تحسن ملحوظ في الحساب الجاري لمصر بدعم من تحويلات المغتربين والسياحة    هيئة أممية: القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من ألف فلسطيني باحث عن المساعدة في غزة منذ مايو مع تفاقم الجوع    ترامب: الفلبين ستدفع رسوما جمركية بنسبة 19% بموجب اتفاق مع الرئيس ماركوس    ويتكوف يزور الشرق الأوسط في محاولة للتوصل لوقف لإطلاق النار في غزة    "ناشيونال إنترست": إيران قد تسرع نحو تصنيع السلاح النووي وسط جمود المفاوضات    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل رسميا    الكشف عن بديل الهلال في السوبر السعودي    التاسعة على الجمهورية في الثانوية العامة: ربنا أكرمني أكتر مما كنت أتخيل    النائب أحمد عبدالجواد: 100 ألف جنيه مكافأة من «مستقبل وطن» لكل من أوائل الثانوية العامة    أسماء مصابي حادث تصادم سيارتين بقنا    آمال ماهر تحتل الترند ب8 أغنيات من ألبومها "حاجة غير"    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    أندية سعودية تنافس بنفيكا على ضم جواو فيليكس    بسيناريو جنوني.. إنجلترا تهزم إيطاليا في الوقت القاتل وتتأهل لنهائي يورو السيدات    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    أمريكا تسعى لتمديد الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية مع الصين    "التعليم": إعلان تنسيق المرحلة الأولى خلال 4 أيام من ظهور نتيجة الثانوية العامة    نشرة التوك شو| قانون الإيجار القديم ينتظر قرار الرئيس السيسي.. و"الزراعة" توفر الأسمدة رغم التحديات    التاسع على الجمهورية بالثانوية: الوزير مكلمنيش والمحافظ جبر خاطري (فيديو وصور)    الثانية على الجمهورية "علمي علوم": "التزامي بالمذاكرة اليومية سر تفوقي"    التاسعة على الجمهورية بالثانوية.. فرحة ياسمين اكتملت بمديرة مدرستها (صور)    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: نريد وقف قتل الأطفال بغزة وإنقاذ من تبقى منهم    ب"فستان تايجر".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل نورهان منصور تخطف الأنظار    حدث بالفن| زفاف مخرج ونقل زوج فنانة إلى المستشفى وأحدث أزمات حفلات الساحل الشمالي    بالصور.. صبا مبارك تستمتع بعطلتها الصيفية أمام برج إيفل    برلمانية: ثورة 23 يوليو بداية بناء الدولة الوطنية الحديثة على أسس العدالة والاستقلال والسيادة الشعبية    واشنطن محذّرة: سوريا قد تواجه سيناريو أسوأ مما حدث في ليبيا وأفغانستان    افتتاح معرض للمتحف المصري الكبير ببرلين بمشاركة 600 طالب -صور    «يوليو» في عيون وقحة.. لماذا اعتبرت تل أبيب الثورة تهديدًا استراتيجيًا؟    آمال ماهر تتصدر الترند ب8 أغنيات من ألبومها "حاجة غير"    انطلاق أولى فعاليات ورشة السيناريو "التراث في السينما المصرية الروائية" بالثقافة السينمائية    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    متي تكون فواكه الصيف منعشة ومتى تتحول إلى خطر؟.. استشاري تغذية يوضح    رئيس مجلس الشيوخ: حاولنا نقل تقاليد العالم القضائي إلى عالم السياسة    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    لتعزيز صناعة الدواء بالقارة السمراء.. مصر تدرس إنشاء مصنع دواء مشترك مع زامبيا    حملة للتبرع بالدم فى مديرية أمن أسيوط    