منافس الأهلي.. بورتو يسابق الزمن لضم فيجا قبل انطلاق مونديال الأندية    7 لاعبين مهددون بالرحيل عن ريال مدريد    أحمد الفيشاوي يثير الجدل مجددًا بظهوره ب«حلق» في أحدث إطلالة على إنستجرام    من مدريد إلى نيويورك..فى انتظار ولادة صعبة لحل الدولتين    باريس سان جيرمان ينهي عقدة تاريخية لأندية فرنسا أوروبيًا    بعد رحيله عن الأهلي.. هل طلب سامي قمصان ضم ميشيل يانكون لجهاز نادي زد؟    لاعبان سابقان.. الزمالك يفاضل بين ثلاثي الدوري لضم أحدهم (تفاصيل)    معاكسة فتاة ببنها تنتهى بجثة ومصاب والأمن يسيطر ويضبط المتهمين    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    برونو يحير جماهير مانشستر يونايتد برسالة غامضة    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عين في السماء» يناقش قتل المدنيين في العمليات العسكرية
نشر في صوت البلد يوم 26 - 04 - 2016

تتوفر في فيلم «عين في السماء»، للجنوب افريقي غافين هوود، كل العناصر التي تحقق النجاح الفني، لكن عنصرا واحدا يفتقد اليه. يكاد العمل أن يكون الفيلم الأول من نوعه المكرس تماما لاستكشاف أبعاد وتداعيات استخدام «الطائرات المسيرة» (او الطائرات بدون طيار DRONES»)، كسلاح فعال.
ويتناول القضية من منظور أخلاقي في المقام الأول، وتلك هي اشكاليته الكبرى، عبر قصة محكمة، جيدة الصنع، يدور الشطر الأعظم من أحداثها في فضاء سينمائي أقرب إلى المسرحي. ومع ذلك، نجح كل من المخرج غيفن هوود والمؤلف غاي هيبرت في الإبقاء على عصب التوتر الدرامي مشدودا، حتى اللحظات الأخيرة من الفيلم، على الرغم من أن جزءا لا يستهان به من الصراع الدرامي يدور داخل غرف مغلقة، يعقد فيها كبار صناع القرار على المستويين السياسي والعسكري، مشتبكين في جدل معقد حول آليات اتخاذ القرار بين الضرورات العسكرية «الأمنية»، والتداعيدات الأخلاقية المترتبة عليه، فيما عقارب الساعة تدق على أعصاب الجميع مع اقتراب لحظة القرار، وفي الحالتين ستكون هناك تداعيات.
في الفيلم ننتقل داخل غرفة العمليات في قاعدة عسكرية بريطانية، حيث تقود الكولونيل «كاثرين باول» عملية مشتركة مع المخابرات الأمريكية والقوات المسلحة الكينية لاعتقال مجموعة من الإرهابيين تابعين لجماعة «الشباب» الصومالية الإسلامية المتطرفة.
نتابع الحدث الرئيسي وهو الاجتماع المرتقب للخلية الإرهابية عبر الأقمار الاصطناعية، من خلال كاميرات مراقبة سرية على الأرض يحركها عميل صومالي للمخابرات الكينية «جمال فرح».
العملية تتم بالتنسيق مع وحدة أمريكية تدير طائرة مسيرة من القاعدة الأرضية، مهمتها كما تحددها «كاثرين» أن «عينهم في السماء» أي توجيه القوات الأرضية الكينية التي ستقتحم الموقع.
العملية تتابع عبر الأقمار ايضا من خلال مركز قيادة في لندن، يضم كلا من الجنرال «فرانك بنسن» القائد العسكري الأعلى للعملية الذي يتولى توجيه القائدة الميدانية «كولونيل كاثرين»، وزير الدفاع، والمدعي العام المخول التحقق من المسوغات القانونية للعملية، ووزيرة أخرى ممثلة للحكومة مهمتها مراقبة تنفيذ المهمة الاستخباراتية، كما تم إقرارها من قبل رئيس الوزراء.
مع كل خطوة يقترب فيها الحدث من الاكتمال باتجاه تنفيذ العملية، يستجد متغير مفاجئ يغير اتجاه الحبكة، ويضيف تعقيدا جديدا، ويرفع من حدة التوتر الدرامي والترقب الذي يستحوذ على اهتمام المشاهد على أفضل ما تكون تقنيات الإثارة الدرامية.
