقد حصل الفيلم أيضاً على جائزة النقد لأحسن فيلم في المهرجان واستغرب بعض النقاد عدم فوز «أفراح صغيرة» بالجائزة الكبرى التي ذهبت لفيلم «مسافة ميل في حذائي» للمخرج سعيد خلاف وفيه يغطي حضور الممثل أمين الناجي جل نقط الضعف. «مسافة ميل في حذائي» فيلم ذو حبكة مفكّكة، فيه تنوّع فضاءات وتركيب اجتذب رئيس لجنة التحكيم المتفلسف نور الدين أفاية. في «أفراح صغيرة». لم يخرج طريبق من الغرفة، لو خرج ليصنع التعدد في الوحدة لكان أفضل. فيلم «أفراح صغيرة» مخنوق في فضاء ضيق.
تجري الأحداث بمدينة تطوان شمال المغرب وهي المدينة التي استقبلت الأسر الأندلسية ورسّخت ممارسات متميّزة في اللباس والرقص والزفاف والطبخ واللهجات المناطقية والموسيقى الأندلسية. وهو ما هدد الفيلم بطابع فولكلوري خاصة أن المخرج استخدم مقاطع موسيقية ليكسر بها سرد الأحداث مراراً. في بداية الفيلم ظهرت الموسيقى ضرورية لأن هناك حفل زفاف. لماذا بقيت الفواصل الموسيقية تظهر لاحقاً؟ الأغاني توقف السرد. ارتبطت الموسيقى الأندلسية في ذهن المغاربة بالشاي والحلويات صبيحة العيد والمشكل أن ليس للموسيقى الفولكلورية بعدٌ دراميٌّ. في النصف الثاني من الفيلم توقف الموسيقى السرد وتوقف عصر المخرج للممثلين لتقديم الأفضل. وقد ظهر ذلك جلياً في أداء فرح الفاسي، فقد كسرت المقاطع الموسيقية المقحمة في السرد الحالة الذهنية التي تتولد لدى المتفرج مع تقدم الاحداث. كلما دخل المتلقي في مزاج الفيلم أخرجته الموسيقى من النسق الدرامي. لتجاوز التيمات الفولكلورية ركز المخرج على الصورة، وقد جاء الفيلم جميلاً بصرياً حتى أن اللقطات تشبه لوحات مُعدّة بعناية. لكن هذا الجمال لا يطمس نقط ضعف عدة منها اللاتوازن بين المشاهد الداخلية والخارجية. والسبب في ذلك أن المشاهد الخارجية في الأفلام التاريخية مكلفة. إذ يصعب بناء ديكورات المرحلة... والنتيجة أن التصوير الداخلي يصير محنة تضعف من المصداقية. رداً على هذا دافع المخرج محمد مفتكر (مخرج فيلمي البراق وجوق العميين) عن فيلم أفراح صغيرة قائلاً «تجب محاسبة المخرج على منجزه بالنظر للأهداف التي حدّدها لنفسه. وبالنظر إلى أن الطريبق اختار تصوير حميمية النساء فقد نجح في خلق جو». مخرج يؤازر مخرجاً وهذا نادر وجميل.
نهاية باردة
صور فيلم «أفراح صغيرة» بكاميرا تغضّ البصر لذا بقي موضوع الصراع في الفيلم غامضاً. وقد تسبّب الحرص على سينما نظيفة في ضعف وغموض دوافع الشخصيات. ومما زاد من ذلك النهاية المفاجئة والغامضة للفيلم. وقد فُسّر ذلك بنقص الجرأة والحرص على عدم الصدام مع البيئة الثقافية المحافظة. رداً على لومه على النهاية الباردة قال الطريبق «لا أستطيع أن أضغط على نفسي في فرض نهاية صادمة». عادة يشتكي المتفرج المغربي من نهايات الأفلام المغربية. ليست نهايات منطقية سعيدة أو تعيسة. طيب، لماذا لا تذهب قصة الفيلم المغربي إلى مداها؟ انسجاماً مع البيئة المغربية التي لا تعرف الصدام. هناك هوس بالتوافقات. عندما يشتد الصراع، وقبيل شبر من الانفجار تظهر تخريجة. في اللحظة التي توضع فيها الأصابع على الزناد يظهر شيخ قبيلة أو زاوية أو يرتفع صوت الآذان فيستغفر المخاصمون الله ثم يلعنون الشيطان، يتوصلون لتسوية ويمدّون اليد للقصعة. انتهى النزاع. تنعكس انتروبولوجيا التسويات على الأفلام المغربية ذات النهايات الرمادية.
