المشاط تدعو الشركات السويسرية للاستفادة من آلية ضمانات الاستثمار الأوروبية لزيادة استثماراتها في مصر    طور سيناء تطلق سوق اليوم الواحد بتخفيضات تصل 25% لتخفيف العبء عن المواطنين    تشغيل كامل لمجمع مواقف بني سويف الجديد أسفل محور عدلي منصور    الأونروا: ننتظر الضوء الأخضر لإدخال شاحنات المساعدات إلى غزة    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 203 آلاف شهيد وجريح    ماكرون وزوجته يرفعان دعوى تشهير ضد المؤثرة الأمريكية كانديس أوينز    حماة الوطن يشيد بجهود مصر في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    إيزاك يغيب عن نيوكاسل في معسكره الأسيوي    «صفقة قادمة».. شوبير يشوّق جماهير الأهلي حول المهاجم الجديد    النيابة تطلب التقرير الطبي لإصابة طالبة سقطت من الطابق الرابع في الإسكندرية    الداخلية تضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء بين سائقي توك توك في العمرانية    بسبب السرعة الزائدة.. مصرع عامل ديلفري إثر انقلاب دراجته النارية بالتجمع الخامس    اليوم.. عروض لفرق الشرقية والموسيقى العربية بالعلمين ضمن صيف بلدنا    إيهاب توفيق والموسيقى العربية في افتتاح صيف الأوبرا 2025 باستاد الإسكندرية    إقبال جماهيري على فعاليات "المواطنة" بالمنيا.. "الثقافة" تُضيء القرى برسائل الوعي والانتماء    «مش زي غيره».. تعليق ناري من الغندور بعد رسالة مصطفي شلبي    الشباب والرياضة تتلقى الاستقالة المسببة من نائب رئيس وأمين صندوق اتحاد تنس الطاولة    البنك المركزي الأوروبي يبقي على معدلات الفائدة دون تغيير    «جمال الدين» يستعرض إمكانات «اقتصادية قناة السويس» أمام مجتمع الأعمال بمقاطعة تشجيانغ    وزير الخارجية والهجرة يلتقي رئيس جمهورية مالي ويسلم رسالة خطية من فخامة رئيس الجمهورية    تحذير من موجة شديدة الحرارة.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس    المجلس الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيصًا جديدًا لمواقع إلكترونية    لطلاب الثانوية العامة والأزهرية.. شروط قبول بالأكاديمية العسكرية المصرية (إنفوجراف)    قبل 150 يومًا من انطلاق "كان 2025".. الفراعنة ملوك الأرقام القياسية    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    بقيمة 227 مليون جنيه.. «صحة المنوفية» تكشف حصاد العلاج على نفقة الدولة خلال 6 أشهر    نتيجة الثانوية الأزهرية بمحافظة كفر الشيخ.. رابط مباشر    انفجار لغم يشعل صراعا بين كمبوديا وتايلاند.. اشتباكات حدودية وغارات جوية    سيدة على مشارف ال80 عاما تغادر محطة الأمية في قطار التضامن «لا أمية مع تكافل»    تقرير جنوب إفريقي: لا نية ل صنداونز لبيع ريبيرو إلى بيراميدز.. والوجهة المفضلة    القليوبية تُطلق حملة مراكز شباب آمنة للوقاية من حوادث الغرق    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    "مدبولي" يؤكد أهمية بناء الوعي في تشييد حائط صد ضد نمو الشائعات    بيان مشترك: مصر ودول عربية وإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على الإعلان الداعي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    انخفاض أسعار الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    وزير الري يتابع جاهزية المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات    جهود قطاع أمن المنافذ بالداخلية خلال 24 ساعة لمواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد في انتخابات الشيوخ    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    «خدمة المجتمع» بجامعة القاهرة يناقش التكامل بين الدور الأكاديمى والمجتمعى والبيئي    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    3 أفلام ل محمد حفظي ضمن الاختيارات الرسمية للدورة ال 82 لمهرجان فينيسيا (تفاصيل)    نقابة المهن السينمائية تشيد بمسلسل "فات الميعاد"    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    عمرو الورداني: النجاح ليس ورقة نتيجة بل رحلة ممتدة نحو الفلاح الحقيقي    لو لقيت حاجة اقعدها وقت قد ايه لحين التصرف لنفسي فيها؟.. أمين الفتوى يجيب    علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    713 ألف خدمة طبية قدمتها مبادرة «100 يوم صحة» خلال أسبوعها الأول في القليوبية    قبل اعتماد "جهار".. رئيس "الرقابة الصحية" يتفقد مستشفيي رأس الحكمة والضبعة    "السبكي" يبحث مع "Abbott" نقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    الإسكندرية تحتفل بتاريخها.. في "يوم وداع الملك"    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا لا أحتفل بيوم 15 حزيران
نشر في صوت البلد يوم 16 - 06 - 2016

اليوم 15 حزيران، وهو يوم ولادتي في قرية ( ذكرين) قضاء الخليل، في العام 1942...
