ارتفاع مفاجئ في سعر الذهب اليوم الجمعة، عيار 21 الآن بعد الزيادة    نتنياهو يتبرأ من تصريحات إلياهو ب"محو غزة" وتحويلها إلى منطقة يهودية    رسميا، مانشستر يونايتد يمنع طباعة أسماء ثلاثة من أساطير النادي على قمصان الموسم الجديد    كنت مفستكة، منة القيعي تروي قصة إصابتها بإجهاد في حفل زفافها وماذا فعل أحمد سعد (فيديو)    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    مواعيد مباريات اليوم الجمعة.. أبرزها وديتي الأهلي والزمالك    الرابط الرسمي ل موقع تظلمات الثانوية العامة 2025    متى تنتهى الموجة الحارة ؟ الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس : «أصعب ليالى يوليو»    تركيا تشيع جثامين 5 متطوعين من ضحايا حرائق الغابات    إليسا تتصدر ترند جوجل بعد ليلة لا تُنسى في موسم جدة    سعر الذهب اليوم الجمعة 25 يوليو 2025 بعد الهبوط الكبير ل عيار 21 بالمصنعية    قانون الإيجار القديم يحسم النقاش.. ما مصير المستأجرين بعد مرور 7 سنوات من الإقامة؟    هل بيع قطعة أرض أو طرح مشروع لمستثمر يعد استثمارا أم لا؟ محمود محيي الدين يجيب    محمود محيي الدين: مستعد لخدمة بلدي فيما أصلح له.. ولن أتردد أبدًا    تايلاند: أكثر من 100 ألف مدني فروا جراء الاشتباكات مع كمبوديا    محمود محيي الدين: نجاح الإصلاح الاقتصادي بقوة الجنيه في جيب المواطن    صرع طفل وإصابة 3 شباب في تصادم موتوسيكلين بالشرقية    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    هل الجوافة تسبب الإمساك؟ الحقيقة بين الفوائد والأضرار    لحماية نفسك من فقر الدم.. 6 نصائح فعالة للوقاية من الأنيميا    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    أكبر من برج بيزا، كويكب يقترب بسرعة من الأرض، وناسا تكشف تأثيره    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    إحباط محاولة تهريب 8000 لتر سولار لبيعهم في السوق السوداء بدمياط    "الجبهة الوطنية" ينظم مؤتمراً جماهيرياً حاشداً لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    خالد الغندور يكشف مفاجأة بخصوص انتقال مصطفى محمد إلى الأهلي    حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب كلية العلوم الصحية بجامعة المنوفية.. صور    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    وزارة الصحة تنظم اجتماعًا لمراجعة حركة النيابات وتحسين بيئة عمل الأطباء    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    الخارجية الأردنية: نرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    «هتفرج عليه للمرة الرابعة».. مي عز الدين تشيد بمسلسل «وتقابل حبيب»    ميريهان حسين على البحر وابنة عمرو دياب مع صديقها .. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    بعد تغيبه عن مباراة وي.. تصرف مفاجئ من حامد حمدان بسبب الزمالك    بعد ارتباطه بالانتقال ل الزمالك.. