لمدة 6 أشهر.. ترامب يحظر الطلاب الأجانب من الدراسة في جامعة هارفارد    الكرملين: بوتين أبلغ ترامب بأن المحادثات مع أوكرانيا في تركيا "كانت مفيدة"    اليوم، تشغيل 4 قطارات إضافية مكيفة على خط القاهرة - أسوان    تهنئة عيد الأضحى 2025 رسمية مكتوبة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    موعد صلاة عيد الأضحى 2025 في مصر لجميع المحافظات    ترامب يأمر بفتح تحقيق بشبهة التستر على الحالة العقلية ل بايدن    سعر الدولار أمام الجنيه الخميس 5-6-2025    وداعًا سيدة المسرح العربي| سميحة أيوب.. فصل الختام في سيرة لا تنتهي    حجاج بيت الله يواصلون التوافد إلى عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    كامل الوزير يكشف تفاصيل إنتاج ألبان أطفال (فيديو)    فرصة تعيين جديدة.. «التعليم» تفتح باب التقدم ل 9354 و ظيفة معلم مساعد في اللغة الإنجليزية بجميع المحافظات    زلزال العيد.. هزة أرضية تضرب دولة عربية بقوة    موعد إعلان نتيجة 3 إعدادي محافظة جنوب سيناء الترم الثاني.. رابط الاستعلام بالاسم و رقم الجلوس فور اعتمادها    دعاء يوم عرفة مستجاب كما ورد في السنة النبوية    فضل الدعاء في يوم عرفة.. أمين الفتوى يوضح    أبطال مجهولون في العيد.. وقف ‬الراحات ‬وحملات ‬مكثفة ‬وانتشار ‬أمني ‬واسع    اليوم.. «بيت الزكاة والصدقات» يقدِّم 4000 وجبة إفطار للصائمين بالجامع الأزهر    عيد الأضحى موسم للتواصل مع الناخبين.. الأحزاب تسابق الزمن استعدادا للانتخابات    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكي في الوادي الجديد    حبس عصابة تخصصت في سرقة مواقع تحت الإنشاء ببدر    محافظ قنا يستقبل وفدًا من مطرانية الأقباط الأرثوذكس للتهنئة بعيد الأضحى    الفاصوليا ب 70 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الخميس 5 يونيو 2025    أيمن موسى يكتب: «جورجي إسرائيلي كوري بيلاروسي»    والدة شيكا ترفض 108 آلاف جنيه.. أبرز ما جاء فى بيان أرملة إبراهيم شيكا    حكايات العيد والحج.. إبداع بريشة المستشرقين    وول ستريت جورنال: ترامب نفد صبره من انتقادات ماسك للمشروع الضخم    تشكيل الزمالك المتوقع ضد بيراميدز في نهائي كأس مصر.. الجزيري يقود الهجوم    دي أمراض أنا ورثتها، كامل الوزير يقيل أحد مسؤولي وزارة الصناعة على الهواء (فيديو)    له فضل عظيم.. دعاء يوم عرفة    «أضحى الخير» يرسم البسمة على وجوه 5 آلاف أسرة بالوادي الجديد.. صور    قاضٍ أمريكي يوقف ترحيل عائلة المصري المشتبه به في هجوم كولورادو    ناجي الشهابي مهنئًا الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك: نقف خلفكم.. ومواقفكم أعادت لمصر دورها القيادي    «اصبر أحنا مطولين مع بعض».. محامي زيزو يتوعد عضو مجلس الزمالك بعد واقعة الفيديو    بعثة الأهلى تغادر مطار دبى إلى أمريكا للمشاركة فى كأس العالم للأندية    رد جديد من اتحاد الكرة بشأن أزمة عقد زيزو مع الزمالك: «ملتزمون بهذا الأمر»    المصرية للاتصالات WE تطلق رسميًا خدمات الجيل الخامس في مصر لدعم التحول الرقمي    «صحة مطروح» تستعد لعيد الأضحى    موعد أذان الفجر اليوم في القاهرة وجميع المحافظات للصائمين يوم عرفة    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    غرفة عمليات ذكية لضمان أجواء آمنة.. صحة مطروح تُجهز الساحل الشمالي ل صيف 2025    