لقد عشت كثيرا، وهو ما لم أكن أتوقعه، وحياتي ككثير من الفلسطينيين كانت شاقة ومرّة كثيرا، وزاد عليها فقداني لوالدتي، حين لم أكن قد بلغت الخامسة من عمري، ثم وفاة أختي معزوزة، ولم تكن قد بلغت سنتها الثانية، بسبب الإهمال بعد رحيل والدتي...
أبناء وبنات جيلي، من عاشوا تحت الخيام، في مخيمات اللجوء والتشرّد، لم يسمعوا من قبل بأعياد الميلاد..وعرفوا هذا متأخرين جدا، واحتفلوا أحيانا تحت قصف الطائرات، وفي أثناء معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية، كنوع من التحدي، والتشبث بالحياة رغم أنوف القتلة...
أحيانا احتفت عائلتي بهذا اليوم 15 حزيران، حين صدف أن كنّا معا، وأنا ككثيرين كنت أتغيّب عن عائلتي التي تشرّدت في بلدان عربية، وما كان بيننا سوى التواصل عبر الهاتف.
_ كل عام وأنت بخير!
_ وأنت بخير يا زوجتي..ديري بالك على الأولاد ...
وهكذا...
كنت، وما زلت أنفر من أعياد الميلاد، سوى للأطفال، الذين أردتهم أن يبتهجوا رغم ظروفنا القاسية غير العادلة...
منذ 9 أعوام وأنا والعائلة نتجنب الحديث عن يوم مولدي..لماذا؟!
عندما اشتعلت غزة يوم 14 حزيران، تواصلت مع العميد الركن نصر أبوشاور، ابن عمي وزوج أختي، ورفيقي في السلاح في معركة بيروت 1982...
أخبرني، عبر الهاتف، أنه وجنوده يتعرضون لهجوم شرس من (حماس)، وأنهم يطلبون منه، ومن أخوته الجنود والضباط..تسليم أنفسهم، وأن يخرج هو بملابسه الداخلية، رافعا يديه...
حوصر في مقر المقاطعة، فطلب ممن بقوا معه أن يخرجوا ويسلموا أنفسهم، من أجل سلامتهم، أمّا هو فاختار المقاومة، ورفض الاستجابة لأوامر جماعات حماس...
كانوا يدورون بسياراتهم حول مبنى المقاطعة، وهم يحملون مكبرات الصوت، وكان قائدهم- متزوج من أربعة، ويحمل شهادة دكتوراه شريعة من جامعة أم درمان- يصرخ باتهامات حقيرة للعميد نصر أبوشاور..بصوت يلعلع في مكبر الصوت محاطا بالقتلة الذين يُكبرون محتفين بانتصاراتهم!!.
بقيت على تواصل معه هاتفيا حتى ساعة الفجر الأولى، كان يؤكد بأنه لن يسلّم نفسه، وبأنه سيقاوم هؤلاء المجرمين القتلة الانقلابيين..وقد فعل!
استشهد العميد نصر عبد الرحمن أبوشاور فجر يوم 15 حزيران، ومعه رفيق السلاح العقيد أبوالفهد القيسي...
هذا الضابط الشجاع، كان في مطلع الشباب انضم لجيش التحرير الفلسطيني، وتخرّج برتبة ملازم...
عندما شنّ العدو الصهيوني الحرب على لبنان عام 1982 اندفع الملازم الشاب مع فصيل من جيش التحرير الفلسطيني ( قوّات بدر) ..من الأردن، عبر سورية، ووصل إلى بيروت، حيث بقيت هذه المجموعة حتى يوم مغادرة بيروت يوم 21 آب 1982 وانتقلت على سفينة إلى قبرص، ومن هناك بالطائرة إلى عمان...
عاد نصر إلى لبنان، وقاتل في البقاع مع القائد أبوجهاد الوزير...
بعد ( أوسلو) دخل إلى غزة، مع الوحدات العسكرية التي عادت، واختار أن يطوّر علمه العسكري، فتوجه في بعثة إلى الجزائر، ودرس في كلية ( شرشال) العسكرية الجزائرية، وتخرج بدرجة امتياز ماجستير علوم عسكرية، وعاد إلى غزة...