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بلال ولد الشيخ    جوجل تعوّض رجلًا التقط عاريًا على "ستريت فيو"    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    ترامب ينعي المصارع هوجان بعد وفاته: "صديقًا عزيزًا"    الخارجية الأمريكية توافق على مبيعات عسكرية لمصر ب4.67 مليار دولار (محدث)    حزب "المصريين": جهود مصر لإعادة إدخال المساعدات إلى غزة استكمال لدورها التاريخي تجاه الأمة    الهلال الأحمر المصري يرفع قدرات تشغيل مراكزه اللوجيستية لنقل الإمدادات إلى غزة    4 أبراج «بيشتغلوا على نفسهم».. منضبطون يهتمون بالتفاصيل ويسعون دائما للنجاح    الثقافة المصرية تضيء مسارح جرش.. ووزير الثقافة يشيد بروح سيناء (صور)    ما هي عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص؟.. القانون يجيب    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    مصرع شقيقين غرقًا في مياه ترعة كاسل بأسوان    إصابة 6 أفراد في مشاجرتين بالعريش والشيخ زويد    «كان سهل منمشهوش».. تعليق مثير من خالد بيبو بشأن تصرف الأهلي مع وسام أبو علي    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" ليل العالم " بين عنف الواقع وفوضى الحكاية
نشر في صوت البلد يوم 02 - 03 - 2016

"فوضاك أم فوضى الحكاية؟ أم فوضى الرقة؟ وفوضى الرقة أم فوضى سوريا أم فوضى العالم كله"
يمكن القول إنه وبصدور رواية «ليل العالم» (كتاب دبي:141/يناير/كانون الثاني2016)، يكون الناقد والروائي السوري نبيل سليمان حريصا على الاستمرارية في مواكبة المسار الروائي من جهة، ومن جهة ثانية توسيع المنجز الذي أقدم على إبداعه وتخيله. على أن تجربة «ليل العالم»، تمثل الجزء الرابع من منجز كرس لرصد تحولات «الربيع الأسود» الذي طال سوريا، بدون أن يفضي لأفق مفتوح على تغيير أفضل. من ثم فمنذ الروايات: «حجر السرائر» (2010)، «مدائن الأرجوان» (2013)، «جداريات الشام» (2014) و»ليل العالم» (2016)، فإن المعنى الذي يعمل على صوغه وإنتاجه واحد، لولا أن تلقيه يجدر تحققه في سياق التنويع.
فالروائي نبيل سليمان يرصد تحولات الواقع السوري من بدايات حلم التغيير، إلى هذه الرواية موضوعنا. من ثم فوعي التلقي الروائي لهذا النص بالذات، قد يتحقق بشكل مفرد أو في سياق التكامل والانسجام، ولذلك، فما نروم تأكيده كخطوة أولى، تثبيت المداخل الممكنة لقراءة «ليل العالم» في محاولة لتشكيل لرؤية جامعة عن الرباعية ككل، مادامت تعكس أول تجربة واكبت الحلم بتغيير سياسي له ظروفه وسياقاته العربية والغربية بدون اكتماله.
المدخل الأول
إن أول ما يثير عند تلقي الرواية، التحديد الأجناسي الذي أطر فيه الروائي نبيل سليمان منجزه، فإذا كان التحديد ثبت في: «رواية»، وهو بمثابة ميثاق يجدر تلقي النص في ضوئه، علما بأن الروائي لا يكتب سوى في حقلين: النقد الأدبي والرواية، فإن التأمل للصورة التي شكل النص على هيئتها يجعلنا نقف على تداخلات وتقاطعات تتمثل في التالي:
1 صورة كتاب: إن توزيع بنية الرواية إلى: «كالمقدمات»، «كالمتون»، «كالخواتيم»، يؤهل المنجز لأن لا يمثل رواية وحسب، وإنما هو كتاب مفتوح على دقة التأريخ لمرحلة سياسية من الحلم بربيع عربي امتد ليشمل الواقع السوري. إذن نحن أمام رواية، وكتاب على السواء.
2 صورة سيرة ذاتية: إن الوقوف على المعنى المنتج في الرواية، يولد التساؤل لدى القارئ المتتبع لمسار نبيل سليمان الروائي، عما إذا كان أكثر من عنصر ضمن الرواية، يفضي حال تجميعه ولملمته إلى كون المنجز يعد في مظهر من مظاهره سيرة ذاتية. فالحديث عن شخصية عبدالسلام العجيلي مثلا، وغيرها ياسين الحاج صالح ومن هو أقرب، وعن منيب المدرس والمديرلاحقا، يقود إلى تداخل الروائي/السيري، ولئن كنا نؤثر الذهاب في القول بأننا بصدد تخييل ذاتي.
3 صورة النص المفتوح: إن ما يعضد الصورة السابقة، انفتاح الرواية على جنسين أدبيين:
أ كتابة اليوميات.
