تمارا حداد: نتنياهو يخطط لتوسيع سيطرته على 8 دول عربية لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى    اليوم.. وزير خارجية أمريكا يُجري محادثات مع مستشاري الأمن القومي بأوكرانيا وأوروبا    بدء دخول 20 شاحنة مساعدات إلى معبر كرم أبو سالم لدخولها لقطاع غزة    موعد مباراة الزمالك ومودرن سبورت في الدوري المصري    "بالعين المجردة".. أول تعليق من شوبير على هدف الإسماعيلي الملغى أمام الاتحاد    "كانت مظاهرة حب".. شوبير يعلق على مشهد جنازة والد محمد الشناوي    اليوم.. أولى جلسات محاكمة تشكيل عصابي متهم بسرقة المساكن في الأميرية    أغسطس "خارج التوقعات"، انخفاض بدرجات الحرارة، أمطار ورياح مثيرة للرمال بهذه المناطق، وارتفاع الأمواج يعكر صفو المصطافين    هبوط حاد ل الدولار الأمريكي اليوم الخميس 21-8-2025 عالميًا.. واستقرار بقية العملات الأجنبية    اشتباه إصابة محمود نبيل بتمزق في العضلة الخلفية.. وبسام وليد يواصل التأهيل لعلاج التهاب أوتار الساق اليمنى    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    فصل رأس عن جسده.. تنفيذ حكم الإعدام بحق "سفاح الإسماعيلية" في قضية قتل صديقه    وداعا القاضى الأمريكى الرحيم فرانك كابريو فى كاريكاتير اليوم السابع    محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    رجل الدولة ورجل السياسة    رئيس شعبة السيارات: خفض الأسعار 20% ليس قرار الحكومة.. والأوفر برايس مستمر    مروة يسري: جهة أمنية احتجزتني في 2023 أما قلت إني بنت مبارك.. وأفرجوا عني بعد التأكد من سلامة موقفي    وداعا لمكالمات المبيعات والتسويق.. القومي للاتصالات: الإيقاف للخطوط والهواتف غير الملتزمة بالتسجيل    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    للرجال فقط.. اكتشف شخصيتك من شكل أصابعك    سعر التفاح والمانجو والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 21 أغسطس 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الخميس 21 أغسطس 2025    إصابة مواطن ب«خرطوش» في «السلام»    «هاتوا الفلوس اللي عليكو».. تفاعل جمهور الأهلي مع صفحة كولومبوس كرو بعد ضم وسام أبو علي    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    «عنده 28 سنة ومش قادر يجري».. أحمد بلال يفتح النار على رمضان صبحي    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    «لجنة الأمومة الآمنة بالمنوفية» تناقش أسباب وفيات الأمهات| صور    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    استشاري تغذية يُحذر: «الأغذية الخارقة» خدعة تجارية.. والسكر الدايت «كارثة»    علاء عز: معارض «أهلا مدارس» الأقوى هذا العام بمشاركة 2500 عارض وخصومات حتى %50    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    أخبار× 24 ساعة.. مياه الجيزة: عودة الخدمة تدريجيا لمنطقة كفر طهرمس    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    بالصور.. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا الشربيني بفستان قصير    لبنان: ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة "الحوش" إلى 7 جرحى    اتحاد الكرة يفاوض اتحادات أوروبية لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لمباراة الأهلي وبيراميدز    90 دقيقة تحسم 7 بطاقات أخيرة.. من يتأهل إلى دوري أبطال أوروبا؟    نيويورك تايمز: هجوم غزة يستهدف منع حماس من إعادة تنظيم صفوفها    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    السفير الفلسطيني بالقاهرة: مصر وقفت سدًا منيعًا أمام مخطط التهجير    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    عودة المياه تدريجيا إلى كفر طهرمس بالجيزة بعد إصلاح خط الطرد الرئيسي    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنا عبدالرحمن: "قيد الدرس" صورت معاناة الباحثين عن الانتماء
نشر في صوت البلد يوم 16 - 06 - 2016

بين الرواية والقصة القصيرة والترجمة والنقد الأدبي تتنوع ابداعاتها.. كتاباتها لا تخلو من آثار سنوات الحرب اللبنانية ومعاناة شعبها التي تلقي بظلالها على أعمالها، عملها الصحافي أضاف المزيد من العمق لكتاباتها التي استطاعت الخروج عن اطار النمطية النسوية المعهودة، انها “لنا عبد الرحمن”، روائية وصحافية ، صدر لها حديثًا رواية “قيد الدرس”، عن دار الآدب 2016، وسبق أن صدر لها: شاطئ آخر -قراءات نقدية في الرواية العربية -، المجموعة القصصية “أوهام شرقية”، المجموعة القصصية “الموتى لا يكذبون”، رواية “حدائق السراب “، رواية “تلامس “، رواية ” أغنية لمارغريت “، وحول ابداعاتها الأدبية كان معها هذا الحوار:
- لماذا كان اختيارك لفقدان الهوية والبحث عن الانتماء ليكونا موضوع روايتك الجديدة “قيد الدرس”؟
تناولت في روايتي ” قيد الدرس” فكرة الانتماء، ليس الانتماء للمكان فقط، بل مراجعة الوعي في علاقته بالهوية، الهويات تكون قاتلة أحيانا، أو منجية في أحيان أخرى حسب رؤيتنا لها، لذا يظل السؤال المؤرق في داخلنا عن حقيقة انتمائنا، إلى أي مدى نرتبط بالبلد الذي ولدنا به وحملنا هويته، إلى أي حد يحقق لنا هذا الانتماء تصالحا داخليا ورضا عن علاقتنا سواء مع الزمان أو المكان الذي ننتمي اليه، بل في علاقتنا مع “الأنا”، لذا فقضية “قيد الدرس” هي فكرة الشتات الداخلي الذي يبدو في الوقت الراهن أنه يهدد العالم ككل.
