موعد ظهور نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 عبر بوابة الأزهر الإلكترونية (تصريحات خاصة)    سعر الدولار مقابل الجنيه في مستهل تعاملات اليوم الجمعة    أكسيوس: باريس تشهد أول مفاوضات رفيعة المستوى بين إسرائيل وسوريا منذ 25 عاما    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة اليوم على خلفية التصعيد بين كمبوديا وتايلاند    القنوات الناقلة مباشر لمباراة الأهلي والبنزرتي التونسي الودية اليوم.. والتردد والموعد    نجم الزمالك السابق: مصطفى شلبي رحل من الباب الكبير.. وجون إدوارد يعمل باحترافية    في حادث مأساوي.. مصرع أم وابنتها وإصابة 3 من أطفالها في حادث سقوط سيارة في ترعة بالبحيرة    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    مصطفى كامل: دعمي لشيرين مش ضد أنغام.. ومكنتش أعرف بالخلاف بينهم    رسميا، مانشستر يونايتد يمنع طباعة أسماء ثلاثة من أساطير النادي على قمصان الموسم الجديد    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    «اللجنة الوطنية والهجرة الدولية» تطلقان حملة للتوعية بالمخاطر غير النظامية    قانون الإيجار القديم يحسم النقاش.. ما مصير المستأجرين بعد مرور 7 سنوات من الإقامة؟    هل بيع قطعة أرض أو طرح مشروع لمستثمر يعد استثمارا أم لا؟ محمود محيي الدين يجيب    محمود محيي الدين: مستعد لخدمة بلدي فيما أصلح له.. ولن أتردد أبدًا    محمود محيي الدين: نجاح الإصلاح الاقتصادي بقوة الجنيه في جيب المواطن    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    هل الجوافة تسبب الإمساك؟ الحقيقة بين الفوائد والأضرار    لحماية نفسك من فقر الدم.. 6 نصائح فعالة للوقاية من الأنيميا    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    درجة الحرارة تصل ل48.. موجة حارة شديدة تشعل أكثر من 200 حريق في تونس    إحباط محاولة تهريب 8000 لتر سولار لبيعهم في السوق السوداء بدمياط    حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب كلية العلوم الصحية بجامعة المنوفية.. صور    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    "الجبهة الوطنية" ينظم مؤتمراً جماهيرياً حاشداً لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة    خالد الغندور يكشف مفاجأة بخصوص انتقال مصطفى محمد إلى الأهلي    وزارة الصحة تنظم اجتماعًا لمراجعة حركة النيابات وتحسين بيئة عمل الأطباء    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    الخارجية الأردنية: نرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    ميريهان حسين على البحر وابنة عمرو دياب مع صديقها .. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    "صيفي لسه بيبدأ".. 18 صورة ل محمد رمضان على البحر وبصحبة ابنته    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    بعد تغيبه عن مباراة وي.. تصرف مفاجئ من حامد حمدان بسبب الزمالك    جوجل تعوّض رجلًا التقط عاريًا على "ستريت فيو"    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    بعد ارتباطه بالانتقال ل الزمالك.. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بلال ولد الشيخ    حزب "المصريين": جهود مصر لإعادة إدخال المساعدات إلى غزة استكمال لدورها التاريخي تجاه الأمة    الهلال الأحمر المصري يرفع قدرات تشغيل مراكزه اللوجيستية لنقل الإمدادات إلى غزة    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    بدأت بفحوصات بسيطة وتطورت ل«الموضوع محتاج صبر».. ملامح من أزمة أنغام الصحية    4 أبراج «بيشتغلوا على نفسهم».. منضبطون يهتمون بالتفاصيل ويسعون دائما للنجاح    الثقافة المصرية تضيء مسارح جرش.. ووزير الثقافة يشيد بروح سيناء (صور)    سعر الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    "كنت فرحان ب94%".. صدمة طالب بالفيوم بعد اختفاء درجاته في يوم واحد    ادى لوفاة طفل وإصابة 4 آخرين.. النيابة تتسلم نتيجة تحليل المخدرات للمتهمة في واقعة «جيت سكي» الساحل الشمالي    إصابة 6 أفراد في مشاجرتين بالعريش والشيخ زويد    «كان سهل منمشهوش».. تعليق مثير من خالد بيبو بشأن تصرف الأهلي مع وسام أبو علي    الخارجية الأمريكية توافق على مبيعات عسكرية لمصر ب4.67 مليار دولار (محدث)    نتنياهو يزعم أن إعلان فرنسا اعترافها بدولة فلسطين «يكافئ الإرهاب»    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغربية سعيدة تاقي: الرواية لا تنفصل عن الذات التاريخية والتراث
نشر في صوت البلد يوم 22 - 03 - 2016

تبدو الناقدة والروائية المغربية سعيدة تاقي ثائرة على الدوام. تسعى بتوق شديد إلى التمسك بدفاعها عن قضية المرأة. وترى أن تعاملها مع موضوعات الإنسان والكتابة امتداد لاشتغالها اليومي في حقل النقد، الذي لا تحمله تقنيات أو مناهج «بائدة». وفي رأيها أن جنس الكاتبة أو الكاتب لا يحدد هوية الإبداع، فمعايير هذا التصنيف السائد جائرة.
