إرهاب فى بولاق الدكرور وصمت مريب على إبادة غزة    الحكومة تدرس الاستعانة بشركات متخصصة لتطوير الأراضي السياحية    مصر واليونان تؤكدان الحرص على تعزيز آليات التعاون الثنائي بمختلف المجالات    برشلونة يستعير الإنجليزي ماركوس راشفورد لمدة عام    «الريس عبدالواحد»    مباشر وديا - النجم الساحلي (1) - (1) المصري.. جووووول التعادل    مدرب خيتافي: كنت أراهن على نجاح إبراهيم عادل في الدوري الإسباني    حوار في الجول - تيدي أوكو يكشف أسباب فشل انتقاله إلى الزمالك.. وموقف الكشف الطبي    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    حزب إرادة جيل يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    الرابط المعتمد لنتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. استعلم عبر بوابة الأزهر الشريف برقم الجلوس (فور ظهورها)    صلاح عبدالعاطي: إسرائيل تستخدم المفاوضات غطاءً لإطالة أمد الحرب وفرض ترتيبات قسرية    محمد رياض: نبحث عن تيارات فكرية جديدة في الكتابة المسرحية    "شفتشي" ثاني أغنيات الوش الثاني من "بيستهبل" ل أحمد سعد    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    113 شهيدًا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    «فتحنا القبر 6 مرات في أسبوعين».. أهالي قرية دلجا بالمنيا يطالبون بتفسير وفاة أطفال «الأسرة المكلومة»    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    «ادهشيهم في الساحل الشرير».. حضري «الكشري» في حلة واحدة لغذاء مميز (المكونات والطريقة)    نجوم لم يحصلوا على شهادة الثانوية العامة.. أبرزهم «محمد الشرنوبي»    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    طرح إعلان فيلم Giant لأمير المصري تمهيدا لعرضه عالميا    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغربية سعيدة تاقي: الرواية لا تنفصل عن الذات التاريخية والتراث
نشر في صوت البلد يوم 22 - 03 - 2016

تبدو الناقدة والروائية المغربية سعيدة تاقي ثائرة على الدوام. تسعى بتوق شديد إلى التمسك بدفاعها عن قضية المرأة. وترى أن تعاملها مع موضوعات الإنسان والكتابة امتداد لاشتغالها اليومي في حقل النقد، الذي لا تحمله تقنيات أو مناهج «بائدة». وفي رأيها أن جنس الكاتبة أو الكاتب لا يحدد هوية الإبداع، فمعايير هذا التصنيف السائد جائرة.
ومنذ فترة وجيزة أصدرت تاقي عن دار «الهلال» المصرية روايتها الثانية بعنوان «إني وضعتها أنثى». استثمرت في العمل السردية الحديثة، لرسم صورة مدينة «تطوان» العتيقة. وبرفقة مهدية، البطلة الأساسية في الحكاية، وعزيز التشكيلي المعارض المنفي في إشبيلية، وموشي عمران الكاتب الذي فارق الحياة وتواصل الرواية (بقرار من السارد وبدون حضور الكاتب) الكتابة والسرد والتمنُّع.
- ما زالت إشكالية التراث مطروحة. ما موقفك من تلك القضية؟ وكيف تنظرين إلى هذا التوظيف للسيرة الشعبية؟
لماذا علينا النظر بازدواجية متعارضة دوماً إلى مكتسبات الحاضر؟ لماذا علينا أن نتأمل العالم ضمن ثنائيات متضادة ومتناحرة؟. لا أعتقد أن «الآخر»، في كل ما أنتجه وينتجه من داخل النقد أو الفن أو الفلسفة أو الفكر، ينظر إلى محاورات سقراط أو جمهورية أفلاطون أو إلى منطق أرسطو من منطلق توصيف تلك الآثار ب«التراثية». فكر القطائع ننتجه «نحن»، ونعيد إنتاجه في كل مرّة بدون الاستفادة من دروس الأمس ومن تعثرات النهضة «المجيدة». الرواية بنية سردية مميَّزة شأنها شأن بنى سردية عديدة مثل الحكاية أو المقامة أو الخبر أو النادرة أو السيرة أو الخرافة أو الرحلة أو غيرها، أُنتِجت في لحظة زمنية معينة، تأثراً أو استجابة لأنساق حضارية وثقافية محدَّدة، لكنها لا تنفصل عن الذات التاريخية والوجودية والثقافية التي كتبتْها.