ب3 أرقام.. كريستيانو رونالدو يواصل كتابة التاريخ مع البرتغال    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    رسميًا.. الهلال السعودي يعلن تعاقده مع سيموني إنزاجي خلفًا لجيسوس    بحضور نجوم الفن.. حماقي وبوسي يحييان حفل زفاف محمد شاهين ورشا الظنحاني    بعد ارتفاع عيار 21 لأعلى سعر.. أسعار الذهب اليوم الخميس 5 يونيو بالصاغة محليًا وعالميًا    نجاح أول جراحة لاستبدال الشريان الأورطي بمستشفى المقطم للتأمين الصحي    نصائح مهمة يجب اتباعها على السحور لصيام يوم عرفة بدون مشاكل    صحة الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى خلال إجازة عيد الأضحى    حدث ليلًا| استرداد قطعًا أثرية من أمريكا وتفعيل شبكات الجيل الخامس    قبل صدام بيراميدز.. كم مرة توج الزمالك ببطولة كأس مصر بالألفية الجديدة؟    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    الرسوم الجمركية «مقامرة» ترامب لانتشال الصناعة الأمريكية من التدهور    التعليم العالى تعتزم إنشاء أكبر مجمع صناعي للأجهزة التعويضية    5 أبراج «مايعرفوش المستحيل».. أقوياء لا يُقهرون ويتخطون الصعاب كأنها لعبة مُسلية    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنا عبدالرحمن: "قيد الدرس" صورت معاناة الباحثين عن الانتماء
نشر في صوت البلد يوم 16 - 06 - 2016

بين الرواية والقصة القصيرة والترجمة والنقد الأدبي تتنوع ابداعاتها.. كتاباتها لا تخلو من آثار سنوات الحرب اللبنانية ومعاناة شعبها التي تلقي بظلالها على أعمالها، عملها الصحافي أضاف المزيد من العمق لكتاباتها التي استطاعت الخروج عن اطار النمطية النسوية المعهودة، انها “لنا عبد الرحمن”، روائية وصحافية ، صدر لها حديثًا رواية “قيد الدرس”، عن دار الآدب 2016، وسبق أن صدر لها: شاطئ آخر -قراءات نقدية في الرواية العربية -، المجموعة القصصية “أوهام شرقية”، المجموعة القصصية “الموتى لا يكذبون”، رواية “حدائق السراب “، رواية “تلامس “، رواية ” أغنية لمارغريت “، وحول ابداعاتها الأدبية كان معها هذا الحوار:
- لماذا كان اختيارك لفقدان الهوية والبحث عن الانتماء ليكونا موضوع روايتك الجديدة “قيد الدرس”؟
تناولت في روايتي ” قيد الدرس” فكرة الانتماء، ليس الانتماء للمكان فقط، بل مراجعة الوعي في علاقته بالهوية، الهويات تكون قاتلة أحيانا، أو منجية في أحيان أخرى حسب رؤيتنا لها، لذا يظل السؤال المؤرق في داخلنا عن حقيقة انتمائنا، إلى أي مدى نرتبط بالبلد الذي ولدنا به وحملنا هويته، إلى أي حد يحقق لنا هذا الانتماء تصالحا داخليا ورضا عن علاقتنا سواء مع الزمان أو المكان الذي ننتمي اليه، بل في علاقتنا مع “الأنا”، لذا فقضية “قيد الدرس” هي فكرة الشتات الداخلي الذي يبدو في الوقت الراهن أنه يهدد العالم ككل.
- " قيد الدرس" ما الذي قصدته باسم الرواية؟
هذه الفكرة قديمة وقد تناولتها من خلال جماعة من السكان في لبنان يحملون هوية “قيد الدرس”، وهم ينحدرون من القري السبع التي تفرقت حدودها بين لبنان وفلسطين، وبعد النكبة واحتلال فلسطين ونزوحهم القسري إلى لبنان، ظلوا من دون هوية، لأنهم غير محسوبين على لبنان أو فلسطين، وكمحاولة لايجاد حل لمشكلتهم أعطتهم الدولة اللبنانية بطاقات تعريفية تقول بأنهم “قيد الدرس” هذه البطاقة ظلت تتوارث من جيل إلى جيل حتى سنوات التسعينات، حين تم منحهم الهوية اللبنانية.