ب كتابة الرسائل.
والأصل أن الكتابتين، حسب فيليب لوجون، تعكسان أثر الكتابة الشخصية والذاتية. ومن ثم فصفاء النوع غير متوافر في هذا المنجز. فالثابت جنس الرواية، والمتغير التنويع على جنس الرواية بما يمثل الأقرب إلى الجنس ذاته.
المدخل الثاني
إن ما يترتب عن المدخل الأول، الاعتبار الذي يرى إلى رواية «ليل العالم»، من منطلق كونها صورة عن تجربة تتأسس على مظهر تجريبي لافت ودال. فالتوزيع الذي خضع له جسم الرواية يتمثل في فصول شكلت من عناوين الثابت فيها مكون الزمن، إلى الوحدة الحكائية الرابطة بين شخصيتي «منيب» و»هفاف». هذه الوحدة تبدو في الظاهر قصة حب، لولا أنها في العمق سياسية توثق اللحظة التي تمر منها «سوريا» في حلمها بربيع عربي بديل. ف»هفاف» إحالة إلى سوريا في دقة الخاصات التي تتفرد بها، والحلم تجذير بدائل تساير التحولات الديمقراطية والاجتماعية والفكرية ككل، إلا أن «خنق» الحلم واغتياله، يبين عن مستقبل غامض شبه مجهول، وفق المنقول عن الأغنية:
"..هذا هو العرس الذي لا ينتهي في ليلة لا تنتهي، في…"
فالسؤال الذي تردد على امتداد بنية الرواية» لماذا خنقو هفاف؟» (الصفحات: 21/ 23/ 31/ 33….)، يكشف كون توسيع دائرة الحكي والسرد، ينبثق من تكرار السؤال السابق.. والأصل أن قصدية التكرار، إسهام في إحكام وتمتين بنية النص الروائي.
إن المنزع التجريبي في»ليل العالم» يجد مرجعيته في الواقع بما يحبل به من صراعات وتناقضات على كافة المستويات. هذه المرجعية، تثبيت للايقين الذي غدا يستحيل معه بناء عالم روائي يلم شتات الواقع، ومن ثم، بدت حكاية «ليل العالم» حكاية زئبقية من الصعب تحويل مفرداتها إلى بناء جمالي مفتوح على التلقي. ولكأن واقع «الواقع»، بات أكثر تقدما من/عن واقع الكتابة الروائية. وهي الصورة المناقضة والمعاكسة للتصور الذي حرص على ترديد: إن الرواية العربية متقدمة عن واقعها.
المدخل الثالث
يتضح من السابق أن رسم صورة عن «ليل العالم»، يتحقق وفق رؤية ثقافية فكرية. هذه الرؤية يجسده «منيب حسين الخلف» تأسيسا من تاريخه الشخصي، وبحكم كون المنجز الروائي أقرب لأن يشكل سيرة ذاتية. والقول بالتاريخ الشخصي، معناه ملامسة العلاقات المشكلة ضمن فضاء أوسع «سوريا»، ومكان هو بالضبط «الرقة»، ثم انطلاقا من العلاقات وبقية الشخصيات، إلى الحد الذي يمكن معه القول بأنها «تمرئيات» لشخصية “منيب”
إن المثقف في رواية «ليل العالم»، وتحديدا «منيب حسين الخلف»، يكشف من مقروءاته، آرائه ومواقفه بأنه النموذج الشمولي لما كان عليه واقع المثقف العربي. واللافت أن الشمولية المتحدث عنها تتمثل من خلال المعنى الثقافي في الآداب ككل، الفن، السياسة والدين. ومن ثم، فإنه في سياق التحولات المعاقة يمثل النموذج غير المرغوب فيه.
"إذا خبطوا عليك فلا تفتح قبل أن تنتقل إلى قناة دينية."
"آنئذ كان منيب يرفل في سنته الثالثة في سجن صيدنايا بعد سنة تقريبا بين سجني الأمن السياسي والأمن العسكري في الرقة، جزاء على ما اقترف من نشاط في ربيع دمشق، ليس فقط في الرقة، بل في حلب أيضا، وفي دمشق."