- ما هي الدائرة الأساسية في حركتك النقدية؟
تحليل الخطاب داخل «النص» وخارجه. أقصد بذلك أمرين: أولهما الخطاب وهو يكتسي طابع «النص المعتمد» في كلاسيكيات الدرس النقدي والأكاديمي والجامعي، وكذلك الخطاب الذي يُنْتَج في المجتمع بوصف ذلك «النص» ممارسة ثقافية أو اجتماعية.
- كيف تواجه سعيدة تاقي نصًا نقديًا؟
أبحث في النص النقدي عن رؤية نقدية مستقلة يشيّدها الناقد/ الدارس. أرى عبر منظارها الخاص النصَ الإبداعي، وألتمس في ضوئها التحليلي بصمة ذلك النص الإبداعية.
قد يكون ذلك السبب في انصرافي عن وصلات الإعلان الترويجي التي تقترح بادعاء «النقد»، جولةً لطيفة خفيفة في فضاء النص الإبداعي تحكي عنه وتحلِّق في سمائه بدون معرفة نقدية أو خبرة تحليلية أو قدرة على التمييز بين الدراسة الأدبية والنقد أو بين الإبداع والإعلان والإعلام، فلمجرد أن تلك الوصلات الجميلة والمفيدة تخدم الإخبار عن النص لا يؤهلها لأن تنتحل باسم النقد دور القراءة النقدية أو لبوس الناقد الخبير. مثلما أنصرف عن التطبيقات المنهجية الآلية التي تعتمد الخطوات أو الأدوات التي قال بها المنهج الفلاني أو الناقد المنظِّر العلاني.
- ما علاقة النص الإبداعي بمرجعه الواقعي؟
النص الإبداعي لا يكتب عن الواقع الموجود قبل فعل الكتابة. النص الإبداعي يكتب واقعه أثناء الكتابة، فالنص يشيِّد عالما لم يكن له وجود قبل لحظة الكتابة.
- منذ أن فازت سلمى لاجيرلوفا بجائزة نوبل للآداب في عام 1909، حتى فوز الكاتبة والصحافية البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش عام 2015 بالجائزة بلغ عدد النساء الحائزات جائزة نوبل للآداب أربع عشرة امرأة، لم تكن من بينهن على الإطلاق امرأة واحدة من قارة آسيا، فما هو سر كل هذا التجاهل لأدب المرأة في آسيا وفي العالم العربي على وجه التحديد؟
لا أظن أن وضع التجاهل يرتبط بنظرة العالَم إلى إنتاجات المرأة العربية أو إلى أدبها (أو إلى إنتاجات المرأة في، آسيا أو إلى أدبها) بل إلى الآداب والإنتاجات العربية عموماً من منطلقات «المركزية» الأمريكية والأوروبية. لكن الأهم وهو الذي يحيل عليه ضمنيا السؤال، لا يرتبط الأمر بنظرة العالم إلى المرأة العربية، وإنما يرتبط بنظرة الذات «الجمعية» العربية إلى المرأة وهويتها وإنتاجها.
وحين أقول النظرة «الجمعية» أقصد النظرة التي يحملها المجتمع بأكمله للمرأة منذ قرون. لأجل ذلك منذ بداية انتشار مفهوم/مصطلح «التمكين» (Empowerment) في أفق الدراسات الإنسانية والثقافية، ومنذ بدء تفعيله لصالح الفئات التي تم اقصاؤها وتهميشها منذ قرون، ظهرت في الآفاق تصورات مدهشة أنثتِ العالَم. لكن ما زال الأمر مجرد صرخةً في واد داخل بلداننا «نحن»، لا تلقى الإدراك العميق الذي تستدعيه لأسباب اجتماعية بالدرجة الأولى، أساسها الثابت تاريخيا هو تسييد تأويل واحد للنص الديني.