ومنذ فترة وجيزة أصدرت تاقي عن دار «الهلال» المصرية روايتها الثانية بعنوان «إني وضعتها أنثى». استثمرت في العمل السردية الحديثة، لرسم صورة مدينة «تطوان» العتيقة. وبرفقة مهدية، البطلة الأساسية في الحكاية، وعزيز التشكيلي المعارض المنفي في إشبيلية، وموشي عمران الكاتب الذي فارق الحياة وتواصل الرواية (بقرار من السارد وبدون حضور الكاتب) الكتابة والسرد والتمنُّع.
- ما زالت إشكالية التراث مطروحة. ما موقفك من تلك القضية؟ وكيف تنظرين إلى هذا التوظيف للسيرة الشعبية؟
لماذا علينا النظر بازدواجية متعارضة دوماً إلى مكتسبات الحاضر؟ لماذا علينا أن نتأمل العالم ضمن ثنائيات متضادة ومتناحرة؟. لا أعتقد أن «الآخر»، في كل ما أنتجه وينتجه من داخل النقد أو الفن أو الفلسفة أو الفكر، ينظر إلى محاورات سقراط أو جمهورية أفلاطون أو إلى منطق أرسطو من منطلق توصيف تلك الآثار ب«التراثية». فكر القطائع ننتجه «نحن»، ونعيد إنتاجه في كل مرّة بدون الاستفادة من دروس الأمس ومن تعثرات النهضة «المجيدة». الرواية بنية سردية مميَّزة شأنها شأن بنى سردية عديدة مثل الحكاية أو المقامة أو الخبر أو النادرة أو السيرة أو الخرافة أو الرحلة أو غيرها، أُنتِجت في لحظة زمنية معينة، تأثراً أو استجابة لأنساق حضارية وثقافية محدَّدة، لكنها لا تنفصل عن الذات التاريخية والوجودية والثقافية التي كتبتْها.
- ما هي الدائرة الأساسية في حركتك النقدية؟
تحليل الخطاب داخل «النص» وخارجه. أقصد بذلك أمرين: أولهما الخطاب وهو يكتسي طابع «النص المعتمد» في كلاسيكيات الدرس النقدي والأكاديمي والجامعي، وكذلك الخطاب الذي يُنْتَج في المجتمع بوصف ذلك «النص» ممارسة ثقافية أو اجتماعية.
- كيف تواجه سعيدة تاقي نصًا نقديًا؟
أبحث في النص النقدي عن رؤية نقدية مستقلة يشيّدها الناقد/ الدارس. أرى عبر منظارها الخاص النصَ الإبداعي، وألتمس في ضوئها التحليلي بصمة ذلك النص الإبداعية.