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    تقديم الخدمات المجانية ل 4010 حالات ضمن حملة "100 يوم صحة" بالمنيا    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    رفع الأشجار المتساقطة من شوارع الوايلي غرب القاهرة    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    بعد أيام.. موعد وخطوات ورابط نتيجة الثانوية الأزهرية    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    عاهل الأردن ورئيس وزراء كندا يؤكدان ضرورة تكاتف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" ليل العالم " بين عنف الواقع وفوضى الحكاية
نشر في صوت البلد يوم 02 - 03 - 2016

"فوضاك أم فوضى الحكاية؟ أم فوضى الرقة؟ وفوضى الرقة أم فوضى سوريا أم فوضى العالم كله"
يمكن القول إنه وبصدور رواية «ليل العالم» (كتاب دبي:141/يناير/كانون الثاني2016)، يكون الناقد والروائي السوري نبيل سليمان حريصا على الاستمرارية في مواكبة المسار الروائي من جهة، ومن جهة ثانية توسيع المنجز الذي أقدم على إبداعه وتخيله. على أن تجربة «ليل العالم»، تمثل الجزء الرابع من منجز كرس لرصد تحولات «الربيع الأسود» الذي طال سوريا، بدون أن يفضي لأفق مفتوح على تغيير أفضل. من ثم فمنذ الروايات: «حجر السرائر» (2010)، «مدائن الأرجوان» (2013)، «جداريات الشام» (2014) و»ليل العالم» (2016)، فإن المعنى الذي يعمل على صوغه وإنتاجه واحد، لولا أن تلقيه يجدر تحققه في سياق التنويع.
فالروائي نبيل سليمان يرصد تحولات الواقع السوري من بدايات حلم التغيير، إلى هذه الرواية موضوعنا. من ثم فوعي التلقي الروائي لهذا النص بالذات، قد يتحقق بشكل مفرد أو في سياق التكامل والانسجام، ولذلك، فما نروم تأكيده كخطوة أولى، تثبيت المداخل الممكنة لقراءة «ليل العالم» في محاولة لتشكيل لرؤية جامعة عن الرباعية ككل، مادامت تعكس أول تجربة واكبت الحلم بتغيير سياسي له ظروفه وسياقاته العربية والغربية بدون اكتماله.
المدخل الأول
إن أول ما يثير عند تلقي الرواية، التحديد الأجناسي الذي أطر فيه الروائي نبيل سليمان منجزه، فإذا كان التحديد ثبت في: «رواية»، وهو بمثابة ميثاق يجدر تلقي النص في ضوئه، علما بأن الروائي لا يكتب سوى في حقلين: النقد الأدبي والرواية، فإن التأمل للصورة التي شكل النص على هيئتها يجعلنا نقف على تداخلات وتقاطعات تتمثل في التالي:
1 صورة كتاب: إن توزيع بنية الرواية إلى: «كالمقدمات»، «كالمتون»، «كالخواتيم»، يؤهل المنجز لأن لا يمثل رواية وحسب، وإنما هو كتاب مفتوح على دقة التأريخ لمرحلة سياسية من الحلم بربيع عربي امتد ليشمل الواقع السوري. إذن نحن أمام رواية، وكتاب على السواء.
2 صورة سيرة ذاتية: إن الوقوف على المعنى المنتج في الرواية، يولد التساؤل لدى القارئ المتتبع لمسار نبيل سليمان الروائي، عما إذا كان أكثر من عنصر ضمن الرواية، يفضي حال تجميعه ولملمته إلى كون المنجز يعد في مظهر من مظاهره سيرة ذاتية. فالحديث عن شخصية عبدالسلام العجيلي مثلا، وغيرها ياسين الحاج صالح ومن هو أقرب، وعن منيب المدرس والمديرلاحقا، يقود إلى تداخل الروائي/السيري، ولئن كنا نؤثر الذهاب في القول بأننا بصدد تخييل ذاتي.
3 صورة النص المفتوح: إن ما يعضد الصورة السابقة، انفتاح الرواية على جنسين أدبيين:
أ كتابة اليوميات.
ب كتابة الرسائل.