- " قيد الدرس" ما الذي قصدته باسم الرواية؟
هذه الفكرة قديمة وقد تناولتها من خلال جماعة من السكان في لبنان يحملون هوية “قيد الدرس”، وهم ينحدرون من القري السبع التي تفرقت حدودها بين لبنان وفلسطين، وبعد النكبة واحتلال فلسطين ونزوحهم القسري إلى لبنان، ظلوا من دون هوية، لأنهم غير محسوبين على لبنان أو فلسطين، وكمحاولة لايجاد حل لمشكلتهم أعطتهم الدولة اللبنانية بطاقات تعريفية تقول بأنهم “قيد الدرس” هذه البطاقة ظلت تتوارث من جيل إلى جيل حتى سنوات التسعينات، حين تم منحهم الهوية اللبنانية.
- ما سبب اختيارك لأسلوب “تعدد الأصوات” في السرد؟
تعدد الأصوات يمنح مساحة شاسعة للكاتب لتناول الأحداث من أكثر من وجهة نظر، خصوصاً اذا كانت الرواية تقدم لأكثر من الجيل، وتغطي مساحة زمنية طويلة.
- كيف أثرت هذه النكبات على المجتمع اللبناني؟
تركت تلك النكبات أثرها على المجتمعات العربية في كل الدول التي تقع في خط المواجهة، ليس في لبنان فقط، بدليل الحروب التي خاضتها مصر والأردن وسورية، لكن لبنان هو البلد الذي يعتبر تأثير النكبة عليه مضاعفا، بسبب صغر مساحته، وشريطه الحدودي الضيق والمحصور بين فلسطين جنوبا، وسورية شمالا وشرقا، والبحر غربا، ثم الحروب المتتالية التي بدأت بحرب أهلية من العام 1975، ثم الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982، ثم استمرار الحرب الأهلية الطائفية حتى مطلع التسعينات، كل هذه الأحداث تركت آثارا اجتماعية مدمرة على البنية النفسية للمجتمع اللبناني.
- رواية ” قيد الدرس” ربطت بين التشرد وفقدان الهوية وظهور الارهاب، فهل تعتقدين أن ما تشهده المنطقة الآن من أعمال عنف غير مسبوقة هو نتاج لذلك؟
ما تشهده المنطقة من عنف وارهاب نتاج عوامل عدة، ليس فقط فقدان الهوية، ربما يكون فقدان الهوية أحد هذه الأسباب، لكنه ليس السبب الوحيد.
- لماذا تبدو الحرب اللبنانيّة حاضرة بقوة في أعمالك الأدبية؟
كثيرا ما أتعرض لهذا السؤال، حسب رأيي أن ذاكرة الحرب من الصعب التحرر منها بالنسبة لأي انسان بل ولأي كاتب عايش لحظاتها، لأنها تطل برأسها المفزع الذي نحاول التخلص منه عبر الكتابة، من هنا ربما يكون الكاتب محظوظا في تلقيه هبة الكتابة التي تساعده على التحرر من ذاكرته المثقلة بالألم، لكن في النتيجة تظل فكرة النص الجوهرية والأساسية هي التي تحدد ما سيتم تناوله، في روايتي “ثلج القاهرة” لم أتحدث عن الحرب، بل ان أحداثها تدور بين القاهرة ودمشق واسطنبول، لأن موضوعها الرئيس لم يكن الحرب، بل فكرة الحيوات السابقة التي تطل في ذاكرة البطلة.