وفور وصول أعضاء الخلية لحضور الاجتماع تطلب القائدة الميدانية من نظيرها الكيني استكشاف المنزل فيوجه العميل الصومالي على الأرض «جمال»، الذي يتنكر كبائع متجول ليدخل إلى السوق الشعبية التي يقع فيها المنزل بعد أن يخضع للتفتيش من قبل حراس مليشيا جماعة «الشباب». بمجرد دخوله يقوم بتحريك كاميرا سرية يحركها بالريموت. تتسلل الكاميرا للداخل.
وحين تطلب كولونيل «كاثرين» تحريك الكاميرا لاستكشاف غرف المنزل الأخرى، نكتشف أن هناك حزأمين ناسفين يتم إعدادهما في الغرفة المجاورة.
بناء على ما استجد تقرر القائدة تغيير طبيعة المهمة من اعتقال المطلوبين إلى قتلهم وهو ما يشعل جدلا حادا.
الجنرال «فرانك» يستعجل قائده المباشر، وزير الدفاع، لأن نافذة الوقت المتاحة امامهم محدودة جدا، فإن لم تتم تصفية هذه الخلية سيخرج الانتحاريان لتنفيذ مهمتهما.
تعترض الوزيرة بشدة لتغيير طبيعة المهمة، ومن ثم المسوغ القانوني لها، ويدعمها في ذلك المدعي العام.
وزير الدفاع بدوره لا يستطيع حسم الأمر بمفرده، لأن القتل سيشمل مواطنا أمريكيا، كما أن العملية تتم على أرض دولة صديقة.
لابد إذن من استشارة وزير الخارجية الأمريكي أولا، الذي يتضح أنه في زيارة للصين، وبعد نجاح الاتصال به في بكين، نجده منهمكا في مباراة تنس الطاولة مع نظيره الصيني، فينزعج بشدة لانتزاعه من مهمته «النبيلة»، مؤكدا أن الموافقة على العملية تمت من قبل وما استجد لا يغير من الأمر شيئا. فجأة يقع متغير جديد يعرقل التنفيذ في اللحظات الأخيرة، ويزيد الموقف تعقيدا.
تظهر في الصورة فتاة في التاسعة من عمرها «علية» (عائشة تاكوم)، تحمل بضعة أرغفة انتهت أمها لتوها من خبزها لتبيعها في السوق. تنشر «علية» الخبز على طاولة في الشارع ملاصقة تماما للمنزل المستهدف وهو ما يجعلها في نطاق الهدف على نحو شبه مؤكد.
يرجح ذلك كفة عدم تنفيذ العملية، ويقوي حجج الوزيرة المساعدة والمدعي العام، فيعود وزير الدفاع إلى تردده في اتخاذ القرار، فيقرر أن يلقي بالكرة في ملعب وزير الخارجية البريطاني، الذي يتبين أنه يفتتح معرضا لأحدث تقنيات الأجهزة الأمنية، فيتكفل مساعدوه بإبلاغه بالموقف المتأزم.
هنا تصطدم الحبكة بعقبة جديدة – هزلية هذه المرة، وشر البلية ما يضحك- ينسحب الوزير فجأة من الافتتاح معتذرا عن إلقاء الكلمة بعد ان بدت عليه معالم إعياء مفاجئ، ويطلب من مساعديه الهرولة إلى الفندق فقد أصيب بتسمم غذائي جراء آخر وجبة تناولها على ما يبدو، وكان على وشك التقيؤ أمام الحضور وكاميرات الإعلام. في الفندق يستعرض الوزير الموقف مع نظرائه في لندن.
وزير الدفاع يعرض عليه الخيارات المتاحة: إما التضحية بالفتاة أو انقاذ الفتاة والتضحية بالعشرات.
ردا على اعتراض الوزيرة المساعدة، يسألها وزير الخارجية كيف سيكون بوسع الحكومة أن تواجه التداعيات السياسية إذا ما خرجت وسائل الإعلام تعلن أن عشرات الضحايا سقطوا في عمليتين انتحاريتين في كينيا على مرأى ومسمع من المخابرات البريطانية التي لم تفعل شيئا لمنعهما؟ فترد الوزيرة بأنها تفضل الدفاع عن موقف كهذا لا أن تدافع عن قتل القوات البريطانية طفلة بريئة في التاسعة من عمرها.