والأصل أن الكتابتين، حسب فيليب لوجون، تعكسان أثر الكتابة الشخصية والذاتية. ومن ثم فصفاء النوع غير متوافر في هذا المنجز. فالثابت جنس الرواية، والمتغير التنويع على جنس الرواية بما يمثل الأقرب إلى الجنس ذاته.
المدخل الثاني
إن ما يترتب عن المدخل الأول، الاعتبار الذي يرى إلى رواية «ليل العالم»، من منطلق كونها صورة عن تجربة تتأسس على مظهر تجريبي لافت ودال. فالتوزيع الذي خضع له جسم الرواية يتمثل في فصول شكلت من عناوين الثابت فيها مكون الزمن، إلى الوحدة الحكائية الرابطة بين شخصيتي «منيب» و»هفاف». هذه الوحدة تبدو في الظاهر قصة حب، لولا أنها في العمق سياسية توثق اللحظة التي تمر منها «سوريا» في حلمها بربيع عربي بديل. ف»هفاف» إحالة إلى سوريا في دقة الخاصات التي تتفرد بها، والحلم تجذير بدائل تساير التحولات الديمقراطية والاجتماعية والفكرية ككل، إلا أن «خنق» الحلم واغتياله، يبين عن مستقبل غامض شبه مجهول، وفق المنقول عن الأغنية:
"..هذا هو العرس الذي لا ينتهي في ليلة لا تنتهي، في…"
فالسؤال الذي تردد على امتداد بنية الرواية» لماذا خنقو هفاف؟» (الصفحات: 21/ 23/ 31/ 33….)، يكشف كون توسيع دائرة الحكي والسرد، ينبثق من تكرار السؤال السابق.. والأصل أن قصدية التكرار، إسهام في إحكام وتمتين بنية النص الروائي.
إن المنزع التجريبي في»ليل العالم» يجد مرجعيته في الواقع بما يحبل به من صراعات وتناقضات على كافة المستويات. هذه المرجعية، تثبيت للايقين الذي غدا يستحيل معه بناء عالم روائي يلم شتات الواقع، ومن ثم، بدت حكاية «ليل العالم» حكاية زئبقية من الصعب تحويل مفرداتها إلى بناء جمالي مفتوح على التلقي. ولكأن واقع «الواقع»، بات أكثر تقدما من/عن واقع الكتابة الروائية. وهي الصورة المناقضة والمعاكسة للتصور الذي حرص على ترديد: إن الرواية العربية متقدمة عن واقعها.
المدخل الثالث
يتضح من السابق أن رسم صورة عن «ليل العالم»، يتحقق وفق رؤية ثقافية فكرية. هذه الرؤية يجسده «منيب حسين الخلف» تأسيسا من تاريخه الشخصي، وبحكم كون المنجز الروائي أقرب لأن يشكل سيرة ذاتية. والقول بالتاريخ الشخصي، معناه ملامسة العلاقات المشكلة ضمن فضاء أوسع «سوريا»، ومكان هو بالضبط «الرقة»، ثم انطلاقا من العلاقات وبقية الشخصيات، إلى الحد الذي يمكن معه القول بأنها «تمرئيات» لشخصية “منيب”
إن المثقف في رواية «ليل العالم»، وتحديدا «منيب حسين الخلف»، يكشف من مقروءاته، آرائه ومواقفه بأنه النموذج الشمولي لما كان عليه واقع المثقف العربي. واللافت أن الشمولية المتحدث عنها تتمثل من خلال المعنى الثقافي في الآداب ككل، الفن، السياسة والدين. ومن ثم، فإنه في سياق التحولات المعاقة يمثل النموذج غير المرغوب فيه.
"إذا خبطوا عليك فلا تفتح قبل أن تنتقل إلى قناة دينية."
"آنئذ كان منيب يرفل في سنته الثالثة في سجن صيدنايا بعد سنة تقريبا بين سجني الأمن السياسي والأمن العسكري في الرقة، جزاء على ما اقترف من نشاط في ربيع دمشق، ليس فقط في الرقة، بل في حلب أيضا، وفي دمشق."