قد يكون ذلك السبب في انصرافي عن وصلات الإعلان الترويجي التي تقترح بادعاء «النقد»، جولةً لطيفة خفيفة في فضاء النص الإبداعي تحكي عنه وتحلِّق في سمائه بدون معرفة نقدية أو خبرة تحليلية أو قدرة على التمييز بين الدراسة الأدبية والنقد أو بين الإبداع والإعلان والإعلام، فلمجرد أن تلك الوصلات الجميلة والمفيدة تخدم الإخبار عن النص لا يؤهلها لأن تنتحل باسم النقد دور القراءة النقدية أو لبوس الناقد الخبير. مثلما أنصرف عن التطبيقات المنهجية الآلية التي تعتمد الخطوات أو الأدوات التي قال بها المنهج الفلاني أو الناقد المنظِّر العلاني.
- ما علاقة النص الإبداعي بمرجعه الواقعي؟
النص الإبداعي لا يكتب عن الواقع الموجود قبل فعل الكتابة. النص الإبداعي يكتب واقعه أثناء الكتابة، فالنص يشيِّد عالما لم يكن له وجود قبل لحظة الكتابة.
- منذ أن فازت سلمى لاجيرلوفا بجائزة نوبل للآداب في عام 1909، حتى فوز الكاتبة والصحافية البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش عام 2015 بالجائزة بلغ عدد النساء الحائزات جائزة نوبل للآداب أربع عشرة امرأة، لم تكن من بينهن على الإطلاق امرأة واحدة من قارة آسيا، فما هو سر كل هذا التجاهل لأدب المرأة في آسيا وفي العالم العربي على وجه التحديد؟
لا أظن أن وضع التجاهل يرتبط بنظرة العالَم إلى إنتاجات المرأة العربية أو إلى أدبها (أو إلى إنتاجات المرأة في، آسيا أو إلى أدبها) بل إلى الآداب والإنتاجات العربية عموماً من منطلقات «المركزية» الأمريكية والأوروبية. لكن الأهم وهو الذي يحيل عليه ضمنيا السؤال، لا يرتبط الأمر بنظرة العالم إلى المرأة العربية، وإنما يرتبط بنظرة الذات «الجمعية» العربية إلى المرأة وهويتها وإنتاجها.
وحين أقول النظرة «الجمعية» أقصد النظرة التي يحملها المجتمع بأكمله للمرأة منذ قرون. لأجل ذلك منذ بداية انتشار مفهوم/مصطلح «التمكين» (Empowerment) في أفق الدراسات الإنسانية والثقافية، ومنذ بدء تفعيله لصالح الفئات التي تم اقصاؤها وتهميشها منذ قرون، ظهرت في الآفاق تصورات مدهشة أنثتِ العالَم. لكن ما زال الأمر مجرد صرخةً في واد داخل بلداننا «نحن»، لا تلقى الإدراك العميق الذي تستدعيه لأسباب اجتماعية بالدرجة الأولى، أساسها الثابت تاريخيا هو تسييد تأويل واحد للنص الديني.
- ما رأيك في ما قاله جابر عصفور عن «زمن الرواية»؟
بعيداً عن الثرثرة النقدية التي لا تحترز بالحذر العلمي، إذ تجعل من قراءة وقائع محصورة أفقياً في زمان و مكان ثابتين، استشرافاً شاملاً لحال المستقبل و تصوراً كاملا لمتغيِّراته؛ لا أحب النظر إلى الأجناس الأدبية و كأنها تتقاتل داخل حلبة صراع روماني، و البقاء سيكون للأقوى و الأشرس من منطلق أن الزمن ضيق وثابت ولا يحتمل غير سيادة جنس أدبي واحد. لأن الأجناس الأدبية بطبعها الإبداعي كائنات حية تولد و تنمو وتتطور وتتحول وتتعايش. قد يعترض بعضها في سيرورة تطوره السقمُ والاعتلال، وقد يتلاشى الضعيف الذي لا يجد لنفسه سبلا للتطور و التجدد و الاستمرار. يصدق ذلك على الرواية مثلما يصدق على الشعر و على كل الأجناس الأدبية. إن الشعر قد أكَّد في كل أطوار الإبداع الإنساني قدرتَه على استيعاب الأنساق الثقافية التي تواكبه بإبداع و تجدد و إدهاش، مما جعله يطوِّر أنواعاً شعرية وأنماطا إبداعية ضمن مقولة الجنس الواحدة. و لا أستسيغ التفكير في أن الشعر في لحظتنا هاته سيفارق قدرته على الإبهار و الإدهاش أو قدرته على الإبداع و التجدُّد.
