بحضور 90 شاباً وشابة من 15 قطراً عربياً، وبمبادرة مشتركة من المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن والمنتدى القومي العربي، وفي إطار "منتدى التواصل الشبابي العربي"، انعقدت في دار الندوة في بيروت الندوة الفكرية الشبابية الاولى حول "الواقع العربي الراهن: رؤية شبابية للمشكلات والحلول". وقد افتتح امين سر المنتدى القومي عضو اللجنة التحضيرية عدنان البرجي، الجلسة الافتتاحية مرحباً بالمشاركين ومنوهاً إلي اهمية الندوة، مع دعوة للحضور للوقوف تحية للنشيد الوطني اللبناني، ثم لينشدوا نشيد "بلاد العرب أوطاني"، فدقيقة صمت اجلالاً لشهداء الأمة. أما رئيس اللجنة التحضيرية للندوة، وعضو اللجنة التنفيذية للمنتدى د. هاني سليمان فألقى كلمة جاء فيها: لن يفوتكم رؤية تعثر المشروع الاستعماري في منطقتنا، فقد راهنت أمريكا على إسرائيل بهزيمة المقاومة في يوليو 2006، فإذا بالعدو الإسرائيلي يحسب ألف حساب حين يفكر بالاعتداء على لبنان، وإذا بالمقاومة منذ 2006 هي الماسكة بزمام المبادرة في الصراع. ولقد راهنت أمريكا على احتلال العراق لنهب ثرواته الطبيعية وإخراجه من الصراع العربي - الإسرائيلي، فإذا بالجيش الأمريكي يواجه مقاومة باسلة أجبرته على استجداء ما يسميه الخروج السلمي، باقتصاد أمريكي منهار، فخسرت أمريكا بالمال والاقتصاد ما لم تستطع تعويضه بسرقة ثروات العراق. لقد راهنت أمريكا وإسرائيل على سحق الشعب الفلسطيني في غزة، وباقي أنحاء فلسطين، فصمد الشعب الفلسطيني والتف حوله أحرار العالم. لقد شدت فلسطينإيران إلى ساحة المواجهة مع العدو الإسرائيلي، كما جذبت تركيا إلى هذه الساحة، وفي قوة الجذب هذه، تشد فلسطين أحرار العالم من ماليزيا واندونيسيا إلى الهند وباكستان، حتى إلى بعض نخب المجتمع الأوروبي والأمريكي. وقال سليمان: يا شباب العرب، إن أعظم ما في رسالة أمتكم هو عدم قدرة جيل واحد على تحقيق هذه الرسالة. إنها رسالة أجيال نتوارثها ونتعلمها لبناء أمتنا وتحريرها وتقدمها. ويقول مثل صيني قديم: "إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحاً، وإذا أردت أن تزرع لعشرات السنين فازرع شجرة، وإذا أردت أن تزرع لمئات السنين فازرع رجالاً". ثم ألقى امين عام المنتدى القومي العربي د. زياد الحافظ كلمة، قال فيها: إن ثقافة الجهل هي الوجه الآخر لثقافة الهزيمة.. فالنخب الحاكمة في الوطن العربي ومن يدور في فلكها تناست تراثها الغني واعتمدت منظومات فكرية لا تمت من قريب أو بعيد لواقعنا.. كانت المعرفة أساس ثروتنا في العصر الذهبي، واليوم لا بد من إعادة بناء منظومتنا المعرفية العربية لإنتاج ثروة لنا وللإنسانية. هذه هي فحوى رسالة العروبة فهي رسالة إنسانية بامتياز. وهذا يتطلب مجهودا كبيرا في إصلاح المدرسة والجامعة ونحن حريصون على أن تطلعونا علي ما يدور في بالكم في هذا الموضوع. ولكن بالمقابل هناك قوى الأمة الحية المتمسكة بثقافتها وتراثها الفكري والأخلاقي. فهي التي قاتلت المحتل وأوقعت فيه الخسائر والهزائم وأدت إلى تراجع مشاريع الاستعمار في المنطقة كما أصبح مصير الكيان الصهيوني بين قوسين. فمعركة الصمود والتحرير بسواعد الشباب العربي في كل من لبنان وفلسطين والعراق هي الرد الطبيعي والصحيح على استعمار الأرض