خوف من الجنون
- لماذا جعلت مصائر أبطال رواية “تلامس” تراجيدية تقف بين حواف الحياة والموت، أو الجنون والانتحار؟
في “تلامس” هناك خوف من الجنون تعاني منه بطلة الرواية “ندي”، انها تخاف أن تلقي مصير عمتها المجنونة ويتم وضعها في مصح للأمراض العقلية، من هنا تكون هذه التراجيدية التي ذكرتها، في هذا التأرجح الذي يصعب التحرر منه.
- كيف جمعت بين الذاتي والمتخيل واليومي المعاش في مجموعتك القصصية “الموتى لا يكذبون”؟
مضى وقت طويل على كتابة قصص “الموتى لا يكذبون” لكن على ما أذكره من القصص أنها أخذت منحي غرائبيا في بعض منها، لأنها تحكي عن أبطال واقعين جدا، لكن ما يحدث معهم لا ينتمي للواقع، فلا يمكن نفيه أو اثباته.
- ما سبب نجاحك في الخروج عن اطار النمطية النسوية المعهودة في مجموعتك القصصية “أوهام شرقية” رغم معالجتها لبعض القضايا الحساسة التي تهم المرأة؟
لا أعرف ما المقصود بالنمطية النسوية، لكن “أوهام شرقية” كانت مجموعتي القصصية الأولى التي قدمت من خلالها مجموعة من النماذج الاجتماعية لنساء ورجال يتعرضون للقمع يواجهون اغترابهم الداخلي بطريقتهم الخاصة، التي تتضمن في كثير من الأحيان تلاشيهم التام في اطار الصورة التي يريدها لهم المجتمع، من دون الانتصار لذواتهم الداخلية.
- كيف تقيمين المشهد الأدبي الراهن؟
هذا سؤال تطول الاجابة عنه، المشهد الأدبي الراهن لا يمكن تلخيصه في جمل عدة، لأن كل بلد عربي يخضع لعوامل تختلف عن البلد الآخر، وان كانت تتشابه معها.
- هناك حروب في أكثر من بلد، فهل يمكن الحديث عن الثقافة، في ظل الحرب؟
هناك أيضا الارهاب الذي يطل برأس وحش خطر، المبدع العربي مكبل بقيود شتي، سياسية ودينية، واقتصادية واجتماعية، ومراقبة الوعي وتحويله إلى عمل يحتاج إلى مقومات عميقة، يحتاج إلى نهضة في التعليم، لتأسيس أجيال جديدة متحررة من التفكير النمطي، وفي نفس الوقت لا تنظر إلى الثقافة العربية بدونية. نعيش حاليا ثورة تكنولوجية على مستوى وسائل الاتصال، لم يسبق حدوثها في العالم ككل، وهذا في حد ذاته منطلق ايجابي يساهم في ايصال الصوت العربي إلى خارج النطاق المحصور، والذي كان محدودا في القرن الماضي، وفي الوقت الذي لم يساهم العرب في هذه الثورة التكنولوجية لأنهم مكبلون بقيود جعلتهم يدورون لعشرات السنين في أفق الحروب والديكتاتوريات، بدليل هجرة العقول النابغة والمفكرة، الأزمة الحقيقية في عدم السماح للمبدع في أي حقل بالتفكير الطليق، بينما الاستمرار في الخوف من الكلمة، من التحليل، من مراجعة الماضي ونصوصه لن يؤدي إلى أي جديد ايجابي.
الابداع في النتيجة ليس معادلة رياضية محددة، المبدع الحقيقي من أهدافه العميقة تحقيق الحرية والعدالة يطلق ابداعه في الفضاء ولا ينتظر نتيجة قريبة له، الكلمة ترحل من جيل إلى جيل وتعكس ظلا منيرا على الأرض، هذا ما تفعله الموسيقى واللوحة والرواية، ولو نظرنا إلى الوراء سنجد في النتاج الابداعي العالمي والعربي أعمالا مقروءة ومشاهدة حتى الآن، لأنها تحاكي كل العصور، وتخاطب أعماق الانسان.