"تعال معنا.."
وبذلك فإن مفارقة المثقف في «ليل العالم»،كونه سواء في ظل النظام البعثي، أو الحلم بربيع عربي تسمه تلوينات مختلفة، سيظل يعاني من المطاردة، ومن إخفاق حلم التغيير المرتجى.
المدخل الرابع:
يحق القول بخصوص المدخل الرابع، إن التعدد الذي يسم الصيغة الروائية في «ليل العالم»، يجلو صورة عن فسيفساء التركيبة الاجتماعية التي تطبع الواقع السوري. فإذا كان ما قبل الربيع العربي يجسد مظاهر التعايش على المستوى الديني الهوياتي، فإن حلول «الربيع الأسود» (بلغة الرواية)، يستهدف مظاهر التعايش والتسامح، في محاولة لترسيخ نزوعات التفرقة والاقتتال، وبالاعتماد على التأويلات والفتاوى الفقهية الظلامية لمحاربة أي توجه مغاير للقناعات الإسلاموية. ومن ثم يتحقق الإجهاز على الحريات الفردية والقناعات الشخصية، والحقوق الإنسانية المكتسبة، حيث تطبق «مبادئ» التحريم والتحليل إلى المنع.
"..يا إخوتي. نحن إخوة. كلنا إخوة. لا فرق بين سوري وسوري"
"..مصافحة المسلم للمسيحي حرام، مثل مصافحته لليهودي للكافر".
«..وبناء على ما تقدم فإن الدولة الإسلامية في العراق والشام أصدرت قرارا بمنع بيع أقراص الغناء وآلات الموسيقا وتشغيل الأغاني في السيارات والحافلات والمحلات الأماكن..».
إن المداخل الأربعة السابقة هي في العمق:
1 مفاتيح مقترحة لقراءة وتأويل رواية " ليل العالم".
2 تمهيد هدفه الأساس ربط الرواية الأخيرة، بالمتحققات الروائية السابقة.
3 تشكيل رؤية عن ربيع عربي معاق، تأسيسا من الصورة الروائية المشكلة عن الواقع السوري.
....
كاتب مغربي
"فوضاك أم فوضى الحكاية؟ أم فوضى الرقة؟ وفوضى الرقة أم فوضى سوريا أم فوضى العالم كله"
يمكن القول إنه وبصدور رواية «ليل العالم» (كتاب دبي:141/يناير/كانون الثاني2016)، يكون الناقد والروائي السوري نبيل سليمان حريصا على الاستمرارية في مواكبة المسار الروائي من جهة، ومن جهة ثانية توسيع المنجز الذي أقدم على إبداعه وتخيله. على أن تجربة «ليل العالم»، تمثل الجزء الرابع من منجز كرس لرصد تحولات «الربيع الأسود» الذي طال سوريا، بدون أن يفضي لأفق مفتوح على تغيير أفضل. من ثم فمنذ الروايات: «حجر السرائر» (2010)، «مدائن الأرجوان» (2013)، «جداريات الشام» (2014) و»ليل العالم» (2016)، فإن المعنى الذي يعمل على صوغه وإنتاجه واحد، لولا أن تلقيه يجدر تحققه في سياق التنويع.
فالروائي نبيل سليمان يرصد تحولات الواقع السوري من بدايات حلم التغيير، إلى هذه الرواية موضوعنا. من ثم فوعي التلقي الروائي لهذا النص بالذات، قد يتحقق بشكل مفرد أو في سياق التكامل والانسجام، ولذلك، فما نروم تأكيده كخطوة أولى، تثبيت المداخل الممكنة لقراءة «ليل العالم» في محاولة لتشكيل لرؤية جامعة عن الرباعية ككل، مادامت تعكس أول تجربة واكبت الحلم بتغيير سياسي له ظروفه وسياقاته العربية والغربية بدون اكتماله.