ليس هذا هو الاعتراض الوحيد، فالقرار العسكري في حال اتخاذه يحتاج إلى مسوغات عملياتية أيضا.
فقواعد الاشتباك تحتم في حال استهداف هدف في منطقة مدنية ألا يتجاوز حجم الأضرار الجانبية او «العرضية» نسبة خمسين في المئة.
لكن الرقيب المكلف تقدير هذه الأضرار عبر برنامج كومبيوتر يضع التقدير عند 60 %، لكنها تصر على لي عنق الحقائق وتمارس ضغوطا على الرقيب (وكيف له أن يقاوم أوامر قائدته الميدانية الأعلى) ليغير من تقديراته حتى تتفق مع قواعد الاشتباك، وبوسعنا أن نرى تردده أمام إلحاحها، وعجزه في الوقت ذاته عن عدم إطاعة الأوامر.
في البداية يتردد «ستيف» في الضغط على الزر حين يتم اتخاذ القرار للمرة الأولى، ويسأل القائدة الميدانية ما إذا كانت قد حصلت على موافقة الحكومة الأمريكية على اغتيال مواطن يحمل جواز سفر أمريكيا.
وحتى مع تأكيدها له ذلك، يظل الطيار مترددا بل تتفاقم أزمة ضميره حين تظهر الطفلة بائعة الخبز في الصورة. وتلك هي نقطة الضعف الأساسية في الفيلم.
إن مجرد تردد الضابط في ميدان المعركة في تنفيذ الأوامر أو مناقشتها، يرقى إلى مستوى العصيان في القوانين العسكرية والأرجح أن يعرض صاحبه لمحاكمة عسكرية.
لقد نجح الفيلم في أن يجعلنا نتعاطف أو نتوحد مع موقف الوزيرة المساعدة والمدعي العام الذي ينتصر للجانب الأخلاقي برفض تنفيذ العملية، من خلال تسليط الضوء على حياة الطفلة. هذه العدسة المسلطة على الطفلة تمنح الضحية وجهها الإنساني، في حين أن ضحايا العمليتين الانتحاريتين يظلوا مفترضين، بلا ملامح أو أسماء.
نحن نتابع مجموعة من السياسيين والعسكريين في نقاش محموم حول الأضرار الجانبية لإطلاق صاروخ واحد على منزل يضم مجموعة إرهابية، وماذا عن عشرات بل مئات الغارات التي تشنها الطائرات من كل حدب وصوب على مئات الأهداف في سورية والعراق وأفغانستان وليبيا لمحاربة الإرهابيين أيضا. وهذا هو لب الصراع على امتلاك مزاعم التفوق الأخلاقي.
تتوفر في فيلم «عين في السماء»، للجنوب افريقي غافين هوود، كل العناصر التي تحقق النجاح الفني، لكن عنصرا واحدا يفتقد اليه. يكاد العمل أن يكون الفيلم الأول من نوعه المكرس تماما لاستكشاف أبعاد وتداعيات استخدام «الطائرات المسيرة» (او الطائرات بدون طيار DRONES»)، كسلاح فعال.
ويتناول القضية من منظور أخلاقي في المقام الأول، وتلك هي اشكاليته الكبرى، عبر قصة محكمة، جيدة الصنع، يدور الشطر الأعظم من أحداثها في فضاء سينمائي أقرب إلى المسرحي. ومع ذلك، نجح كل من المخرج غيفن هوود والمؤلف غاي هيبرت في الإبقاء على عصب التوتر الدرامي مشدودا، حتى اللحظات الأخيرة من الفيلم، على الرغم من أن جزءا لا يستهان به من الصراع الدرامي يدور داخل غرف مغلقة، يعقد فيها كبار صناع القرار على المستويين السياسي والعسكري، مشتبكين في جدل معقد حول آليات اتخاذ القرار بين الضرورات العسكرية «الأمنية»، والتداعيدات الأخلاقية المترتبة عليه، فيما عقارب الساعة تدق على أعصاب الجميع مع اقتراب لحظة القرار، وفي الحالتين ستكون هناك تداعيات.