عرضت القاعات السينمائية المغربية خلال ربيع 2016 أفلاماً وطنية عدة دفعة واحدة، ثلاثة فلاحية وعناوينها هي «البقرة» و «الديك» و «دوار كونيكسيون» وفيلماً واحداً مدينياً هو «أفراح صغيرة» للمخرج الجاد الشريف الطريبق. وهو فيلمه الطويل الثاني بعد فيلم «زمن الرفاق» 2009. فيلم يثبت فرضية أن كل مخرج يريد أن يكون فيلمه اللاحق نقيضاً للسابق. الدليل أن المخرج ترك عالم الجامعة والنضال والسياسة واعتقل الكاميرا في فضاء مغلق ليحكي عن ارستقراطية المدن العتيقة التي حافظت على تقاليدها حتى منتصف القرن الماضي. أرستقراطية مترفة تتغنّى بالعراقة والتفرد بينما نضال المغاربة ضد الاستعمار الفرنسي في 1955 يشتدّ. ولا إشارة واحدة لهذا السياق لأن المخرج يقدم فيلماً تاريخياً في غرفة.
روى المخرج سيرة نفيسة (أنيسة لعناية) وهي مراهقة يتيم تعبر إلى مرحلة الشباب. تضطر لمرافقة أمها المغنية للإقامة لدى إحدى سيدات المجتمع التقليدي. ترتبط نفيسة بعلاقة غامضة بحفيدة ربة البيت... عندما تعرف الحفيدة (فرح الفاسي) أن نفيسة ستتزوّج تتدهور العلاقة لتنكشف أشياء حميمية. اشتغل المخرج على الشخصيات الرئيسية والثانوية بالقوة نفسها وهو ما وفّر حبكات صغرى كثيرة تدعم الحبكة الرئيسية. شخصيات غنية وليست أحادية، وهذا ثمرة الاشتغال على السيناريو لوقت طويل. وقد حصل الفيلم في الدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني بطنجة مارس 2016 على جائزتين. جائزة السيناريو وجائزة أحسن دور نسائي ثانٍ للممثلة فرح الفاسي. تتلصص الكاميرا على حميمية النساء في مجتمع مغلق. هناك أجساد جائعة في الحرملك. نكتشف من خلال الغوص في المشاعر حالات إنسانية عميقة التمزق خلف الأسوار السميكة التي توهم بأن مَن يعيشون داخلها محميون ويشعرون بالأمان. الأسوار التي تحمي قد تخنق أيضاً.
فضاء ضيق
توجد في الفيلم إدارة ممثلين صارمة. لا يفعلون ما يريدون. نرى فرح الفاسي في أحسن أداء لها وهي ممثلة موهوبة لها جسد لا يكبر مع الزمن. مازالت فرح بمائها لم يعصرها أي مخرج مغربي ليدفعها إلى العالمية. وقد وفّر لها المخرج الشريف الطريبق فرصة للظهور في دور مختلف.
وقد حصل الفيلم أيضاً على جائزة النقد لأحسن فيلم في المهرجان واستغرب بعض النقاد عدم فوز «أفراح صغيرة» بالجائزة الكبرى التي ذهبت لفيلم «مسافة ميل في حذائي» للمخرج سعيد خلاف وفيه يغطي حضور الممثل أمين الناجي جل نقط الضعف. «مسافة ميل في حذائي» فيلم ذو حبكة مفكّكة، فيه تنوّع فضاءات وتركيب اجتذب رئيس لجنة التحكيم المتفلسف نور الدين أفاية. في «أفراح صغيرة». لم يخرج طريبق من الغرفة، لو خرج ليصنع التعدد في الوحدة لكان أفضل. فيلم «أفراح صغيرة» مخنوق في فضاء ضيق.