أما الرواية فإنها جنس إبداعي مستجد مازال في طفولته الإبداعية، و لذلك فهي تمتلك من العنفوان و الحماس و الاندفاع ما يجعلها تجتذب الاهتمام و الانشغال و الإثارة. إنها تتقِن منذ طورها الجنيني الاستعارة عن كل الخطابات و الاستفادة من كل الأجناس لتطوير ذاتها. و هي حالياً تستقوي بالتسريد و التشخيص و التجسيد في ظل سيطرة الصورة رقمياً، و تستميل قراءة التسلية التي تريد للنص الأدبي أن يأتيها دون إجهاد قد تستدعيه رموز الشعر و إيحاءاته و انزياحات صوره، و هو أمر (قراءة التسلية) إن استفحل تحكُّمُه قد يهدد محاولات التجريب و التجديد الروائيين التي تضمن لكل جنس أدبي إمكان التطور و الاستمرار و الخلود، لأن تلك المحاولات قد لا تلائم قيم التداول الكلاسيكي و الأذواق التي تأنس إلى العادة و الألفة. و الرواية حالياً تغري الناشرين الذي يرون فيها استثمارا مربِحاً، تتكاثر الطبعات لنجوم يكتسحون سوق القراءة ولجوائز تزكِّي ولقارئ يتابع. و الرواية تستفيد من إمكان انتقالها عبر الترجمة من لغة إلى أخرى بقدر من الإبداع يحافظ على روح النص الأصل بيسر لا يتمتّع به جنس الشعر في انتقاله عبر الترجمة.
- كيف يمكننا التأسيس لفكر يبتعد عن الشعاراتية؟
المصداقية لا تتأتّى بدون عمل جاد ونزيه وهادف، ولذلك فهو يتم في صمت بعيداً عن الأضواء والكشَّافات والصراخ. وتحمّل المسؤولية بالفِعْل باسم إنجازات إرث الأمس وحُلول لحظة اليوم وإدراك آمال الغد هو عنوان التشارك في صنع المستقبل.
تبدو الناقدة والروائية المغربية سعيدة تاقي ثائرة على الدوام. تسعى بتوق شديد إلى التمسك بدفاعها عن قضية المرأة. وترى أن تعاملها مع موضوعات الإنسان والكتابة امتداد لاشتغالها اليومي في حقل النقد، الذي لا تحمله تقنيات أو مناهج «بائدة». وفي رأيها أن جنس الكاتبة أو الكاتب لا يحدد هوية الإبداع، فمعايير هذا التصنيف السائد جائرة.
ومنذ فترة وجيزة أصدرت تاقي عن دار «الهلال» المصرية روايتها الثانية بعنوان «إني وضعتها أنثى». استثمرت في العمل السردية الحديثة، لرسم صورة مدينة «تطوان» العتيقة. وبرفقة مهدية، البطلة الأساسية في الحكاية، وعزيز التشكيلي المعارض المنفي في إشبيلية، وموشي عمران الكاتب الذي فارق الحياة وتواصل الرواية (بقرار من السارد وبدون حضور الكاتب) الكتابة والسرد والتمنُّع.