- ما سبب اختيارك لأسلوب “تعدد الأصوات” في السرد؟
تعدد الأصوات يمنح مساحة شاسعة للكاتب لتناول الأحداث من أكثر من وجهة نظر، خصوصاً اذا كانت الرواية تقدم لأكثر من الجيل، وتغطي مساحة زمنية طويلة.
- كيف أثرت هذه النكبات على المجتمع اللبناني؟
تركت تلك النكبات أثرها على المجتمعات العربية في كل الدول التي تقع في خط المواجهة، ليس في لبنان فقط، بدليل الحروب التي خاضتها مصر والأردن وسورية، لكن لبنان هو البلد الذي يعتبر تأثير النكبة عليه مضاعفا، بسبب صغر مساحته، وشريطه الحدودي الضيق والمحصور بين فلسطين جنوبا، وسورية شمالا وشرقا، والبحر غربا، ثم الحروب المتتالية التي بدأت بحرب أهلية من العام 1975، ثم الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982، ثم استمرار الحرب الأهلية الطائفية حتى مطلع التسعينات، كل هذه الأحداث تركت آثارا اجتماعية مدمرة على البنية النفسية للمجتمع اللبناني.
- رواية ” قيد الدرس” ربطت بين التشرد وفقدان الهوية وظهور الارهاب، فهل تعتقدين أن ما تشهده المنطقة الآن من أعمال عنف غير مسبوقة هو نتاج لذلك؟
ما تشهده المنطقة من عنف وارهاب نتاج عوامل عدة، ليس فقط فقدان الهوية، ربما يكون فقدان الهوية أحد هذه الأسباب، لكنه ليس السبب الوحيد.
- لماذا تبدو الحرب اللبنانيّة حاضرة بقوة في أعمالك الأدبية؟
كثيرا ما أتعرض لهذا السؤال، حسب رأيي أن ذاكرة الحرب من الصعب التحرر منها بالنسبة لأي انسان بل ولأي كاتب عايش لحظاتها، لأنها تطل برأسها المفزع الذي نحاول التخلص منه عبر الكتابة، من هنا ربما يكون الكاتب محظوظا في تلقيه هبة الكتابة التي تساعده على التحرر من ذاكرته المثقلة بالألم، لكن في النتيجة تظل فكرة النص الجوهرية والأساسية هي التي تحدد ما سيتم تناوله، في روايتي “ثلج القاهرة” لم أتحدث عن الحرب، بل ان أحداثها تدور بين القاهرة ودمشق واسطنبول، لأن موضوعها الرئيس لم يكن الحرب، بل فكرة الحيوات السابقة التي تطل في ذاكرة البطلة.
خوف من الجنون
- لماذا جعلت مصائر أبطال رواية “تلامس” تراجيدية تقف بين حواف الحياة والموت، أو الجنون والانتحار؟
في “تلامس” هناك خوف من الجنون تعاني منه بطلة الرواية “ندي”، انها تخاف أن تلقي مصير عمتها المجنونة ويتم وضعها في مصح للأمراض العقلية، من هنا تكون هذه التراجيدية التي ذكرتها، في هذا التأرجح الذي يصعب التحرر منه.
- كيف جمعت بين الذاتي والمتخيل واليومي المعاش في مجموعتك القصصية “الموتى لا يكذبون”؟
مضى وقت طويل على كتابة قصص “الموتى لا يكذبون” لكن على ما أذكره من القصص أنها أخذت منحي غرائبيا في بعض منها، لأنها تحكي عن أبطال واقعين جدا، لكن ما يحدث معهم لا ينتمي للواقع، فلا يمكن نفيه أو اثباته.