بين الرواية والقصة القصيرة والترجمة والنقد الأدبي تتنوع ابداعاتها.. كتاباتها لا تخلو من آثار سنوات الحرب اللبنانية ومعاناة شعبها التي تلقي بظلالها على أعمالها، عملها الصحافي أضاف المزيد من العمق لكتاباتها التي استطاعت الخروج عن اطار النمطية النسوية المعهودة، انها “لنا عبد الرحمن”، روائية وصحافية ، صدر لها حديثًا رواية “قيد الدرس”، عن دار الآدب 2016، وسبق أن صدر لها: شاطئ آخر -قراءات نقدية في الرواية العربية -، المجموعة القصصية “أوهام شرقية”، المجموعة القصصية “الموتى لا يكذبون”، رواية “حدائق السراب “، رواية “تلامس “، رواية ” أغنية لمارغريت “، وحول ابداعاتها الأدبية كان معها هذا الحوار:
- لماذا كان اختيارك لفقدان الهوية والبحث عن الانتماء ليكونا موضوع روايتك الجديدة “قيد الدرس”؟
تناولت في روايتي ” قيد الدرس” فكرة الانتماء، ليس الانتماء للمكان فقط، بل مراجعة الوعي في علاقته بالهوية، الهويات تكون قاتلة أحيانا، أو منجية في أحيان أخرى حسب رؤيتنا لها، لذا يظل السؤال المؤرق في داخلنا عن حقيقة انتمائنا، إلى أي مدى نرتبط بالبلد الذي ولدنا به وحملنا هويته، إلى أي حد يحقق لنا هذا الانتماء تصالحا داخليا ورضا عن علاقتنا سواء مع الزمان أو المكان الذي ننتمي اليه، بل في علاقتنا مع “الأنا”، لذا فقضية “قيد الدرس” هي فكرة الشتات الداخلي الذي يبدو في الوقت الراهن أنه يهدد العالم ككل.
- " قيد الدرس" ما الذي قصدته باسم الرواية؟
هذه الفكرة قديمة وقد تناولتها من خلال جماعة من السكان في لبنان يحملون هوية “قيد الدرس”، وهم ينحدرون من القري السبع التي تفرقت حدودها بين لبنان وفلسطين، وبعد النكبة واحتلال فلسطين ونزوحهم القسري إلى لبنان، ظلوا من دون هوية، لأنهم غير محسوبين على لبنان أو فلسطين، وكمحاولة لايجاد حل لمشكلتهم أعطتهم الدولة اللبنانية بطاقات تعريفية تقول بأنهم “قيد الدرس” هذه البطاقة ظلت تتوارث من جيل إلى جيل حتى سنوات التسعينات، حين تم منحهم الهوية اللبنانية.
- ما سبب اختيارك لأسلوب “تعدد الأصوات” في السرد؟
تعدد الأصوات يمنح مساحة شاسعة للكاتب لتناول الأحداث من أكثر من وجهة نظر، خصوصاً اذا كانت الرواية تقدم لأكثر من الجيل، وتغطي مساحة زمنية طويلة.
- كيف أثرت هذه النكبات على المجتمع اللبناني؟
تركت تلك النكبات أثرها على المجتمعات العربية في كل الدول التي تقع في خط المواجهة، ليس في لبنان فقط، بدليل الحروب التي خاضتها مصر والأردن وسورية، لكن لبنان هو البلد الذي يعتبر تأثير النكبة عليه مضاعفا، بسبب صغر مساحته، وشريطه الحدودي الضيق والمحصور بين فلسطين جنوبا، وسورية شمالا وشرقا، والبحر غربا، ثم الحروب المتتالية التي بدأت بحرب أهلية من العام 1975، ثم الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982، ثم استمرار الحرب الأهلية الطائفية حتى مطلع التسعينات، كل هذه الأحداث تركت آثارا اجتماعية مدمرة على البنية النفسية للمجتمع اللبناني.
- رواية ” قيد الدرس” ربطت بين التشرد وفقدان الهوية وظهور الارهاب، فهل تعتقدين أن ما تشهده المنطقة الآن من أعمال عنف غير مسبوقة هو نتاج لذلك؟
ما تشهده المنطقة من عنف وارهاب نتاج عوامل عدة، ليس فقط فقدان الهوية، ربما يكون فقدان الهوية أحد هذه الأسباب، لكنه ليس السبب الوحيد.