"تعال معنا.."
وبذلك فإن مفارقة المثقف في «ليل العالم»،كونه سواء في ظل النظام البعثي، أو الحلم بربيع عربي تسمه تلوينات مختلفة، سيظل يعاني من المطاردة، ومن إخفاق حلم التغيير المرتجى.
المدخل الرابع:
يحق القول بخصوص المدخل الرابع، إن التعدد الذي يسم الصيغة الروائية في «ليل العالم»، يجلو صورة عن فسيفساء التركيبة الاجتماعية التي تطبع الواقع السوري. فإذا كان ما قبل الربيع العربي يجسد مظاهر التعايش على المستوى الديني الهوياتي، فإن حلول «الربيع الأسود» (بلغة الرواية)، يستهدف مظاهر التعايش والتسامح، في محاولة لترسيخ نزوعات التفرقة والاقتتال، وبالاعتماد على التأويلات والفتاوى الفقهية الظلامية لمحاربة أي توجه مغاير للقناعات الإسلاموية. ومن ثم يتحقق الإجهاز على الحريات الفردية والقناعات الشخصية، والحقوق الإنسانية المكتسبة، حيث تطبق «مبادئ» التحريم والتحليل إلى المنع.
"..يا إخوتي. نحن إخوة. كلنا إخوة. لا فرق بين سوري وسوري"
"..مصافحة المسلم للمسيحي حرام، مثل مصافحته لليهودي للكافر".
«..وبناء على ما تقدم فإن الدولة الإسلامية في العراق والشام أصدرت قرارا بمنع بيع أقراص الغناء وآلات الموسيقا وتشغيل الأغاني في السيارات والحافلات والمحلات الأماكن..».
إن المداخل الأربعة السابقة هي في العمق:
1 مفاتيح مقترحة لقراءة وتأويل رواية " ليل العالم".
2 تمهيد هدفه الأساس ربط الرواية الأخيرة، بالمتحققات الروائية السابقة.
3 تشكيل رؤية عن ربيع عربي معاق، تأسيسا من الصورة الروائية المشكلة عن الواقع السوري.
....
كاتب مغربي
"فوضاك أم فوضى الحكاية؟ أم فوضى الرقة؟ وفوضى الرقة أم فوضى سوريا أم فوضى العالم كله"
يمكن القول إنه وبصدور رواية «ليل العالم» (كتاب دبي:141/يناير/كانون الثاني2016)، يكون الناقد والروائي السوري نبيل سليمان حريصا على الاستمرارية في مواكبة المسار الروائي من جهة، ومن جهة ثانية توسيع المنجز الذي أقدم على إبداعه وتخيله. على أن تجربة «ليل العالم»، تمثل الجزء الرابع من منجز كرس لرصد تحولات «الربيع الأسود» الذي طال سوريا، بدون أن يفضي لأفق مفتوح على تغيير أفضل. من ثم فمنذ الروايات: «حجر السرائر» (2010)، «مدائن الأرجوان» (2013)، «جداريات الشام» (2014) و»ليل العالم» (2016)، فإن المعنى الذي يعمل على صوغه وإنتاجه واحد، لولا أن تلقيه يجدر تحققه في سياق التنويع.
فالروائي نبيل سليمان يرصد تحولات الواقع السوري من بدايات حلم التغيير، إلى هذه الرواية موضوعنا. من ثم فوعي التلقي الروائي لهذا النص بالذات، قد يتحقق بشكل مفرد أو في سياق التكامل والانسجام، ولذلك، فما نروم تأكيده كخطوة أولى، تثبيت المداخل الممكنة لقراءة «ليل العالم» في محاولة لتشكيل لرؤية جامعة عن الرباعية ككل، مادامت تعكس أول تجربة واكبت الحلم بتغيير سياسي له ظروفه وسياقاته العربية والغربية بدون اكتماله.