- ما سبب نجاحك في الخروج عن اطار النمطية النسوية المعهودة في مجموعتك القصصية “أوهام شرقية” رغم معالجتها لبعض القضايا الحساسة التي تهم المرأة؟
لا أعرف ما المقصود بالنمطية النسوية، لكن “أوهام شرقية” كانت مجموعتي القصصية الأولى التي قدمت من خلالها مجموعة من النماذج الاجتماعية لنساء ورجال يتعرضون للقمع يواجهون اغترابهم الداخلي بطريقتهم الخاصة، التي تتضمن في كثير من الأحيان تلاشيهم التام في اطار الصورة التي يريدها لهم المجتمع، من دون الانتصار لذواتهم الداخلية.
- كيف تقيمين المشهد الأدبي الراهن؟
هذا سؤال تطول الاجابة عنه، المشهد الأدبي الراهن لا يمكن تلخيصه في جمل عدة، لأن كل بلد عربي يخضع لعوامل تختلف عن البلد الآخر، وان كانت تتشابه معها.
- هناك حروب في أكثر من بلد، فهل يمكن الحديث عن الثقافة، في ظل الحرب؟
هناك أيضا الارهاب الذي يطل برأس وحش خطر، المبدع العربي مكبل بقيود شتي، سياسية ودينية، واقتصادية واجتماعية، ومراقبة الوعي وتحويله إلى عمل يحتاج إلى مقومات عميقة، يحتاج إلى نهضة في التعليم، لتأسيس أجيال جديدة متحررة من التفكير النمطي، وفي نفس الوقت لا تنظر إلى الثقافة العربية بدونية. نعيش حاليا ثورة تكنولوجية على مستوى وسائل الاتصال، لم يسبق حدوثها في العالم ككل، وهذا في حد ذاته منطلق ايجابي يساهم في ايصال الصوت العربي إلى خارج النطاق المحصور، والذي كان محدودا في القرن الماضي، وفي الوقت الذي لم يساهم العرب في هذه الثورة التكنولوجية لأنهم مكبلون بقيود جعلتهم يدورون لعشرات السنين في أفق الحروب والديكتاتوريات، بدليل هجرة العقول النابغة والمفكرة، الأزمة الحقيقية في عدم السماح للمبدع في أي حقل بالتفكير الطليق، بينما الاستمرار في الخوف من الكلمة، من التحليل، من مراجعة الماضي ونصوصه لن يؤدي إلى أي جديد ايجابي.
الابداع في النتيجة ليس معادلة رياضية محددة، المبدع الحقيقي من أهدافه العميقة تحقيق الحرية والعدالة يطلق ابداعه في الفضاء ولا ينتظر نتيجة قريبة له، الكلمة ترحل من جيل إلى جيل وتعكس ظلا منيرا على الأرض، هذا ما تفعله الموسيقى واللوحة والرواية، ولو نظرنا إلى الوراء سنجد في النتاج الابداعي العالمي والعربي أعمالا مقروءة ومشاهدة حتى الآن، لأنها تحاكي كل العصور، وتخاطب أعماق الانسان.
بين الرواية والقصة القصيرة والترجمة والنقد الأدبي تتنوع ابداعاتها.. كتاباتها لا تخلو من آثار سنوات الحرب اللبنانية ومعاناة شعبها التي تلقي بظلالها على أعمالها، عملها الصحافي أضاف المزيد من العمق لكتاباتها التي استطاعت الخروج عن اطار النمطية النسوية المعهودة، انها “لنا عبد الرحمن”، روائية وصحافية ، صدر لها حديثًا رواية “قيد الدرس”، عن دار الآدب 2016، وسبق أن صدر لها: شاطئ آخر -قراءات نقدية في الرواية العربية -، المجموعة القصصية “أوهام شرقية”، المجموعة القصصية “الموتى لا يكذبون”، رواية “حدائق السراب “، رواية “تلامس “، رواية ” أغنية لمارغريت “، وحول ابداعاتها الأدبية كان معها هذا الحوار:
- لماذا كان اختيارك لفقدان الهوية والبحث عن الانتماء ليكونا موضوع روايتك الجديدة “قيد الدرس”؟
تناولت في روايتي ” قيد الدرس” فكرة الانتماء، ليس الانتماء للمكان فقط، بل مراجعة الوعي في علاقته بالهوية، الهويات تكون قاتلة أحيانا، أو منجية في أحيان أخرى حسب رؤيتنا لها، لذا يظل السؤال المؤرق في داخلنا عن حقيقة انتمائنا، إلى أي مدى نرتبط بالبلد الذي ولدنا به وحملنا هويته، إلى أي حد يحقق لنا هذا الانتماء تصالحا داخليا ورضا عن علاقتنا سواء مع الزمان أو المكان الذي ننتمي اليه، بل في علاقتنا مع “الأنا”، لذا فقضية “قيد الدرس” هي فكرة الشتات الداخلي الذي يبدو في الوقت الراهن أنه يهدد العالم ككل.