في الفيلم ننتقل داخل غرفة العمليات في قاعدة عسكرية بريطانية، حيث تقود الكولونيل «كاثرين باول» عملية مشتركة مع المخابرات الأمريكية والقوات المسلحة الكينية لاعتقال مجموعة من الإرهابيين تابعين لجماعة «الشباب» الصومالية الإسلامية المتطرفة.
نتابع الحدث الرئيسي وهو الاجتماع المرتقب للخلية الإرهابية عبر الأقمار الاصطناعية، من خلال كاميرات مراقبة سرية على الأرض يحركها عميل صومالي للمخابرات الكينية «جمال فرح».
العملية تتم بالتنسيق مع وحدة أمريكية تدير طائرة مسيرة من القاعدة الأرضية، مهمتها كما تحددها «كاثرين» أن «عينهم في السماء» أي توجيه القوات الأرضية الكينية التي ستقتحم الموقع.
العملية تتابع عبر الأقمار ايضا من خلال مركز قيادة في لندن، يضم كلا من الجنرال «فرانك بنسن» القائد العسكري الأعلى للعملية الذي يتولى توجيه القائدة الميدانية «كولونيل كاثرين»، وزير الدفاع، والمدعي العام المخول التحقق من المسوغات القانونية للعملية، ووزيرة أخرى ممثلة للحكومة مهمتها مراقبة تنفيذ المهمة الاستخباراتية، كما تم إقرارها من قبل رئيس الوزراء.
مع كل خطوة يقترب فيها الحدث من الاكتمال باتجاه تنفيذ العملية، يستجد متغير مفاجئ يغير اتجاه الحبكة، ويضيف تعقيدا جديدا، ويرفع من حدة التوتر الدرامي والترقب الذي يستحوذ على اهتمام المشاهد على أفضل ما تكون تقنيات الإثارة الدرامية.
وفور وصول أعضاء الخلية لحضور الاجتماع تطلب القائدة الميدانية من نظيرها الكيني استكشاف المنزل فيوجه العميل الصومالي على الأرض «جمال»، الذي يتنكر كبائع متجول ليدخل إلى السوق الشعبية التي يقع فيها المنزل بعد أن يخضع للتفتيش من قبل حراس مليشيا جماعة «الشباب». بمجرد دخوله يقوم بتحريك كاميرا سرية يحركها بالريموت. تتسلل الكاميرا للداخل.
وحين تطلب كولونيل «كاثرين» تحريك الكاميرا لاستكشاف غرف المنزل الأخرى، نكتشف أن هناك حزأمين ناسفين يتم إعدادهما في الغرفة المجاورة.
بناء على ما استجد تقرر القائدة تغيير طبيعة المهمة من اعتقال المطلوبين إلى قتلهم وهو ما يشعل جدلا حادا.
الجنرال «فرانك» يستعجل قائده المباشر، وزير الدفاع، لأن نافذة الوقت المتاحة امامهم محدودة جدا، فإن لم تتم تصفية هذه الخلية سيخرج الانتحاريان لتنفيذ مهمتهما.
تعترض الوزيرة بشدة لتغيير طبيعة المهمة، ومن ثم المسوغ القانوني لها، ويدعمها في ذلك المدعي العام.
وزير الدفاع بدوره لا يستطيع حسم الأمر بمفرده، لأن القتل سيشمل مواطنا أمريكيا، كما أن العملية تتم على أرض دولة صديقة.
لابد إذن من استشارة وزير الخارجية الأمريكي أولا، الذي يتضح أنه في زيارة للصين، وبعد نجاح الاتصال به في بكين، نجده منهمكا في مباراة تنس الطاولة مع نظيره الصيني، فينزعج بشدة لانتزاعه من مهمته «النبيلة»، مؤكدا أن الموافقة على العملية تمت من قبل وما استجد لا يغير من الأمر شيئا. فجأة يقع متغير جديد يعرقل التنفيذ في اللحظات الأخيرة، ويزيد الموقف تعقيدا.
تظهر في الصورة فتاة في التاسعة من عمرها «علية» (عائشة تاكوم)، تحمل بضعة أرغفة انتهت أمها لتوها من خبزها لتبيعها في السوق. تنشر «علية» الخبز على طاولة في الشارع ملاصقة تماما للمنزل المستهدف وهو ما يجعلها في نطاق الهدف على نحو شبه مؤكد.