تجري الأحداث بمدينة تطوان شمال المغرب وهي المدينة التي استقبلت الأسر الأندلسية ورسّخت ممارسات متميّزة في اللباس والرقص والزفاف والطبخ واللهجات المناطقية والموسيقى الأندلسية. وهو ما هدد الفيلم بطابع فولكلوري خاصة أن المخرج استخدم مقاطع موسيقية ليكسر بها سرد الأحداث مراراً. في بداية الفيلم ظهرت الموسيقى ضرورية لأن هناك حفل زفاف. لماذا بقيت الفواصل الموسيقية تظهر لاحقاً؟ الأغاني توقف السرد. ارتبطت الموسيقى الأندلسية في ذهن المغاربة بالشاي والحلويات صبيحة العيد والمشكل أن ليس للموسيقى الفولكلورية بعدٌ دراميٌّ. في النصف الثاني من الفيلم توقف الموسيقى السرد وتوقف عصر المخرج للممثلين لتقديم الأفضل. وقد ظهر ذلك جلياً في أداء فرح الفاسي، فقد كسرت المقاطع الموسيقية المقحمة في السرد الحالة الذهنية التي تتولد لدى المتفرج مع تقدم الاحداث. كلما دخل المتلقي في مزاج الفيلم أخرجته الموسيقى من النسق الدرامي. لتجاوز التيمات الفولكلورية ركز المخرج على الصورة، وقد جاء الفيلم جميلاً بصرياً حتى أن اللقطات تشبه لوحات مُعدّة بعناية. لكن هذا الجمال لا يطمس نقط ضعف عدة منها اللاتوازن بين المشاهد الداخلية والخارجية. والسبب في ذلك أن المشاهد الخارجية في الأفلام التاريخية مكلفة. إذ يصعب بناء ديكورات المرحلة... والنتيجة أن التصوير الداخلي يصير محنة تضعف من المصداقية. رداً على هذا دافع المخرج محمد مفتكر (مخرج فيلمي البراق وجوق العميين) عن فيلم أفراح صغيرة قائلاً «تجب محاسبة المخرج على منجزه بالنظر للأهداف التي حدّدها لنفسه. وبالنظر إلى أن الطريبق اختار تصوير حميمية النساء فقد نجح في خلق جو». مخرج يؤازر مخرجاً وهذا نادر وجميل.
نهاية باردة
صور فيلم «أفراح صغيرة» بكاميرا تغضّ البصر لذا بقي موضوع الصراع في الفيلم غامضاً. وقد تسبّب الحرص على سينما نظيفة في ضعف وغموض دوافع الشخصيات. ومما زاد من ذلك النهاية المفاجئة والغامضة للفيلم. وقد فُسّر ذلك بنقص الجرأة والحرص على عدم الصدام مع البيئة الثقافية المحافظة. رداً على لومه على النهاية الباردة قال الطريبق «لا أستطيع أن أضغط على نفسي في فرض نهاية صادمة». عادة يشتكي المتفرج المغربي من نهايات الأفلام المغربية. ليست نهايات منطقية سعيدة أو تعيسة. طيب، لماذا لا تذهب قصة الفيلم المغربي إلى مداها؟ انسجاماً مع البيئة المغربية التي لا تعرف الصدام. هناك هوس بالتوافقات. عندما يشتد الصراع، وقبيل شبر من الانفجار تظهر تخريجة. في اللحظة التي توضع فيها الأصابع على الزناد يظهر شيخ قبيلة أو زاوية أو يرتفع صوت الآذان فيستغفر المخاصمون الله ثم يلعنون الشيطان، يتوصلون لتسوية ويمدّون اليد للقصعة. انتهى النزاع. تنعكس انتروبولوجيا التسويات على الأفلام المغربية ذات النهايات الرمادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.