- ما زالت إشكالية التراث مطروحة. ما موقفك من تلك القضية؟ وكيف تنظرين إلى هذا التوظيف للسيرة الشعبية؟
لماذا علينا النظر بازدواجية متعارضة دوماً إلى مكتسبات الحاضر؟ لماذا علينا أن نتأمل العالم ضمن ثنائيات متضادة ومتناحرة؟. لا أعتقد أن «الآخر»، في كل ما أنتجه وينتجه من داخل النقد أو الفن أو الفلسفة أو الفكر، ينظر إلى محاورات سقراط أو جمهورية أفلاطون أو إلى منطق أرسطو من منطلق توصيف تلك الآثار ب«التراثية». فكر القطائع ننتجه «نحن»، ونعيد إنتاجه في كل مرّة بدون الاستفادة من دروس الأمس ومن تعثرات النهضة «المجيدة». الرواية بنية سردية مميَّزة شأنها شأن بنى سردية عديدة مثل الحكاية أو المقامة أو الخبر أو النادرة أو السيرة أو الخرافة أو الرحلة أو غيرها، أُنتِجت في لحظة زمنية معينة، تأثراً أو استجابة لأنساق حضارية وثقافية محدَّدة، لكنها لا تنفصل عن الذات التاريخية والوجودية والثقافية التي كتبتْها.
- ما هي الدائرة الأساسية في حركتك النقدية؟
تحليل الخطاب داخل «النص» وخارجه. أقصد بذلك أمرين: أولهما الخطاب وهو يكتسي طابع «النص المعتمد» في كلاسيكيات الدرس النقدي والأكاديمي والجامعي، وكذلك الخطاب الذي يُنْتَج في المجتمع بوصف ذلك «النص» ممارسة ثقافية أو اجتماعية.
- كيف تواجه سعيدة تاقي نصًا نقديًا؟
أبحث في النص النقدي عن رؤية نقدية مستقلة يشيّدها الناقد/ الدارس. أرى عبر منظارها الخاص النصَ الإبداعي، وألتمس في ضوئها التحليلي بصمة ذلك النص الإبداعية.
قد يكون ذلك السبب في انصرافي عن وصلات الإعلان الترويجي التي تقترح بادعاء «النقد»، جولةً لطيفة خفيفة في فضاء النص الإبداعي تحكي عنه وتحلِّق في سمائه بدون معرفة نقدية أو خبرة تحليلية أو قدرة على التمييز بين الدراسة الأدبية والنقد أو بين الإبداع والإعلان والإعلام، فلمجرد أن تلك الوصلات الجميلة والمفيدة تخدم الإخبار عن النص لا يؤهلها لأن تنتحل باسم النقد دور القراءة النقدية أو لبوس الناقد الخبير. مثلما أنصرف عن التطبيقات المنهجية الآلية التي تعتمد الخطوات أو الأدوات التي قال بها المنهج الفلاني أو الناقد المنظِّر العلاني.
- ما علاقة النص الإبداعي بمرجعه الواقعي؟
النص الإبداعي لا يكتب عن الواقع الموجود قبل فعل الكتابة. النص الإبداعي يكتب واقعه أثناء الكتابة، فالنص يشيِّد عالما لم يكن له وجود قبل لحظة الكتابة.
- منذ أن فازت سلمى لاجيرلوفا بجائزة نوبل للآداب في عام 1909، حتى فوز الكاتبة والصحافية البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش عام 2015 بالجائزة بلغ عدد النساء الحائزات جائزة نوبل للآداب أربع عشرة امرأة، لم تكن من بينهن على الإطلاق امرأة واحدة من قارة آسيا، فما هو سر كل هذا التجاهل لأدب المرأة في آسيا وفي العالم العربي على وجه التحديد؟
لا أظن أن وضع التجاهل يرتبط بنظرة العالَم إلى إنتاجات المرأة العربية أو إلى أدبها (أو إلى إنتاجات المرأة في، آسيا أو إلى أدبها) بل إلى الآداب والإنتاجات العربية عموماً من منطلقات «المركزية» الأمريكية والأوروبية. لكن الأهم وهو الذي يحيل عليه ضمنيا السؤال، لا يرتبط الأمر بنظرة العالم إلى المرأة العربية، وإنما يرتبط بنظرة الذات «الجمعية» العربية إلى المرأة وهويتها وإنتاجها.