والعقل. فالتمسّك بالعقل والعلم والعقيدة المتجسدة في تراث هذه الأمة مكّن الشباب العربي في الصمود والتصدّي والتحرير والنصر. واضاف الحافظ: فالمتغيّر الإستراتيجي الكبير الذي حصل بسبب حركة المقاومة والصمود والممانعة العربية هو خسارة الكيان الصهيوني لدول إقليمية كبرى كانت تقوم بدور الحراسة الإقليمية، وهذا لا يعني أن النصر قد تحقق. لم تتحرر فلسطين حتى الآن. لم يخرج المحتل الأمريكي بشكل نهائي من العراق. ما زالت مزارع شبعا محتلة كما ما زال الجولان في قبضة الصهاينة. والسودان يواجه مؤامرة انفصالية خطيرة. وما زالت قواعد عسكرية أمريكية منتشرة في الخليج والجزيرة العربية وشمال إفريقيا. وما زال الكيان الصهيوني يطلق التهديدات يوميا على لبنان وسوريا. وختم الحافظ قائلا: ما زال الطريق طويلا والمطلوب المزيد من الجهد والتضحية والأهم من كل ذلك تعبئة القوى الحية خاصة الشابة منها للاستمرار في الكفاح. هنا تكمن أهمية ندوتكم. المبادرة الآن بيدكم. ناقشوا جميع القضايا ونحن هنا لنساعدكم في رحلتكم الكبيرة. ثم تحدث معن بشور رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن فقال: التواصل لدينا ليس مجرد آلية لبناء الجسور بين الاقطار والافكار والاجيال فحسب، بل هو ثقافة ونهج واسلوب حياة اذا لم نعمّقه في تراثنا وعقولنا ووجداننا الفردي والجماعي فسنصبح جميعاً ضحية تناحر يستولد التناحر، واقصاء يتلوه اقصاء، واجتثاث يستبطن اجتثاثاً، وفتنة تغذي فتنة، فلقد آن الاوان لنا كعرب، وعلى يد جيل كجيلكم ان نستبدل المتاريس فيما بيننا بالجسور، والانقسام بالتلاقي، والتخلّف بالنهوض، والعصبيات الجامحة بالعروبة الجامعة، والانسحاق امام حضارة الاخرين بالاعتزاز بتراثنا الروحي والايماني العميق، بل ان نطيح بالتجزئة المقيتة لتقوم بيننا وحدة مشتركة تختار شعوبها شكلها الدستوري وآليات النضال لتحقيقها. واضاف بشور: وحين اطلقنا منذ أكثر من عشرين عاماً، في المؤتمر القومي العربي، وفي موازاته، مخيمات الشباب القومي العربي لكي يتعارف من خلالها فتيان الأمة ويتعرفوا على اقطار امتهم التي ابعدتهم عنها حدود التجزئة وحواجزها وثقافتها، كنا ندرك ان العمل القومي العربي يحتاج إلى حلقة وسيطة تضم شباباً مثلكم، هم في السن اكبر من الذين يشاركون في المخيمات، وهم في السن أيضاً اصغر ممن يشارك في المؤتمرات فلا تكون هذه الحلقة مجرد جسر بين أجيال، بل تكون منبراً جديداً لشباب الأمة تغتني بافكارهم النابضة بالحياة، ونتعرف من خلاله إلى طاقاتها المتجددة. تلت اللقاء جلسة عن "الواقع السياسي العربي" ترأسها البرجي وقدم خلالها الشباب احمد حسن (لبنان) محمد اسماعيل (مصر)، هزرجي بن جلول (الجزائر)، خالد مسالمة (سوريا)، فهد بن هاني (الاردن). اوراق عمل ثم مناقشة.. أما الجلسة الثانية فكانت حول "الواقع الاقتصادي العربي: رؤية شبابية" ترأسها د. الحافظ وقدم خلالها الشباب بشر الخطيب (الاردن)، وليد بركات (لبنان)، اوراق العمل، لتأتي الجلسة الثالثة مرتكزة حول "الواقع الثقافي العربي" ترأسها عضو اللجنة التنفيذية للمنتدى ظافر المقدم وقدم خلالها الشباب سرجون القنطار (لبنان)، محمد محجوب (السودان)، مهدي السفياني (المغرب)، سليم علاء الدين (لبنان)، عبد الستار كفيري (الاردن) اوراق عمل.