المدخل الأول
إن أول ما يثير عند تلقي الرواية، التحديد الأجناسي الذي أطر فيه الروائي نبيل سليمان منجزه، فإذا كان التحديد ثبت في: «رواية»، وهو بمثابة ميثاق يجدر تلقي النص في ضوئه، علما بأن الروائي لا يكتب سوى في حقلين: النقد الأدبي والرواية، فإن التأمل للصورة التي شكل النص على هيئتها يجعلنا نقف على تداخلات وتقاطعات تتمثل في التالي:
1 صورة كتاب: إن توزيع بنية الرواية إلى: «كالمقدمات»، «كالمتون»، «كالخواتيم»، يؤهل المنجز لأن لا يمثل رواية وحسب، وإنما هو كتاب مفتوح على دقة التأريخ لمرحلة سياسية من الحلم بربيع عربي امتد ليشمل الواقع السوري. إذن نحن أمام رواية، وكتاب على السواء.
2 صورة سيرة ذاتية: إن الوقوف على المعنى المنتج في الرواية، يولد التساؤل لدى القارئ المتتبع لمسار نبيل سليمان الروائي، عما إذا كان أكثر من عنصر ضمن الرواية، يفضي حال تجميعه ولملمته إلى كون المنجز يعد في مظهر من مظاهره سيرة ذاتية. فالحديث عن شخصية عبدالسلام العجيلي مثلا، وغيرها ياسين الحاج صالح ومن هو أقرب، وعن منيب المدرس والمديرلاحقا، يقود إلى تداخل الروائي/السيري، ولئن كنا نؤثر الذهاب في القول بأننا بصدد تخييل ذاتي.
3 صورة النص المفتوح: إن ما يعضد الصورة السابقة، انفتاح الرواية على جنسين أدبيين:
أ كتابة اليوميات.
ب كتابة الرسائل.
والأصل أن الكتابتين، حسب فيليب لوجون، تعكسان أثر الكتابة الشخصية والذاتية. ومن ثم فصفاء النوع غير متوافر في هذا المنجز. فالثابت جنس الرواية، والمتغير التنويع على جنس الرواية بما يمثل الأقرب إلى الجنس ذاته.
المدخل الثاني
إن ما يترتب عن المدخل الأول، الاعتبار الذي يرى إلى رواية «ليل العالم»، من منطلق كونها صورة عن تجربة تتأسس على مظهر تجريبي لافت ودال. فالتوزيع الذي خضع له جسم الرواية يتمثل في فصول شكلت من عناوين الثابت فيها مكون الزمن، إلى الوحدة الحكائية الرابطة بين شخصيتي «منيب» و»هفاف». هذه الوحدة تبدو في الظاهر قصة حب، لولا أنها في العمق سياسية توثق اللحظة التي تمر منها «سوريا» في حلمها بربيع عربي بديل. ف»هفاف» إحالة إلى سوريا في دقة الخاصات التي تتفرد بها، والحلم تجذير بدائل تساير التحولات الديمقراطية والاجتماعية والفكرية ككل، إلا أن «خنق» الحلم واغتياله، يبين عن مستقبل غامض شبه مجهول، وفق المنقول عن الأغنية:
"..هذا هو العرس الذي لا ينتهي في ليلة لا تنتهي، في…"
فالسؤال الذي تردد على امتداد بنية الرواية» لماذا خنقو هفاف؟» (الصفحات: 21/ 23/ 31/ 33….)، يكشف كون توسيع دائرة الحكي والسرد، ينبثق من تكرار السؤال السابق.. والأصل أن قصدية التكرار، إسهام في إحكام وتمتين بنية النص الروائي.
إن المنزع التجريبي في»ليل العالم» يجد مرجعيته في الواقع بما يحبل به من صراعات وتناقضات على كافة المستويات. هذه المرجعية، تثبيت للايقين الذي غدا يستحيل معه بناء عالم روائي يلم شتات الواقع، ومن ثم، بدت حكاية «ليل العالم» حكاية زئبقية من الصعب تحويل مفرداتها إلى بناء جمالي مفتوح على التلقي. ولكأن واقع «الواقع»، بات أكثر تقدما من/عن واقع الكتابة الروائية. وهي الصورة المناقضة والمعاكسة للتصور الذي حرص على ترديد: إن الرواية العربية متقدمة عن واقعها.