انحاز نصر إلى فلسطين، ودعم كل المقاومين، بعد تكشف مخطط العدو الصهيوني، و..دعم رجال حماس المقاومين بالذخائر، والمعلومات...
لقد شكا لي اللواء ( أبوحميد)، الشهيد فيما بعد برصاص العدو الصهيوني، من أن العقيد نصر سرّب ذخائر ( لحماس) وهو ما لا يجوز عسكريا، ويعتبر خروجا على الانضباط العسكري، ووصل الأمر حد إيقافه لفترة، و تجميد راتبه..إلى أن تدخلت شخصيا لدى ( أبوحميد) رحمه الله.
كافأت (حماس) العميد نصر أبوشاور..بالرصاص، رصاص الغدر، ثم ادعت أنه انتحر، ولكنها لم تستطع أن تنكر أنها حاصرت المكان عليه، وكانت تطلب منه الخروج بسرواله الداخلي- كما يفعل العدو الصهيوني مع أبطالنا!!- وأنهم عبر الميكروفونات كانوا يتطاولون عليه، ويوجهون له الاتهامات..باعتبارهم ( مجاهدين) وهو (كافر)!!
ماذا فعلت (حماس ) في غزّة؟
قتلت كثيرين، ومن أسرتهم، من فتح تحديدا، أطلقت على ركبهم الرصاص لتعطبهم نهائيا، بحيث لا يصلحون للقتال بعدئذ!!
وضعت يدها الباطشة على أهلنا في قطاع غزة، واعتدت على الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، وقمعت كل صوت ينتقد جرائمها وبلطجتها، واستخدمت كل أشكال العنف في إسكات الأصوات المعارضة، والمنتقدة. باختصار اختطفت حماس قطاع غزة، مدعية أنها من حرر القطاع من الاحتلال الصهيوني، هي التي جاءت إلى المقاومة متأخرة جدا جدا...
في هذا اليوم 15 حزيران تسود أجواء الحزن في بيتنا، فنتجنب الحديث عن إنه يصادف يوم ولادتي..ففي هذا اليوم ( اغتيل) العميد الركن نصر عبد الرحمن أبوشاور _ مُنح رتبة لواء بعد استشهاده وصموده في وجه الانقلابيين القتلة _ واختطفت غزّة ، ومُزّقت وحدة الشعب الفلسطيني..وبدأت مسيرة السنوات العجاف، سنوات التخلّي عن المقاومة، وخسارات القضية الفلسطينية، وهو ما مكن العدو الصهيوني من التوسع في تهويد القدس، واحتلال المزيد من أراضي الضفة الفلسطينية ونشر المستوطنات عليها..وتشديد الاحتلال لحصاره على القطاع، وهو ما أدّى للظروف الخانقة التي يعيشها أهلنا في مدن ومخيمات القطاع.
دعوت.قيادة حماس مرارا وتكرارا النظر في ما اقترفته، رغم الفشل الذي حصدته، خاصة بعد غرقها في وهم بزوغ فجر دولة الإخوان المسلمين من تونس إلى مصر إلى ليبيا إلى..سورية..وعودة زمن ( الخلافة) التي ستكون مرجعيتها عاصمة الدولة العليّة( استنبول) !!
أوهام حماس وقصر نظرها دفعتها إلى ( العنطزة)، فقطعت علاقاتها بمن دعموها بالمال والسلاح: إيران، سورية، حزب الله...
مسيرة غدر بدأت بقطاع غزة ، واستكملت بالغدر بسورية، وبشعبنا الفلسطيني في سورية _ فما زالت أكناف بيت المقدس التي يقودها كبير مرافقي خالد مشعل..تحتل مخيم اليرموك!، وهي التي سهّلت اقتحام ( النصرة) للمخيم، وتشريد أهلنا _ ومن يقودونها سادرون في غيّهم...
لعلها مناسبة أن أدعو، من جديد، قيادة حماس أن تسلّم القطاع لقيادة وطنية من كافة الفصائل، ومن شخصيات وطنية مشهود لها، فهذا هو المخرج الذي سيحميها من سوء المآل...
أحزاني الشخصية بافتقاد ( اللواء) نصر أبوشاور، وبمصائب شعبنا تحرم قلبي من الفرح، وتثقل على نفسي بأحزان فوق الاحتمال...
لذا يا أصدقائي: أعذروني..فهذا اليوم 15 حزيران بات بالنسبة لي يوما للحزن..وليس للفرح ...
لعنة الله على من كانوا السبب يا نصر، يا أهلنا في قطاع غزة، وفي اليرموك..وفي كل مكان..ولعنة الله على كل من يعيقون وحدة شعبنا، ومقاومته..في كل هذا الحزن الذي يثقل على نفوسنا أفرادا ..وشعبا.