- ما رأيك في ما قاله جابر عصفور عن «زمن الرواية»؟
بعيداً عن الثرثرة النقدية التي لا تحترز بالحذر العلمي، إذ تجعل من قراءة وقائع محصورة أفقياً في زمان و مكان ثابتين، استشرافاً شاملاً لحال المستقبل و تصوراً كاملا لمتغيِّراته؛ لا أحب النظر إلى الأجناس الأدبية و كأنها تتقاتل داخل حلبة صراع روماني، و البقاء سيكون للأقوى و الأشرس من منطلق أن الزمن ضيق وثابت ولا يحتمل غير سيادة جنس أدبي واحد. لأن الأجناس الأدبية بطبعها الإبداعي كائنات حية تولد و تنمو وتتطور وتتحول وتتعايش. قد يعترض بعضها في سيرورة تطوره السقمُ والاعتلال، وقد يتلاشى الضعيف الذي لا يجد لنفسه سبلا للتطور و التجدد و الاستمرار. يصدق ذلك على الرواية مثلما يصدق على الشعر و على كل الأجناس الأدبية. إن الشعر قد أكَّد في كل أطوار الإبداع الإنساني قدرتَه على استيعاب الأنساق الثقافية التي تواكبه بإبداع و تجدد و إدهاش، مما جعله يطوِّر أنواعاً شعرية وأنماطا إبداعية ضمن مقولة الجنس الواحدة. و لا أستسيغ التفكير في أن الشعر في لحظتنا هاته سيفارق قدرته على الإبهار و الإدهاش أو قدرته على الإبداع و التجدُّد.
أما الرواية فإنها جنس إبداعي مستجد مازال في طفولته الإبداعية، و لذلك فهي تمتلك من العنفوان و الحماس و الاندفاع ما يجعلها تجتذب الاهتمام و الانشغال و الإثارة. إنها تتقِن منذ طورها الجنيني الاستعارة عن كل الخطابات و الاستفادة من كل الأجناس لتطوير ذاتها. و هي حالياً تستقوي بالتسريد و التشخيص و التجسيد في ظل سيطرة الصورة رقمياً، و تستميل قراءة التسلية التي تريد للنص الأدبي أن يأتيها دون إجهاد قد تستدعيه رموز الشعر و إيحاءاته و انزياحات صوره، و هو أمر (قراءة التسلية) إن استفحل تحكُّمُه قد يهدد محاولات التجريب و التجديد الروائيين التي تضمن لكل جنس أدبي إمكان التطور و الاستمرار و الخلود، لأن تلك المحاولات قد لا تلائم قيم التداول الكلاسيكي و الأذواق التي تأنس إلى العادة و الألفة. و الرواية حالياً تغري الناشرين الذي يرون فيها استثمارا مربِحاً، تتكاثر الطبعات لنجوم يكتسحون سوق القراءة ولجوائز تزكِّي ولقارئ يتابع. و الرواية تستفيد من إمكان انتقالها عبر الترجمة من لغة إلى أخرى بقدر من الإبداع يحافظ على روح النص الأصل بيسر لا يتمتّع به جنس الشعر في انتقاله عبر الترجمة.
- كيف يمكننا التأسيس لفكر يبتعد عن الشعاراتية؟
المصداقية لا تتأتّى بدون عمل جاد ونزيه وهادف، ولذلك فهو يتم في صمت بعيداً عن الأضواء والكشَّافات والصراخ. وتحمّل المسؤولية بالفِعْل باسم إنجازات إرث الأمس وحُلول لحظة اليوم وإدراك آمال الغد هو عنوان التشارك في صنع المستقبل.
تبدو الناقدة والروائية المغربية سعيدة تاقي ثائرة على الدوام. تسعى بتوق شديد إلى التمسك بدفاعها عن قضية المرأة. وترى أن تعاملها مع موضوعات الإنسان والكتابة امتداد لاشتغالها اليومي في حقل النقد، الذي لا تحمله تقنيات أو مناهج «بائدة». وفي رأيها أن جنس الكاتبة أو الكاتب لا يحدد هوية الإبداع، فمعايير هذا التصنيف السائد جائرة.
ومنذ فترة وجيزة أصدرت تاقي عن دار «الهلال» المصرية روايتها الثانية بعنوان «إني وضعتها أنثى». استثمرت في العمل السردية الحديثة، لرسم صورة مدينة «تطوان» العتيقة. وبرفقة مهدية، البطلة الأساسية في الحكاية، وعزيز التشكيلي المعارض المنفي في إشبيلية، وموشي عمران الكاتب الذي فارق الحياة وتواصل الرواية (بقرار من السارد وبدون حضور الكاتب) الكتابة والسرد والتمنُّع.