المدخل الأول
إن أول ما يثير عند تلقي الرواية، التحديد الأجناسي الذي أطر فيه الروائي نبيل سليمان منجزه، فإذا كان التحديد ثبت في: «رواية»، وهو بمثابة ميثاق يجدر تلقي النص في ضوئه، علما بأن الروائي لا يكتب سوى في حقلين: النقد الأدبي والرواية، فإن التأمل للصورة التي شكل النص على هيئتها يجعلنا نقف على تداخلات وتقاطعات تتمثل في التالي:
1 صورة كتاب: إن توزيع بنية الرواية إلى: «كالمقدمات»، «كالمتون»، «كالخواتيم»، يؤهل المنجز لأن لا يمثل رواية وحسب، وإنما هو كتاب مفتوح على دقة التأريخ لمرحلة سياسية من الحلم بربيع عربي امتد ليشمل الواقع السوري. إذن نحن أمام رواية، وكتاب على السواء.
2 صورة سيرة ذاتية: إن الوقوف على المعنى المنتج في الرواية، يولد التساؤل لدى القارئ المتتبع لمسار نبيل سليمان الروائي، عما إذا كان أكثر من عنصر ضمن الرواية، يفضي حال تجميعه ولملمته إلى كون المنجز يعد في مظهر من مظاهره سيرة ذاتية. فالحديث عن شخصية عبدالسلام العجيلي مثلا، وغيرها ياسين الحاج صالح ومن هو أقرب، وعن منيب المدرس والمديرلاحقا، يقود إلى تداخل الروائي/السيري، ولئن كنا نؤثر الذهاب في القول بأننا بصدد تخييل ذاتي.
3 صورة النص المفتوح: إن ما يعضد الصورة السابقة، انفتاح الرواية على جنسين أدبيين:
أ كتابة اليوميات.
ب كتابة الرسائل.
والأصل أن الكتابتين، حسب فيليب لوجون، تعكسان أثر الكتابة الشخصية والذاتية. ومن ثم فصفاء النوع غير متوافر في هذا المنجز. فالثابت جنس الرواية، والمتغير التنويع على جنس الرواية بما يمثل الأقرب إلى الجنس ذاته.
المدخل الثاني
إن ما يترتب عن المدخل الأول، الاعتبار الذي يرى إلى رواية «ليل العالم»، من منطلق كونها صورة عن تجربة تتأسس على مظهر تجريبي لافت ودال. فالتوزيع الذي خضع له جسم الرواية يتمثل في فصول شكلت من عناوين الثابت فيها مكون الزمن، إلى الوحدة الحكائية الرابطة بين شخصيتي «منيب» و»هفاف». هذه الوحدة تبدو في الظاهر قصة حب، لولا أنها في العمق سياسية توثق اللحظة التي تمر منها «سوريا» في حلمها بربيع عربي بديل. ف»هفاف» إحالة إلى سوريا في دقة الخاصات التي تتفرد بها، والحلم تجذير بدائل تساير التحولات الديمقراطية والاجتماعية والفكرية ككل، إلا أن «خنق» الحلم واغتياله، يبين عن مستقبل غامض شبه مجهول، وفق المنقول عن الأغنية:
"..هذا هو العرس الذي لا ينتهي في ليلة لا تنتهي، في…"
فالسؤال الذي تردد على امتداد بنية الرواية» لماذا خنقو هفاف؟» (الصفحات: 21/ 23/ 31/ 33….)، يكشف كون توسيع دائرة الحكي والسرد، ينبثق من تكرار السؤال السابق.. والأصل أن قصدية التكرار، إسهام في إحكام وتمتين بنية النص الروائي.
إن المنزع التجريبي في»ليل العالم» يجد مرجعيته في الواقع بما يحبل به من صراعات وتناقضات على كافة المستويات. هذه المرجعية، تثبيت للايقين الذي غدا يستحيل معه بناء عالم روائي يلم شتات الواقع، ومن ثم، بدت حكاية «ليل العالم» حكاية زئبقية من الصعب تحويل مفرداتها إلى بناء جمالي مفتوح على التلقي. ولكأن واقع «الواقع»، بات أكثر تقدما من/عن واقع الكتابة الروائية. وهي الصورة المناقضة والمعاكسة للتصور الذي حرص على ترديد: إن الرواية العربية متقدمة عن واقعها.