اليوم 15 حزيران، وهو يوم ولادتي في قرية ( ذكرين) قضاء الخليل، في العام 1942...
لقد عشت كثيرا، وهو ما لم أكن أتوقعه، وحياتي ككثير من الفلسطينيين كانت شاقة ومرّة كثيرا، وزاد عليها فقداني لوالدتي، حين لم أكن قد بلغت الخامسة من عمري، ثم وفاة أختي معزوزة، ولم تكن قد بلغت سنتها الثانية، بسبب الإهمال بعد رحيل والدتي...
أبناء وبنات جيلي، من عاشوا تحت الخيام، في مخيمات اللجوء والتشرّد، لم يسمعوا من قبل بأعياد الميلاد..وعرفوا هذا متأخرين جدا، واحتفلوا أحيانا تحت قصف الطائرات، وفي أثناء معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية، كنوع من التحدي، والتشبث بالحياة رغم أنوف القتلة...
أحيانا احتفت عائلتي بهذا اليوم 15 حزيران، حين صدف أن كنّا معا، وأنا ككثيرين كنت أتغيّب عن عائلتي التي تشرّدت في بلدان عربية، وما كان بيننا سوى التواصل عبر الهاتف.
_ كل عام وأنت بخير!
_ وأنت بخير يا زوجتي..ديري بالك على الأولاد ...
وهكذا...
كنت، وما زلت أنفر من أعياد الميلاد، سوى للأطفال، الذين أردتهم أن يبتهجوا رغم ظروفنا القاسية غير العادلة...
منذ 9 أعوام وأنا والعائلة نتجنب الحديث عن يوم مولدي..لماذا؟!
عندما اشتعلت غزة يوم 14 حزيران، تواصلت مع العميد الركن نصر أبوشاور، ابن عمي وزوج أختي، ورفيقي في السلاح في معركة بيروت 1982...
أخبرني، عبر الهاتف، أنه وجنوده يتعرضون لهجوم شرس من (حماس)، وأنهم يطلبون منه، ومن أخوته الجنود والضباط..تسليم أنفسهم، وأن يخرج هو بملابسه الداخلية، رافعا يديه...
حوصر في مقر المقاطعة، فطلب ممن بقوا معه أن يخرجوا ويسلموا أنفسهم، من أجل سلامتهم، أمّا هو فاختار المقاومة، ورفض الاستجابة لأوامر جماعات حماس...
كانوا يدورون بسياراتهم حول مبنى المقاطعة، وهم يحملون مكبرات الصوت، وكان قائدهم- متزوج من أربعة، ويحمل شهادة دكتوراه شريعة من جامعة أم درمان- يصرخ باتهامات حقيرة للعميد نصر أبوشاور..بصوت يلعلع في مكبر الصوت محاطا بالقتلة الذين يُكبرون محتفين بانتصاراتهم!!.
بقيت على تواصل معه هاتفيا حتى ساعة الفجر الأولى، كان يؤكد بأنه لن يسلّم نفسه، وبأنه سيقاوم هؤلاء المجرمين القتلة الانقلابيين..وقد فعل!
استشهد العميد نصر عبد الرحمن أبوشاور فجر يوم 15 حزيران، ومعه رفيق السلاح العقيد أبوالفهد القيسي...
هذا الضابط الشجاع، كان في مطلع الشباب انضم لجيش التحرير الفلسطيني، وتخرّج برتبة ملازم...
عندما شنّ العدو الصهيوني الحرب على لبنان عام 1982 اندفع الملازم الشاب مع فصيل من جيش التحرير الفلسطيني ( قوّات بدر) ..من الأردن، عبر سورية، ووصل إلى بيروت، حيث بقيت هذه المجموعة حتى يوم مغادرة بيروت يوم 21 آب 1982 وانتقلت على سفينة إلى قبرص، ومن هناك بالطائرة إلى عمان...
عاد نصر إلى لبنان، وقاتل في البقاع مع القائد أبوجهاد الوزير...
بعد ( أوسلو) دخل إلى غزة، مع الوحدات العسكرية التي عادت، واختار أن يطوّر علمه العسكري، فتوجه في بعثة إلى الجزائر، ودرس في كلية ( شرشال) العسكرية الجزائرية، وتخرج بدرجة امتياز ماجستير علوم عسكرية، وعاد إلى غزة...
انحاز نصر إلى فلسطين، ودعم كل المقاومين، بعد تكشف مخطط العدو الصهيوني، و..دعم رجال حماس المقاومين بالذخائر، والمعلومات...