- " قيد الدرس" ما الذي قصدته باسم الرواية؟
هذه الفكرة قديمة وقد تناولتها من خلال جماعة من السكان في لبنان يحملون هوية “قيد الدرس”، وهم ينحدرون من القري السبع التي تفرقت حدودها بين لبنان وفلسطين، وبعد النكبة واحتلال فلسطين ونزوحهم القسري إلى لبنان، ظلوا من دون هوية، لأنهم غير محسوبين على لبنان أو فلسطين، وكمحاولة لايجاد حل لمشكلتهم أعطتهم الدولة اللبنانية بطاقات تعريفية تقول بأنهم “قيد الدرس” هذه البطاقة ظلت تتوارث من جيل إلى جيل حتى سنوات التسعينات، حين تم منحهم الهوية اللبنانية.
- ما سبب اختيارك لأسلوب “تعدد الأصوات” في السرد؟
تعدد الأصوات يمنح مساحة شاسعة للكاتب لتناول الأحداث من أكثر من وجهة نظر، خصوصاً اذا كانت الرواية تقدم لأكثر من الجيل، وتغطي مساحة زمنية طويلة.
- كيف أثرت هذه النكبات على المجتمع اللبناني؟
تركت تلك النكبات أثرها على المجتمعات العربية في كل الدول التي تقع في خط المواجهة، ليس في لبنان فقط، بدليل الحروب التي خاضتها مصر والأردن وسورية، لكن لبنان هو البلد الذي يعتبر تأثير النكبة عليه مضاعفا، بسبب صغر مساحته، وشريطه الحدودي الضيق والمحصور بين فلسطين جنوبا، وسورية شمالا وشرقا، والبحر غربا، ثم الحروب المتتالية التي بدأت بحرب أهلية من العام 1975، ثم الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982، ثم استمرار الحرب الأهلية الطائفية حتى مطلع التسعينات، كل هذه الأحداث تركت آثارا اجتماعية مدمرة على البنية النفسية للمجتمع اللبناني.
- رواية ” قيد الدرس” ربطت بين التشرد وفقدان الهوية وظهور الارهاب، فهل تعتقدين أن ما تشهده المنطقة الآن من أعمال عنف غير مسبوقة هو نتاج لذلك؟
ما تشهده المنطقة من عنف وارهاب نتاج عوامل عدة، ليس فقط فقدان الهوية، ربما يكون فقدان الهوية أحد هذه الأسباب، لكنه ليس السبب الوحيد.
- لماذا تبدو الحرب اللبنانيّة حاضرة بقوة في أعمالك الأدبية؟
كثيرا ما أتعرض لهذا السؤال، حسب رأيي أن ذاكرة الحرب من الصعب التحرر منها بالنسبة لأي انسان بل ولأي كاتب عايش لحظاتها، لأنها تطل برأسها المفزع الذي نحاول التخلص منه عبر الكتابة، من هنا ربما يكون الكاتب محظوظا في تلقيه هبة الكتابة التي تساعده على التحرر من ذاكرته المثقلة بالألم، لكن في النتيجة تظل فكرة النص الجوهرية والأساسية هي التي تحدد ما سيتم تناوله، في روايتي “ثلج القاهرة” لم أتحدث عن الحرب، بل ان أحداثها تدور بين القاهرة ودمشق واسطنبول، لأن موضوعها الرئيس لم يكن الحرب، بل فكرة الحيوات السابقة التي تطل في ذاكرة البطلة.