المدخل الثالث
يتضح من السابق أن رسم صورة عن «ليل العالم»، يتحقق وفق رؤية ثقافية فكرية. هذه الرؤية يجسده «منيب حسين الخلف» تأسيسا من تاريخه الشخصي، وبحكم كون المنجز الروائي أقرب لأن يشكل سيرة ذاتية. والقول بالتاريخ الشخصي، معناه ملامسة العلاقات المشكلة ضمن فضاء أوسع «سوريا»، ومكان هو بالضبط «الرقة»، ثم انطلاقا من العلاقات وبقية الشخصيات، إلى الحد الذي يمكن معه القول بأنها «تمرئيات» لشخصية “منيب”
إن المثقف في رواية «ليل العالم»، وتحديدا «منيب حسين الخلف»، يكشف من مقروءاته، آرائه ومواقفه بأنه النموذج الشمولي لما كان عليه واقع المثقف العربي. واللافت أن الشمولية المتحدث عنها تتمثل من خلال المعنى الثقافي في الآداب ككل، الفن، السياسة والدين. ومن ثم، فإنه في سياق التحولات المعاقة يمثل النموذج غير المرغوب فيه.
"إذا خبطوا عليك فلا تفتح قبل أن تنتقل إلى قناة دينية."
"آنئذ كان منيب يرفل في سنته الثالثة في سجن صيدنايا بعد سنة تقريبا بين سجني الأمن السياسي والأمن العسكري في الرقة، جزاء على ما اقترف من نشاط في ربيع دمشق، ليس فقط في الرقة، بل في حلب أيضا، وفي دمشق."
"تعال معنا.."
وبذلك فإن مفارقة المثقف في «ليل العالم»،كونه سواء في ظل النظام البعثي، أو الحلم بربيع عربي تسمه تلوينات مختلفة، سيظل يعاني من المطاردة، ومن إخفاق حلم التغيير المرتجى.
المدخل الرابع:
يحق القول بخصوص المدخل الرابع، إن التعدد الذي يسم الصيغة الروائية في «ليل العالم»، يجلو صورة عن فسيفساء التركيبة الاجتماعية التي تطبع الواقع السوري. فإذا كان ما قبل الربيع العربي يجسد مظاهر التعايش على المستوى الديني الهوياتي، فإن حلول «الربيع الأسود» (بلغة الرواية)، يستهدف مظاهر التعايش والتسامح، في محاولة لترسيخ نزوعات التفرقة والاقتتال، وبالاعتماد على التأويلات والفتاوى الفقهية الظلامية لمحاربة أي توجه مغاير للقناعات الإسلاموية. ومن ثم يتحقق الإجهاز على الحريات الفردية والقناعات الشخصية، والحقوق الإنسانية المكتسبة، حيث تطبق «مبادئ» التحريم والتحليل إلى المنع.
"..يا إخوتي. نحن إخوة. كلنا إخوة. لا فرق بين سوري وسوري"
"..مصافحة المسلم للمسيحي حرام، مثل مصافحته لليهودي للكافر".
«..وبناء على ما تقدم فإن الدولة الإسلامية في العراق والشام أصدرت قرارا بمنع بيع أقراص الغناء وآلات الموسيقا وتشغيل الأغاني في السيارات والحافلات والمحلات الأماكن..».
إن المداخل الأربعة السابقة هي في العمق:
1 مفاتيح مقترحة لقراءة وتأويل رواية " ليل العالم".
2 تمهيد هدفه الأساس ربط الرواية الأخيرة، بالمتحققات الروائية السابقة.
3 تشكيل رؤية عن ربيع عربي معاق، تأسيسا من الصورة الروائية المشكلة عن الواقع السوري.
....
كاتب مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.