- ما زالت إشكالية التراث مطروحة. ما موقفك من تلك القضية؟ وكيف تنظرين إلى هذا التوظيف للسيرة الشعبية؟
لماذا علينا النظر بازدواجية متعارضة دوماً إلى مكتسبات الحاضر؟ لماذا علينا أن نتأمل العالم ضمن ثنائيات متضادة ومتناحرة؟. لا أعتقد أن «الآخر»، في كل ما أنتجه وينتجه من داخل النقد أو الفن أو الفلسفة أو الفكر، ينظر إلى محاورات سقراط أو جمهورية أفلاطون أو إلى منطق أرسطو من منطلق توصيف تلك الآثار ب«التراثية». فكر القطائع ننتجه «نحن»، ونعيد إنتاجه في كل مرّة بدون الاستفادة من دروس الأمس ومن تعثرات النهضة «المجيدة». الرواية بنية سردية مميَّزة شأنها شأن بنى سردية عديدة مثل الحكاية أو المقامة أو الخبر أو النادرة أو السيرة أو الخرافة أو الرحلة أو غيرها، أُنتِجت في لحظة زمنية معينة، تأثراً أو استجابة لأنساق حضارية وثقافية محدَّدة، لكنها لا تنفصل عن الذات التاريخية والوجودية والثقافية التي كتبتْها.
- ما هي الدائرة الأساسية في حركتك النقدية؟
تحليل الخطاب داخل «النص» وخارجه. أقصد بذلك أمرين: أولهما الخطاب وهو يكتسي طابع «النص المعتمد» في كلاسيكيات الدرس النقدي والأكاديمي والجامعي، وكذلك الخطاب الذي يُنْتَج في المجتمع بوصف ذلك «النص» ممارسة ثقافية أو اجتماعية.
- كيف تواجه سعيدة تاقي نصًا نقديًا؟
أبحث في النص النقدي عن رؤية نقدية مستقلة يشيّدها الناقد/ الدارس. أرى عبر منظارها الخاص النصَ الإبداعي، وألتمس في ضوئها التحليلي بصمة ذلك النص الإبداعية.
قد يكون ذلك السبب في انصرافي عن وصلات الإعلان الترويجي التي تقترح بادعاء «النقد»، جولةً لطيفة خفيفة في فضاء النص الإبداعي تحكي عنه وتحلِّق في سمائه بدون معرفة نقدية أو خبرة تحليلية أو قدرة على التمييز بين الدراسة الأدبية والنقد أو بين الإبداع والإعلان والإعلام، فلمجرد أن تلك الوصلات الجميلة والمفيدة تخدم الإخبار عن النص لا يؤهلها لأن تنتحل باسم النقد دور القراءة النقدية أو لبوس الناقد الخبير. مثلما أنصرف عن التطبيقات المنهجية الآلية التي تعتمد الخطوات أو الأدوات التي قال بها المنهج الفلاني أو الناقد المنظِّر العلاني.
- ما علاقة النص الإبداعي بمرجعه الواقعي؟
النص الإبداعي لا يكتب عن الواقع الموجود قبل فعل الكتابة. النص الإبداعي يكتب واقعه أثناء الكتابة، فالنص يشيِّد عالما لم يكن له وجود قبل لحظة الكتابة.
- منذ أن فازت سلمى لاجيرلوفا بجائزة نوبل للآداب في عام 1909، حتى فوز الكاتبة والصحافية البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش عام 2015 بالجائزة بلغ عدد النساء الحائزات جائزة نوبل للآداب أربع عشرة امرأة، لم تكن من بينهن على الإطلاق امرأة واحدة من قارة آسيا، فما هو سر كل هذا التجاهل لأدب المرأة في آسيا وفي العالم العربي على وجه التحديد؟
لا أظن أن وضع التجاهل يرتبط بنظرة العالَم إلى إنتاجات المرأة العربية أو إلى أدبها (أو إلى إنتاجات المرأة في، آسيا أو إلى أدبها) بل إلى الآداب والإنتاجات العربية عموماً من منطلقات «المركزية» الأمريكية والأوروبية. لكن الأهم وهو الذي يحيل عليه ضمنيا السؤال، لا يرتبط الأمر بنظرة العالم إلى المرأة العربية، وإنما يرتبط بنظرة الذات «الجمعية» العربية إلى المرأة وهويتها وإنتاجها.