خوف من الجنون
- لماذا جعلت مصائر أبطال رواية “تلامس” تراجيدية تقف بين حواف الحياة والموت، أو الجنون والانتحار؟
في “تلامس” هناك خوف من الجنون تعاني منه بطلة الرواية “ندي”، انها تخاف أن تلقي مصير عمتها المجنونة ويتم وضعها في مصح للأمراض العقلية، من هنا تكون هذه التراجيدية التي ذكرتها، في هذا التأرجح الذي يصعب التحرر منه.
- كيف جمعت بين الذاتي والمتخيل واليومي المعاش في مجموعتك القصصية “الموتى لا يكذبون”؟
مضى وقت طويل على كتابة قصص “الموتى لا يكذبون” لكن على ما أذكره من القصص أنها أخذت منحي غرائبيا في بعض منها، لأنها تحكي عن أبطال واقعين جدا، لكن ما يحدث معهم لا ينتمي للواقع، فلا يمكن نفيه أو اثباته.
- ما سبب نجاحك في الخروج عن اطار النمطية النسوية المعهودة في مجموعتك القصصية “أوهام شرقية” رغم معالجتها لبعض القضايا الحساسة التي تهم المرأة؟
لا أعرف ما المقصود بالنمطية النسوية، لكن “أوهام شرقية” كانت مجموعتي القصصية الأولى التي قدمت من خلالها مجموعة من النماذج الاجتماعية لنساء ورجال يتعرضون للقمع يواجهون اغترابهم الداخلي بطريقتهم الخاصة، التي تتضمن في كثير من الأحيان تلاشيهم التام في اطار الصورة التي يريدها لهم المجتمع، من دون الانتصار لذواتهم الداخلية.
- كيف تقيمين المشهد الأدبي الراهن؟
هذا سؤال تطول الاجابة عنه، المشهد الأدبي الراهن لا يمكن تلخيصه في جمل عدة، لأن كل بلد عربي يخضع لعوامل تختلف عن البلد الآخر، وان كانت تتشابه معها.
- هناك حروب في أكثر من بلد، فهل يمكن الحديث عن الثقافة، في ظل الحرب؟
هناك أيضا الارهاب الذي يطل برأس وحش خطر، المبدع العربي مكبل بقيود شتي، سياسية ودينية، واقتصادية واجتماعية، ومراقبة الوعي وتحويله إلى عمل يحتاج إلى مقومات عميقة، يحتاج إلى نهضة في التعليم، لتأسيس أجيال جديدة متحررة من التفكير النمطي، وفي نفس الوقت لا تنظر إلى الثقافة العربية بدونية. نعيش حاليا ثورة تكنولوجية على مستوى وسائل الاتصال، لم يسبق حدوثها في العالم ككل، وهذا في حد ذاته منطلق ايجابي يساهم في ايصال الصوت العربي إلى خارج النطاق المحصور، والذي كان محدودا في القرن الماضي، وفي الوقت الذي لم يساهم العرب في هذه الثورة التكنولوجية لأنهم مكبلون بقيود جعلتهم يدورون لعشرات السنين في أفق الحروب والديكتاتوريات، بدليل هجرة العقول النابغة والمفكرة، الأزمة الحقيقية في عدم السماح للمبدع في أي حقل بالتفكير الطليق، بينما الاستمرار في الخوف من الكلمة، من التحليل، من مراجعة الماضي ونصوصه لن يؤدي إلى أي جديد ايجابي.
الابداع في النتيجة ليس معادلة رياضية محددة، المبدع الحقيقي من أهدافه العميقة تحقيق الحرية والعدالة يطلق ابداعه في الفضاء ولا ينتظر نتيجة قريبة له، الكلمة ترحل من جيل إلى جيل وتعكس ظلا منيرا على الأرض، هذا ما تفعله الموسيقى واللوحة والرواية، ولو نظرنا إلى الوراء سنجد في النتاج الابداعي العالمي والعربي أعمالا مقروءة ومشاهدة حتى الآن، لأنها تحاكي كل العصور، وتخاطب أعماق الانسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.