المدخل الثالث
يتضح من السابق أن رسم صورة عن «ليل العالم»، يتحقق وفق رؤية ثقافية فكرية. هذه الرؤية يجسده «منيب حسين الخلف» تأسيسا من تاريخه الشخصي، وبحكم كون المنجز الروائي أقرب لأن يشكل سيرة ذاتية. والقول بالتاريخ الشخصي، معناه ملامسة العلاقات المشكلة ضمن فضاء أوسع «سوريا»، ومكان هو بالضبط «الرقة»، ثم انطلاقا من العلاقات وبقية الشخصيات، إلى الحد الذي يمكن معه القول بأنها «تمرئيات» لشخصية “منيب”
إن المثقف في رواية «ليل العالم»، وتحديدا «منيب حسين الخلف»، يكشف من مقروءاته، آرائه ومواقفه بأنه النموذج الشمولي لما كان عليه واقع المثقف العربي. واللافت أن الشمولية المتحدث عنها تتمثل من خلال المعنى الثقافي في الآداب ككل، الفن، السياسة والدين. ومن ثم، فإنه في سياق التحولات المعاقة يمثل النموذج غير المرغوب فيه.
"إذا خبطوا عليك فلا تفتح قبل أن تنتقل إلى قناة دينية."
"آنئذ كان منيب يرفل في سنته الثالثة في سجن صيدنايا بعد سنة تقريبا بين سجني الأمن السياسي والأمن العسكري في الرقة، جزاء على ما اقترف من نشاط في ربيع دمشق، ليس فقط في الرقة، بل في حلب أيضا، وفي دمشق."
"تعال معنا.."
وبذلك فإن مفارقة المثقف في «ليل العالم»،كونه سواء في ظل النظام البعثي، أو الحلم بربيع عربي تسمه تلوينات مختلفة، سيظل يعاني من المطاردة، ومن إخفاق حلم التغيير المرتجى.
المدخل الرابع:
يحق القول بخصوص المدخل الرابع، إن التعدد الذي يسم الصيغة الروائية في «ليل العالم»، يجلو صورة عن فسيفساء التركيبة الاجتماعية التي تطبع الواقع السوري. فإذا كان ما قبل الربيع العربي يجسد مظاهر التعايش على المستوى الديني الهوياتي، فإن حلول «الربيع الأسود» (بلغة الرواية)، يستهدف مظاهر التعايش والتسامح، في محاولة لترسيخ نزوعات التفرقة والاقتتال، وبالاعتماد على التأويلات والفتاوى الفقهية الظلامية لمحاربة أي توجه مغاير للقناعات الإسلاموية. ومن ثم يتحقق الإجهاز على الحريات الفردية والقناعات الشخصية، والحقوق الإنسانية المكتسبة، حيث تطبق «مبادئ» التحريم والتحليل إلى المنع.
"..يا إخوتي. نحن إخوة. كلنا إخوة. لا فرق بين سوري وسوري"
"..مصافحة المسلم للمسيحي حرام، مثل مصافحته لليهودي للكافر".
«..وبناء على ما تقدم فإن الدولة الإسلامية في العراق والشام أصدرت قرارا بمنع بيع أقراص الغناء وآلات الموسيقا وتشغيل الأغاني في السيارات والحافلات والمحلات الأماكن..».
إن المداخل الأربعة السابقة هي في العمق:
1 مفاتيح مقترحة لقراءة وتأويل رواية " ليل العالم".
2 تمهيد هدفه الأساس ربط الرواية الأخيرة، بالمتحققات الروائية السابقة.
3 تشكيل رؤية عن ربيع عربي معاق، تأسيسا من الصورة الروائية المشكلة عن الواقع السوري.
....
كاتب مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.