وحين أقول النظرة «الجمعية» أقصد النظرة التي يحملها المجتمع بأكمله للمرأة منذ قرون. لأجل ذلك منذ بداية انتشار مفهوم/مصطلح «التمكين» (Empowerment) في أفق الدراسات الإنسانية والثقافية، ومنذ بدء تفعيله لصالح الفئات التي تم اقصاؤها وتهميشها منذ قرون، ظهرت في الآفاق تصورات مدهشة أنثتِ العالَم. لكن ما زال الأمر مجرد صرخةً في واد داخل بلداننا «نحن»، لا تلقى الإدراك العميق الذي تستدعيه لأسباب اجتماعية بالدرجة الأولى، أساسها الثابت تاريخيا هو تسييد تأويل واحد للنص الديني.
- ما رأيك في ما قاله جابر عصفور عن «زمن الرواية»؟
بعيداً عن الثرثرة النقدية التي لا تحترز بالحذر العلمي، إذ تجعل من قراءة وقائع محصورة أفقياً في زمان و مكان ثابتين، استشرافاً شاملاً لحال المستقبل و تصوراً كاملا لمتغيِّراته؛ لا أحب النظر إلى الأجناس الأدبية و كأنها تتقاتل داخل حلبة صراع روماني، و البقاء سيكون للأقوى و الأشرس من منطلق أن الزمن ضيق وثابت ولا يحتمل غير سيادة جنس أدبي واحد. لأن الأجناس الأدبية بطبعها الإبداعي كائنات حية تولد و تنمو وتتطور وتتحول وتتعايش. قد يعترض بعضها في سيرورة تطوره السقمُ والاعتلال، وقد يتلاشى الضعيف الذي لا يجد لنفسه سبلا للتطور و التجدد و الاستمرار. يصدق ذلك على الرواية مثلما يصدق على الشعر و على كل الأجناس الأدبية. إن الشعر قد أكَّد في كل أطوار الإبداع الإنساني قدرتَه على استيعاب الأنساق الثقافية التي تواكبه بإبداع و تجدد و إدهاش، مما جعله يطوِّر أنواعاً شعرية وأنماطا إبداعية ضمن مقولة الجنس الواحدة. و لا أستسيغ التفكير في أن الشعر في لحظتنا هاته سيفارق قدرته على الإبهار و الإدهاش أو قدرته على الإبداع و التجدُّد.
أما الرواية فإنها جنس إبداعي مستجد مازال في طفولته الإبداعية، و لذلك فهي تمتلك من العنفوان و الحماس و الاندفاع ما يجعلها تجتذب الاهتمام و الانشغال و الإثارة. إنها تتقِن منذ طورها الجنيني الاستعارة عن كل الخطابات و الاستفادة من كل الأجناس لتطوير ذاتها. و هي حالياً تستقوي بالتسريد و التشخيص و التجسيد في ظل سيطرة الصورة رقمياً، و تستميل قراءة التسلية التي تريد للنص الأدبي أن يأتيها دون إجهاد قد تستدعيه رموز الشعر و إيحاءاته و انزياحات صوره، و هو أمر (قراءة التسلية) إن استفحل تحكُّمُه قد يهدد محاولات التجريب و التجديد الروائيين التي تضمن لكل جنس أدبي إمكان التطور و الاستمرار و الخلود، لأن تلك المحاولات قد لا تلائم قيم التداول الكلاسيكي و الأذواق التي تأنس إلى العادة و الألفة. و الرواية حالياً تغري الناشرين الذي يرون فيها استثمارا مربِحاً، تتكاثر الطبعات لنجوم يكتسحون سوق القراءة ولجوائز تزكِّي ولقارئ يتابع. و الرواية تستفيد من إمكان انتقالها عبر الترجمة من لغة إلى أخرى بقدر من الإبداع يحافظ على روح النص الأصل بيسر لا يتمتّع به جنس الشعر في انتقاله عبر الترجمة.
- كيف يمكننا التأسيس لفكر يبتعد عن الشعاراتية؟
المصداقية لا تتأتّى بدون عمل جاد ونزيه وهادف، ولذلك فهو يتم في صمت بعيداً عن الأضواء والكشَّافات والصراخ. وتحمّل المسؤولية بالفِعْل باسم إنجازات إرث الأمس وحُلول لحظة اليوم وإدراك آمال الغد هو عنوان التشارك في صنع المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.