يشهد الشارع المصري في الوقت الحالي ارتفاعا لاسعار السلع الغذائية بما في ذلك الخضراوات والفاكهة، خاصة الطماطم التي ارتفعت اسعارها بشكل جنوني وبمعدلات غير مسبوقة لتصل إلي ما يقرب من 15 جنيها للكيلو؛ الامر الذي ادي إلي اندلاع بعض المظاهرات والاحتجاجات التي تطالب بوقف ارتفاع الاسعار. وعلي صعيد آخر، اطلق الحزب الناصري حملة شعبية جديدة تحت عنوان "بالاسعار لتكوينا" ليؤكد من خلالها علي حقوق الافراد في الغذاء والدواء والكساء والتي تمثل حقا لكل مواطن وقد تمثلت مطالبهم في رفع اجور العاملين ليكون الحد الأدني للراتب الشهري 1200 جنيه بالاضافة إلي ضبط الأسعار بحيث تتناسب مع الاجور ومحاسبة كل من يخالف الاسعار المحددة، كما طالبت الحملة بتدخل الدولة في توزيع السلع وتحديد نصيب كل منطقة جغرافية طبقا لعدد سكانها واحتياجها ومحكمة رادعة لمحتكري السلع. فيما اعتبر محمد النجار الخبير الاقتصادي، ان الغلاء ليس ظاهرة جديدة بالنسبة لمصر لأنه موجود منذ فترة زمية طويلة لذا يعد الغلاء مشكلة هيكلية خاصة بالنظام وليست خاصة بسلعة فقط فهو ظاهرة مستمرة منذ فترة زمنية طويلة.. معتبرا المعني الصحيح للغلاء هو التضخم الذي اصبح صفة سائدة داخل مصر واصبح الاقتصاد المصري مرتبطا دائما بالتضخم.. مؤكدا أن الحكومة المصرية تعاني من مأزق اقتصادي مرتبط بالتضخم والبطالة وحينما تسعي لحل البطالة تجد التضخم. وأكد خبير الاقتصاد رفعت لقوشة الأستاذ بجامعة الإسكندرية: إن سياسات الحكومة هي السبب الاقوي وراء وجود ظاهرة التضخم، فهي لم تنتبه في وقت مبكر إلي أن الاقتصاد المصري يعاني من تضخم التكاليف إلا أن هناك بعض المسئولين قاموا بتجاهل نتائج التضخم بالاضافة إلي وجود تخلف تكنولوجي في الاقتصاد، ولم يتم التعامل معه، الامر الذي أدي إلي تصاعد ازمة الغلاء التي يعيشها الشارع المصري. ويري أن هناك فسادا مؤسسيا تسبب في تضخم التكاليف واهدار شديد في المال العام.. لافتا إلي أن ارتفاع التضخم في الاقتصاد المصري من 5 إلي 6% يمثل معدلا احرج للحكومة، وأن المعدل الطبيعي للدول الاخري يكون صفر% بالاضافة إلي أن زيادة معدل التضخم عن سعر الفائدة تؤدي إلي وجود نوع من المضاربة أي انه يتم شراء العقارات ثم بيعها باسعار أعلي، وبالتالي اصبح اهم نشاط في مصر هو الاستثمار العقاري الذي أدي إلي ارتفاع اسعار العقارات وتأثيره في زيادة معدل التضخم. وأشار إلي سياسة الاحتكار التي اتبعتها الحكومة المصرية لبعض الفئات داخل المجتمع وهو الامر الذي ساهم في ارتفاع غير مبرر في ارتفاع الاسعار وبالتالي في تضخم التكاليف.. مؤكدا بهذا أن سياسة الاحتكار تولد عنها اهتمام بفئة معينة، واصبحت هي الفئة المستهدفة بالسوق لأنها هي القادرة علي أن تتعامل مع ارتفاع الاسعار، وفي المقابل اهمال شديد لباقي الفئات من المصريين واصبح الاقتصاد المصري لا يتعامل إلا مع شرائح ضيقة واصبحت الشرائح الاخري غير محسوبة في الاقتصاد. ونوه لقوشة إلي ضرورة وضع الحكومة روابط احتكارية داخل الاقتصاد المصري حتي تسعي الي تفكيك تلك الروابط، بالاضافة إلي دفع المخزون السلعي داخل القطاع الخاص بالاسواق لتهدئة موجة التضخم واتخاذ موقف جدي تجاه التخلف التكنولوجي الذي يعاني منه الاقتصاد، كما لفت غلي ضرورة تخفيف التصريحات الحكومية التي لم يتم التوصل من خلالها إلي قرارات حقيقية، وذلك لما يتولد عنها من ارتفاع في الاسعار. فيما قال حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي إن الأزمة الحالية في الاسعار هي نتائج زيادة في المتطلبات ونقص في الانتاج.. لافتا إلي العبء المالي الذي يعاني منه افراد الشعب من السلع والمنتجات المستوردة والتي يقع بيعها في السوق التجاري بضعف اسعارها وبالتالي تمثل عبئا ماديا علي المواطنين. ومن جهة أخري، هناك ارتفاع في اسعار الاسمدة المحلية والتي تكون لبعض السياسات الحكومية.. مؤكدًا ضرورة وضع بعض الضوابط للاسعار علي الاسمدة والمنتجات حتي تتناسب مع الحالة الاجتماعية للمواطنين.. مقترحاً زيادة الدعم الحكومي علي المنتجات المستوردة حتي تتناسب مع محدودي الدخل والفقراء، بالاضافة إلي اعفاء الجمارك المفروضة علي بعض السلع وتحديد الاسعار الداخلية للسلع.. مؤكدا أن الازمة ستظل مستمرة ما لم يتم زيادة الرقعة الزراعية وزيادة الانتاج حتي تتناسب مع متطلبات المواطنين.