لقد شكا لي اللواء ( أبوحميد)، الشهيد فيما بعد برصاص العدو الصهيوني، من أن العقيد نصر سرّب ذخائر ( لحماس) وهو ما لا يجوز عسكريا، ويعتبر خروجا على الانضباط العسكري، ووصل الأمر حد إيقافه لفترة، و تجميد راتبه..إلى أن تدخلت شخصيا لدى ( أبوحميد) رحمه الله.
كافأت (حماس) العميد نصر أبوشاور..بالرصاص، رصاص الغدر، ثم ادعت أنه انتحر، ولكنها لم تستطع أن تنكر أنها حاصرت المكان عليه، وكانت تطلب منه الخروج بسرواله الداخلي- كما يفعل العدو الصهيوني مع أبطالنا!!- وأنهم عبر الميكروفونات كانوا يتطاولون عليه، ويوجهون له الاتهامات..باعتبارهم ( مجاهدين) وهو (كافر)!!
ماذا فعلت (حماس ) في غزّة؟
قتلت كثيرين، ومن أسرتهم، من فتح تحديدا، أطلقت على ركبهم الرصاص لتعطبهم نهائيا، بحيث لا يصلحون للقتال بعدئذ!!
وضعت يدها الباطشة على أهلنا في قطاع غزة، واعتدت على الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، وقمعت كل صوت ينتقد جرائمها وبلطجتها، واستخدمت كل أشكال العنف في إسكات الأصوات المعارضة، والمنتقدة. باختصار اختطفت حماس قطاع غزة، مدعية أنها من حرر القطاع من الاحتلال الصهيوني، هي التي جاءت إلى المقاومة متأخرة جدا جدا...
في هذا اليوم 15 حزيران تسود أجواء الحزن في بيتنا، فنتجنب الحديث عن إنه يصادف يوم ولادتي..ففي هذا اليوم ( اغتيل) العميد الركن نصر عبد الرحمن أبوشاور _ مُنح رتبة لواء بعد استشهاده وصموده في وجه الانقلابيين القتلة _ واختطفت غزّة ، ومُزّقت وحدة الشعب الفلسطيني..وبدأت مسيرة السنوات العجاف، سنوات التخلّي عن المقاومة، وخسارات القضية الفلسطينية، وهو ما مكن العدو الصهيوني من التوسع في تهويد القدس، واحتلال المزيد من أراضي الضفة الفلسطينية ونشر المستوطنات عليها..وتشديد الاحتلال لحصاره على القطاع، وهو ما أدّى للظروف الخانقة التي يعيشها أهلنا في مدن ومخيمات القطاع.
دعوت.قيادة حماس مرارا وتكرارا النظر في ما اقترفته، رغم الفشل الذي حصدته، خاصة بعد غرقها في وهم بزوغ فجر دولة الإخوان المسلمين من تونس إلى مصر إلى ليبيا إلى..سورية..وعودة زمن ( الخلافة) التي ستكون مرجعيتها عاصمة الدولة العليّة( استنبول) !!
أوهام حماس وقصر نظرها دفعتها إلى ( العنطزة)، فقطعت علاقاتها بمن دعموها بالمال والسلاح: إيران، سورية، حزب الله...
مسيرة غدر بدأت بقطاع غزة ، واستكملت بالغدر بسورية، وبشعبنا الفلسطيني في سورية _ فما زالت أكناف بيت المقدس التي يقودها كبير مرافقي خالد مشعل..تحتل مخيم اليرموك!، وهي التي سهّلت اقتحام ( النصرة) للمخيم، وتشريد أهلنا _ ومن يقودونها سادرون في غيّهم...
لعلها مناسبة أن أدعو، من جديد، قيادة حماس أن تسلّم القطاع لقيادة وطنية من كافة الفصائل، ومن شخصيات وطنية مشهود لها، فهذا هو المخرج الذي سيحميها من سوء المآل...
أحزاني الشخصية بافتقاد ( اللواء) نصر أبوشاور، وبمصائب شعبنا تحرم قلبي من الفرح، وتثقل على نفسي بأحزان فوق الاحتمال...
لذا يا أصدقائي: أعذروني..فهذا اليوم 15 حزيران بات بالنسبة لي يوما للحزن..وليس للفرح ...
لعنة الله على من كانوا السبب يا نصر، يا أهلنا في قطاع غزة، وفي اليرموك..وفي كل مكان..ولعنة الله على كل من يعيقون وحدة شعبنا، ومقاومته..في كل هذا الحزن الذي يثقل على نفوسنا أفرادا ..وشعبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.