- لماذا تبدو الحرب اللبنانيّة حاضرة بقوة في أعمالك الأدبية؟
كثيرا ما أتعرض لهذا السؤال، حسب رأيي أن ذاكرة الحرب من الصعب التحرر منها بالنسبة لأي انسان بل ولأي كاتب عايش لحظاتها، لأنها تطل برأسها المفزع الذي نحاول التخلص منه عبر الكتابة، من هنا ربما يكون الكاتب محظوظا في تلقيه هبة الكتابة التي تساعده على التحرر من ذاكرته المثقلة بالألم، لكن في النتيجة تظل فكرة النص الجوهرية والأساسية هي التي تحدد ما سيتم تناوله، في روايتي “ثلج القاهرة” لم أتحدث عن الحرب، بل ان أحداثها تدور بين القاهرة ودمشق واسطنبول، لأن موضوعها الرئيس لم يكن الحرب، بل فكرة الحيوات السابقة التي تطل في ذاكرة البطلة.
خوف من الجنون
- لماذا جعلت مصائر أبطال رواية “تلامس” تراجيدية تقف بين حواف الحياة والموت، أو الجنون والانتحار؟
في “تلامس” هناك خوف من الجنون تعاني منه بطلة الرواية “ندي”، انها تخاف أن تلقي مصير عمتها المجنونة ويتم وضعها في مصح للأمراض العقلية، من هنا تكون هذه التراجيدية التي ذكرتها، في هذا التأرجح الذي يصعب التحرر منه.
- كيف جمعت بين الذاتي والمتخيل واليومي المعاش في مجموعتك القصصية “الموتى لا يكذبون”؟
مضى وقت طويل على كتابة قصص “الموتى لا يكذبون” لكن على ما أذكره من القصص أنها أخذت منحي غرائبيا في بعض منها، لأنها تحكي عن أبطال واقعين جدا، لكن ما يحدث معهم لا ينتمي للواقع، فلا يمكن نفيه أو اثباته.
- ما سبب نجاحك في الخروج عن اطار النمطية النسوية المعهودة في مجموعتك القصصية “أوهام شرقية” رغم معالجتها لبعض القضايا الحساسة التي تهم المرأة؟
لا أعرف ما المقصود بالنمطية النسوية، لكن “أوهام شرقية” كانت مجموعتي القصصية الأولى التي قدمت من خلالها مجموعة من النماذج الاجتماعية لنساء ورجال يتعرضون للقمع يواجهون اغترابهم الداخلي بطريقتهم الخاصة، التي تتضمن في كثير من الأحيان تلاشيهم التام في اطار الصورة التي يريدها لهم المجتمع، من دون الانتصار لذواتهم الداخلية.
- كيف تقيمين المشهد الأدبي الراهن؟
هذا سؤال تطول الاجابة عنه، المشهد الأدبي الراهن لا يمكن تلخيصه في جمل عدة، لأن كل بلد عربي يخضع لعوامل تختلف عن البلد الآخر، وان كانت تتشابه معها.
- هناك حروب في أكثر من بلد، فهل يمكن الحديث عن الثقافة، في ظل الحرب؟
هناك أيضا الارهاب الذي يطل برأس وحش خطر، المبدع العربي مكبل بقيود شتي، سياسية ودينية، واقتصادية واجتماعية، ومراقبة الوعي وتحويله إلى عمل يحتاج إلى مقومات عميقة، يحتاج إلى نهضة في التعليم، لتأسيس أجيال جديدة متحررة من التفكير النمطي، وفي نفس الوقت لا تنظر إلى الثقافة العربية بدونية. نعيش حاليا ثورة تكنولوجية على مستوى وسائل الاتصال، لم يسبق حدوثها في العالم ككل، وهذا في حد ذاته منطلق ايجابي يساهم في ايصال الصوت العربي إلى خارج النطاق المحصور، والذي كان محدودا في القرن الماضي، وفي الوقت الذي لم يساهم العرب في هذه الثورة التكنولوجية لأنهم مكبلون بقيود جعلتهم يدورون لعشرات السنين في أفق الحروب والديكتاتوريات، بدليل هجرة العقول النابغة والمفكرة، الأزمة الحقيقية في عدم السماح للمبدع في أي حقل بالتفكير الطليق، بينما الاستمرار في الخوف من الكلمة، من التحليل، من مراجعة الماضي ونصوصه لن يؤدي إلى أي جديد ايجابي.
الابداع في النتيجة ليس معادلة رياضية محددة، المبدع الحقيقي من أهدافه العميقة تحقيق الحرية والعدالة يطلق ابداعه في الفضاء ولا ينتظر نتيجة قريبة له، الكلمة ترحل من جيل إلى جيل وتعكس ظلا منيرا على الأرض، هذا ما تفعله الموسيقى واللوحة والرواية، ولو نظرنا إلى الوراء سنجد في النتاج الابداعي العالمي والعربي أعمالا مقروءة ومشاهدة حتى الآن، لأنها تحاكي كل العصور، وتخاطب أعماق الانسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.