يرجح ذلك كفة عدم تنفيذ العملية، ويقوي حجج الوزيرة المساعدة والمدعي العام، فيعود وزير الدفاع إلى تردده في اتخاذ القرار، فيقرر أن يلقي بالكرة في ملعب وزير الخارجية البريطاني، الذي يتبين أنه يفتتح معرضا لأحدث تقنيات الأجهزة الأمنية، فيتكفل مساعدوه بإبلاغه بالموقف المتأزم.
هنا تصطدم الحبكة بعقبة جديدة – هزلية هذه المرة، وشر البلية ما يضحك- ينسحب الوزير فجأة من الافتتاح معتذرا عن إلقاء الكلمة بعد ان بدت عليه معالم إعياء مفاجئ، ويطلب من مساعديه الهرولة إلى الفندق فقد أصيب بتسمم غذائي جراء آخر وجبة تناولها على ما يبدو، وكان على وشك التقيؤ أمام الحضور وكاميرات الإعلام. في الفندق يستعرض الوزير الموقف مع نظرائه في لندن.
وزير الدفاع يعرض عليه الخيارات المتاحة: إما التضحية بالفتاة أو انقاذ الفتاة والتضحية بالعشرات.
ردا على اعتراض الوزيرة المساعدة، يسألها وزير الخارجية كيف سيكون بوسع الحكومة أن تواجه التداعيات السياسية إذا ما خرجت وسائل الإعلام تعلن أن عشرات الضحايا سقطوا في عمليتين انتحاريتين في كينيا على مرأى ومسمع من المخابرات البريطانية التي لم تفعل شيئا لمنعهما؟ فترد الوزيرة بأنها تفضل الدفاع عن موقف كهذا لا أن تدافع عن قتل القوات البريطانية طفلة بريئة في التاسعة من عمرها.
ليس هذا هو الاعتراض الوحيد، فالقرار العسكري في حال اتخاذه يحتاج إلى مسوغات عملياتية أيضا.
فقواعد الاشتباك تحتم في حال استهداف هدف في منطقة مدنية ألا يتجاوز حجم الأضرار الجانبية او «العرضية» نسبة خمسين في المئة.
لكن الرقيب المكلف تقدير هذه الأضرار عبر برنامج كومبيوتر يضع التقدير عند 60 %، لكنها تصر على لي عنق الحقائق وتمارس ضغوطا على الرقيب (وكيف له أن يقاوم أوامر قائدته الميدانية الأعلى) ليغير من تقديراته حتى تتفق مع قواعد الاشتباك، وبوسعنا أن نرى تردده أمام إلحاحها، وعجزه في الوقت ذاته عن عدم إطاعة الأوامر.
في البداية يتردد «ستيف» في الضغط على الزر حين يتم اتخاذ القرار للمرة الأولى، ويسأل القائدة الميدانية ما إذا كانت قد حصلت على موافقة الحكومة الأمريكية على اغتيال مواطن يحمل جواز سفر أمريكيا.
وحتى مع تأكيدها له ذلك، يظل الطيار مترددا بل تتفاقم أزمة ضميره حين تظهر الطفلة بائعة الخبز في الصورة. وتلك هي نقطة الضعف الأساسية في الفيلم.
إن مجرد تردد الضابط في ميدان المعركة في تنفيذ الأوامر أو مناقشتها، يرقى إلى مستوى العصيان في القوانين العسكرية والأرجح أن يعرض صاحبه لمحاكمة عسكرية.
لقد نجح الفيلم في أن يجعلنا نتعاطف أو نتوحد مع موقف الوزيرة المساعدة والمدعي العام الذي ينتصر للجانب الأخلاقي برفض تنفيذ العملية، من خلال تسليط الضوء على حياة الطفلة. هذه العدسة المسلطة على الطفلة تمنح الضحية وجهها الإنساني، في حين أن ضحايا العمليتين الانتحاريتين يظلوا مفترضين، بلا ملامح أو أسماء.
نحن نتابع مجموعة من السياسيين والعسكريين في نقاش محموم حول الأضرار الجانبية لإطلاق صاروخ واحد على منزل يضم مجموعة إرهابية، وماذا عن عشرات بل مئات الغارات التي تشنها الطائرات من كل حدب وصوب على مئات الأهداف في سورية والعراق وأفغانستان وليبيا لمحاربة الإرهابيين أيضا. وهذا هو لب الصراع على امتلاك مزاعم التفوق الأخلاقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.