وحين أقول النظرة «الجمعية» أقصد النظرة التي يحملها المجتمع بأكمله للمرأة منذ قرون. لأجل ذلك منذ بداية انتشار مفهوم/مصطلح «التمكين» (Empowerment) في أفق الدراسات الإنسانية والثقافية، ومنذ بدء تفعيله لصالح الفئات التي تم اقصاؤها وتهميشها منذ قرون، ظهرت في الآفاق تصورات مدهشة أنثتِ العالَم. لكن ما زال الأمر مجرد صرخةً في واد داخل بلداننا «نحن»، لا تلقى الإدراك العميق الذي تستدعيه لأسباب اجتماعية بالدرجة الأولى، أساسها الثابت تاريخيا هو تسييد تأويل واحد للنص الديني.
- ما رأيك في ما قاله جابر عصفور عن «زمن الرواية»؟
بعيداً عن الثرثرة النقدية التي لا تحترز بالحذر العلمي، إذ تجعل من قراءة وقائع محصورة أفقياً في زمان و مكان ثابتين، استشرافاً شاملاً لحال المستقبل و تصوراً كاملا لمتغيِّراته؛ لا أحب النظر إلى الأجناس الأدبية و كأنها تتقاتل داخل حلبة صراع روماني، و البقاء سيكون للأقوى و الأشرس من منطلق أن الزمن ضيق وثابت ولا يحتمل غير سيادة جنس أدبي واحد. لأن الأجناس الأدبية بطبعها الإبداعي كائنات حية تولد و تنمو وتتطور وتتحول وتتعايش. قد يعترض بعضها في سيرورة تطوره السقمُ والاعتلال، وقد يتلاشى الضعيف الذي لا يجد لنفسه سبلا للتطور و التجدد و الاستمرار. يصدق ذلك على الرواية مثلما يصدق على الشعر و على كل الأجناس الأدبية. إن الشعر قد أكَّد في كل أطوار الإبداع الإنساني قدرتَه على استيعاب الأنساق الثقافية التي تواكبه بإبداع و تجدد و إدهاش، مما جعله يطوِّر أنواعاً شعرية وأنماطا إبداعية ضمن مقولة الجنس الواحدة. و لا أستسيغ التفكير في أن الشعر في لحظتنا هاته سيفارق قدرته على الإبهار و الإدهاش أو قدرته على الإبداع و التجدُّد.
أما الرواية فإنها جنس إبداعي مستجد مازال في طفولته الإبداعية، و لذلك فهي تمتلك من العنفوان و الحماس و الاندفاع ما يجعلها تجتذب الاهتمام و الانشغال و الإثارة. إنها تتقِن منذ طورها الجنيني الاستعارة عن كل الخطابات و الاستفادة من كل الأجناس لتطوير ذاتها. و هي حالياً تستقوي بالتسريد و التشخيص و التجسيد في ظل سيطرة الصورة رقمياً، و تستميل قراءة التسلية التي تريد للنص الأدبي أن يأتيها دون إجهاد قد تستدعيه رموز الشعر و إيحاءاته و انزياحات صوره، و هو أمر (قراءة التسلية) إن استفحل تحكُّمُه قد يهدد محاولات التجريب و التجديد الروائيين التي تضمن لكل جنس أدبي إمكان التطور و الاستمرار و الخلود، لأن تلك المحاولات قد لا تلائم قيم التداول الكلاسيكي و الأذواق التي تأنس إلى العادة و الألفة. و الرواية حالياً تغري الناشرين الذي يرون فيها استثمارا مربِحاً، تتكاثر الطبعات لنجوم يكتسحون سوق القراءة ولجوائز تزكِّي ولقارئ يتابع. و الرواية تستفيد من إمكان انتقالها عبر الترجمة من لغة إلى أخرى بقدر من الإبداع يحافظ على روح النص الأصل بيسر لا يتمتّع به جنس الشعر في انتقاله عبر الترجمة.
- كيف يمكننا التأسيس لفكر يبتعد عن الشعاراتية؟
المصداقية لا تتأتّى بدون عمل جاد ونزيه وهادف، ولذلك فهو يتم في صمت بعيداً عن الأضواء والكشَّافات والصراخ. وتحمّل المسؤولية بالفِعْل باسم إنجازات إرث الأمس وحُلول لحظة اليوم وإدراك آمال الغد هو عنوان التشارك في صنع المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.